الأزمي: لشكر "بغا يدخل للحكومة على ظهرنا" بدعوته لملتمس رقابة في مجلس النواب    أخبار الساحة    الدار البيضاء.. توقيف المتورط في ارتكاب جريمة الإيذاء العمدي عن طريق الدهس بالسيارة    تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط    أجماع يعرض جديد حروفياته بمدينة خنيفرة        تقديم العروض لصفقات بنك المغرب.. الصيغة الإلكترونية إلزامية ابتداء من فاتح يناير 2025    أطباء القطاع العام يخوضون إضرابا وطنيا لثلاثة أيام مع أسبوع غضب    في الحاجة إلى تفكيك المفاهيم المؤسسة لأطروحة انفصال الصحراء -الجزء الثاني-    بووانو: حضور وفد "اسرائيلي" ل"الأممية الاشتراكية" بالمغرب "قلة حياء" واستفزاز غير مقبول        بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.. جمهور العاصمة على موعد مع ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط    فيديو "مريضة على نعش" يثير الاستياء في مواقع التواصل الاجتماعي    الكرملين يكشف حقيقة طلب أسماء الأسد الطلاق ومغادرة روسيا    المغرب-الاتحاد الأوروبي.. مرحلة مفصلية لشراكة استراتيجية مرجعية    الجزائريون يبحثون عن متنفس في أنحاء الغرب التونسي    نيسان تراهن على توحيد الجهود مع هوندا وميتسوبيشي    محمد صلاح: لا يوجد أي جديد بشأن مُستقبلي    تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة    سوس ماسة… اختيار 35 مشروعًا صغيرًا ومتوسطًا لدعم مشاريع ذكية    النفط يرتفع مدعوما بآمال تيسير السياسة النقدية الأمريكية    أسعار اللحوم الحمراء تحلق في السماء!    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين    غضب في الجارة الجنوبية بعد توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية    نادي قضاة المغرب…تعزيز استقلال القضاء ودعم النجاعة القضائية        بنما تطالب دونالد ترامب بالاحترام    "سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر    تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب    تولي إيلون ماسك لمنصب سياسي يُثير شُبهة تضارب المصالح بالولايات المتحدة الأمريكية    أبرز توصيات المشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بطنجة    تنظيم كأس العالم 2030 رافعة قوية نحو المجد المغربي.. بقلم / / عبده حقي    شكاية ضد منتحل صفة يفرض إتاوات على تجار سوق الجملة بالبيضاء    تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي    إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي    إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري    السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان    شركة Apple تضيف المغرب إلى خدمة "Look Around" في تطبيق آبل مابس.. نحو تحسين السياحة والتنقل    حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا        الموساد يعلق على "خداع حزب الله"    اختتام أشغال الدورة ال10 العادية للجنة الفنية المعنية بالعدالة والشؤون القانونية واعتماد تقريرها من قبل وزراء العدل في الاتحاد الإفريقي    شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"    أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"    معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها    كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار    مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء    إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رهانات الحوار بين باكستان وطالبان

هل بدأ السلام يطل في الأفق في باكستان، هذا »"الطفل المريض"« في جنوب آسيا الذي يعيش على إيقاع تمرد جهادي يحارب دولة تمتلك السلاح النووي، مما يثير مخاوف الغرب، وبالأخص مخاوف الهند المجاورة. رسمياً استأنفت الحكومة الباكستانية وحركة طالبان باكستان الاتصالات يوم 6 مارس الماضي، وأحييا عمليا مسلسل مفاوضات وصلت إلى الباب المسدود بعد شهر على انطلاقها بعد تصعيد مفاجىء للتوتر، بعد أن نفذ الطيران الباكستاني بضربات دقيقة ضد معاقل طالبان في شمال وزيرستان في النصف الثاني من فبراير، رداً على هجمات شنتها عناصر طالبان باكستان. ولوقف التصعيد، التقى رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف في اسلام أباد وفداً من الزعماء الدينيين الموالين لطالبان انتدبتهم قيادة طالبان لقيادة المفاوضات مع الحكومة. والهدف المتوخى من هذه المفاوضات التي انطلقت هو وضع حد نهائي لحرب أهلية بدأت في سياق هجمات 11 شتنبر، والتي خلفت طيلة 10 سنوات ما بين 40 ألف و 50 ألف قتيل.
