المقاوم محمد بن حمو حكاية سلاح جمال عبد الناصر مع قادة المقاومة المغربية * كيف تأسست الحركة الثورية في المغرب؟ ** الحركة الثورية في المغرب كانت لها أهداف، بالنظر إلى أن حركة المقاومة والتحرير لم تتوقف وظلت مستمرة منذ الاحتلال الفرنسي لمجموعة من مناطق المغرب في 1907، حيث كانت هناك معارك طاحنة عبر التراب الوطني التي قادها موحى أوحمو الزياني، وزيد أوحمو، والهبة ماء العينين وآخرون عديدون. واستمرت هذه الحركة الثورية إلى سنة 1936 إذ رفض زعماء الحركة التحررية الثورية وضع السلاح. وكان من أبرز هؤلاء الزعماء عبد الكريم الخطابي الذي قاد حركة قوية كانت مقدمة لبداية استقلال المغرب حيث امتدت مقاومته من سنة 1918 إلى سنة 1926 بعد أن تآمر عليه كل من الإسبان والفرنسيين. وفي سنة 1926 بدأت تتشكل النواة الأولى للحركة الوطنية التي كان من قادتها البارزين المختار السوسي وعلال الفاسي، والحسن الوزاني في المناطق الشمالية. وفي سنة 1944 كانت المطالبة بالاستقلال السياسي. غير أنه بعد ذلك تطورت مجموعة من الأحداث كانتفاضة درب الكبير بالبيضاء، التي شارك فيها الآلاف من المغاربة على إثر زيارة المرحوم محمد الخامس لمدينة طنجة. ظلت الأحداث مستمرة بعد ذلك لمواجهة الاستعمار وتكالب الحكام الفرنسيين وعملائهم من رجال السلطة والذين كان عددهم يصل إلى 366 قائدا وباشا. بعد ذلك جاءت الأحداث المرتبطة باغتيال الزعيم النقابي التونسي فرحات حشاد سنة 1952، وما رافقها من اعتقال لعدد كبير من المناضلين النقابيين المنتمين للنقابة الفرنسية في عدة مدن مغربية. وما أعقبها من انتفاضة لسكان الدار البيضاء وسقوط عدد كبير من الشهداء في مختلف أحياء المدينة. مباشرة بعد ذلك، بدأت مجموعة من العناصر تلتئم في مجموعات وخلايا لوضع النواة الأولى للمقاومة المسلحة. وفي 20 غشت 1953 عندما تم نفي محمد الخامس، تم تشكيل النواة الأولى للمقاومة المسلحة بقيادة محمد الزرقطوني وحسن صفي الدين الأعرج وسعيد بونعيلات وإبراهيم الروداني وعدد كبير من المناضلين. بعد ذلك انطلقت الحركة المسلحة داخل الدار البيضاء تم توسعت لتشمل جل المدن المغربية. حيث تشكلت 12 منظمة مسلحة، وعمل زعماء المقاومة خاصة هؤلاء الذين فروا إلى مدن الشمال على الاتصال بقادة مكتب المغرب العربي، والاتصال كذلك بالزعيم المصري جمال عبد الناصر الذي كان يعد رمزا للحركة الثورية التحررية سنة 1952، إذ لولا جمال عبد الناصر لظل المغرب العربي متأخرا في المطالبة بالاستقلال. * من كان يقود المفاوضات مع جمال عبد الناصر؟ ** العديد من الأسماء كعلال الفاسي وأحمد بن بله في مكتب المغرب العربي. وخلال هذه المرحلة اشترط عبد الناصر على قادة المقاومة: عبد الرحمان اليوسفي وعبد الله إبراهيم، وعبد الكبير الفاسي عدم إعطائهم السلاح إلا إذا كان لديهم ضابط في الجيش. * على من وقع الاختيار في ذلك الوقت؟ ** وقع الاختيار على المحجوبي أحرضان، الذي كان ضابطا في الجيش الفرنسي. حيث ضرب معه قادة المقاومة موعدا في إحدى مقاهي عين الذئاب (لاريزيرف). غير أنه هرب وتخلف عن الموعد. تم بعد ذلك تم الاتصال بإدريس بن عيسى الذي أصبح جنرالا من بعد، فرفض بدوره مقترح قادة الحركة الوطنية. الأمر الذي جعلهم يتصلون بضابط سوداني اسمه إبراهيم الذي قبل المهمة فتم ربط الاتصال بجمال عبد الناصر وسهر على إيصال الدفعة الأولى والثانية من الأسلحة إلى المغرب على متن إحدى البواخر. * من هم أفراد المقاومة الذين سهروا على تسلم السلاح وتوزيعه؟ ** كان في المناطق الشمالية غالي العراقي، وسعيد بونعيلات، وحسن صفي الدين الأعرج، الذين سهروا على توزيع السلاح على جيش التحرير الذي تشكل في الشمال. * متى تأسس جيش التحرير في المدن الشمالية؟** في 2 أكتوبر 1955 * لماذا تأسس في الشمال ولم يتأسس في مناطق أخرى من المغرب خاصة تلك التي كانت تحت نفوذ الفرنسيين؟ ** لأن قادة المقاومة أرادوا استغلال الصراع الذي كان بين حكومة فرانكو باسبانيا والجمهورية الفرنسية. فتم تشكيل النواة الأولى لجيش التحرير. هذا الأخير قام بأول هجوم على جبل ودكة بنواحي غفساي بقيادة المرحوم ميمون أوعقا، وبقيادة مولاي علي البقالي واستهدف الهجوم ثكنة عسكرية. تم بعد ذلك تفرع جيش التحرير وبدأ يتشكل في العديد من مناطق الشمال. * لماذا اشترط جمال عبد الناصر على قادة المقاومة المغربية وجود ضابط لتسلم السلاح، علما أن أحرضان وبنعيسى كان يعملان تحت إمرة العسكر الفرنسي؟ ** جمال عبد الناصر لم يكن يهمه ضباط بالجيش الفرنسي أو أي جيش آخر، كل ما كان يهمه هو أن يسلم السلاح لأيادي محترفة وعسكرية تعرف كيف تتعامل مع السلاح. * قلت إن أحرضان تنصل من مهمة تسلم السلاح الذي وهبه عبد الناصر للمقاومة المغربية، لكن أحرضان يعد اليوم رمزا من رموز المقاومة وجيش التحرير، كيف تفسر ذلك؟ ** لا علاقة لأحرضان بالمقاومة أو جيش التحرير. * هل توضح أكثر؟ ** بعد تكون جيش التحرير وتوالي ضرباته ونمو قوته، بدأ الفرنسيون يضعون الخطط لمواجهة هذا الطارئ حيث من بين الأفكار التي تم تداولها آنذاك، هو إعطاء المغرب استقلاله الشكلي غير الكامل، على أساس أن تتوقف المقاومة ويحل جيش التحرير، ويعلن عن استقلال شكلي للمغرب. وكان الهدف من كل هذا هو أن لا يمتد الفكر التحرري إلى الجارة الجزائر حتى يظل هذا البلد مستعمرة فرنسية. فبدأت فرنسا في الاتصال بالملك محمد الخامس. ومن بين الأمور السرية التي طرحت أن يعود محمد الخامس من منفاه وأن يتم محو كل ما له علاقة بجيش التحرير. محمد الخامس قبل الرجوع، لأن الشعب وكذلك حركة المقاومة كانت ترفع شعار «رجوع محمد الخامس قبل الاستقلال»، غير أن أماني المقاومة وجيش التحرير خابت، خاصة بعد محادثات «إيكس ليبان» (أقول محادثات وليس مفاوضات) التي شارك فيها الوفد المغربي المكون من كل من الطاهر وعسو، والفاطمي بن سليمان، والبكاي، تم عبد الرحيم بوعبيد، المهدي بن بركة، محمد الشرقاوي، عبد الهادي بوطالب وعبد القادر بنجلون وغيرهم من الأسماء، حيث أسفرت المفاوضات على رجوع محمد الخامس وحل جيش التحرير. الجيش الملكي تكون من مرتزقة الحرب العالمية الثانية * الملاحظ أن قبائل منطقة الخميسات غالبية أفرادها كانوا في جيش التحرير، ما السبب في ذلك؟ ** جل قبائل تلك المناطق شاركت في الحرب العالمية الثانية، بل منهم من شارك في الحرب العالمية الأولى. وبحكم أن أغلبية ساكنة هذه المناطق كانت منخرطة في الجيش الفرنسي فقد شكلت النواة الأولى لجيش التحرير. * غالبية المنتسبين للجيش الملكي هم من أصحاب القيم والنبل المنتمين لجيش التحرير، لكن الملاحظ أنه بعد التحاقهم بصفوف القوات المسلحة الملكية أصبحت هذه الأخيرة أداة قتل وتصفية وتكسير الإضرابات في المغرب المستقل، لماذا؟ ** الجيش الملكي تكون من مرتزقة شاركوا في الحرب العالمية الثانية بقيادة الجنرال الكتاني والجنرال البوهالي، والجنرال حمو أمحزون الذي كان قائدا في تاونات، والجنرال أمحزون، وأمزيان، والكولونيل الشنة الذي كان خليفة في مدينة وادي زم. وآخرون كأبولحيمص، والغرباوي والجنرال حبيبي وإدريس بنعمر ، كل هؤلاء الأشخاص كانوا في الجيش الفرنسي، وهم الذين شكلوا قيادة الجيش الملكي وهم الذين حصلوا على مناصب قيادية به، كالجنرال أوفقير الذي شارك في الحرب العالمية الثانية وأيضا الكولونيل مولاي حفيظ وبعض المرتزقة الذين أصبحوا من بعد يسيرون الجيش الملكي. * كيف انطلت الحيلة على الملك في ذلك الوقت، أي عندما أسس القوات المسلحة الملكية، عوض الاعتماد على أشخاص ترعرعوا في التربة المغربية اعتمد على ما سميتهم بالمرتزقة الذين عملوا في الجيش الفرنسي؟ ** عناصر جيش التحرير كانت تنقصهم التجربة والخبرة العسكرية، وكان رأسمالهم هو الإخلاص للعرش واستعدادهم للموت في سبيل محمد الخامس والوطن. الحسن الثاني صفى جيش التحرير من بيت أحرضان * قال حميد شباط، عمدة فاس، في إحدى تصريحاته إن بن بركة هو من قتل عباس المساعدي؟ ** هذا غير صحيح، بن بركة بريء من دم عباس المساعدي، كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب. * وما الذي دفع شباط كي يقول أن بن بركة هو من قتل عباس المساعدي؟ ** شباط عنده أهداف وهو إنسان متهور وعنده طموح أراد ضرب الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال بحجرة واحدة. فهو كان سيكليس وسائق خاص لأحد رجال الأعمال من عائلة بناني. وفجأة أصبح يقام ويقعد له وأصبح يعد من أصحاب الأموال. * من كانت له مصلحة في قتل المساعدي إذن؟ ** المستفيد الأول هوالنظام، لأن هذا الأخير له التزامات تجاه الفرنسيين والمتمثل أساسا في إيقاف نشاط جيش التحرير. كما أن أبرز شخص تآمر على دخول جيش التحرير لتسلم عناصره سلاحها هو المحجوبي أحرضان. * لماذا؟** لأن أحرضان كان دمية في يد القصر، وبالضبط في يد ولي العهد الأمير مولاي الحسن في ذلك الوقت. * في الاجتماع الذي جمع قادة جيش التحرير مع ولي العهد في منزل احرضان كم كان عدد أفراد جيش التحرير في المغرب آنذاك؟ ** كان عدده ضعيفا لا يتجاوز 3000 فردا، غير أنه عندما تم تشكيل جيش التحرير في الصحراء وصل عدد جنوده إلى 12 ألف فردا مع احتساب جيش التحرير بالمغرب الشرقي الذي كان يضم 4000 جنديا تقريبا. وكان هذا الجيش الذي يقوده محمد الفكيكي بوراس، الذي كان يساند الثورة الجزائرية. أما جيش التحرير الجنوب فكان يقوده محمد بن حمو المسفيوي، وكانت قيادة جيش التحرير بالجنوب على المستوى السياسي تتكون من الآتية أسماؤهم: محمد بنسعيد أيت يدر، عمر المسفيوي. وكاتب القيادة العليا لجيش التحرير بالجنوب كان هوالمرحوم محمد باهي. * لماذا أرسل القصر المحجوبي أحرضان كي يتفاوض معكم من أجل حل جيش التحرير؟ ** القصر لم يرسل أحرضان ولكن الاجتماع كان في بيت أحرضان لأنه كان عاملا على الرباط فضلا عن ذلك فأحرضان كانت له علاقة مع قادة جيش التحرير بحكم أن غالبيتهم من منطقة زمورالخاضعة لتراب نفوذه كعامل. ووقع الاجتماع في بيت أحرضان بحضور ولي العهد وإدريس المحمدي وزير الداخلية. هنا يجب أن أكرر أن أحرضان لم تكن له علاقة بالمقاومة ولا بجيش التحرير كما أن صفة مقاوم منحت له ظلما وتزويرا. وبما أن المحجوبي أحرضان مازال على قيد الحياة فأنا أدعوه ليخبرنا بالأعمال التي قام بها داخل المقاومة وجيش التحرير. محمد الخامس كان في حكم المغلوب على أمره * كان محمد الخامس يقول ب «إنني لا أريد مشاكل مع جيش التحرير». ومع ذلك لم يحرك ساكنا لوقف المخطط الذي كان يستهدف جيش التحرير علما أنه هو رئيس الدولة، لماذا؟ ** محمد الخامس كان في حكم المغلوب على أمره، لأن ولي العهد الأمير مولاي الحسن، هو من كان يسير كل شيء، رفقة مولاي حفيظ وكديرة واللوبي الذي كان يتواجد بالقصر، الذي كانت له مصلحة في أن لا يستمر جيش التحرير في مخططه التحريري للتراب الوطني ، وأن لا يحصل المغرب على استقلاله التام. * ما هي مصلحة الحسن الثاني في ذلك؟ ** كل ما في ذلك أن هناك من لم تعجبه أطروحة الحركة الوطنية والخط الإصلاحي الذي أرادت أن تتبناه حكومة عبد الله إبراهيم . وبلاغ المجلس الوطني للمقاومة في 1956 شرح كل نقط الإصلاح أبرزها «الدستور، تشكيل جيش وطني ، الإصلاح الزراعي، جلاء القواعد الأمريكية، جلاء القواعد الفرنسية، محاكمة الخونة، تطبيق شعار من أين لك هذا...» إلخ... كل هذه الأفكار تمت محاربتها كي يصل المغرب لما وصل إليه اليوم. * في كل مناسبة تردد أن محمد الخامس أعطى الانطلاقة الثانية لجيش التحرير، ماذا تقصد بذلك؟ ** صحيح، إذ قال لنا بالحرف عندما استقبلنا «إذا احتجتم لخدماتي فأنا مستعد لحمل السلاح معكم». * ولماذا حل الجيش الملكي إذن ببوزكارن يوم 3 مارس 1959؟ ** لمضايقة جيش التحرير كي يتوقف عن نشاطه ويضع السلاح. بوليس الحسن الثاني يصفي المقاومين * قررت، رفقة بعض قادة جيش التحرير، الصعود إلى جبال الأطلس لاستكمال تحرير الصحراء ورفضتم تسليم السلاح. هل ب 180 جنديا كنتم قادرون على تحرير الصحراء؟ ** صعدنا الجبل بالأطلس لإثارة الرأي العام الوطني والدولي وإثارة انتباه محمد الخامس لما يحاك من مؤامرة ضد استمرار جيش التحرير بالجنوب. مع العلم أن المؤامرة كانت تستهدف كل المناضلين الوطنيين، وهي المؤامرة التي لم تستثن أحدا بمن فيهم أنا. أيضا للتعبير عن تضامننا مع إخواننا المقاومين الذين ألقي عليهم القبض وعلى رأسهم المرحوم الفقيه البصري والأستاذ عبد الرحمان اليوسفي وسعيد بونعيلات والمقاوم الكبير محمد منصور والبوعزاوي بن الرداد وبوشعيب الناصري والهاشمي المتوكل (الملقب بالسلطان الأكحل) وآخرون. وأيضا احتجاجا على ما يتعرض له المقاومون من تصفيات على يد بوليس الغزاوي. * وما هو دور الأمن الوطني آنذاك في عهد الغزاوي؟ ** تكونت الدائرة السابعة للأمن بالبيضاء التي كان يترأسها الحاج بريك، وفي ذلك الوقت كان مدير الأمن الإقليمي بالبيضاء هو إدريس السلاوي الذي سيصبح فيما بعد مستشارا للملك. وكان محمد الغزاوي مديرا عاما للأمن الوطني واشتهرت هذه الدائرة الأمنية بالاغتيالات في بداية الاستقلال. * لماذا تخصصت الدائرة السابعة في الاغتيالات و تصفية رجال المقاومة؟** كانت الدائرة تابعة للأمن، تم بعد ذلك تحولت وأصبحت جهاز قمعي تقوم بعملية التصفية إذ عملت على قتل كل من إبراهيم الروداني، ثورية الشاوي، عبد السلام الشارجان، الزياني وعبد الله الحداوي ولحسن الكلاوي وعبد الرحمان بلمخنت وزوجته الغظفة ورحال المسكيني وأحمد الطويل وإخوانه ومحمد الطيب بن بقالي ومحمد صدقي والعربي سامي والشرايبي وأحمد الرمضاني وعباس سائق إدريس السلاوي وعبد الواحد العراقي وميشيل الحريزي ومحمد الزيراوي واللائحة طويلة يفوق عددها 176 شخصا. وتعرض المناضلون لمختلف أساليب المضايقات منهم المرحوم الفقيه البصري الذي قضى 33 سنة في المنفى، محمد بن سعيد، مولاي عبد السلام الجبلي، عبد الفتاح سباطة وآخرون عديدون. * هل لإدريس السلاوي ومحمد الغزاوي دور في تصفية المقاومين؟ ** نعم، كان لهما دور رئيسي في تصفية رموز المقاومة وخاصة محمد الغزاوي، وفق مخطط محبوك وضع ملامحه «أندري لوي دي بوا» الذي كان واليا للأمن في باريس،ودخل للمغرب مع محمد الخامس كمقيم عام بالرباط، حيث وضع هذا المسؤول الفرنسي مخططا لتصفية جيش التحرير وتصفية المقاومين. خاصة وأن الظروف السياسية بالبلاد، كانت تغلي آنذاك، إذ وقع الانشقاق داخل حزب الاستقلال بقيادة بنبركة والفقيه البصري وتكوين الجامعات المتحدة لحزب الاستقلال، لأن هذا الأخير ظل يسير على منهج الانتهازية والرجعية، ولم يكن لهذا الحزب أي موقف شريف في المساهمة في تحرير البلاد منذ القديم إلى يومنا هذا. بل أن جل زعماء هذا الحزب كانت لهم مطامع شخصية. رغم أننا كنا ننتمي لنفس الحزب قبل الانقسام. * لماذا ناصبت إدارة الأمن الوطني في عهد الغزاوي العداء للمقاومين وأعضاء جيش التحرير؟ ** كان هناك مخططا مدروسا يقضي بأن أي شخص يتبنى ويحمل أفكارا ثورية يجب أن يزاح من الطريق. * من كان عاملا على البيضاء في ذلك الوقت؟ ** كان أحمد بركاش وهو شخص كان مغلوبا على أمره. أطالب بيد الله بكشف أسماء الذين وضعهم جيش التحرير في الأكياس * ماذا فعلتم بعدما سلم جيش التحرير سلاحه للجيش الملكي؟ ** المهم أن جيش التحرير دخل في أسلاك القوات المسلحة الملكية، وتم عقد الاجتماع الأول في منزل احرضان، بحكم أنه كان في ذلك الوقت عاملا على أحواز الرباط، وهو الاجتماع الذي حضره كذلك ولي العهد بالإضافة لقادة جيش التحرير كمحمد بن الميلودي، الكولونيل بن حمو المسفيوي، الكولونيل جناح بنعشير، الكولونيل إدريس بن بوبكر، الكومندار إدريس الحارثي، وأيضا بعض القادة من الشمال. حيث قيل لنا إن مهمة جيش التحرير انتهت وأن الملك «راضي عليكم». صحيح أن كل الحاضرين كانوا متحمسين لفكرة دخول جيش التحرير، باستثناء الكولونيل محمد بن الميلودي، وعبد ربه وأيت سعيد بن حمو المسفيوي ومناضلون آخرون، حيث كنا نرفض الفكرة بالنظر إلى وجوب استمرار جيش التحرير في مهمته لتحرير جميع مناطق المغرب. وما زلت أتذكر تلك الكلمة التي قالها ولي العهد لنا « هذه دار كريناها بواحد الثمن اللي عجبو الحال يتفضل، والذي لم يعجبه يتحمل مسؤوليته». مباشرة بعد ذلك سلم جيش التحرير السلاح، وأنا كنت أتحمل مسؤولية قيادة الجيش في الأطلس المتوسط رفقة محمد العمراني وإدريس السيتل، وإدريس بنبوبكر والعقيد محمد بن الميلودي. المهم أن جيش التحرير سلم سلاحه، واندمج جزء منه في الجيش الملكي وبعضهم اندمج في الحياة العامة، أما آخرون ويصل عددهم إلى 180 جندي وأغلبيتهم من زمور، فرفضنا تسليم السلاح، وكان يترأس جيش التحرير كل من محمد بن الميلودي، ومحمد بن حمو المسفيوي، وإدريس بن بوبكر، وجناح بن عاشير، وعبد ربه. حيث قررنا أن يستمر جيش التحرير في مهمته من أجل تحرير الصحراء. فوقع الاتصال ما بين الفقيه البصري وبن حمو المسفيوي، وإدريس بن بوبكر وجناح بن عشير و أنا، وطلبنا من محمد الخامس أنه كي تستمر مسيرة جيش التحرير يجب أن يتوجه لتحرير المناطق الجنوبية، الأمر الذي استجاب له الملك. و تم إنشاء المركز الأول في إسني، تم المركز الثاني في بوزيكارن، والمركز الرئيسي في كلميم في سنة 1956. ففي هذه السنة تكون جيش التحرير في كلميم وأصبح تحت قيادة بنحمو المسفيوي. * عرجتم على مركز آسني ثم استقر بكم الحال في بويزاكارن، قبل اختيار كلميم كمركز قيادة رئيسية. لماذا مدينة كلميم بالذات؟ ** لأن كلميم كانت هي باب الصحراء، . * ما مصير القواعد الأخرى لجيش التحرير في باقي مناطق المغرب؟ ** كل القواعد تم حلها باستثناء جيش التحرير في فكيك بمنطقة المغرب الشرقي والذي كان يضم 4000 جنديا كما قلت لك ، وكان هذا الجيش يساند الثورة الجزائرية من خلال التنسيق مع قياداتها. * لماذا لم يبق جيش التحرير في الشمال لتحرير سبتة ومليلية وتوجه للجنوب لتحرير تراب شاسع لا قدرة له على ضبطه؟ ** لم يسبق للمغرب الرسمي إلى حدود اليوم أن طالب بتحرير سبتة ومليلية، بل لم يطالب بتحرير بعض المناطق الجنوبية كتيندوف وتوات وحاسي البيضاء وكولومب بشار. إذ لم يعد عندنا القدرة للمطالبة بهذه المناطق. بل للأسف الشديد المواطن المغربي، خاصة تلك الفئة التي نقول أنها مثقفة لا تعرف حدود بلدها ولا تعرف حدود المغرب الجغرافية والترابية. ما لا يعرفه المغاربة أن الصحراء المغربية كانت شبه محررة بفضل جهاد جيش التحرير. * كيف نستسيغ قولك بأن جيش التحرير حرر الصحراء، علما أن هناك من يقول إن سبب أزمة الصحراء اليوم تعود بالأساس للمشاكل التي خلفها جيش التحرير هناك في سنة 1958 و1957؟ ** لا، العكس هو الصحيح، لأن المشاكل تسبب فيها كل من كديرة والدليمي وحرمة ولد بابانا وأوفقير الذين حاولوا زرع الفتنة داخل جيش التحرير بالجنوب. فهؤلاء الأشخاص لم تكن الصحراء ضمن أجندتهم. وكانوا يقولون أن جيش التحرير يهيئ لانقلاب ضد القصر انطلاقا من الجنوب. بحكم أن أغلبية عناصر جيش التحرير كانت تنتمي للأقاليم الجنوبية. * في حواره مع «الوطن الآن» قال الدكتور بيد الله أن من بين المشاكل التي تعاني منها الصحراء هو أن الصحراويين شاهدوا العنف والتعسف الذي كان يمارسه بعض قادة جيش التحرير بكلميم، إذ كانوا يقتلون الناس ويضعونهم في أكياس «الخنشة» حسب قوله؟ ** لا، بالعكس هذه الأعمال كانت تستهدف بعض الخونة الذين كانت لهم عداوة مع محمد الخامس وتسببوا في قتل المئات. ما وقع أن قائدين فقط تم إعدامهما في المناطق الجنوبية، وهما عبد القادر كويزة الذي قتل الشهيد علال بن عبد الله، و جازاه الغزاوي بتعيينه كوميسيرا في نواحي أكادير. وتمكنت شخصيا من اعتقاله في نواحي هذه المدينة وتمت محاكمته حيث ترأس المحاكمة محمد باهي، وتم الحكم عليه بالإعدام ونفذ الحكم في كلميم بواسطة إبراهيم التزنيتي. * والخائن الثاني في نظرك كما سميته من هو؟ ** هو أحد الأشخاص يسمى الدردوري بدوره أعدم في كلميم. وأنا هنا أطلب من الشيخ بيد الله أن يذكر لنا أسماء المغاربة الصحراويين الذين وضعهم جيش التحرير في الأكياس. بالمقابل أطلب منه أن يتحلى بالشجاعة ليتحدث عن معارك جيش التحرير في الأقاليم الجنوبية. ويتحدث عن قادة جيش التحرير الذين لعبوا دورا كبيرا في استقلال المناطق الصحراوية كإدريس الحارثي الذي قتل بقنبلة في الصحراء. وإدريس بن بوبكر الذي كان من الجنود الأوائل لجيش التحرير ولما التحق بالجيش الملكي ظل برتبة كوماندار 40 سنة انتقاما لمركزه وتاريخه، لدرجة أن الجنود الذين كانوا تحت إمرته تدرجوا في الرتب وفاقوه رتبة، أما هو فظل في نفس الرتبة لسبب بسيط يكمن في أنه رجل مقاوم دافع عن استقلال البلاد. وبصفتي أحد مؤسسي المقاومة وجيش التحرير وأحد قواد هذا الجيش بالأطلس وكذا بالقيادة العسكرية بالجنوب، استغربت لما جاء على لسان الشيخ بيد الله من تحريف للتاريخ وتلفيق للحقائق وكذب وبهتان وزور. كان على بيد الله أن يكون ذاك المواطن الشجاع الذي لا يخاف في الله لومة لائم ويصرح بالحقيقة التي أضاعت الصحراء من أهلها المغاربة الحقيقيين، حقيقة النزاع ومن كان وراءه ومازال وراءه. بل كان عليه أن يكشف أيضا عن حقيقة جيش التحرير في الصحراء، ولا أعتقد أن الشيخ بيد الله يعرف هذا الجيش ولا جالسه ولا كان له الشرف في الالتقاء به. فأهداف جيش التحرير بالجنوب لم تكن هي «لبس لخناشي» وقمع الصحراويين، بل ما ان حل بالمنطقة حتى نظم معسكراته بخطى ثابتة فاتحا باب الانخراط لأبناء الصحراء الذين قبلوا الانخراط عن طواعية وطيبة النفس لتحرير الصحراء من المستعمر. ويعود الفضل لتأسيس جيش التحرير بالجنوب للقادة دحمان ولد بيروك وولد الخرشي من أسا والقائد لحسن من أقا والقائد بونعيلات من طاطا والقائد الشهيد تمانارتي من تمنارت وجميعهم يعتبرون مؤسسين لجيش التحرير. وأظن أن الشيخ بيد الله غابت عنه أسماء هؤلاء الصحراويين المؤسسين لجيش التحرير والمنضويين هم أيضا تحت قيادة بنحمو لمسفيوي الذي نعته الشيخ بيد الله بما لا يليق. * ما هي المكاسب التي كان سيجنيها المغاربة في ملف الصحراء لو استمر جيش التحرير في عملياته؟ ** كانت الصحراء ستكون منطقة محررة لولا وجود عاملين رئيسيين: الأول مرتبط بحل جيش التحرير والخطأ الثاني مرتبط بإعلان الحسن الثاني عن الاستفتاء وما أعقبه من اعتقال لعبد الرحيم بوعبيد واليازغي. في اعتقادي هذه هي الأخطاء القاتلة التي جعلتنا نقول للصحراويين تعالوا إلى طاولة المفاوضات. لان أبناء الصحراء جميعهم كانوا يحاربون في صفوف جيش التحرير من أجل تحرير الصحراء. وأعتقد أن مخطط التآمر على جيش التحرير يعد من الأخطاء القاتلة التي ارتكبها النظام الذي كان يتعامل مع جيش التحرير بمنطق سوء النية. أغلب المقاومين الأحياء لا علاقة لهم بالمقاومة * تطرقت في حديثك للوبي المتحكم في النظام وهو الذي تسبب في القضاء على جيش التحرير من هو هذا اللوبي؟ ** هذا اللوبي كان هو «سدة الحكم» لأنه لحدود ذلك الوقت لم يكن هناك قانون ينظم المؤسسات داخل المغرب و السلطة التشريعية والتنفيذية التي كانت جلها بيد الملك. كما أن الأحزاب لم يكن لها أي دور، في اعتقادي الأحزاب السياسية خانت تضحيات المقاومين الشهداء من بينهم الراشدي الذي رفض أن يوضع القماش فوق عينيه ساعة إعدامه. الأحزاب السياسية خانت رسالة الشهداء وتحرير البلاد واستقلالها الكامل وتجسيد الديمقراطية الحق. هناك بعض القادة الحزبيين يعرفون ماضيهم جيدا وأخطائهم ويعرفون ماذا فعلوا كي يظلوا في مناصبهم ويدافعوا على مصالحهم الشخصية مضحين بمبادئ أحزابهم وتاريخها وأيديولوجيتها في سبيل مصالحهم المالية. بالمقابل لا يجد عدد كبير من المقاومين الذين دافعوا عن استقلال البلاد ثمن شراء كفن يسترهم عند مماتهم. * كم يصل عدد المقاومين الذين مازالوا أحياء؟ ** حوالي 5800 من أصل 32 ألف فرد، وللإنصاف أن أغلبية هؤلاء المقاومين شواهدهم مزورة ولا علاقة لهم بالمقاومة. فمثلا تفجير مارشي سنطرال قام به ثلاثة مقاومين هم محمد منصور والروداني ورضى بنموسى . حاليا نجد أن 160 مقاوم يقولون أنهم قاموا بذلك التفجير. وهذه المهزلة استمرت إلى أن تم تعيين المندوب السامي الحالي الدكتور مصطفى الكثيري الذي قام بمجهودات جبارة لرد الاعتبار للمقاومين وآخرها التغطية الصحية لعائلات المقاومين، وهي مجهودات لقيت صدى إيجابي لدى أسر المقاومين وجيش التحرير. ومن هذا المنبر أشكر المندوب السامي للمقاومة على المجهودات التي يبذلها لا من ناحية التواصل عبر التراب الوطني ولا من جهة إحياء الذاكرة الوطنية. * بعد الإعلان عن الاستقلال بماذا كافأت الدولة حركتكم التحررية؟ ** الحركة الثورية أو التحررية كانت بالنسبة للدولة بالأمس وحتى اليوم كالتمر، (كلات التمر.. ورمتنا مثل لعظم)، فالمكافأة والاستفادة الأحق بها هم أبناء الإقطاع والخونة، الذين اغتنوا من طرف الدولة، إذا كنا نتكلم عن الذين استفادوا ويستفيدون هم الذين يعيثون في الأرض فسادا. أما المقاومون فهم محكوم عليهم بالحرمان، والموت البطيء، ذنبهم أنهم أحبوا الوطن ودافعوا عليه، وخير دليل أولئك الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل إعادة للدولة كرامتها والملك إلى عرشه. والتاريخ يشهد على إعدام الشهيد الراشدي، الذي رفض عند إعدامه أن يغمضوا له عيناه، قائلا: أتركوا عيناي مفتوحتان لأرى لآخر مرة سماء وطني. * من لديهم المصلحة في ذلك؟** بما أن الدولة وأحزابها كانت تخرج دائما منتصرة على إرادة المواطنين في كل الانتخابات التي عرفتها البلاد إلى يومنا هذا، لا تبقى هناك حجة لأي كان ليبرر الموقف، ربما كلامي واضح، إذ لم أقل ما بني على باطل فهو باطل، تلك هي مخلفات إيكس ليبان، وتلك هي سياسة القرار ألإنفرادي. الحقيقة ليست هناك وصفة طبية أو سحرية للحالة التي يعيشها المغرب اليوم. فالبرلماني الكل يعرفه راتبه الشهري وعمله، والوزير كذلك، أنا لا أحسد أحدا على ما رزقته الدولة من رزق، ولكن على الدولة أن لا تنسى بأن أغلبية المقاومين يتقاضون من 300 إلى 400 درهم شهريا وهو ثمن لا يشكل حتى ثمن كفن الميت. «إيكس ليبان» كانت خيانة عظمى للمقاومين * أول رصاصة أطلقها جيش التحرير كانت في 1955. ومحادثات «إيكس ليبان» تمت في نفس السنة. كيف يتقبل المرء أن فرنسا صمدت في وجه المقاومة بالمغرب منذ سنة 1912 ثم انهارت في ظرف أقل من سنة عقب تأسيس جيش التحرير؟ ** هناك ظروف كثيرة، لأن العقليات تغيرت والمقاومة تطورت، خاصة بعد ظهور جيش التحرير في مناطق الريف، كما أن قوة العمليات العسكرية التي نفذها الجيش في غالبية المناطق الشمالية فرضت على المستعمر الجلوس إلى طاولة المفاوضات أو المحادثات كما أحب أن أسميها. ومن أجل تحقيق حلم الفرنسيين وعملائهم في الحد من نشاط جيش التحرير كان لابد من إيجاد سبب يسهل عليهم ذلك. فجاءت حادثة قتل عباس المساعدي في سنة 1956 بعيد استقلال البلاد. مباشرة بعد هذه الواقعة وقع التآمر على جيش التحرير. * من هي قيادات الحزب التي كانت تطالب بحل جيش التحرير آنذاك؟ ** جميع قيادة حزب الاستقلال كانت تطالب بحل جيش التحرير باستثناء علال الفاسي، الذي كان يرفض المشاركة في محادثات «إيكس ليبان». بعد ذلك تم تشكيل الجامعات المتحدة لحزب الاستقلال كما قلت وكان من رواد هذه الفكرة كل من الفقيه البصري ، وعبد الله إبراهيم، والمحجوب بن الصديق، والمهدي بن بركة. فتشكلت حكومة عبد الله إبراهيم التي كان لها أعداء في الداخل والخارج. *أفهم من خلال حديثك أن محادثات إيكس ليبان لم يطبعها طابع الشفافية، هل كانت الأمور مرتبة؟ ** لا شك في أن محادثات إيكس ليبان كانت بالنسبة لنا نحن المقاومة وجيش التحرير خيانة عظمى في حق المغرب والمغاربة، حيث ما زال التاريخ يشهد على أسماء الحاضرين في هذه المحادثات، كما لا ننسى أن المشاركة كانت تجمع بين الوفد الفرنسي المفوض من إيدكار فور رئيس الحكومة وبيناي، وزير الشؤون الخارجية والجنرال كوينغ وزير الدفاع وروبيرت شومان وبيير جولي، وبين الوفد المغربي الذي يتشكل من 37 شخصية كان من بينهم مبارك البكاي، الحاج الفاطمي بنسليمان والحاج محمد المقري إضافة إلى ممثلي الأحزاب: عن حزب الاستقلال، عبد الرحيم بوعبيد ومحمد اليازيدي وعمر بن عبد الجليل والمهدي بن بركة، ومن جانب حزب الشورى والاستقلال، كل من عبد القادر بن جلون واحمد بن سودة وعبد الهادي بوطالب ومحمد الشرقاوي . وإلى جانب الشخصيات السياسية وجد بعض العلماء كالسيد جواد الصقلي وحميد العراقي. كما حضرها القائد العيادي و أوفقير ومجموعة وآخرين بصفتهم يتتبعون المحادثات من وراء الستار. * ألم يتم اسدعائكم للمشاركة في هذه المحادثات؟ ** أبدا، لم يتم لا استدعاء قادة المقاومة، ولا قادة جيش التحرير للمشاركة في هذه المحادثات، فكيف تستدعى هذه الشريحة وهي المتآمرعليها أولا وأخيرا؟ علما أن جيش التحرير كان يواصل جهاده ضد المستعمر في الفترة التي كانت المحادثات تتم في المطبخ السري. * هل لمستم مخلفات إيكس ليبان بعد العودة الملكية من المنفى واستقلال البلاد؟ ** لقد كانت خطة السلطات الاستعمارية ناجحة حيث جعلت قضية السيادة المغربية وكأنها تتلخص في مشكلة رجوع الملك كرمز لهذه السيادة. هذا ما أدى بدخول الإقطاع المغربي بإيحاء من هذه السلطات الاستعمارية ليستعمر دواليب الدولة، نفس الخطة التي كانت تخدم الاستعمار ثم الإقطاع في آن واحد. * على ماذا كنتم تراهنون كمقاومين ليكون الاستقلال عكس ما كان عليه في «إيكس ليبان» ؟ ** كمقاومين كان كفاحنا من أجل استقلال البلاد إستقلالا تاما، وإقامة مؤسسات سياسية تدافع عن حق الشعب وتؤطر الشعب بالكيفية التي يمكنه بها العمل على مراقبة أجهزة الدولة بطريقة ديمقراطية الطبع، وعن كيفية توزيع الثروات والإنتاج الوطني، وكان كفاحنا أيضا بأن تكون هناك أسس اقتصادية لا تترك أي مظهر من مظاهر السيطرة لأبناء الإقطاع ولا البرجوازية الكبرى الطفيلية. لهذا رفضت وضع السلاح.. ولهذا اعتقلوني * من أشرف على عملية التحاق عناصر جيش التحرير بالجيش الملكي؟ ** تم الاتفاق في مارس 1960 على أن يسلم جيش التحرير سلاحه وتندمج عناصره ضمن الجيش الملكي. وكنت أنا من الرافضين كما سبق لي أن أوضحت خاصة بعد المؤامرة التي تورط فيها بعض المحيطين بالملك. * عندما استقل المغرب أصبحت قائدا في عهد وزير الداخلية إدريس المحمدي وأثناء مزاولتك لمهامك جاءت الشرطة لتعتقلك لماذا؟ ** يدخل هذا ضمن مخطط لتصفية قادة جيش التحرير والمقاومين، وكنت آنذاك قائد أحواز الرباط وكان المكلف بمباشرة أعمال المخابرات طالب درس معي، محمد المعروفي وكان يخبرني بالمعلومات التي تهم المقاومة وجيش التحرير. إذ أخبرني أن هناك لائحة تضم 55 شخصا سيتم القبض عليهم وعلى رأسهم الفقيه البصري، عبد الرحمان اليوسفي، محمد منصور، البوعزاوي، سعيد بونعيلات، عزوز، بوشعيب الناصيري، واللائحة طويلة. ووجهت لهم تهم الإخلال بالأمن، عقب المقال الذي أصدره الفقيه البصري وعبد الرحمان اليوسفي وتمت محاكمتهما من طرف القاضي الطنجاوي الذي أصبح بعد ذلك مديرا للأمن. فبدأت سلسلة من الاعتقالات، وعندما علمت بعملية اعتقالي توجهت عند وزير الداخلية المحمدي الذي كان قد عاد لتوه من رحلة بالخارج حيث كان يعالج رجله في أمريكا. والمحمدي كان صديقا لي قبل أن يصبح وزيرا. وأخبرته أن الفقيه البصري معتقل في سجن العلو وكذلك عبد الرحمان اليوسفي الذي يعاني من المرض وهو في المعتقل. وأخبرته أنه تم استدعائي من طرف البوليس و أنني أشهرت في وجههم السلاح ورفضت الامتثال لأوامرهم، خاصة أنه من ضمن الأشخاص الذين جاءوا لاعتقالي كان هناك شخص اسمه «كابريرا» وهو ضابط فرنسي سبق له اعتقالي في 1954. أخبرت المحمدي بالقصة وقال لي أن لا علم له بكل هذه الاعتقالات، ووعدني بأنه سيرفع الأمر إلى محمد الخامس. عندما خرجت من منزل وزير الداخلية المحمدي اتصلت بمنزلي بأكدال فأخبروني أن منزلي مطوق بعناصر الأمن فتوجهت لمدينة سلا. من سلا ذهبت لمدينة فاس عند ضابط اسمه عبد الكبير الشقيري كان معي في جيش التحرير. بعد ذلك توجهت إلى غفساي عند شوقي عبد السلام بلمجاهد أحد أقارب نوبير الأموي، تم عدت إلى الرباط عند أحمد بوزيد مدير ديوان عبد الله إبراهيم والذي كان معتقلا معي في السجن سنة 1954، وتم إخبارنا من طرف حسن صفي الدين الأعرج وحسين الخضار أنا ومجموعة من المقاومين على أن هناك مؤامرة ضد جيش التحرير وأن هناك اعتقالات طالت العديد من قادة هذا الجيش، فتم إخباري بضرورة التوجه إلى منطقة الأطلس المتوسط. وفي 17 مارس 1960، صعدت للجبال رفقة 182 مجاهد، ففوجئنا في الغد بأن جيش التحرير سلم السلاح وتخلى عن الصحراء * من اتخذ قرار تسليم السلاح؟ ** الأوامر جاءت من قيادة جيش التحرير، أما أنا فبقيت في الجبال إلى حدود 22 أبريل 1960، وخلال هذه الفترة سلم البشير الذي كان معي نفسه. ومباشرة بعد ذلك تم اعتقالي بعد أن أصبت ب 18 رصاصة. وتم حملي من جبال الأطلس على الساعة 11 صباحا إلى عامل المنطقة العامل الشبيشب، و لم تقدم لي العلاجات الأولية وبقيت انزف من الصباح إلى حدود الساعة الواحدة ليلا، وعلمت فيما بعد أن الكولونيل مولاي حفيظ أعطى أوامره كي لا تتم معالجتي وأن أظل انزف حتى الموت. وتم نقلي إلى قصبة تادلة ووضعي في زنزانة حتى تماثلت للشفاء. وكان هناك جندي من جيش التحرير رق لحالي وكان يحضر لي لعض الطعام، وفي أحد الأيام في غفلة منه أخذت الملعقة وخبأتها كي استعملها أداة لحفر قفل باب الزنزانة تساعدني على الهرب من سجني. وفي أحد الأيام جاء أحد العساكر يسمى عبد الكبير بن حمو تعاطف معي وقرر مساعدتي بحكم أنه كان معي لما كنت قائدا على أحواز الرباط وكان يعمل مخزني، فأخبرته بخطة للهروب من السجن، فنجحت خطة الهروب حيت فررنا في إحدى الليالي. وبقينا نسير طوال الليل لدرجة أننا تهنا عن الطريق ووجدنا أنفسنا وسط حقل وكنت حينها حافي القدمين كثيف الشعر وملابسي بالية استرحنا بضع ساعات في الحقل، بعدها استأنفنا طريقنا فدخلنا مدينة وادي زم، قبل الدخول إلى المدينة قررنا الافتراق عن بعضنا كي لا يكتشف أمرنا. بعد دخولنا المدينة تم القبض على زميلي عبد الكبير بن حمو. مباشرة بعد ذلك تم تطويق الحي برمته بالشرطة والجيش فتم اعتقالي على الساعة الواحدة صباحا وتم تسليمي لمركز الدرك. ومن طرائف هروبي وهي: أنني شربت 4 لترات من الماء الذي سلمته لي زوجة ضابط مركز الدرك، ومع ذلك بقي في العطش وهو أمر غريب لم يسبق أن حدث لي. في التاسعة صباحا حضر الكولونيل مولاي حفيظ وأرسل لي الكولونيل السعيدي والذي كان يشغل منصب مدير الاستخبارات العسكرية وهو الآن متقاعد في مدينة مكناس، وقال لي إن مولاي حفيظ يطلب منك أن تعترف بأن هذه هي الأسماء المتورطة معك. وبدأ يذكر الأسماء وهي: عبد الله إبراهيم، المحجوب بن الصديق، المهدي بن بركة، الفقيه البصري، وبعض الأسماء التي تقود جيش التحرير. أبديت له استعدادي للتجاوب مع مقترح مولاي حفيظ، فأحضر ورقة وقلم وبدأ يدون الأسماء وعندها بدأت أعطيه أسماء أعدائنا في الجيش الملكي، وعندما يسألني عن أسماء رجال الحركة الوطنية كنت أرفض ذكرهم. ولما حضر الكولونيل مولاي حفيظ غضب كثيرا من مدير الاستخبارات وقال له بالحرف: «دين أمك بنحمو ضحك عليك خاصك مازال تمشي تسرح البقر،» تم قيدوا يدي ورجلي ونقلوني إلى قصبة تادلة حيث وجدت هناك زوجتي وأبنائي وأبي وأمي وأخي وصهري. فتم تقييدي في إحدى الأشجار وتعرضت للضرب والتعذيب الرهيب أمامهم. بعد ذلك تم نقلي بالطائرة مرة أخرى إلى معتقل آخر بثكنة مولاي إسماعيل بالرباط سجنت فيه وأنا مقيد تارة من اليدين وتارة من الرجلين مدة 16 شهرا وكانت قساوة التعذيب يصعب وصفها لكونها كانت جد فظيعة. * ما هي المهمة التي كان يشغلها مولاي حفيظ في ذلك الوقت؟ ** كان هو الآمر والناهي في عهد الحسن الثاني إذ كان مدير التشريفات. * ماهي مصلحة الحسن الثاني في اتهام تلك الأسماء التي ذكرت في السابق؟ ** مولاي حفيظ كان هو السلطة التشريعية والتنفيذية وكان هو الذي يعين ويعزل. وكان يحكم في كل شيء. أي كان الرجل القوي في الدولة. بقيت في المعتقل محروما من رؤية الضوء محروما من الخروج لاستنشاق الهواء. بعدها بفترة جاء الكولونيل بنونة رفقة بعض ضباط الجيش ورجال الدرك وحقق معي مرة أخرى. بعدها تم تم إلحاقي بسجن لعلو حيث قضيت به 9 أشهر في عزلة تامة بزنزانة منفردة وطلب مني قاضي التحقيق عبد القادر المذكوري الذي حاول معرفة طريقة التحاقي بالجبل وخيوط ما سماها بالمؤامرة. فأجبته أن هذا الأمر أكبر منه وإذا أرادني أن أتكلم فيجب أن يأتي لي بأمر من عند الملك. بعد مرور 9 أشهر تم التحقيق معي مرة أخرى وقلت لهم أن ما قمت به كان باسم الدولة ولا يمكنني أن أتكلم إلا أمام المحكمة. طيلة هذه المدة قضيت أزيد من 11 سنة في الاعتقال الاحتياطي من سنة 1960حتى سنة 1972. في هذه الأثناء جاء عندي المحامي محمد التبر وأخبرني أنه التقى مع عبد الحميد الزموري وعبد الهادي بوطالب ، وامحمد بوستة. و قال لي أنه سيتم تقديمنا للمحاكمة وسيطلق سراحي وطالبني بالتنازل عن إحضار 186 شاهدا ينتمون لمختلف الأجهزة الأمنية والأحزاب والجيش. وعندما ذهبنا للمحكمة، رفض القاضي استدعاء الشهود وبدوري رفضت التكلم حتى يتم استدعائهم. وتم استعمال شهود الزور حيث تم إحضار قاضي من مدينة بني ملال ليشهد ضدي، كما تم إحضار ولد القايد العسري الذي اتهمنا باقتحام القيادة أنا والبشير بن التهامي وأخذنا السلاح. بعد مرور 64 يوم من المحاكمة وبحضور أزيد من 34 محامي كانوا يدافعون عن المجموعة تم النطق بالحكم وكان نصيبي هوالإعدام. وقمت بإجراءات الاستئناف. إلا أن أوفقير كتب رسالة إلى الكولونيل عزيز الكردودي الذي كان صديقي ورئيس المجلس الأعلى، والملف تكلف به الدكتور لطفي ابن أخت عبد الكريم الخطابي، والرسالة كتبها جوريو الذي كان كاتبا عاما لوزارة الداخلية يقول فيها يجب رفض استئناف بن حمو. غير انه تم قبول استئنافي من طرف المجلس الأعلى. لكن بعد مرور يومين تم إخبارنا في سجن القنيطرة بأننا سنعدم، وتم حملي إلى مكان الإعدام رفقة 13 شخص آخرين، وعندما تم الإطلاع على ملفي تم إخبار المعنيين أن الاستئناف قد قبل، فتم إرجاعي مرة أخرى إلى السجن. كل الذين كانوا معتقلين معي في نفس القضية خرجوا من السجن و ماتوا باستثناء شخص وحيد هو البشير. مرضت في السجن وبقيت في سجن العلو. كان حينها يدافع عني كل من بنعمر والمرحوم محمد بوزوبع والمرحوم محمد شهيد. وبقيت في السجن حتى أواخر 1975 حيث تم منحي السراح المؤقت بعد أن دفع المحامون بنعمر وبوزوبع وشهيد لخزينة الدولة 20 ألف درهم لكل واحد كضمانة من أجل إطلاق سراحي. وأنا لحد الساعة مازلت في السراح المؤقت. * بقيت في السجن كل هذه المدة وأنت ترفض وضع سلاح جيش التحرير؟ ** ضاحكا، إلى حد الساعة. * أي أن مجموعتك هي الوحيدة التي امتنعت عن تسليم سلاحها ودفعت الثمن؟ ** نعم جميع أفراد المجموعة ماتوا باستثناء أنا والبشير بن التهامي. لولا إسبانيا لما ولدت لا مقاومة ولا جيش تحرير * لماذا لم يكن جيش التحرير يضع المصالح الإسبانية ضمن مخططاته العسكرية، وكان يكتفي بضرب المصالح الفرنسية؟ ** لولا الإسبانيين لما كان هناك حتى فرد واحد من المقاومة ولا حتى جيش التحرير في الشمال. * هل يمكن أن نقول أن جيش التحرير منتوج إسباني؟ ** كل ما هناك أن إسبانيا ساندت جيش التحرير في الشمال بغض الطرف عن تحركاته. * لكن كيف انقلبت عليه إسبانيا في عملية إيكوفيون؟ ** في عملية إيكوفيون ارتبط الأمر بالصحراء. كما أن المناطق الشمالية لم تستقل حتى رجع محمد الخامس ووقع لقاء في مدريد. * لماذا الاتفاق المغربي الإسباني لم يشمل توحيد المغرب وتحرير المناطق الجنوبية؟ ** هذا راجع للمفاوضين الذين تفاوضوا مع الأسبان الذين ركزوا على عودة محمد الخامس، واعتبروا أن الأمور الأخرى ستأتي من بعد. وسبق لي أن ناقشت الموضوع مع المرحوم المهدي بن بركة الذي قال أن المرحلة عرفت وقوع أخطاء كثيرة صرح بأنه يتحمل جزءا منها. خروجي من السجن واستفزازات الوالي الفيزازي * كيف نفسر أن الحسن الثاني كان صغير السن في بداية الاستقلال، وكانت البلاد آنذاك تتميز بوجود فاعليين سياسين ومقاومين من عيار كبير، ومع ذلك استطاع الحسن الثاني (الذي كان وليا للعهد فقط) التحكم في زمام الأمور في ظرف وجيز ومحا من الوجود كل تلك الفعاليات القوية حتى اصبح هو حجر الزاوية؟ ** الفرنسيون وعملاؤهم هم من كان يحكم المغرب وضمنهم حزب الاستقلال. * لما خرجت من السجن سنة 1975 كيف تلقيت استرجاع الأقاليم الجنوبية؟ ** كانت الاستعدادات على قدم وساق للمشاركة في المسيرة الخضراء. فعندما خرجت من السجن كان أول من زارني في منزلي بالرباط هو مولاي مصطفى العلوي الذي كان عاملا على البيضاء. وطلب مني أن أتي عنده إلى البيضاء بحكم الصداقة التي كانت تجمعنا معا. بالفعل ذهبت عنده في البيضاء وتناولت معه طعام الغذاء في منزله واقترح علي المشاركة في المسيرة الخضراء، ونادى على بن الطالب رئيس القسم الاقتصادي والناظيفي الذي كان كاتبا عاما وطلب منهما أن يعطياني مسكنا وموردا للرزق. في اليوم التالي ذهبت عند بن الطالب وأخبرني انه سيعطيني مكان مواطنة فرنسية كانت تبيع «الزريعة» بشارع مولاي يوسف، فغضبت بشدة وبصقت على وجهه وغادرت المكان. بعدها عرفت أن مولاي مصطفى العلوي بلغه الأمر وصار يبحث عني بإلحاح، وعندما اتصلت به وأخبرته بكل ما جرى طلب مني أن أتي عنده وتوجهت معه إلى «حديقة الألعاب» بحديقة الجامعة