شغلت قضية التعليم اهتمام كل الفاعلين في منظومة التربية والتكوين، وباتت تؤرق المتتبعين للشأن التربوي ببلادنا لما تطرحه من إشكالات كبيرة على مستويات عدة من ضمنها المكانة المتأخرة التي يتبوؤها المغرب على الصعيد العالمي، مما فتح الباب على مصراعيه لتشخيص أزمة التعليم والبحث عن الأسباب واستشراف آفاق الإصلاح. كيف يمكن الحديث عن مبدأ تكافؤ الفرص بين طفل في مؤسسة عمومية فقيرة، وبين آخر يدرس في مدرسة خاصة توفر أحدث الوسائل؟ أين نحن من المساواة بين الجنسين، وطفلاتنا يحرمن من متابعة دراستهن مباشرة بعد الابتدائي في العديد من القرى؟ قد يقول البعض إن الخطاب الرسمي يعترف بهكذا اختلالات، وفي تقارير مسؤولة، ولكن دعونا نتساءل لماذا كل التدابير الإصلاحية لا تسير وفق التشخيصات الوطنية والدولية...، فبالرغم من كل الجهود التي تمت وتتم طبقا للخطة الاستراتيجية 2015 / 2030، إلا أننا نعيد سيناريو مراكمة الفشل، فالقاسم المشترك في رأي بين كل الإصلاحات/مشاريع الإصلاح هو اهتمامها النسبي بالجانب المادي في إطار ما يسمى بمحاربة الهشاشة، لكنها ولحد الساعة لم تضع نصب أعينها مشروع الإنسان المنشود، ومشروع المجتمع المأمول، أي سياسة تستحضر البناءات والطاولات والترقيات، خارج مشروع نسقي عمقه الإنسان، وأهدافه ولوج عالم المعرفة لن يكون مصيره سوى تكريس ديمقراطية الواجهة، لقد أكدت التقارير الدولية ضعف مستوى القراءة عند تلامذتنا وبشكل مخجل، ولهذا المستوى ارتباط وثيق بالبعدين البيداغوجي والديداكتيكي، وهو ما يستوجب على الأقل في دولة تحترم شعبها القيام بشيئين: أولهما تحسين البرامج والمناهج، وثانيهما تأهيل الأطر التربوية في إطار التكوين المستمر. لا يمكن بناء الديمقراطية في مجتمع غير قارئ، وغير عارف، والتعليم الجيد هو السبيل الوحيد لتأهيل المجتمع لينخرط في العصر ويساهم في تحقيق الديموقراطية والكرامة لهذا في أبعادها الإنسانية والوطنية، وأتساءل كيف لدولة ديموقراطية أن تصادق على هذه الرزنامة من الاتفاقيات ولا تسائل مسؤوليها على الإخفاقات وفشل شمل أجيالا من الشعب. وها نحن الآن أمام استراتيجية جديدة، وإن كنا نتمنى لها النجاح إلا أنه يجب الإقرار بأن أي فشل مرة أخرى فسيكون إقرارا بإصابة مجتمعنا بداء الفشل المزمن، وسنحكم على مدرستنا بقرون من تفريخ الأمية والقيم السلبية، فقد آن الأوان على الأقل أن يفهم المسؤولون أن عليهم ألا يرضوا بتدبيرمؤسسات فاشلة وشعب غير عارف... إن مسؤولية التعليم، مسؤولية الدولة والمجتمع، والإصلاح يقتضي دمقرطة الدولة والمجتمع، وفشله هو فشل لمنظومة الدولة ولمخططاتها، وتشخيص هذا الفشل يبدأ بالمسؤولين عن هذه وضع الخطط والاستراتيجيات ومحاكمتهم، فالجرائم التي ترتكب في حق الشعوب والأجيال ليعيشوا عصورا من الجهل والأمية لهي أفظع الجرائم. أستاذة بنيابة شيشاوة