الرهانات الاستراتيجية المحيطة بمحاولة هذه المصالحة بين فرقاء الأزمة في باكستان كبيرة في وقت حساس، حيث ينتظر أن تغادر قوات الحلف الأطلسي أفغانستان المجاورة مع نهاية 2014 ومخاوف الفراغ الأمني التي يثيرها هذا الانسحاب على المستوى الاقليمي، وبالتالي، فإن بداية هذه المحادثات تطرح عدة أسئلة في محاولة لفهم ما يجري وتحديد إطار هذه المفاوضات. لماذا ينخرط رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف في هذه المفاوضات المحفوفة بالمخاطر؟ ما هي منهجية هذه المفاوضات؟ ما هو موقف الجيش؟ مع من يجري التفاوض من فصائل طالبان؟ كيف ينظر الأمريكيون لهذه المفاوضات؟ وإلى أي حد يترابط سياق المفاوضات ما بين الباكستانيين مع تطورات الساحة الأفغانية؟
1 لماذا يريد رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف التفاوض؟
يتعلق الأمر بشكل عام بالوفاء بوعد أطلقه خلال حملة الانتخابات في ماي 2013 التي حملت نواز شريف إلى السلطة، وشريف هو زعيم الرابطة الاسلامية الباكستانية ونواز، هي حزب محافظ على المستوى الديني وليبرالي على الصعيد الاقتصادي، والعلاقات بين الرابطة الاسلامية الباكستانية نواز والأحزاب الدينية الأخرى في باكستان، علاقات تاريخية، إلا أنها لا تجعل من نواز شريفاً زعيماً إسلامياً. فالرجل يعتبر من المعتدلين، لكن عليه أن يأخذ في الحسبان إرث هذه العلاقات، وخاصة في معقله الإقليمي في البنجاب، حيث تمارس جماعة أهل السنة والجماعة، وهي جماعة راديكالية سنية مناهضة للشيعة، نفوذاً قوياً ومتنامياً حتى على المستوى الانتخابي.
وقد تفرعت عن هذه الجماعة، الجماعة المتطرفة الإرهابية التي تنفذ باستمرار هجمات ضد الشيعة في أقاليم السند و بالوشستان. وحسب بعض المحللين، فإن نواز شريف يخشى من أن يقود رهان القوة مع طالبان باكستان المتمركزة في المناطق القبلية الباشتونية المحاذية لأفغانستان، إلى زعزعة الاستقرار في معقله في البنجاب عن طريق العلاقات الجهادية بين الجماعات الباشتونية والبنجابية، والسبب الآخر الذي يدفع نواز للانخراط في هذه المفاوضات هو صورته وشخصيته كرجل أعمال. فرئيس الوزراء عازم على إنعاش الاقتصاد الباكستاني الذي يعاني كثيراً من مناخ عدم الاستقرار الأمني. ويعتبر أن استعادة السلم الاجتماعي سيسمح باستعادة ثقة المستثمرين المحليين وكذلك الأجانب. وكان نواز شريف قد بدأ ولايته في ربيع 2013 في سياق تدهور أمني. وبينما كان مستوى العنف قد تراجع ابتداء من 2010، لكن المنحى انقلب سنة 2013، حيث سجل 1717 هجوماً إرهابياً (60% منها من فعل جماعات مرتبطة بطالبان باكستان) خلال هذه السنة، أي بزيادة 12% في عدد الهجمات بالمقارنة مع 2012.
