مهرجان العيطة الذي تم ترسيمه على عهد وزير الثقافة الأسبق محمد الأشعري إبان حكومة التناوب يكمل دورته 14 هذه السنة بآسفي عاصمة عبدة دون ضجيج ودون مزايدات سياسية ..بالأمس كان الاتحاد الاشتراكي في واجهة الحكم و اليوم العدالة والتنمية يقود تجربته ، والفرق أن مهرجان الأمس اختار له الأشعري عنونا عريضا هو الاحتفاء بالموروث الثقافي و الفني من خلال لون غنائي مميز يمتح من الذاكرة الجماعية للمغرب العميق عبر تكريم رموزه المغمورين و رواده الذين يواصلون بعناد كبير حماية هذا اللون الغنائي الشعبي بامتداداته الجغرافية و الإثنية واللغوية ..مهرجان الأمس واجهته العدالة والتنمية بمعارضة بليدة و غوغائية كان هدفها التشويش و المزايدة على الاتحاد على حساب فن أصيل أنتج فنانات وفنانين كبار ...اليوم استطاع هذا المهرجان أن يدافع على نفسه وأن يضمن لنفسه الاستمرار باحتضان من آلاف المتفرجين ، بتأطير دائما من وزارة الثقافة و بدعم من ميزانية حكومة العدالة والتنمية ...وبذلك يكون مهرجان العيطة قد انتصر لنفسه و لمحبيه ..و قد سجل التاريخ أن الاتحاد الاشتراكي لم يزايد وهو خارج دفة التدبير العمومي للشأن العام.. بل ترك للزمن الحكم و الفصل فيما جرى و يجري ... خلال عقد ونصف استطاع مهرجان العيطة أن يستمر من أجل المصالحة مع جزء من موروثنا الفني الأصيل ..كما عادت العديد من الوجوه المنسية و الفرق الفنية إلى الواجهة من أجل صناعة الفرح مع جمهور عريض يقدر جيدا قيمة هذا البهاء الفني الذي يأتي إليه مرة كل سنة ..مر عقد ونصف فكان المهرجان مناسبة لإعادة الاشتغال الأكاديمي على هذا الموروث الفني ..فظهرت بحوث و أطروحات جامعية جادة ليس أقلها أطروحة الدكتوراه للزميل حسن نجمي ، كما نظمت على هامش الدورات المهرجان موائد مستديرة بتأطير من عدد من الباحثين لاستجلاء القيمة الفنية و الجمالية والمعجمية لأغاني العيطة ...بل شكل المهرجان السنوي لفن العيطة حافزا للانصات والاستماع بالمغامرة السينمائية لبعض المخرجين كما حدث خلال المائدة المستديرة لهذه الدورة التي قام بتنشيطها الزميل عبد الحق ميفراني مع ( فيلم "خربوشة" لمخرجه حميد الزوغي..و" دموع الشيخات " لمخرجه علي الصافي ، وفيلم " عايشة " لمخرجه مصطفى فكير ).. الدورة 14 التي احتضنتها مدينة آسفي في الأيام الأخيرة من الأسبوع الماضي ، قدمت خلالها عروض من مختلف الأجناس الغنائية لفن العيطة ( الحصباوي ، الحوزي ، المرساوي ، الجبلي ، الشيضمي ، الزعرى ، الفيلالي ) بمشاركة فرق حمادة بوشان ، لهوير رخيص ، أولاد بنعكيدة ، محمد ولد الصوبة ، الحمري ، خديجة مركوم ، عبد العزيز الستاتي ، لخماس ابراهيم ، جمال الزرهوني ، أولاد سبعمية ، بنات مراكش ، خوت لعلام ، عابدين الزرهوني ، مصطفى بوركون وحمد المحفوظي ). كما تميزت هذه الدورة - و في التفاتة رصينة - بتكريم رائدة العيطة الزعرية زهرة خربوعة و الفنان المقتدر بوشعيب بن عقيدة ..انتهى المهرجان ..و في انتظار الدورة القادمة ، نقول لمنظميه -دون مزايدة - شكرا لوفائكم وحرصكم على صيانة الذاكرة الفنية لتراثنا الغنائي الأصيل ورموزه المنسية ..