نيودلهي (و.م.ع): سعد أبو الدهاج بعدما ظل الغموض والترقب والتماطل سيد الموقف داخل المشهد السياسي بولاية جامو وكشمير، انتعشت أخيرا الآمال بشأن إمكانية عودة الاستقرار للحياة السياسية بهذه المنطقة المضطربة والمتنازع عليها مع الجارة باكستان. فقد ساهم اللقاء الذي جمع، الثلاثاء، بين الوزير الأول الهندي ناريندرا مودي، عن حزب (بهاراتيا جاناتا) ومحبوبة مفتي زعيمة حزب (الشعب الديمقراطي)، في بروز مؤشرات مشجعة تمهد الطريق لإعادة تشكيل حكومة محلية في ولاية جامو وكشمير. من جهتها، أبرزت وسائل إعلام هندية، بنبرة تفاؤلية، أن المحادثات الإيجابية بين ناريندرا مودي ومحبوبة مفتي بالعاصمة الوطنية نيودلهي، «من المرجح أن يتمخض عنها استمرار الائتلاف الحاكم بين الحزبين الحليفين، اعتبارا من الأسبوع المقبل». وأوضحت وسائل الإعلام أن محبوبة مفتي أعربت، عقب اجتماعها مع ناريندرا مودي، عن رضاها وارتياحها للمسار الذي اتخذته المفاوضات بشأن تشكيل الحكومة، بعد أسابيع عديدة من التعثر، مضيفة أنه «عندما نجتمع مع الوزير الأول للبلاد.. بطبيعة الحال، فإن الحل لمشاكل شعب جامو وكشمير يكون أكثر وضوحا». ويرى مراقبون للوضع في جامو وكشمير أن التعثر الذي شهدته المفاوضات بشأن إعادة تشكيل حكومة الولاية، نابع من رغبة حزب (الشعب الديمقراطي) في طرح شروط جديدة لاستمرار التحالف الحكومي، في الوقت الذي أكد فيه شريكه حزب (بهاراتيا جاناتا) أنه لن يقبل أي طلبات جديدة بهذا الشأن. ويرى هؤلاء أن المفاوضات الشاقة، التي بدأت بعد وفاة رئيس الحكومة السابق محمد سيد مفتي، بين الحزبين المتحالفين وصلت إلى طريق مسدود، بسبب تأكيد حزب (الشعب الديمقراطي) على ضرورة التوفر على ضمانات سياسية وقانونية من قبل الحكومة المركزية، التي يقودها حزب (بهاراتيا جاناتا)، تهم بالأساس مشاريع الطاقة في منطقتي أوري ودولهاستي، وإعادة انتشار القوات النظامية الهندية في عدد من المواقع في سريناغار وجامو بالقرب من المطار. وينسجم هذا الأمر مع ما تطرقت إليه محبوبة مفتي، خلال خطاب ألقته في سابع مارس الجاري بمنطقة «كوبوارا»، عندما اعتبرت أن «هناك بعض الشروط التي يجب الوفاء بها من قبل الحكومة المركزية.. القضية لا تتعلق بالتحالف بين حزبي (الشعب الديمقراطي) و(بهاراتيا جاناتا) بقدر ما هي تتعلق بما يمكن للحكومة المركزية فعله من أجل شعب جامو وكشمير» هذه التصريحات التي يتداولها كذلك بعض من قادة حزب (الشعب الديمقراطي) بعد وفاة زعيمهم محمد سيد مفتي، جعلت السكرتير العام لحزب (بهاراتيا جاناتا) رام مادهاف يؤكد أنه «من المستحيل تشكيل الحكومة في ولاية جامو وكشمير بناء على مثل هذه الشروط». وألقى مادهاف باللوم على حزب (الشعب الديمقراطي) بخصوص المأزق الذي وصل إليه الوضع السياسي في ولاية جامو وكشمير، متهما رئيسة الحزب محبوبة مفتي بالعجز عن اتخاذ قرار حاسم بشأن تشكيل الحكومة بعد وفاة والدها محمد سيد مفتي. وأكد القيادي أن حزب (بهاراتيا جاناتا) متمسك بجدول أعمال التحالف الذي تم الاتفاق بشأنه مع حزب (الشعب الديمقراطي) منذ سنة، خلال فترة وجود الراحل سيد مفتي، مضيفا أن أي انحراف عن ذلك الاتفاق سيضطر الحزب الحاكم إلى البحث عن خيارات أخرى لتشكيل الحكومة، لأن «أي تحالف ينبغي أن يكون مبنيا على الثقة المتبادلة واحترام تطلعات ساكنة ولاية جامو وكشمير». ويرى المراقبون أن الوضع كان في حاجة ماسة لإيجاد تسوية في أقرب الآجال، لافتين الانتباه إلى أن حاكم ولاية جامو وكشمير، المعين من قبل الحكومة المركزية في نيودلهي، منذ وفاة رئيس الحكومة المحلية السابق محمد سيد مفتي أوائل شهر يناير المنصرم، قد يشرع في اتخاذ قرارات سياسية من شأنها أن تؤثر على وضعية حزب (الشعب الديمقراطي) على المدى الطويل. وأضافوا، في هذا الصدد، أن عددا من نواب حزب (الشعب الديمقراطي) نقلوا، مؤخرا، إلى رئيسة الحزب تحفظاتهم الشديدة من استمرار هذا التأخير، الذي قد يؤثر على وضعية الحزب بين الناخبين الذين منحوه المرتبة الأولى في الانتخابات المحلية. وخلص هؤلاء إلى أن تشكيل حكومة جديدة في ولاية جامو وكشمير يعد انتصارا معنويا لحكومة الوزير الأول ناريندرا مودي، الذي يواجه جملة من المشاكل السياسية والصعوبات الداخلية والانتقادات بشأن تخاذل حكومته عن تحقيق الوحدة الوطنية، على إثر تصاعد موجة التطرف الهندوسي، الذي تقوده منظمات وشخصيات مقربة من حزبه القومي الهندوسي. يذكر أن مفتي محمد سيد أدى اليمين رئيسا لحكومة ولاية جامو وكشمير في العام الماضي لفترة ولاية مدتها ست سنوات، بعد فوز حزبه بالمرتبة الأولى في الانتخابات المحلية للولاية، حيث شكل حكومة ائتلافية مع حزب (بهاراتيا جاناتا) القومي الهندوسي الحاكم في الهند، بعد عقده لتفاهمات «تاريخية» بينه وبين الوزير الأول الحالي ناريندرا مودي.