وفي سياق هذا المناخ الذي يؤشر على عدم نجاح ولايته، ولايته الثالثة بعد ولايته الأولى (1993/1990) والثانية (1999/1996)، أراد رئيس الوزراء نواز شريف أن يعطي فرصة جديدة لطريق الحوار. وقد صمد في هذا الاتجاه، بالرغم من التشكيك العام حتى داخل حزبه الذي يعرف صراعات داخلية وبالرغم من التصعيد الذي شهدته باكستان من النصف الثاني من فبراير.
2 ماهي المنهجية المفترضة لهذه المباحثات؟
المنهجية المعتمدة تمثلت في تشكيل مجموعتي وسطاء، مجموعة عينتها الحكومة والثانية عينها طالبان باكستان. وقد التقت المجموعتان ثلاث مرات، انطلاقاً من 6 فبراير، وكانت مهمتها تتمثل في إرساء مناخ من الثقة من أجل تحديد إطار المفاوضات، ولم يتم حتى الآن، التطرق للقضايا الجوهرية، وخاصة الثمن الإيديولوجي الذي سيكون النظام الباكستاني مستعداً لأدائه من أجل انتزاع نهاية للمعارك. وتطالب جماعات طالبان باكستان بتطبيق شامل للشريعة، وإلى أي حد يمكن أن تستجيب الحكومة لهذا المطلب في إطار الدستور الباكستاني؟
من جانب الحكومة، كان الوفد الحكومي يقوده عرفان صديقي أحد المقربين من نواز شريف، وكان مستشاره الإعلامي، ويضم أيضاً الجنرال المتقاعد محمد أمير المسؤول السابق في المخابرات الباكستانية المتورط في محاولات زعزعة استقرار رئيس الحكومة بنازير بوتو (1990/1988)، وصحفي بارز ومحترم في بيشاور رحيم الله يوسف زاده، المتتبع بدقة لما تعيشه المناطق القبلية الحدودية مع أفغانستان.
وفي جانب الوفد الذي عينته قيادة طالبان باكستان يُبرز الملا سميع الحق، الشخصية الروحية للتيار الموالي لحركة طالبان. والشخصية الدينية التي تقود المدرسة القرآنية (دار العلوم الحقانية) المتواجدة قرب بيشاور المحافظة الحدودية لخيبر باختون خاوا، والتي تخرج منها الكثير من أجيال مقاتلي طالبان. وقد شكل لقاء وفدي الطرفين مع رئيس الوزراء نواز شريف يوم 6 مارس في إسلام أباد، نهاية هذه المرحلة الأولى من المفاوضات.
والمرحلة الثانية التي ستنطلق ستشهد حل الوفد المعين من طرف الحكومة وتعويضه بهيئة جديدة »سياسية« أكثر، هيئة مكونة من وزراء فيدراليين ورسميين من محافظة خيبر باختون خاوا وربما ممثلين عن أجهزة أمنية، بمعنى أن المفاوضات ستدخل في الجوهر على الأقل من جانب الحكومة.
3 ما هو موقف الجيش من هذا المسلسل؟
كانت لرئيس الوزراء في السابق علاقات خلافية مع المؤسسة العسكرية، ومساره عبارة عن مسار محاولة التحرر. فنواز شريف سانده الجيش خلال دخوله غمار السياسة في سنوات 1980. وكانت مهمته هي قيادة المعركة ضد بنازير بوتو التي أثار وصولها إلى السلطة سنة 1988 مخاوف داخل الطبقة السياسية والعسكرية، لكن علاقات نواز شريف مع عرابيه التاريخيين توترت طيلة ولايتيه كرئيس للوزراء، بلغت حد إسقاطه سنة 1999 عن طريق انقلاب عسكري قاده الجنرال برويز مشرف، الذي عينه شريف في منصب قائد الجيوش.
