خبران وضعتهما في الأسبوع الماضي على حائطها الفايسبوكي وشكلا مصدرا تداولته مواقع وجرائد. حورية اسلامي المناضلة الحقوقية عضو الفريق الأممي المعني بحالات الإختفاء القسري كتبت في الفضاء الأزرق يوم الخميس::»سيحتضن المغرب أشغال الدورة 108 للفريق الأممي المعني بالاختفاء القسري واللاارادي في فبراير 2016. لم يحدد الأسبوع بعد. على الجمعيات المعنية وعائلات الضحايا من المنطقة المغاربية والشرق الأوسط وأفريقيا والمناطق القريبة الاستعداد لهذه الدورة. شكرا للمغرب على الدعوة». والخبر الثاني إعلانها بأنها انتخبت وبالإجماع يوم الجمعة رئيسة لهذا الفريق خلال دورته ال107 المنعقدة بجنيف . وهي أول مرة تترأس فيها امرأة هذا الفريق الاممي الذي عمره 35 سنة . "أشكر زملائي الخبراء الممثلين للقارات الأربعة من الأرجنتين والبوسنة وكندا وكوريا الجنوبية على ثقتهم بي. اهدي هذا التعيين إلى كل النساء عبر العالم اللواتي عانين ويعانين من تبعات الاختفاء القسري ويناضلن من أجل الكشف عن مصير أزواجهن واخوانهن وابناءهن «.(تغريدة حورية) حورية وهي من عائلة إكتوت بنار الإختفاء القسري بعد أن اختطف أخوها محمد. سنة 1992 ولم يظهر له اثر إلى اليوم تم انتخابها عضوا بالفريق الأممي في مارس 2014 . ومنذ ذلك التاريخ وهي تزور مناطق في العالم للوقوف على حالات سجلت في عداد المفقودين وتطالب عائلات ومنظمات بالكشف عن مصائرها . إعلان إحتضان المغرب للدورة المقبلة جاء في سياق افتتاح الدورة يوم 14 شتنبر الجاري حيث ناقش وعلى امتداد خمسة ايام ثلاث نقط رئيسية تتعلق الاولى ب» 450 حالة إختفاء من 35 دولة في العالم». و الثانية دراسة تم إعدادها حول الإختفاء القسري والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وأخيرا ،الاطلاع على نتائج زيارة الفريق للمكسيك وتيمور الشرقية. مسار الإختفاء القسري بأجندة الاممالمتحدة أنطلق اساسا في سبعينيات القرن الماضي . العقد الذي شهد استفحالا للظاهرة في ظل أنظمة قمعية ديكتاتورية بدول عديدة . ففي 20 دجنبر 1978 أصدرت الجمعية العمومية في دورتها ال 33 قرارا طالبت فيه لجنة حقوق الإنسان بأن تنظر في مسالة الاشخاص المختفين بغية تقديم توصيات مناسبة. وبالفعل تم إنشاء فريق أممي في 29 فيراير 1980 يتكون من خمسة خبراء . وحسب وثائق الاممالمتحدة تتمثل إحدى مهام هذا الفريق الأساسية في مساعدة الأسر على معرفة مصير أو أماكن وجود أفرادها الذين يُبَلَغ عن اختفائهم. ويقوم الفريق العامل في سياق هذه الولاية الإنسانية بدور قناة اتصال بين أفراد أسر ضحايا الاختفاء القسري والمصادر الأخرى التي تبلغ عن حالات الاختفاء، من جهة، والحكومات المعنية، من جهة أخرى. ولهذا الغرض، يتلقى الفريق العامل البلاغات المقدمة عن حالات الاختفاء من أقارب الأشخاص المختفين أو من منظمات حقوق الإنسان العاملة بالنيابة عنهم ويدرس هذه البلاغات ويحيلها إلى الحكومات. ويطلب الفريق العامل من الحكومات إجراء التحقيقات وإعلام الفريق العامل بالنتائج. ويتابع الفريق العامل طلبات المعلومات