مع حلول الموسم الثقافي الجديد، طرح القسم الثقافي على مجموعة من الكتاب المغاربة أسئلة تتعلق بمنجزهم خلال الموسم الفارط ومشاريعهم المستقبلية. مثلما سألهم عن إصرارهم على النشر رغم أزمة القراءة والنشر التي يعاني منها المغرب الثقافي. أسفله أجوبة الشاعر والناقد عبد اللطيف الوراري. (المحرر الثقافي) o ما هي مؤلفاتكم التي أصدرتموها ورقيًّا خلال السنة الماضية، أو التي قيد الطبع، أو هي ضمن مشاريعكم الكتابية؟ n صدر لي كتابان، هما: «في راهن الشعر المغربي. من الجيل إلى الحساسية» (دار التوحيدي-الرباط، 2014)، و»علي جعفر العلاق. حياة في القصيدة» (دار كنعان-دمشق، 2015). يأتي الكتاب الأول في سياق اهتمامي بالشعر المغربي المعاصر وتتبُّع منجزه النصي والجمالي، إذ هو ثمرة إصغاء وتأمُّل ونقاش حول أوضاع هذا الشعر ورؤاه وجمالياته، وآليات تدبُّره للكيان الشعري منذ ما يقرب من عقدين من الزمن, وانحزْتُ فيه منهجيًّا إلى إبدال الحساسيّة، لأنها أكثر إقناعيّة ومردوداً برأيي من مفهوم الجيل، وهو ما أتاح لي استدماج مختلف فرقاء الشّأن الشعري. وأما الكتاب الثاني فهو عبارة عن حوار مطوّل أُجْري مع الشاعر العراقي علي جعفر العلاق بصفته واحدًا من أهم شعراء الحداثة المعاصرين، بل إنّه يجسد في حد ذاته حوار المشرق والمغرب بين جيلين شعريين مختلفين. وقيد الطبع، ديواني الشعري الخامس المعنون ب»من علوِّ هاوية»، الذي يصدر عن منشورات بيت الشعر في المغرب، بدعم من وزارة الثقافة. وهو عملٌ سعيت فيه إلى «شعرنة» الهاوية بكلِّ إيحاءاته الدلالية والرمزية من صميم ما نعيشه اليوم من جهة، وإلى تطوير حاستي الشعرية في علاقتها بالذات واللغة والعالم. وبموازاة مع ذلك، ومن أجل توثيق الذاكرة الشعرية ومعرفة سياقات تشكُّلها وانفتاحها، أنجز مجموعة من الحوارات مع أهم الشعراء المغاربة الذين يصنعون، بمختلف أجيالهم وحساسيّاتهم، لحظتنا الشعرية والثقافية في آن. بعض هذه الحوارات يُنشر مستقلًّا، قبل أن تضمَّها أجمعها دفّتا كتاب. غير أنَّ مشروعي الرئيس الذي أعمل عليه وأنذر له كلِّ ومجهودي، في هذه الأيام، هو بحثي العلاقة بين السيرة الذاتية والشعر من خلال تفكيك آليات الخطاب السيرذاتي في الشعر العربي المعاصر. كما أنني أتطّع إلى كتابة الرواية بعد أن أكون قد فرغْتُ من كتابة سيرتي الذاتية، وأنجزْتُ عبرها قدرًا من التمرينات على الخيال السردي. o لماذا يصر الكتاب المغاربة على النشر رغم أزمة القراءة وانحسارها؟ n أعتقد بأنّه لا خيار أمام الكُتّاب من مواصلة مغامرة الكتابة، حتى في ظل الشروط الحالية المجحفة بحقِّهم. فهو لن يظلُّوا مكتوفي الأيدي حتى تُحلّ أزمة النشر وأزمة القراءة، بل عليهم أن يواصلوا تحريك أطر اللغة والمتخيل وبعث سبل الإبداع حاضرًا ومستقبلًا، وإلا فإنَّ الموات سيحصد أجمل ما نمتلكه من رموز وأحلام وتطلُّعات في هذه الحياة. وإن كانت الأزمة المومأ بنيويّةً تتعدى دور الكُتّاب ونشاطيّة عملهم، إلا أن ذلك لا يُعفيهم عن أن يبتكروا أشكالًا وحوامل جديدة للتلقي والقراءة يستوحونها من وسائط التكنولوجيا الجديدة، تعتمد على قوة التفاعل والجاذبية بدون أن تتنازل، قيد أنملة، عن واجب الكتابة والتزامها في واقعنا المعاصر الأكثر تطلُّبًا إليها اليوم بخلاف ما يبدو ظاهريًّا. o هل النشر الإلكتروني بديل لأزمة القراءة والنشر الورقي في المغرب؟ n لا شيء يمكن أن يُعوِّض شيئًا آخر مختلفًا عنه. إنَّما النشر الإلكتروني يُنظر إليه بوصفه مرحلة جديدة لتدبير شروط القراءة ووضعياتها المتنوعة والمركبة في مجتمعاتنا اليوم. وأنا لست ممّن يدّعون بأنّه بديلٌ عن النشر الورقي، لأنّنا لا نزال نرى المطابع تهدر، بل إن إنتاجها زاد أكثر من ذي قبل، حتى في عزّ نشاط التكنولوجيا وتغوُّلها في الحياة الإنسانية. لنقل إنّهما يكملان بعضهما البعض ولا يتلاغيان. o ما مشاريعكم الأخرى ثقافيًّا غير الكتب؟ n تربية أبنائي، فإنَّ هذا لهو مشروع المشاريع.