وطيلة سنوات منفاه بين جدة السعودية ولندن، ظل مشرف ينادي بعودة النظام المدني ضد اي نظام عسكري. ومثل هذه السابقة تؤثر على المعادلة السياسية التي تندرج في سياق الحوار الحالي مع طالبان وفي إسلام أباد، تتحدث الصحافة الباكستانية عن نوع من عدم الارتياح في صفوف العسكريين في الوقت الذي يمد شريف يده لقيادة طالبان.
في السابق، لم تتردد مخابرات الجيش أبدا في نسج علاقات مع بعض الجماعات الجهادية من أجل خدمة المصالح الإستراتيجية لإسلام أباد في أفغانستان أو في الهند. ومعروف أن طالبان أفغانستان بزعامة الملا عمر (اللاجئ في كويتا بإقليم بالوشيستان الباكستاني) او جماعة حقاني، المتمركزة في شمال وزيرستان، كانت على علاقة مع المخابرات العسكرية الباكستانية وربما مجندة من طرفها.
وهناك فصائل طالبانية باكستانية مثل جماعة الملا غول باهادور في شمال وزيرستان، وقعت اتفاقا مع الجيش ينص على عدم شن هجمات بين الطرفين، وفي البنجاب، تعيش جماعة عسكر طيبة الجهادية, المتهمة بشن هجوم دموي (166 قتيلا) في بومباي نهاية 2008 تعيش تحت مراقبة الجيش , لكن جماعة طالبان باكستان تعتبر حالة خاصة، لأنها هاجمت وبشكل مباشر قلب الدولة الباكستانية وجيشها.
وهذه الهجمات تثير الفزع في صفوف الجنود, وقيادة الجيش تعتبرها «عدوا لباكستان» تحركها قوات خارجية. وفي مثل هذه الظروف فإن الحوار الذي بدأه نواز شريف يثير المخاوف والحذر في صفوف العديد من ضباط الجيش, وتعتبر بعض قيادات الجيش ان هجمات نهاية فبراير ضد معاقل طالبان باكستان في شمال وزير ستان توقفت بشكل سابق لأوانه, وأن هذه الهدنة ستسمح لقوات طالبان باكستان بإعادة ترتيب صفوفها.
حتى الآن، ظل الجيش وفيا ولم يحاول نسف او التشويش على المسلسل الذي بدأه رئيس الوزراء ,لكن «الاستئصاليين» في صفوف الجيش يظلون حذرين، وبإمكانهم ان يعودوا الى الواجهة ويتحركون بسرعة اذا لم تحترم حركة طالبان باكستان وقف اطلاق النار الذي اعلنته يوم 1 مارس.
4 - التحاور مع من؟
المحاور الرئيسي هو حركة طالبان باكستان، وهي عبارة عن فيدرالية تضم حوالي 30 مجموعة جمعها القائد الطالباني بيت الله محسود سنة 2007 الذي قتل خلال غارة امريكية في صيف 2009 وخلفه على رأس التنظيم حكيم الله محسود الذي قتل بدوره في غارة امريكية في نونبر 2013, ويعتبر تنظيم طالبان باكستان قبل كل شيء حركة باشتونية متمردة تتمركز في المناطق القبلية الحدودية مع افغانستان, نشأت من تمرد ضد الدولة الباكستانية، المتهمة «بالخيانة» بسبب تعاونها مع الامريكيين في حربهم ضد الارهاب عقب هجمات 11 شتنبر 2001.
والحدث الذي اشعل المواجهة كان هو قرار الجنرال الرئيس برويز مشرف التدخل في سنوات 2003 - 2004 بضغط من الرئيس جورج بوش لضرب خلايا القاعدة التي نزحت من كابول بعد انهيار نظام طالبان في افغانستان (1996 - 2001) وظلت قيادة حركة طالبان باكستان دائما تحت نفوذ قبائل محسوب المتمركزة في جنوب وزيرستان.
