أعلنت حركة طالبان الافغانية المتمردة الجمعة تعيين الملا أختر منصور زعيما جديدا لها خلفا للملا عمر, في الوقت الذي تشهد فيه الحركة التي بدات مفاوضات سلام صعبة مع كابول منافسة كبيرة مع بروز تنظيم الدولة الاسلامية. واعلنت الحركة تعيين نائبين للملا منصور هما الملا هيبة الله اخند زاده المسؤول السابق عن محاكم الحركة وسراج الدين حقاني نجل جلال الدين حقاني زعيم شبكة حقاني المتشددة القريبة من تنظيم القاعدة في باكستان والمسؤولة عن العديد من الهجمات ضد قوات الامن الافغانية والاميركية. وقالت الحركة في بيان نشرته على موقعها الالكتروني ان "مجلس الشورى القيادي اجتمع مع علماء البلد والشيوخ… وبعد مشاورات طويلة عينوا الرفيق القريب والنائب السابق للملا عمر الملا اختر محمد منصور اميرا جديدا لامارة افغانستان الاسلامية". وتابع البيان ان الملا منصور وهو ايضا من اتنية البشتون "اعتبر اهلا لحمل المسؤوليات… ولسنين طويلة كان مسؤول الشؤون الإجرائية للإمارة الإسلامية". كما يعتبر الملا منصور مؤيدا لمحادثات السلام التي بدات مع السلطات في كابول في مطلع يوليو الحالي, بحسب مسؤول وسيط في باكستان. وتابع المصدر ان تعيين الملا منصور يبدو منطقيا خصوصا وانه كان "القائد الفعلي" للحركة خصوصا ازاء الصمت الذي التزمته قيادة الحركة حول مصير الملا عمر الذي لم يظهر علنا ابدا منذ اطاحة الحركة من الحكم في 2001. وكانت الحركة نعت الملا عمر في بيان الخميس مؤكدة بذلك ما اعلنته الحكومة الافغانية في اليوم السابق. الا ان ملابسات وفاة الملا عمر الذي اعلن "اميرا للمؤمنين" في العام 1996 لاتزال موضوع جدل. اذ تؤكد كابول انه توفي في ابريل 2013 في احد مستشفيات كراتشي في باكستان, بينما تشير طالبان الى "مرض" غامض ادى الى وفاته مؤخرا في معقله بجنوب افغانستان. ويتولى الملا منصور الذي ينتقد بعض المتمردين علاقاته الوثيقة بباكستان, قيادة الحركة في مرحلة حاسمة. فقد دخلت في محادثات سلام غير مسبوقة مع الحكومة الافغانية كما انها تواجه هجمات يشنها تنظيم الدولة الاسلامية على مواقعها بشرق افغانستان على الحدود مع باكستان. وكان من المفترض ان تبدا جولة ثانية من محادثات السلام في باكستان الجمعة, الا ان اسلام اباد ارجاتها بسبب "الغموض" الناجم عن وفاة الملا عمر و"نزولا عند طلب من حركة طالبان افغانستان". وتتهم السلطات الافغانية اجهزة الاستخبارات الباكستانية بالوقوف وراء حركة طالبان التي تشن هجمات ضد القوات الافغانية وقوات الحلف الاطلسي, وبانها "تسيطر" على قياديي الحركة لاستغلالهم في الوقت الذي تعتبره اسلام اباد مناسبا. الا ان باكستان نظمت في مطلع يوليو اللقاء الرسمي الاول بين قياديين من طالبان وممثلين عن حكومة كابول من اجل اطلاق محادثات سلام فعلية. واعتبر محمد ناطقي الذي شارك في الجولة الاولى من المفاوضات ضمن وفد الحكومة الافغانية ان "وفاة الملا عمر ستؤخر محادثات السلام لكنها لن تضع حدا لها". واعتبرت الولاياتالمتحدة التي تشجع منذ زمن على "مصالحة" افغانية, ان وفاة الملا عمر "تشكل بوضوح فرصة مؤاتية لحركة طالبان من اجل ارساء سلام فعلي مع الحكومة الافغانية". الا ان بعض المحللين لا يزالون يشككون في استئناف سريع للحوار من اجل استقرار الوضع في البلاد التي تعاني منذ 14 عاما من النزاع المسلح وتشهد تصعيدا في اعمال العنف بعد رحيل القسم الاكبر من قوات الحلف الاطلسي في ديسمبر. ويمكن ان تزيد وفاة الملا عمر من الانقسامات داخل حركة طالبان مع اعلان بعض مقاتليها الولاء لتنظيم الدولة الاسلامية الذي يسيطر على مناطق واسعة من سوريا والعراق. وكانت حركة طالبان حذرت مؤخرا تنظيم الدولة الاسلامية من التوسع في منطقتها, الا ان ذلك لم يمنع بعض مقاتليها من الانشقاق عنها متأثرين بالتقدم الذي حققه التنظيم المتطرف بقيادة ابو بكر البغدادي, وخصوصا في ظل غياب الملا عمر. وقال مايكل كوغلمان الخبير في مركز ودرو ويلسون للابحاث في واشنطن لوكالة فرانس برس ان "المحادثات فقدت من زخمها". وتابع كوغلمان ان "اعلان وفاة الملا عمر سيحدث ازمة داخل طالبان ومحادثات السلام اخر ما يشغلهم لان عليهم التركيز على البقاء وليس على المفاوضات". ومنذ عدة اشهر يطالب قادة ميدانيون في طالبان ب"ادلة" بان الملا عمر لا يزال حيا. وفي غياب هذه الادلة, واحتجاجا على محادثات السلام, اعلن بعض المقاتلين الولاء للتنظيم الجهادي الذي يمكن ان يستغل وفاة الملا عمر ليجند اعدادا اكبر من المقاتلين من بين صفوف طالبان. وكان الملا منصور وجه في حزيران/يونيو تحذيرا الى ابو بكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الاسلامية من اي محاولة للتمدد في بلاده وذلك بعد اشتباكات دارت في شرق البلاد بين مقاتلي الحركة واخرين يقولون انهم ينتمون الى تنظيم الدولة الاسلامية.