العربية وجلب معه العمال وبنى لي مقهى في ظرف شهر واحد وهي مصدر رزقي حاليا. بعد إضراب يونيو 1981 بالبيضاء، تم إعفاء مولاي مصطفى العلوي وعين سفيرا بإيطاليا لأنه كانت له مشاكل مع البصري وزير الداخلية. وتم تعيين الفيزازي واليا على البيضاء خلفا له، هذا الأخير عمل على الانتقام مني وسلبني كل الامتيازات التي منحها لي العلوي. وطوال المدة التي كان فيها الفيزازي واليا على البيضاء عمل كل ما في وسعه على احتقار المقاومين والانتقام من أسر الشهداء والعمل على محو كل ما يذكره بالبطولات التي كان يقودها الوطنيون ضد الاستعمار وعملائه حيث كان الفيزازي أحد خدام الاستعمار. وفي خضم هذا الحقد لم أسلم من بطشه ورفع السومة الكرائية من 1200 درهم شهريا إلى 6000 درهما مع مراجعة ضريبية أرغمني فيها على أداء خمسين ألف درهم. والذي كان يشرف على الملف هو الكولونيل اليهودي أسولين. وبعد أن بلغ السيل الزبى اتصلت بالمرحوم أحمد بنسودة مستشار الملك وأخبرته باستفزازات الوالي الفيزازي بتفاصيلها. واستمع إلي بنسودة بامعان بحكم أننا كنا من مؤسسي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. وفعلا تفضل بنسودة واستدعاني بحضور المرحوم بوشنتوف فأبلغهم على أن الملك يقول:»راه سيدنا يقول ليكم واش باغين بن حمو يطلع الجبل مرة أخرى» يجب أن تحلوا مشكل المقهى، وبالفعل تم وقف استفزازات الوالي الفيزازي. * كيف أن شخصا مثلك خرج مثقلا بالجراح والاعتقال في السجن لمدة 16 سنة ومع ذلك يقبل أول دعوة وجهت له ليكون ضمن المتطوعين في المسيرة الخضراء؟ ** (يصمت بعد أن اغرورقت عيناه بالدمع) إلى حدود الساعة إذا طلب مني أن أذهب للصحراء وأن أستشهد في ساحة القتال دفاعا عن وطني فإنني لن أتردد لتنفيذ الأمر بكل فرح وسرور رغم كبر سني، وذلك وفاء للعهد الذي قطعناه مع الشهداء في أن نظل على العهد مدافعين عن الوطن. وقبل أن أنهي كلامي هذا أود أن أختم بهذه الحكمة الجميلة، « إذ أنا أصبت فلي أجران، وإذ أنا أخطأت فلي أجر واحد» والكمال لله سبحانه، فأنا لا أدعي بأنني خزان للتاريخ، فهذا أمر صعب علي ولو أنني عشت هذا التاريخ، وصعب كذلك على غيري، خاصة وأنه قد مر على هذا التاريخ ما يزيد على 50 سنة، ولكن هذا لا يمنع من وجود من يصحح لي ما نسيته أو أخطأت فيه لأن التاريخ أمانة في عنقنا. كرونولوجيا 1 يناير 1955: تكوين جيش التحرير بالشمال 29 أكتوبر 1955: (أي بعد مرور شهر وخمسة أيام على زخم جيش التحرير وزخم المقاومة) غادر محمد الخامس المنفى بمدغشقر عائدا إلى فرنسا. 31 أكتوبر 1955: محمد الخامس يصل رفقة عائلته إلى مدينة نيس الفرنسية 1 نونبر 1955: محمد الخامس يحل ضيفا على الحكومة الفرنسية في قصر تاريخي بضاحية باريز 6 نونبر 1955: محمد الخامس يوقع مع وزير خارجية فرنسا في قصر سان كلو التصريح المشترك القاضي بعودته إلى العرش واستقلال المغرب 16 نونبر 1956: محمد الخامس يعود إلى المغرب 18 نونبر 1956: محمد الخامس يعلن الاستقلال 7 دجنبر 1956: تشكيل أول حكومة مغربية برئاسة مبارك البكاي لقيادة المفاوضات حول ترتيبات الاستقلال 2 مارس 1956: مبارك البكاي يوقع مع وزير خارجية فرنسا البروتوكول الملحق بالتصريح المشترك الذي اعترفت فيه فرنسا باستقلال المغرب 7 أبريل 1956: إسبانيا تعترف باستقلال المنطقة الخليفية (شمال البلاد) 8 أبريل 1956: انطلاق عمليات جيش التحرير بالجنوب للمطالبة باستكمال تحرير الصحراء 4 ماي 1956: جيش التحرير يتمركز بمدينة كلميم ويتخذها مقره الرئيسي 14 ماي 1956: تأسيس الجيش الملكي وانضم إليه بعض المقاومين وبعض عناصر جيش التحرير بالشمال 16 ماي 1956: تأسيس الأمن الوطني وانضم إليه بعض المقاومين وبعض عناصر جيش التحرير بالشمال ماي 56 سنة 1957: تكثيف جيش التحرير بالجنوب لعملياته ضد المواقع العسكرية الفرنسية والإسبانية حيث أجريت معركة: زمول، عيون أغمان، لمسيد الأبيض، بوجدور، كلتة زمور، الدشيرة، العركوب، الداخلة، كليب الجذيان، البير لحلو، اجديرية، اكرارت أهل براهمة، طريق الصدرة إلخ... 8 مارس 1957: الحكومة المغربية تتبرأ من عمليات جيش التحرير ويصرح أحمد بلا فريج وزير الخارجية آنذاك في داكار بعد اجتماعه بغاستون كوزان أن الأحداث «سببتها عناصر قلنا إنها غير متحكم فيها ومن الصعب التحكم فيها» 13 دجنبر 1957: أشهر معركة لجيش التحرير (معركة الدشيرة قرب العيون) تكبدت فيها إسبانيا خسارة 600 جندي أسفرت عن إيفاد الحكومة الإسبانية لجنة لتقصي الحقائق حول سبب الهزيمة القاسية أمام عناصر جيش التحرير المغربي فبراير 1958: إسبانيا وفرنسا تطلقان عملية «إيكوفيون» ضد جيش التحرير أسفر عن قتل 400 شهيد وحصد القصف الفرنسي الإسباني 600 طفل وامرأة بمختلف المناطق الصحراوية 14 أبريل 1958: إسبانيا تسلم طرفاية للمغرب 18 مارس 1960: جيش التحرير يسلم السلاح ويندمج بعض عناصره في صفوف الجيش الملكي 17 مارس 1960: مجموعة محمد بنحمو الكاميلي ترفض تسليم السلاح وتقرر الصعود إلى جبال الأطلس (واويزغت) لاستكمال تحرير التراب الوطني 22 أبريل 1960: اعتقال محمد بنحمو بعد إطلاق 18 رصاصة على جسده وتعذيبه من طرف الجنيرال مولاي حفيظ العلوي ورميه في السجون بدون محاكمة إلى غاية 1975 1965: ميلاد جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب 1969: إسبانيا تسلم سيدي إفني للمغرب 1974: الحسن الثاني يعلن هذه السنة «سنة الصحراء» ردا على قرار إسبانيا منحها حكومة واستقلالا داخليا 16 غشت 1974: الحسن الثاني يستدعي مجموعة من أبناء الجنوب ويطلعهم على ما تعتزم إسبانيا القيام به. ميلاد جبهة التحرير والوحدة 16 نونبر 1975: تنظيم المسيرة الخضراء. عند انطلاقها بايع خطري ولد سعيد الجماني الملك الحسن الثاني 28 فبراير 1976: انسحاب آخر جندي إسباني من الصحراء 1979: المغرب يستعيد واد الذهب من موريتانيا. ابراهيم واويزغت [email protected] البريد