ينظر الى التعيين السريع للملا منصور «"المعتدل» خليفة للملا عمر على رأس طالبان باعتباره انتصارا لباكستان العرابة التاريخية للحركة التي تشجعها على خوض مفاوضات سلام مع كابول رغم خطر تقسيم الحركة الافغانية المتمردة. "انتصرت باكستان" قال الجمعة عبر الهاتف احد قادة طالبان وهو لا يزال تحت الصدمة بعد يوم من اعلان الحركة الاسلامية وفاة زعيمها التاريخي ومن ثم وعلى عجل تعيين خليفة له. اعلنت قيادة طالبان صباحا انها اختارت الملا اختر منصور المقرب من الملا عمر والمعروف باعتداله خليفة له بعد ان كان قائدا للعمليات منذ سنتين. وعينت مساعدين له هما الملا هيبة الله اخوندزاده الوجيه الديني المتنفذ وسراج الدين حقاني الزعيم الشهير لشبكة حقاني والمعروف بقربه من تنظيم القاعدة ومن باكستان. واكد عدد من أطر طالبان ان الملا منصور ومساعديه يعتبرون "مقربين" لا بل "مقربين جدا" من باكستان. وقال الجنرال الباكستاني في الاحتياط محمود شاه ان "منصور يقود طالبان منذ سنتين وقام بعمل جيد، وهو لذلك قادر على خلافة الملا عمر. وربما يكون حتى أفضل منه". دعمت باكستان ولفترة طويلة في السر الحروب التي خاضتها طالبان في افغانستان حتى بعد تحالفها مع الولاياتالمتحدة بعد 2001 في سياسة مزدوجة اقر بها رئيسها السابق برويز مشرف السنة الماضية. ولكن المعطيات الجغرافية السياسية في المنطقة تغيرت خلال الاشهر الماضية وازدادت الضغوط التي تمارسها الولاياتالمتحدة التي تستعد لسحب اخر قواتها من افغانستان في 2016 والصين المستعدة لاستثمار مليارات الدولارات في افغانستانوباكستان مع فتح منفذ على بحر العرب. فواشنطن وبكين تريدان دفع اسلام اباد لجلب طالبان الى طاولة الحوار. وفي افغانستان ساهم في ذلك انتخاب الرئيس اشرف غني المستعد لقبول مساعدة باكستان للتفاوض مع طالبان والقلق الدولي من تقدم طالبان وظهور فصائل محلية لتنظيم الدولة الاسلامية. بالتالي بادرت باكستان ونظمت عملية موري المقرر عقد جولة محادثات ثانية فيها نهاية الاسبوع. في هذا السياق اعلنت الحكومة الافغانية الاربعاء نبأ وفاة الملا عمر فكان النبأ بمثابة قنبلة بالنسبة لطالبان التي كان اعضاؤها يجهلون ذلك خارج الدائرة المحدودة للملا منصور. وبعد اقل من يومين بويع الاخير خلفا له. منذ الجمعة بدأت تعلو اصوات داخل طالبان ضد عملية الخلافة التي اعتبرت متسرعة ومنحازة وغير متماشية مع العرف المتبع. ولا شك ان تنظيم الدولة الاسلامية خصم طالبان الجديد سيسعى الى استغلال حالة عدم الرضا مع بدء انتشاره في المنطقة.