يبدو أن النهاية المريبة لعهد السويسري جوزيف بلاتر في رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لم تكتمل فصولها السوداء بعد، فإبعاد الفرنسي جيروم فالك عن منصب الأمين العام، على خلفية اتهامات جديدة يعزل أكثر فأكثر الرئيس المستقيل، الذي يبدو على العكس أنه يريد إعطاء ضمانات إلى العدالة. وكانت الصاعقة مدوية في وقت متأخر من ليلة الخميس ?الجمعة، عندما أعلن الفيفا إعفاء الرجل الثاني في المنظمة العالمية جيروم فالك من مهامه لاتهامه من قبل الصحافة بالتورط في بيع كميات كبيرة من بطاقات الدخول إلى الملاعب في السوق السوداء، خلال مونديال 2014 في البرازيل. وكان إعفاء الفرنسي سريعا ومفاجئا أكثر من المتوقع، خصوصا أنه يعتمد فقط على اتهامات في الصحافة وليس على أساس تحقيق رسمي، ورأى أحد أركان الفيفا في تحليل لوكالة فرانس "إنها إشارة قوية موجهة إلى القضاء الأميركي ولوريتا لينتش"، وزيرة العدل الأميركية التي تحقق في ممارسات الفيفا. واتهمت الصحافة الأميركية فالك (54 عاما) في يونيو بالتورط في تحويل 10 ملايين دولار إلى الترينيدادي جاك وارنر، الرئيس السابق لاتحاد الكونكاكاف (أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي) ونائب رئيس الفيفا سابقا، الملطخ بدوره بفضائح فساد كبرى والملاحق من القضاء الأميركي، من خلال اتحاد جنوب إفريقيا للعبة، تحت ستار "مساعدة الشتات الافريقي في الكاريبي"، لكنه نفى ذلك بشدة ورمى بالمسؤولية الكاملة على الاتحاد الدولي. وهو اليوم هدف ادعاءات خطيرة انطلقت شرارتها من تأكيدات بني عالون، اللاعب الاسرائيلي السابق في السبعينات والمستشار الحالي في شركة "جيه بي" للتسويق الرياضي المتخصصة في عقد صفقات كاملة للأحداث الرياضية. ويؤكد عالون أن شركته باعت بعض بطاقات الدخول إلى الأماكن المفضلة بثلاثة أضعاف سعرها الحقيقي بموافقة فالك خلال مونديال البرازيل. وبعيدا عن التعقيدات الظاهرة لهذه القضية، تبدو الطريقة، التي اعتمدها عالون لكشف تورط فالك غير طبيعية: فهو دعا ليل الخميس ? الجمعة 20 صحافيا إلى مطعم فاخر في زيوريخ، وقدم لهم ناقل معلومات (يو آس بي) يحتوي على رسائل الكترونية مدعيا أن فالك أرسلها، حسب ما ذكر أحد المشاركين لوكالة فرانس برس. وتظهر بعض الرسائل حسب اتهامات عالون أن فالك كان على علم مسبق بمنح استضافة مونديال 2022 إلى قطر، لكن الفرنسي نفى في بيان شديد اللهجة، أصدره محاميه الأميركي باري بيرك في نيويورك تلك المزاعم، قائلا "ينفي جيروم فالك بشكل قاطع الاتهامات الملفقة والشائنة من بني عالون لمخالفات مزعومة متعلقة ببيع تذاكر كأس العالم". وأضاف "لم يتلق (فالك) أو يوافق على قبول أموال أو أي شيء آخر ذات قيمة من عالون وكل التعاملات تمت الموافقة عليها من قبل الدائرة القانونية في الفيفا". وحسب مصدر مقرب من الفيفا، استقل فالك بعد ظهر الخميس طائرة خاصة في طريقه جوا إلى موسكو لحضور حدث "العد العكسي" قبل 1000 يوم من انطلاق كأس العالم 2018 في روسيا، لكن الطائرة استدارت في منتصف مسارها وعادت أدراجها إلى زيوريخ، إثر تبليغه نبأ الاعفاء-الإقالة من قبل محامي الفيفا. وعجل عالون من خلال اتهاماته برحيل الفرنسي ،الذي كان سيترك منصبه مع انتخاب رئيس جديد خلفا لبلاتر في 26 فبراير 2016. وتقول مصادر متطابقة أن فالك، الذي تأثر كثيرا بتوقيف مسؤولين رفيعي المستوى في الفيفا في مايو الماضي، يبدو تعبا من الواقع الحالي وينتظر الاستحقاق المقبل في فبراير بفارغ الصبر. وعلق الأمين العام للاتحاد الاوروبي للعبة، الإيطالي جاني إينفانتينو، بعد إقالة فالك "هذا أمر محزن. هذه الأنباء تضر جدا بصورة كرة القدم". وتعقد اللجنة التنفيذية للاتحاد الاوروبي اجتماعا في مالطا، ويبدو رئيسه الفرنسي ميشال بلاتيني الأوفر حظا لخلافة بلاتر في رئاسة الفيفا. وفي مواجهة هذا الموجة العارمة من الفضائح، وجد بلاتر (79 عاما) نفسه مرغما على إعلان استقالته في 2 يونيو، بعد 4 أيام من انتخابه رئيسا لولاية خامسة على التوالي، بفوزه على الأمير الأردني الشاب علي بن الحسين، "بسبب الضغوط الخارجية" على حد قوله. وتعيش المنظمة الدولية فضائح كبرى منذ مايو، إثر اعتقال 7 من كبار مسؤوليها واتهام 14 شخصا من قبل القضاء الأميركي بتلقى رشاوى، تزيد على 150 مليون دولار منذ عام 1991 في قضايا فساد، تشمل التسويق وحقوق النقل التلفزيوني. ويحقق القضاء السويسري من جهته في ظروف منح استضافة كأس العالم 2018 إلى روسيا و2022 إلى قطر، فيما أوقف الفيفا عملية اختيار الدولة المنظمة لمونديال 2026. وقال المدعي العام السويسري ميكايل لاوبن يوم الخميس في مؤتمر صحافي مشترك مع الوزيرة الأميركية لوريتا لينتش "نعتقد بأننا نستطيع اتهام أشخاص آخرين ومنظمات أخرى".