من المفيد جدا أن يسترجع النقاش حول قضية الصحراء المغربية، جاذبيته التاريخية والقانونية، كما كان الأمر خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، لسببين: أولهما، أن خصوم الوحدة الترابية للمغرب، يتبنون مقاربة «علمية» استعمارية، ينبغي فضحها، وثانيهما، أن مخطط التجزئة الذي يُمرّرُ حاليا في العالم العربي، يبرر العودة لأصل القضية. من الضروري التذكير هنا بأن استعمار المغرب، حصل بعد أن تحالفت عدد من القوى الاستعمارية ضده، لذلك جرى تقسيم أوصاله، إلى أربعة «أقاليم»، الأول هو المنطقة الخليفية، في الشمال، والثاني هو الوضع الدولي لطنجة، والثالث هو المنطقة التي كانت تسيطر عليها فرنسا، والرابع هو الصحراء. من أول المهمات الذي باشرها جيش التحرير المغربي، العمل على طرد الاحتلال الإسباني في الصحراء، ولولا تدخل فرنسا آنذاك، لكان الأمر قد انتهى بتحريرها نهائيا. لقد كانت المواجهة الأولى واضحة، بين جيش تحريرشعبي، وقوى استعمارية. المواجهة الثانية بين النهج التحرري والمنطق الاستعماري، كانت أيضا عندما طالب المغرب، لحظة ميلاد منظمة الوحدة الإفريقية، بعدم الاعتراف بالحدود الموروثة عن الاستعمار. غير أن هذا الطرح، رغم مصداقيته، اعْتُبِرَ سباحة ضد التيار، وهو المنطق الذي تدافع عنه الجزائروتابِعُها البوليزاريو، بقوة، لأن مصلحة الطرف الأول هي الدفاع عن الأراضي التي اغتصبها الاستعمار الفرنسي من التراب المغربي وضمها للتراب الجزائري، والثاني يدرك أن أي إقرار باسترجاع حدود ما قبل الاستعمار، يعني اعترافا بمغربية الصحراء. المواجهة الثالثة، حصلت داخل أروقة الأممالمتحدة، عندما كانت الدولة المغربية، منذ الستينات تطالب المستعمر الإسباني، بتقرير مصير الأقاليم الصحراوية، غير أن إسبانيا، مدعمة بالجزائر، كانت ترفض ذلك. المواجهة الرابعة، هي التصدي لمخطط الجنرال فرانكو، الذي شرع في تحضير إقامة دويلة في الصحراء، ولذلك نظم المغرب المسيرة الخضراء، ليطرد الاستعمار شَر طردة. هنا ستبدأ المواجهة الخامسة، مع وَرَثَةِ الاستعمار، الذين وجدوا في إسبانيا، التي مازالت تحتل جزءا من المغرب، في شماله، والجزائر، التي تدافع عن الحدود التي صنعها الاستعمار الفرنسي، أفضل الحلفاء، لمواصلة المسيرة الاستعمارية، التي تُتَرْجَمُ حاليا في العالم العربي، بمخطط تقسيمي، يهدف إلى بلقنة بلدانه، موظفا، حقوق الإنسان، تارة، وحق تقرير المصير وحماية الأقليات، تارة أخرى.