هذه على أساس دوري. وتظل هذه الحالات مفتوحة في قاعدة بيانات الفريق العامل إلى أن يتم تحديد مصير الشخص المعني أو مكان وجوده. وفي 18 دجنبر 1992 إعتمدت الجمعية العمومية «إعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري» أعربت فيه عن قلقها « لما يجري في بلدان عديدة وعلي نحو مستمر في كثير من الأحيان، من حالات اختفاء قسري، يأخذ صورة القبض علي الأشخاص واحتجازهم أو اختطافهم رغما عنهم أو حرمانهم من حريتهم علي أي نحو آخر، علي أيدي موظفين من مختلف فروع الحكومة أو مستوياتها أو علي أيدي مجموعات منظمة أو أفراد عاديين يعملون باسم الحكومة أو بدعم منها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو برضاها أو بقبولها، ثم رفض الكشف عن مصير الأشخاص المعنيين أو عن أماكن وجودهم أو رفض الاعتراف بحرمانهم من حريتهم، مما يجرد هؤلاء الأشخاص من حماية القانون». وجاء هذا الإعلان من 21 مادة اعتبرت أولاها « كل عمل من أعمال الاختفاء القسري جريمة ضد الكرامة الإنسانية ويدان بوصفه إنكارا لمقاصد ميثاق الأممالمتحدة وانتهاكا خطيرا وصارخا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأعادت تأكيدها وطورتها الصكوك الدولية الصادرة في هذا الشأن». وتضمنت مادة ال 19 أنه «يجب تعويض الأشخاص الذين وقعوا ضحية اختفاء قسري، وأسرهم، ويكون لهم الحق في الحصول علي التعويض المناسب، بما في ذلك الوسائل الكفيلة بإعادة تأهيلهم علي أكمل وجه ممكن. وفي حالة وفاة شخص نتيجة لاختفاء قسري، يحق لأسرته الحصول علي التعويض أيضا». وفي سنة 2001 طلبت لجنة حقوق الإنسان إلى خبير مستقل وهو السيد مانفريد نواك دراسة الإطار الدولي القائم في المجال الجنائي ومجال حقوق الإنسان من أجل حماية الأشخاص من الإختفاء القسري أو غير الطوعي . وفي أعقاب هذا التقرير قررت لجنة حقوق الإنسان سنة 2003 صياغة معاهدة دولية . كان إعدادها شاقا نظرا لمواقف الدول والمنظمات الحكومية وجمعيات أسر المفقودين والخبراء . ولم يتم التوافق على نص إلا في سنة 2006 حيث اعتمدته الجمعية العمومية في دورتها ال61. 45 مادة شكلت هاته الإتفاقية التي عرفت الإختفاء القسري بأنه « " الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون." وعرفت "الضحية" بأنه «الشخص المختفي وكل شخص طبيعي لحق به ضرر مباشر من جراء هذا الاختفاء القسري» . وأن تضمن كل دولة طرف، في نظامها القانوني، لضحايا الاختفاء القسري الحق في جبر الضرر والحصول على تعويض بشكل سريع ومنصف وملائم. و يشمل الحق في الجبر الأضرار المادية والمعنوية، وعند الاقتضاء، طرائق أخرى للجبر من قبيل: رد الحقوق؛إعادة التأهيل؛الترضية، بما في ذلك رد الاعتبار لكرامة الشخص وسمعته؛ ضمانات بعدم التكرار. وأنشأت الإتفاقية لجنة معنية بحالات الاختفاء القسري تتكون من عشرة خبراء مشهود لهم بالنزاهة والكفاءة المعترف بها في مجال حقوق الإنسان، يكونون مستقلين ويعملون بصفتهم الشخصية وبحيادية كاملة. وتنتخب الدول الأطراف أعضاء اللجنة وفقا للتوزيع الجغرافي العادل. وتوضع