إلى أي مدى ستنخرط منظومتنا التعليمية وتتوافق والجهوية الموسعة بعد الاستحقاقات الأخيرة التي أفرزت رؤساء الجهات, و هل وزارة التربية الوطنية و التكوين المهني ستتعامل بمنطوق الحكامة الرشيدة التي تتبناها الجهوية الموسعة. من اجل المزيد من التعمق في هذا المجال كان للجريدة لقاء مع مولاي الحسن الفجراني نائب وزارة التربية الوطنية و التكوين المهني بعمالة مقاطعات الحي الحسني p في البداية ، ما هي الأجواء التي ينطلق فيها الموسم التربوي للسنة الدراسية الحالية... وماذا عن السياق العام...؟ n نستقبل جميعا كفاعلين تربويين وكشركاء معنيين بالشأن التربوي والتعليمي، الموسم الدراسي الجديد، في جو تطغى عليه الانتخابات الجماعية والجهوية التي أجريت بالمغرب يوم 4 شتنبر 2015 ، والتي تشكل محطة مهمة في الحياة السياسية المغربية لأنها أول انتخابات محلية تنظم بعد تبني الدستور الجديد للمملكة 2011، الذي يخول للمجالس الجهوية المنتخبة سلطات مهمة من شأنها أن تغير طريقة تدبير شؤون الدولة في اتجاه اللامركزية واللاتمركز. ولعل هذا، سيخلق نوعا من الانسجام بين السياسات العمومية المركزية والعمل التنموي للجهات.وبعبارة أخرى، ستمكن هذه المجالس المنتخبة من تنزيل مشروع الجهوية المتقدمة في ظروف سياسية أفضل وأنسب، والشروع في تغيير طريقة تسيير شؤون الدولة في اتجاه لامركزية تقرب المواطنين من مراكز القرار وتتيح لهم إمكانيات المشاركة في اتخاذ القرارات السياسية، مع ما يتطلبه ذلك من تأهيل للقطاعات الوزارية، بما فيها قطاع التعليم، حتى يستطيع مسايرة هذا الواقع الجديد، ويتحقق الطموح الكبير الرامي إلى بناء مدرسة مغربية جديرة بتطور مجتمعها ومواكبة لمتطلبات العصر، ومتجاوبة مع انتظارات كل فئات الشعب المغربي، مدرسة للإنصاف وتكافؤ الفرص ، مدرسة الجودة للجميع، ومدرسة للاندماج الفرد والتطور الاجتماعي. أما عن السياق العام الذي ينطلق فيه هذا الموسم الدراسي بالخصوص، فأكيد أنه بات من الضروري استحضار مجموعة من العوامل والمرتكزات المؤطرة للعمل التربوي والبيداغوجي المرتبط بمنظومة التربية والتكوين، حيث نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: تفعيل أحكام الدستور الجديد للمملكة وخاصة ما يتعلق منه بترسيخ الحكامة الجيدة وتيسير أسباب الاستفادة العادلة من الحق في الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة؛ التوجيهات الملكية السامية في الخطب الأربعة الأخيرة (20 غشت 2012 و2013 ؛ افتتاح الدورة التشريعية 2014 ؛ خطاب العرش 2015) ، والتي تضمنت تشخيصا لواقع المنظومة التربوية ، وقدمت خارطة طريق لتحسين الوضع القائم مع تحديد الرؤية على المدى البعيد ووضع حد للدوامة الفارغة لإصلاح الإصلاح إلى ما لا نهاية؛ - تفعيل المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في صيغته الحالية عملا بالأحكام الانتقالية التي ينص عليها الدستور، وذلك بإنجاز تقرير تحليلي حول تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين 2000- 2013وتقديم الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015 – 2030 ؛ - تجميع قطاعي التربية الوطنية والتكوين المهني في وزارة واحدة، من أجل تحقيق الاندماج والتكامل بين هذين النظامين التكوينيين؛ - دخول المنظومة التربوية، بعد نهاية فترة البرنامج الاستعجالي، محطة جديدة من سيرورة تنميتها ترتكز على موجهات استراتيجية محددة تنهل