خلفت قضية تفكير مجلس جماعة مراكش في تفويت قطعة أرضية توجد بقلب ساحة جامع الفنا، استنكارا كبيرا لدى الجماهير المراكشية والمغربية بصفة عامة، إذ ما إن تم نشر مقال على إحدى صفحات جريدة الاتحاد الاشتراكي في عددها 11.242 ليوم 16 فبراير 2016 تحت عنوان: «قضية تفويت جزء من ساحة جامع الفنا تنذر بإسقاطها كمعلمة من قائمة التراث العالمي الإنساني»، حتى بادرت إذاعة (إم .إف.إم) بمراكش باستضافة المستشار الاتحادي بمقاطعة مراكشالمدينة خالد زريكم، والأستاذ امحمد الضويوي قيدوم المستشارين الاتحاديين بمجالس جماعة مراكش، والأستاذ يونس بنسليمان رئيس مقاطعة مراكشالمدينة النائب الأول للمجلس الجماعي بمراكش ، وذلك بغية تنوير الرأي العام في شأن هذا الموضوع، حيث حاول مصطفى غلمان منشط برنامج «صوت المواطن» أن يلامس مع ضيوفه جميع جوانب ملف قضية بتر قطعة أرضية من ساحة جامع الفنا وتفويتها إلى ناد ميد كلوب التابع إلى الشركة العقارية البحر الأبيض المتوسط، وقد كشف هذا اللقاء عن كثير من الحقائق في حلقة البرنامج مساء يوم الخميس 18 فبراير 2016، عقب فتح ملف هذه القضية من طرف المستشار الاتحادي خالد زريكم، الذي سبق له أن راسل في ذات الموضوع رئيس مقاطعة مراكشالمدينة يوم 15 دجنبر 2015 ، بعدما اختمرت لديه فكرة العمل على تحصين ما بقي من أطراف ساحة جامع الفنا ،هذا الرمز المراكشي المغربي العالمي ، وقد تسببت هذه المحاولة الاتحادية في الكشف عن أن بلدية مراكشالمدينة قد قررت تفويت خمس قطع أرضية سنة 1968 لفائدة الشركة العقارية البحر الأبيض المتوسط ، حيث تمكنت من تفويت القطعة الأولى مساحتها 1920 مترا مربعا رقم صكها العقاري 320م، والثانية مساحتها 1250 مترا مربعا تحمل اسم النخيل ورقم صكها العقاري 1212، والثالثة مساحتها 910 أمتار مربعة اسمها بنك الجزائر ورقم صكها العقاري 157م، والقطعة الرابعة مساحتها 620 مترا مربعا تحمل اسم الكتبيين «اثنان» رقم صكها العقاري 9847م، وعقب ذلك صدر مرسوم ملكي بتاريخ 23 يونيو 1969، حيث تم نشره بالجريدة الرسمية عدد 2957 بتاريخ 02 يوليوز 1969 يؤكد الموافقة على هذا التفويت لصالح الشركة العقارية البحر الأبيض المتوسط ، وقد أصبحت هذه القطع الأربع في ملكيتها بشكل رسمي، أما القطعة الأرضية الخامسة ومساحتها 3110 أمتار مربعة بساحة جامع الفنا صكها العقاري رقم 17207، فلم تتمكن أنذاك هذه الشركة من ضمها إلى ملكياتها بسبب نزاع في ملكيتها، حيث قامت بلدية مراكشالمدينة بكرائها بصفة مؤقتة إلى شركة البحر الأبيض المتوسط إلى حين تسوية وضعيتها العقارية، وقد حدد عقد الكراء في مدة ثلاث سنوات تتجدد ضمنيا مع التزام بلدية مراكش ببيع هذه القطعة الأرضية إلى هذه الشركة بإبداء رغبتها في هذا الاقتناء بعد مضي الفترة الأولى من الكراء، الشيء الذي قامت به شركة كلوب ميد سنة 1971، حيث وجهت رسالة إلى بلدية مراكش