تعيش الجارة الجزائر وضعا اقتصاديا مأزوما نتيجة ارتفاع واردات الأغذية والألبسة والسيارات، بحيث أن 90 في المائة من لباس الجزائريين يأتي من الخارج ، ودلك في ضل أزمة اقتصادية خانقة نتيجة تراجع أسعار النفط إلى مستويات قياسية، فقد أعلن رسميا ان احتياطات الصرف الجزائرية واصلت خلال سنة 2015 منحاها التنازلي الذي بدأ سنة من قبل بعد تراجع مداخيل صادرات المحروقات وارتفاع كبير للواردات. وكان محافظ بنك الجزائر محمد لكصاسي قد أكد في شهر يناير الماضي ان استمرار تراجع احتياطي الصرف راجع إلى اتساع عجز ميزان المدفوعات تحت تأثير الصدمة الخارجية نتيجة الانخفاض الكبير و المتواصل لأسعار النفط العالمية مشيرا إلى أن الوضع الحالي يختلف عن ذلك المسجل في 2009 حيث عرفت أسعار النفط انتعاشا سريعا. وبعد ان ناهزت 195 مليار دولار في مارس 2014 بدأت هذه الاحتياطات منحاها التنازلي مسجلة اقل من 179 مليار دولار في نهاية السنة الفارطة قبل أن تستقر عند 143 مليار دولار أي بانخفاض ب35 مليار دولار في ظرف 12 شهرا حسب الأرقام التي قدمها أول أمس الاثنين بالجزائر العاصمة مستشار قسم الشرق الأوسط و آسيا الوسطى لدى صندوق النقد الدولي جون فرانسوا دوفان. وأوضح دوفان الذي قاد بعثة لصندوق النقد الدولي إلى الجزائر من 1 إلى 14 مارس الجاري في إطار المحادثات السنوية بين هذه المؤسسة ودولها الأعضاء في إطار المادة 4 من القانون الأساسي لصندوق النقد الدولي من اجل التقييم السنوي لاقتصاد البلدان أن «احتياطات الصرف لا زالت فعلا في مستوى مرتفع لكنها انخفضت ب35 مليار دولار سنة 2015 لتستقر عند 143 مليار دولار مقابل194 مليار دولار سنة 2013». وكان عدد من الزعماء الجزائريين طالبوا بوقف دعم جبهة البوليساريو باعتبارها تستنزف ميزانية البلاد ، حيث تصرف أموال باهظة في تسليح وتدريب ، عناصر الجبهة وإسنادها ماليا وعسكريا، مما يشكل عبئا إضافيا للاقتصاد المنهك أصلا نتيجة السياسات الخاطئة التي اتبعتها الجزائر ، والاعتماد على الغاز والبترول كمورد رئيسي ، كما أن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية دفعت الدولة الى خلق مزيد من الدعم واقتصاد الريع من اجل إسكات الغاضبين من المهمشين الذين ظلوا خارج دورة الإنتاج و تحولوا إلى مجرد مستهلكين لا غير. وطالب ممثل الأفامي بتليين القاعدة الاستثمارية وتحسين مناخ الاستثمار لاستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، ودعا صراحة إلى فتح رأسمال المؤسسات العمومية، وخوصصة بعضها، وهو ما يشبه إلى حد بعيد خطابات صندوق النقد الدولي خلال زياراته للجزائر منتصف التسعينات،.وبإجراء مقارنة بين ما كان عليه احتياطي الصرف نهاية سبتمبر ونهاية ديسمبر الماضيين نقف عند صرف 10 مليار دولار في ظرف 90 يوما بمعدل أزيد من 100 مليون دولار في اليوم. وكانت احتياطات الصرف من قبل سيما منذ 2006 ترتفع أحيانا بحوالي 20 مليار دولار سنويا منتقلة من 8ر77 مليار دولار في ديسمبر 2006 إلى 2ر110 مليار دولار في نهاية 2007 إلى 1ر143 مليار في نهاية 2008 إلى 2ر147 مليار في نهاية2009 وإلى 2ر162 مليار في نهاية 2010 إلى 2ر182 مليار في نهاية 2011 إلى 6ر190 مليار في نهاية 2012 وإلى 194 مليار في نهاية 2013، إلا أن الارتفاع الكبير للواردات و انهيار أسعار النفط قد ساهما بشكل كبير في تراجع المداخيل التي تغذي احتياطات البلاد من الصرف. وإلى جانب تراجع الاحتياطي الرسمي للصرف أثرت الصدمة الخارجية على المالية العمومية المرهونة بالجباية النفطية بارتفاع عجز الميزانية وتآكل موارد صندوق ضبط الإيرادات حسب التقرير حول الظرف الاقتصادي والمالي للجزائر الذي عرضه لكصاسي شهر يناير الفارط. وبالتالي قدرت مداخيل الجباية النفطية ب 1.834,14 مليار دينار جزائري في نهاية شهر سبتمبر 2015 مقابل 2.603,4 مليار دج خلال نفس الفترة من سنة 2014، كما سجلت الخزينة عجزا ب 1.653,6 مليار دج خلال الأشهر التسعة من سنة 2015 مقابل عجز ب 789,6 مليار دج خلال نفس الفترة من سنة 2014 حسب أرقام البنك المركزي الجزائري و إذا استمرت الأمور على هذا النحو واستقرار أسعار النفط ، فان الجزائر معرضة للتحول الى دولة فاشلة اقتصاديا بما يعنيه دلك من افات اجتماعية واقتصادية تهدد استقرارها الهش أصلا.