مضمونها من التصريح الحكومي 2012 ومخطط عمل الوزارة في شكل تدابير استعجالية ذات الأولوية ؛ ترسيخ تجربة اللامركزية واللاتمركز في تدبير الشأن التربوي بعد مرور ما يناهز 13 سنة على إحداث الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين كمؤسسات عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي، بما أفرزته هذه التجربة من مكتسبات إيجابية يتعين تثبيتها، ومن إكراهات ونواقص يتعين تجاوزها؛ التحضير لتفعيل ورش الجهوية المتقدمة بعد انتخابات 4 شتنبر 2015 كلما توفرت شروط التنزيل، والذي يشكل قطاع التربية والتكوين أحد الأعمدة الأساسية لإنجاحه وتمكينه من بلوغ أهدافه المرتبطة بتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المحلية والمندمجة؛ انعقاد لقاءات تشاورية على جميع المستويات حول المدرسة المغربية انبثقت عنها مجموعة من التدابير ذات الأولوية التي تترجم مشروع الوزارة من أجل معالجة بعض الإشكالات ذات الطبيعة الاستعجالية، وكذا صدور الرؤية الاستراتيجية 2015- 2013 كتتويج لعمل المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي؛ p لقد احتل ملف التعليم مكانة مهمة في خطاب العرش الأخير الذي يخلد الذكرى 16 لتولي الملك محمد السادس للعرش، حيث عاود الملك الحديث بلغة صريحة ومباشرة في تشريح لأهم القضايا المرتبطة بهذا الملف المصيري...كيف ذلك؟ n كما سبقت الإشارة إلى ذلك، كل الخطب الملكية السامية الأخيرة تركز على أهمية إصلاح التعليم ، حيث سبق له في خطاب 2013 أن دق ناقوس الخطر فيما يخص الاختلالات المتعددة التي تعرفها المدرسة المغربية، كما أنه – وبعد المصادقة على الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 – عاود الحديث وبلغة صريحة في خطاب العرش الأخير, مذكرا بالإسراع في الحسم لمعالجة هذا الملف المصيري حيث اعتبر أعز الله أمره بأن « إصلاح التعليم عماد تحقيق التنمية ومفتاح الانفتاح والارتقاء الاجتماعي وضمانة لتحصين الفرد والمجتمع من آفة الجهل والفقر، ومن نزوعات التطرف والانغلاق». واعتبارا للأهمية القصوى لهذا الإصلاح بالنسبة لمستقبل بلادنا، ولكسب رهاناتها الكبرى والحيوية، ولا سيما تلك المعقودة على المنظومة التربوية ، فإن المرحلة، هي لحظة التملك الجماعي لمضمون الرؤية الاستراتيجية للإصلاح وتوجهاتها وغاياتها ومستلزمات تطبيقها الناجع ، وكذا تعبئة الفاعلين المباشرين وغير المباشرين في المدرسة المغربية من أجل تفعيل رافعات التجديد ومستلزمات التغيير التي يدعو إليها صاحب الجلالة حيث يقول:« كما ندعو لصياغة هذا الإصلاح في إطار تعاقدي وطني وملزم من خلال اعتماد قانون – إطار يحدد الرؤية على المدى البعيد ويضع حدا للدوامة الفارغة لإصلاح الإصلاح إلى ما لا نهاية ». وقد تأكد ذلك في الفصل الرابع من الرؤية، من خلال إعلان 2015-2030 مدى زمنيا للتعبئة الوطنية من أجل إصلاح وتجديد المدرسة المغربية، كما أوحى بذلك المجلس وأن يوفر إمكانا ملائما لترجمة هذه الإرادة على أرض الواقع. p لقد تحدثتم في البداية عن الجهوية المتقدمة كمقاربة جديدة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وكحل لإشكاليات الحكامة...كيف سينخرط قطاع التعليم في هذا المسلسل الإصلاحي؟ n لقد شكلت الجهوية المتقدمة مرجعية شبه دائمة في الخطب الملكية الداعية إلى إنجاح هذا الورش الجهوي, وذلك ضمن تصور مغربي- مغربي حام للهوية المغربية وغير مقلد للتجارب المقارنة، ففي خطاب العرش لسنة 2011 يقول جلالة الملك « مولين عناية قصوى في هذا المجال للجهة والجهوية التي نعتبرها خيارا استراتيجيا وليس مجرد بناء إداري، وننظر إليها على أنها صرح ديمقراطي أساسي لتحقيق التنمية الاقتصادية.» إن الجهوية المتقدمة هي القاطرة الأساسية لتجاوز إشكاليات الحكامة الجيدة والنمو الاقتصادي وللتنمية البشرية ، لكن هذا لن يتحقق إلا في ظل نخب جهوية مؤهلة قادرة على إنجاحها وتفعيل حقيقي للمبادئ والهيئات الدستورية والحد من الأشكال الضارة بالوحدات والمرافق الترابية والتي كانت تشكل في السابق الركائز الأساسية في تعطيل دورها التنموي على الوجه المطلوب، وبالتالي عدم المساهمة في التنمية والنمو الاقتصادي للبلاد. ويعد قطاع التعليم بوابة وقاطرة أي شكل من أشكال التنمية بحكم توفيره المورد البشري القادر على تحقيقها.إن تدبير النظام التعليمي في أفق تنزيل الجهوية المتقدمة يتطلب إعادة هيكلة حقيقية للتنظيم الإداري لقطاع التربية والتكوين، بشكل يسمح بتحويل اختصاصات حقيقية إلى سلطات تربوية جهوية منفتحة على المجال الجهوي، وقادرة على استيعاب الفاعلين والطاقات الجهوية للاختصاصات والأدوار المنوطة بهم، وفي مقابل ذلك، يجب إعادة تحديد أدوار الإدارة المركزية من خلال الإسهام في رسم سياسة تعليمية جهوية عن طريق لعب دور مؤثر في إعداد الخريطة التربوية الجهوية وخريطة تكوين الأطر، وتوظيف الموارد البشرية وتدبير الزمن المدرسي وتحسين النموذج البيداغوجي والانكباب على ملف التوجيه وإعادة التوجيه، ومراجعة المناهج والبرامج ونظام الامتحانات والتقييم واعتماد آليات لتحديث التكوينات وتأهيل الأطر التربوية والإدارية وما إلى ذلك، مع ملاءمة النصوص القانونية لمواكبة هذا التحول الجديد واستيعابه. وسيكون من المفيد، في إطار ورش الجهوية المتقدمة، تخويل أطراف أخرى كالجماعات الترابية اختصاصات معينة داعمة للمدرسة المغربية استثباتا لشعار « التربية شأن الجميع» ولا سيما ما يتعلق بالبنيات المدرسية والتربوية وصيانتها وتجهيزها، والدعم الاجتماعي، وسكنيات للمدرسين وغيرها من المجالات الموازية للعمل التربوي والبيداغوجي... p ما أبرز المستجدات التي يعرفها نظام التربية والتكوين مع انطلاق السنة الدراسية الحالية...؟ n مما لاشك فيه أن كل المهتمين بالتعرف على الجديد مع إشراقة الموسم الدراسي الحالي، ينتظرون مآل اللقاءات والمشاورات حول إصلاح المدرسة المغربية، فلكل هؤلاء، نود أن نصنف أبرز المستجدات إلى ما هو عام وما هو مرتبط بالمقرر التنظيمي للسنة الدراسية الذي تعودت وزارة التربية الوطنية إصداره قبل حلول الموسم الدراسي الجديد، بحيث يحدد مختلف المحطات والعمليات والأنشطة المبرمجة مع مواعيد إنجازها. ولا بد أن نشير، تنويرا لقرائنا، أن المقرر المذكور يتضمن ما يلي : - فترات مخصصة للعمليات المتعلقة بإعداد الدخول المدرسي والعمليات الخاصة بنهاية السنة الدراسية وتقويمها؛ - فترات مخصصة للدراسة بما فيها العمليات التقويمية والامتحانات والإعداد الجماعي للامتحانات الإشهادية، وكذا الأنشطة المتعلقة بالحياة المدرسية. فترات مخصصة للعطل المدرسية أما أبرز ا لمستجدات العامة فتتمثل في صدور تقرير الهيئة الوطنية للتقييم لدى المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، حول تطبيق الميثاق الوطني للتربية والتكوين 2013-2000؛ عرض الرؤية الإستراتيجية لإصلاح