لكن وفاة حكيم الله محسود مؤخرا عجلت بإعادة توزيع السلطة داخل فصائل المتمردين. فقد تم تعويض الزعيم المتوفي بالملا فضل الله الذي ينحدر من منطقة سوات والذي كانت قاعدته الخلفية الاساسية متمركزة في المنطقة القبلية موحماند، بل وتمتد الى الأقاليم الأفغانية في كونار ونوريستان وبالتالي يمكن القول أن مركز نقل حركة طالبان باكستان عرف تحولا مفاجئا نحو شمال هذه المنطقة الباشتونية، بعيدا عن معقلها الجنوبي في وزيرستان. وهذا المعطى الجديد اثار بعض التوترات الداخلية.
واذا كانت وحدة الحركة غير مهددة في الوقت الراهن، فإن مسلسل اتخاذ القرار اصبح اكثر تعقيدا مما قد يؤثر على المفاوضات مع السلطة الباكستانية. وحسب الصحافة الباكستانية, فإن الملا عمر زعيم طالبان افغانستان. قد يكون تدخل لدى مختلف الفصائل بهدف اعادة تعزيز موقف حركة طالبان باكستان في اتجاه مؤيد للحوار مع اسلام اباد.
ومع الانسحاب المرتقب لقوات الحلف الاطلسي من افغانستان، فإن من مصلحة حركة التمرد الافغانية تأطير وتوجيه مجموع القوى الباشتونية على الحدود من أجل استعادة السيطرة على كابول, وبالتالي العمل على وقف الحرب بين اسلام اباد وحركة طالبان الباكستانية التي تضر وتعرقل مثل هذه التعبئة, لكن خيار الحوار هذا لا يحظى حتى الآن بالإجماع بين صفوف مختلف أطياف طالبان باكستان.
وقد ظهر ذلك من خلال الهجوم الذي وقع يوم 3 مارس الماضي ضد محكمة في إسلام أباد و الذي خلف 11 قتيلا. فالهجوم تبنته جماعة لم تكن معروفة حتى الآن تدعى «»أحرار الهند»« والتي تعلن معارضتها لمسلسل السلام، ومسألة معرفة ما إذا كانت جماعة «»أحرار الهند»« هاته تعبير عن انشقاق حقيقي ,أم أنها مجرد شكل من أشكال التعامل المزدوج لحركة طالبان باكستان، مسألة تثير نقاشا في إسلام »أباد، وربما يتعلق الأمر بجماعة خارجة تماما عن السياق الجهادي للباشتون.
وحسب مصادر عسكرية باكستانية, فإن زعيم جماعة »»أحرار الهند»« يدعى عمر قاسمي ويعتقد أنه من البنجاب.
5 - كيف ينظر الأمريكيون لمسلسل المصالحة؟
الأمريكيون أبدوا دائما نوعا من التوتر تجاه أي محاولة للحوار بين إسلام أباد وحركة طالبان باكستان، ويتخوفون من أن يتم استغلال أي توافق من طرف القاعدة للعودة بقوة إلى المناطق القبلية. والمؤشر القوي على هذه المعارضة ا لأمريكية لأي تقارب هو مواصلة الطائرات الأمريكية بدون طيار حملة ضرباتها الجوية ضد معامل طالبان والتي أسفرت عن تفكيك أجزاء مهمة من قيادات حركة طالبان باكستان من جمعة حقاني وجماعات جهادية أخرى متمركزة في هذا الحزام الحدودي للباشتون.
بل إن القضاء على حكيم الله محسود في نونبر 2013 أثار غضب الحكومة الباكستانية في الوقت الذي كانت تحاول ر ربط الاتصال بحركة طالبان باكستان، والتحرك الأمريكي كان دائما يثير نظريات المؤامرة في باكستان، حيث يعتبر البعض أن واشنطن تعمل دائما على الإبقاء على الفوضى والتوتر في البلاد من أجل تبرير بقاء وصايتها على البرنامج النووي الباكستاني. لكن مع ذلك تجري الأمور الحالية بموافقة ضمنية من واشنطن كما يدل على ذلك وقف أي ضربات جوية أمريكية منذ حوالي شهرين.
