الرهان على الدارما التلفزيونية المدبلجة من قبل القناة الثانية يبدو أنه رهان ناجح في أيامنا هاته، وهي حقيقة لا مراء فيها، بدليل الأرقام التي تسجلها القناة على مستوى المشاهدة اليومية التي تقدر بالملايين.. لا تصلها حتى " أعتى" الإنتاجات الدارمية الوطنية بقناة " الأولى" من قبيل المسلسل الجيد " شوك السدرة" للمخرج شفيق السحيمي و السلسلة المشوقة "ساعة في الجحيم".. فالسلسلات التركية و اللاتينية و الهندية التي تبث بعضها "دوزيم" في أوقات الذروة وأخرى.. في زمن معتبر، وتعيد بثها مرات ومرات يوميا في أوقات مدروسة.. يبدو أنه "اختيار مقصود" من قبل المشرفين على البرمجة والبث بقناة عين السبع لأجل استقطاب نوعية من المشاهدين لا تستثني أحدا من الشرائح السنية و الاجتماعية.. وذلك على ضوء ما تكشف عنه تقارير " ماروك ميتري" باستمرار، شرائح يبدو أنها لها قابلية كبرى لمتابعة أحداث تلعب على أوتار العاطفة و المشاعر.. وقصص الحب و الخيانة والإحباط و الانكسار وهلم جرا.. من قبيل ذلك، الذي غلفته جميعه بدبلجة مغربية كان لها الوقع الكبير و الحاسم في الإثارة التشويق و الاستقطاب الجماهيري في ظل ما توفر لديها من إمكانيات تقنية عالية على مستوى التصوير والإخراج و التوضيب والأداء .. ومن ثمة كان الهدف جلب المزيد من الإعلانات التجارية في هذه الفترات، وهذا هو بيت القصيد في هذه العملية.. لكن، هذا المعطى التلفزيوني بالنسبة للقناة الثانية إذا كان ناجحا، وهو بالفعل كذلك، في تحقيق المردود المادي منه، فهل نجح، في تقديم خدمة عمومية حقيقية من طرف قناة تنتسب للقطب العمومي الذي هو ملك للدولة.. الأكيد أن الرد سيكون بالسلب على مستويات كثيرة ، يدءا ب" فيض" هذه السلسلات الأجنبية التي تبثها القناة بوتيرة تكاد تكون يوميا ( " سامحيني"، " حياتي"،" ثمن الحب"..)، وهو فيض لا يخدم بأي حال من الأحوال تطور الدراما التلفزيونية الوطنية سواء على مستوى الكم أو الكيف، لان واقع الحال يكشف، بكل تأكيد، أن الدراما الأولى بقناة عين السبع تنمو على حساب الثانية، ويكشف أيضا أن هناك انحرافا كبيراعلى مستوى الالتزام بدفاتر التحملات في ما يخص إنتاج وبث الدراما الوطنية ( الفيلم التلفزيوني على سبيل المثال الذي لن نعد نتابعه احداثه إلا في " المواسم" الرمضانية")، ومرورا ببعض القيم، أحيانا السلبية، التي تحملها هذه المسلسلات، التي يكون وقعها كبيرا على نوعية هشة من المشاهدين القابلة لهضم كل ما يعرض عليها، خصوصا إذا قدمت مدبلجة باللهجة المغربية ، وهي الصورة المنفذة واقعا..، وأخيرا وليس آخر، انتفاء الجديد الذي يمكن أن تحمله هذه الدراما الأجنبية، التي أستأنست بها القناة أيما استئناس في السنوات الاخيرة على مستوى الفرجة.. فرجة محاورها تكاد تكون ثابتة وصور وأدوات تنفيذها.. متعددة..