المدرسة المغربية (2015-2030) على نظر جلالة الملك محمد السادس في 20 ماي 2015 من طرف رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي؛والتحضيرللتقطيع الجهوي الجديد للمملكة والمتكون من اثنتي عشر جهة؛الشروع في تنفيذ وأجرأة التدابير ذات الأولوية التي تترجم مشروع الوزارة من اجل معالجة بعض الإشكالات ذات الطبيعة الاستعجالية؛توسيع شبكة أقسام المسالك الدولية للبكالوريا المغربية –خيار فرنسية- بالمؤسسات التعليمية الثانوية التأهيلية العمومية والخصوصية؛مواصلة إرساء البكالوريا المهنية بالتعليم الثانوي التأهيلي وتوسيع مسالكها؛إحداث مؤسسات التفتح الفني والأدبي، ومجموعة من المراكز الرياضية إلى جانب الثقافة المقاولاتية والمالية، وإرساء المدارس الشريكة في إطار عقود للشراكة « عمومي – خصوصي «تفعيل برنامج الارتقاء بالمهارات القرائية في سلك الثانوي الإعدادي ( مشروع رصيد)؛إرساء مرصد وطني لمناهضه العنف بالوسط المدرسي وانطلاق العمل بنظام معلوماتي لرصد حالات العنف؛إرساء استراتيجية جديدة للارتقاء بالتعليم والتكوين الخصوصي. p وماذا عن الرؤية الاستراتيجية 2015 – 2030 التي تم عرضها على نظر جلالته في يوم 20 ماي 2015...وكيف تتصورون الالتقائية مع التدابير ذات الأولوية التي انطلقت فيها الوزارة الوصية...؟ n لابد أن نشير من خلال اطلاعنا على الوثيقة التي أشرتم إليها ، إلى أن هذه الرؤية تقوم على توطيد المكتسبات وتطويرها، وإحداث القطائع الضرورية ، وابتكار حلول جديدة بمقاربة للتغيير، في إطار الحسم في الإشكاليات العرضانية العالقة، والمزاوجة بين الطموح والواقعية، وبين تحديد الأولويات والتدرج في التنفيذ، فإنها تهدف كذلك إلى إرساء وترسيخ مدرسة جديدة تقوم على الإنصاف وتكافؤ الفرص، والجودة للجميع ، والارتقاء الفردي والمجتمعي، باعتبارها جميعا أسسا ناظمة وغايات مثلى للتربية والتكوين والبحث، على امتداد الخمس عشرة سنة الجارية. إن إنجاح الإصلاح التربوي المنشود وضمان الالتقائية بين الطرفين، مسؤولية مشتركة ومتقاسمة، حيث تقتضي تضافر جهود الجميع وإعلان تعبئة وطنية من أجل جديد المدرسة المغربية وتوافر الريادة والقدرات التدبيرية الناجعة قادرة على تقوية التنسيق واستدامته على مستوى المسؤولين محليين وجهويين ومركزيين وعلى مستوى كل القوى الحية للبلاد، عملا بتوصية المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الذي يؤكد على صياغة مضمون الرؤية الاستراتيجية للإصلاح:« من أجل مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء 2015- 2030» في قانون – إطار، يصادق عليه البرلمان ، يتخذ بمثابة تعاقد وطني يلتزم الجميع بتفعيل مقتضياته وتطبيقه والمتابعة المنتظمة لمساراته. وقد أوضح الأستاذ عمر عزيمان، رئيس المجلس، على صفحات هذه الجريدة ما يلي :« هناك توضيحات يتعين أخذها بعين الاعتبار في تناول منهجية الاشتغال والتنسيق بين المجلس والقطاعات الحكومية المكلفة بالتربية والتكوين: أولها أن جلالة الملك وقف في خطابه السامي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية لسنة 2014 بتدقيق على هاته المسألة حينما عبر عن تطلع جلالته لأن يتوج المجلس عمله ببلورة توصيات كفيلة بإصلاح المدرسة المغربية والرفع من مردوديتها، معتبرا، وفي أفق وضع المجلس لخارطة طريق واضحة أن على القطاعات المعنية قد أعدت برامج خاصة لمواجهة الاختلالات والمشكل المستعجلة، غير أنه حاليا تغير هذا المعطى بعد أن أصدر المجلس رؤيته الاستراتيجية، وقدمها أمام جلالة الملك، وأصبحت الوزارات المعنية منكبة على إعداد برامج عملية لتفعيل الرؤية الاستراتيجية وانطلاق ورش الإصلاح.» p هل لكم في الأخير، أن تحيطوا علما الرأي العام بأهم الإكراهات التي سيعرفها الدخول المدرسي بصفة خاصة وإصلاح المنظومة التربوية بصفة عامة...؟ n طبعا، يصعب في هذا الظرف الوجيز الإحاطة بكل المعيقات والإكراهات التي تعترض المنظومة التربوية، لكن سأكتفي بالبعض منها : فأول ما يتبادر إلى الذهن هو صعوبة تطبيق التقسيم الجهوي في قطاع التعليم والتكوين المهني انسجاما مع ما يقتضيه إرساء الجهوية المتقدمة وتكريس لامركزية فعلية من إجراءات وتدابير تمكن الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين من ممارسة صلاحياتها واختصاصاتها والمنصوص عليها في الميثاق الوطني للتربية والتكوين ، وكذا ما تتضمنه الوثيقة الدستورية التي حسمت في الأدوار المنوطة بمجالس الجهات والجماعات والتي تنص على نمط تسيير شؤونها بطريقة ديمقراطية , معتبرة أن التنظيم الجهوي والترابي يرتكز على مبادئ التدبير الحر وعلى التعاون والتضامن مع توفير كل الشروط المؤسساتية والقانونية المؤطرة لهذا النوع من التدبير. فعند بداية كل موسم دراسي تعاني المؤسسة التعليمية من النقص الحاد في الموارد البشرية اللازمة من أطر هيأة التدريس والإدارة التربوية، الشيء الذي يؤثر سلبا على السير العادي للتمدرس في أغلب المناطق الآهلة بالسكان أو التي تعرف امتدادا عمرانيا ملحوظا في الأحياء السكنية المحدثة بضواحي المدن على الخصوص، ناهيك عن تأهيل الفضاءات التربوية وتوفير كل الوسائل الضرورية لتحسين جودة التعلمات، وتوفير الدعم الاجتماعي اللازم والمساهمة في الحد من الهدر المدرسي والانقطاع المبكر عن الدراسة في مراحل التعليم الإلزامي، مذكرا في الوقت ذاته بالدور الرئيسي للتعليم الأولي كرافعة أساسية للجودة ومجال تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص وأحد شروط النجاح في المسارات الدراسية والحد من كل اشكال التعثر في المدرسة الابتدائية وما إلى ذلك من الإشكالات الأفقية التي تعرفها المنظومة التربوية. ولتجاوز كل هذه المعيقات، لابد من انخراط الأسر بكيفية فعالة في العملية التعليمية، علما أن التربية والتعليم ، قضية المجتمع برمته، ولا بد أيضا من التعبئة الشاملة والانخراط القوي لكل الفاعلين والمهتمين بقضايا الشأن التربوي والتعليمي، ضمانا لمستقبل أفضل للمدرسة العمومية، وتحقيقا للإصلاح المنشود الذي يطمح إليه الشعب المغربي . وأستحضر في الختام ما ورد في المادة 23 من الميثاق الوطني للتربية والتكوين ما يلي : « يقتضي إصلاح نظام التربية والتكوين عملا ذات بعد زمني عميق يندرج ضمن السيرورة التاريخية لتقدم البلاد ورقيها، ويتطلب الحزم وطول النفس والاستماتة في السعي لبلوغ الغايات المرسومة . وعليه، فإن كل القوى الحية للبلاد حكومة وبرلمانا وجماعات محلية وأحزاب سياسية ومنظمات نقابية ومهنية وجمعيات وإدارات ترابية والعلماء والمثقفين والفنانين والشركاء المعنيين كافة بقطاع التربية والتكوين، مدعوة لمواصلة الجهد الجماعي من أجل تحقيق أهداف إصلاح قطاع التربية والتكوين...» *نائب وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بعمالة مقاطعة الحي الحسني – الدارالبيضاء * باحث ومهتم بمجال التربية والديداكتيك