أثار ملف قضية تفويت جزء من ساحة جامع الفنا، الذي تبلغ مساحته 3.110 أمتار مربعة، إلى الشركة العقارية للبحر المتوسط، لإقامة فندق سياحي على هذه القطعة الأرضية، نقاشا حادا بين أعضاء لجنة المؤسسات الانتخابية المنبثقة عن آخر مجلس إقليمي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية؛ وذلك خلال اجتماعها الشهري العادي، مساء يوم الجمعة 12 فبراير 2016، بمقر الحزب بمراكش. وبالمناسبة فقد ذكّر خالد زريكم المستشار الاتحادي، عضو مجلس مقاطعة مراكش-المدينة، باقي أعضاء هذه اللجنة الاتحادية بفحوى الرسالة التي وجهها، في الموضوع بتاريخ 15 دجنبر 2015، إلى رئيس مقاطعة مراكش-المدينة، حيث كان من أهم ما جاء في ديباجتها ما يلي: «لقد سبق لجماعة مراكش أن اكترت لنادي البحر الأبيض المتوسط فضاء في قلب ساحة جامع الفنا الشهيرة عالميا التي كانت أول من حاز لقب ‹› تراث إنساني لا مادي››. ويعلم المراكشيون جميعا أن الفترة التي أكترت فيها الجماعة للنادي هذا الفضاء الذي أقام عليه فندقا متعدد الأنشطة المثيرة للجدل منذ عشرات السنين، قد انتهت منذ عدة سنوات، وأن هذا المكان قد أصبح مهجورا، وبعد أيام ستحتفل مراكش بالذكرى 30 على إعلان مراكش تراثا عالميا، وسيترأس فعاليات هذا الحدث رئيس الحكومة مع مجموعة من الوزراء ومدبري الشأن المحلي والمجتمع المدني والشركاء الاقتصاديين، مع العلم أن هذه الساحة تعاني من الإهمال والتقصير في الصيانة، الشيء الذي يهددها بخطورة إسقاطها، كمعلمة من قائمة التراث العالمي الإنساني، ومن بين الأشياء التي تسيء إليها هو عدم استرجاعها للفضاء الذي أقام عليه نادي البحر الأبيض المتوسط فندقه، حيث أصبح مكانا مهجورا يبين عدم الاهتمام بهده الساحة». وأوضح خالد زريكم أيضا، في معرض حديثه، أن المجلس البلدي بمراكش قد اكترى هذه البقعة الأرضية لهذه الشركة العقارية المذكورة سنة 1971 لمدة ثلاث سنوات، لكن أطماع هذه الأخيرة دفعت بها إلى أن تعمل جاهدة من أجل الحصول على ملكية هذا المكان الاستراتيجي بعد أن تقوم بلدية المدينة بتفويته إلى شركة ميد كلوب، حين يتم بتره من ساحة جامع الفنا، هذه الساحة التي يقول عنها أحد الكتاب الإسبان الذين داعت شهرتهم عالميا وهو مقيم لسنين في مراكش وأحد المغرمين بالساحة، وقد كان له فضل اعتراف اليونسكو بها تراثا شفهيا إنسانيا: «إنه يمكن إزالة ساحة جامع الفنا بقرار إداري ولكن يشق إحداثها أو شبيه لها بقرار إداري، وأن ساحة جامع الفنا ليست موئلا للذاكرة الشعبية فحسب وفضاء للتراث الشفهي، وليست هي فقط متحفا لامرئ يعشق القديم، بل إنها أيضا أفق المستقبل، مستقبل مراكش الذي يتطلع إليه سكان المدينة بكل الآمال والأماني، إن المدينة بغير الساحة لا أهمية لها، وأن الفرنسيين شيدوا برج إيفل، وهو اليوم يعتبر رمز العاصمة الفرنسية باريس وفرنسا ككل، أما ساحة جامع الفنا فتأسست عبر التاريخ تلقائيا من طرف المجتمع المغربي ليس بقرار إداري أو بإرادة سياسية، وهي اليوم رمز مراكش، بل رمز المغرب يجب احترامها وحمايتها.. وهذه مسؤولية الإنسانية ومسؤولية العالم ككل، وتعتبر اليونسكو ساحة جامع الفنا تراثا شفهيا إنسانيا منذ عام 2002 عندما ترأس المدير العام السيد كوتشيرو ماتسورا الاحتفال الرسمي للإعلان، في 18 مارس من نفس السنة بذات المناسبة، أن اختيارها تم اعتبارا لحضورها الثقافي والحضاري عبر امتداد عميق في التاريخ، جسد قيم التسامح والتعايش بين الثقافات والأديان، ولجهود كياناتها في استمرار إشعاعها بحلقات الرواية والحكاية ومختلف الفنون». وبناء على ذلك، خلصت لجنة المؤسسات المنتخبة الاتحادية بمراكش، في اختتام اجتماعها، إلى دعوة كل المسؤولين سواء على مستوى الحكومة بمختلف إداراتها المركزية أو الجهوية أو المحلية أو السلطات المنتخبة، قصد العمل على حماية والمحافظة على جل معالم ساحة جامع الفنا، هذا الرمز الوطني من أن تمتد إليها الأيادي لطمس معالمها طمعا في خيرات هذه الثروة التراثية الإنسانية المغربية.