طالبة منها العمل على إتمام إجراءات البيع ، بعد نهاية الفترة المحددة بين الشركة والبلدية طبقا للفصل الثالث من العقدة المبرمة بينهما على أساس أن ثمن المتر المربع الواحد 300 درهم، لكن هذا الطلب لم يلق الاستجابة من طرف المجلس البلدي ، وعند تولية مجلس آخر بعده سنة 1977 قام بتقديم توصية في دورة فبراير مفادها بأن الوعاء العقاري لبلدية مراكش يجب أن يخصص للمصالح العمومية، وبما أن عقد الكراء المبرم بينها وبين شركة البحر الأبيض المتوسط في ما يتعلق بالقطعة الأرضية ذات الصك العقاري رقم 17207 لا تستجيب لهذا الغرض فيجب فسخه وإلغاؤه، وهكذا اتخذ المجلس البلدي بمراكش في دورته العادية لشهر غشت سنة 1977 مقررا يفيد بالقيام بالإجراءات القانونية من أجل إفراغ هذه القطعة الأرضية قضائيا اعتبارا لإلغاء العقد، ليفاجأ بمراسلة من عامل إقليممراكش سنة 1978 يطلب فيها من رئيس المجلس عقد دورة استثنائية ، وذلك قصد البت في رسالة الشركة العقارية التي تتمسك بالمطالبة بتفويت هذه القطعة الأرضية لصالحها ، مع العلم أنها مازالت محط نزاع مع عدد من الورثة المدعين ملكيتها ، مما جعل المجلس يرفض القيام بأي إجراء من أجل تفويتها إلى شركة ناد ميد كلوب ، حيث بادرت هذه الأخيرة سنة 1983 برفع دعوى قضائية ضد المجلس البلدي لدى المحكمة الابتدائية بمراكش ، صدر على إثرها حكم ابتدائي بتاريخ 20 أبريل 1983 يقضي بأن المدعية اشترت هذا العقار بصفة قانونية بتاريخ 22 دجنبر 1971، وتصرح المحكمة بأن هذا الحكم بمثابة عقد شراء يخول للمدعية حق تسجيل حقوقها العقارية بالصك العقاري مقابل إيداع ثمن البيع ومجموعه 933 ألف درهم بثمن 300 درهم للمتر المربع ، كما قضت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى بتاريخ 17 أكتوبر 1985 بإلغاء مقرر المجلس البلدي الذي بموجبه يرفض تفويت هذه البقعة الأرضية، حيث تم تبليغ المصالح البلدية بهذين الحكمين بتاريخ 25 ماي 2000، كما صدر قرار المجلس الأعلى أيضا يوم 19 ماي 2004 يدعو المجلس البلدي بإتمام إجراءات بيع هذا العقار إلى الشركة العقارية البحر الأبيض المتوسط. وهذه الوضعية، خاصة بعد مراسلة المستشار الاتحادي خالد زريكم عضو مجلس مقاطعة المدينة، دفعت بأعضاء مجلس جماعة مراكش الحالي إلى القيام باستشارة قانونية لدى عدد من المحامين، حيث أجمع أغلبهم على سلك مسطرة خاصة من أجل تقديم ملتمس إعادة النظر في ملف قضية تفويت هذا الجزء من ساحة جامع الفنا، وذلك بحجة ظهور وقائع ومعطيات جديدة بالنسبة لهذا الملف من أهمها أن ملك هذا العقار ليس بملك خاص، و لايزال مسجلا على أساس أنه ملك عام، والملك العام غير قابل للتفويت، وهذا التزام جاء على لسان رئيس مقاطعة مراكشالمدينة النائب الأول للمجلس الجماعي بمراكش والذي اتخذه هذا المجلس الجماعي على عاتقه قصد تحرير واسترداد هذه البقعة الأرضية إلى ساحة جامع الفنا.