في الاعتبار الأهمية التي يشكلها اشتراك ذوي الخبرة القانونية ذات الصلة في أعمال اللجنة، والتوزيع المتوازن للرجال والنساء داخل اللجنة. اليوم هناك 94 دولة وقعت على هذه الاتفاقية من بينها 44 دولة صادقت عليها ضمنها المغرب في 28 يونيه 2012. وعلى مر ثلاثة عقود ونصف من إنشائه أحال الفريق الاممي إلى 30 غشت الماضي ما مجموعه 54ألف و 500 حالة على أكثر من 100 دولة لازال منها 43ألف و500 مجهولة المصير في 88 دولة . لنستعرض بعضا من الإحصائيات التي وردت في التقرير الذي قدمه الفريق إلى مجلس الأمن: في الأرجنتين 3271 حالة وفي السالفادور 2227 وغواتيمالا 2899 والبيرو 2370 وفي الشيلي 796 حالة . وليست أمريكا اللاتينية هي التي تتواجد بها حالات واسعة . فالعالم العربي يعرف نفس الظاهرة ونورد رقمان يتعلق الاول بالعراق الذي يوجد فيه 16 ألف 408 لاحالة والجزائر 3آلاف 47 . أما بالمغرب حسب التقرير فهناك 60 حالة .وقد ذكر وزير العدل والحريات في سياق مصادقة المغرب على الإتفاقية في 28 يونيه 2012، أن السلطات المغربية «أقامت تعاونا جديا ومتواصلا مع فريق العمل الأممي حول الاختفاء القسري». مشيرا إلى انه بفضل هذا التعاون» تم استجلاء حقيقة أكثر من 220 حالة اختفاء قسري من أصل 279 حالة منذ سنة 1994 إلى غاية نهاية 2011. "وقد ضمن الفريق في تقريره للدورة السابقة فقرة تتعلق بالمغرب جاء فيها :" يشدد الفريق العامل من جديد على ملاحظاته الواردة في التقرير السنوي السابق (A/HRC/27/49، الفقرة 86) بشأن أهمية ضمان حق أسر الضحايا في معرفة الحقيقة، بما في ذلك إجراء تحقيقات كاملة ومستقلة في الادعاءات المتعلقة بحالات الاختفاء القسري. وفي هذا الصدد يوصي الفريق العامل بأن تراعي الحكومة على النحو المناسب جميع المعلومات المتاحة عن حالات الاختفاء القسري، بما في ذلك المعلومات الواردة من خبراء الطب الشرعي. ويذكّر الفريق العامل أيضاً بالفقرة 4 من المادة 13 من الإعلان التي تنص على أنه يُسمح لجميع الأشخاص المعنيين بناءً على طلبهم بالاطلاع على نتائج التحقيق في حالات الاختفاء القسري، ما لم يكن في ذلك إضرار بسير التحقيق الجنائي الجاري". وكان الفريق قد عقد دورته ال 88 ببلادنا في يونيه 2009. وهي أول دورة تعقد ببلد عربي وإسلامي وإفريقي .وأتيحت له الفرصة للإطلاع على تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة وزيارة العديد من المعتقلات السابقة من بينها درب مولاي الشريف بالدار البيضاء, وأكدز, وقلعة مكونة, للوقوف على التطور الحاصل في تنفيذ برنامج جبر الضرر الجماعي خاصة الجوانب المتصلة بحفظ الذاكرة. دورة الفريق التي ستعقد بالمغرب في فبراير المقبل ستصادف : مرور نصف قرن على إختطاف وإغتيال الشهيد المهدي بنبركة.وأربعة عقود على إختطاف الحسين المانوزي ونأمل أن تكون الذكرى مناسبة للكشف عن الحقيقة في كل ملفات الإختطافات ببلادنا . كما سيصادف الإجتماع المرتقب الذكرى 35 لإنشاء الفريق .و 10 سنوات على إعتماد الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.