وبالتأكيد، يبدو أن واشنطن اقتنعت بموقف نواز شريف بضرورة إعطاء فرصة للسلام والتفاوض. وهذا التوافق الجديد جاء بعد أزمة دبلوماسية قوية زعزعت العلاقة بين واشنطن وإسلام أباد سنة 2011 في أعقارب القضاء على أسامة بن لادن من طرف كومندو أمريكي في مدينة أبوت أباد شمال أسلام أباد.
6 - أي ترابط مع تطور الأوضاع في المسرح الأفغاني؟
المصالحة بين السلطة المركزية في اسلام أباد وحركة طالبان باكستان لن تكون في صالح كابول إلا إذا تمكن نظام كابول من التوصل بشكل متزامن للسلام مع متمردي طالبان الأفغانية، وهكذا بالإمكان أن يتطور المسلسلان بشكل متوازي، و إلا فإن مسلسل السلام في باكستان يحمل في طياته خطر تقوية وتعزيز التمرد الأفغاني من خلال إلتحاق القوى التي ظلت حتى الآن معبأة ضد إسلام أباد.
وفي سياق الانسحاب المرتقب لقوات الحلف الأطلسي من المسرح الأفغاني, فإن هذا السيناريو سيكون كارثيا بالنسبة للأمريكيين، وفي الوقت الذي شهدت العلاقة بين اسلام أباد وواشنطن تقاربا واضحا في الفترة الأخيرة، سيكون من المهم معرفة ما هي الضمانات التي يحاول الأمريكيون انتزاعها من ا لباكستانيين لتفادي أن لا يؤدي السلام في باكستان إلى تدهور أكبر في المسرح الأفغاني.
وعلى النقيض، فإن استمرار التوتر في المناطق القبلية الباكستانية سيبقي كابول في قلب المعادلة، لأن بعض فصائل حركة طالبان باكستان التي تلاحقها القوات الباكستانية عبرت الحدود ووجدت ملاذا آمنا في الجانب الأفغاني، وهو ما حدث في محافظتي كونار ونورستان الأفغانية التي تحولت إلى معاقل لطالبان باكستان، وحسب إسلام أباد فإن المخابرات الأفغانية توفر الحماية لهؤلاء، وإذا ما تأكدت هذه الإتهامات، قد يعني الأمر أن كابول تريد الانتقام من باكستان التي تأوي بدورها بعض فصائل مقاتلي طالبان الأفغانية, خاصة في وزيرستان, فمنذ سنتين أو ثلاث سنوات تجري عمليات الاحتواء والحماية المتبادلة هاته في معاقل المتمردين، وهو ما جعل الحدود الباكستانية الأفغانية عبارة عن برميل باردو قابل للانفجار في أية لحظة, خاصة أن هذه الحدود الموروثة عن حقبة الاستعمار البريطاني، خط دوران المرسوم سنة 1893 - ظلت دائما موضوع نزاع بين باكستان وافغانستان، وكابول لم تعترف أبدا بشرعية رسم الحدود الحالية وتعتبر أن جزءا من أراضيها الباشتونية انتزعت منها.
وفي كل الأحوال، فإن إحلال السلام في هذه المنطقة لا يعفي من التفكير في حل النزاع الترابي بين افغانستان وباكستان، ومادام هذا النزاع قائما ستكون هناك دائما قوى في اسلام أباد وفي كابول ستحاول استعمال قوى بالوكالة، سواء كانت طالبان أو غيرها, فوراء إشكالية السلام في باكستان كما في افغانستان، فإن هناك إشكالية هذه الحدود الباشتونية التي تلقي بظلالها باستمرار.
o بتصرف عن لوموند


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.