عرت دراسة دولية جديدة لمناخ الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن ثلاث نقط سوداء تشكل عقبات حقيقية أمام ممارسة الأعمال في المغرب وتتجلى في انتشار الفساد البيروقراطي و وطغيان الاقتصاد غير المهيكل وضعف منظومة التعليم في علاقتها بسوق الشغل. وكشفت الدراسة التي أجراها البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، ومجموعة البنك الدولي وبنك الاستثمار الأوروبي شملت مجموعة من دول شمال افريقيا والشرق الأوسط ، أن القطاع غير المهيكل في المغرب يشكل أبرز عقبة أمام ممارسة الأعمال بشكل سليم، واعتبرت الدراسة أن هذا القطاع غير المهيكل يمثل 47.3 في المائة من النسيج الاقتصادي الوطني إلى درجة أنه يساهم بنسبة كبيرة في الناتج الداخلي الخام للبلاد وصلت إلى 40 في المائة سنة 2014. ومن بين أسباب انتشار الاقتصاد غير المهيكل في المغرب وقفت الدراسة الدولية عند صعوبة الولوج الى سوق الشغل لاسيما من طرف الشباب والنساء وتزداد هذه الصعوبة حدة في العالم القروي ، وهو ما يدفع بهؤلاء إلى اللجوء لممارسة أنشطة صغيرة غير مهيكلة من أجل تفادي المشاكل البيروقراطية و التملص من دفع الضرائب. ووضعت الدراسة الفساد الاداري والرشوة في المرتبة الثانية ضمن أكبر العقبات التي تعرقل ممارسة الأعمال في المغرب وتقف في وجه تطوير المقاولات المغربية الصغرى لأنشطتها . وربطت الدراسة ظاهرة الرشوة في المغرب بالفساد الاداري حيث تتفشى المحسوبية والعلاقات الشخصية والهدايا السرية ودفع الإتاوات من أجل تسهيل وتسريع الإجراءات الإدارية والجمركية. وفي هذا السياق أظهرت الدراسة الاستقصائية أن 18.2 في المائة من المقاولات المغربية تضطر إلى دفع رشاوى أو إتاوات محددة للحصول على رخصة الإستيراد، واعتبرت الدراسة أن هذه النسبة هي الأعلى في منطقة شمال إفريقيا والشرق الاوسط ، حيث تمثل ضعفين ونصف المعدل السائد في المنطقة. ومن بين أوجه الفساد الضريبي في المغرب كشفت ذات الدراسة أن 7.5 في المائة من المقاولات المغربية تلجأ إلى دفع رشاوى للتملص من دفع الضرائب. وتتجلى ثالثة العقبات المطبطة لممارسة الأعمال بالمغرب في صعوبة ولوج القوى العاملة إلى سوق الشغل بسبب ضعف التكوين و عدم نجاعة منظومة التعليم الذي اعتبرت الدراسة أنه يبقى غير كاف لخلق المؤهلات الضرورية التي يتطلبها سوق الشغل ، على الرغم من أن الدولة ما فتئت تبذل مجهودا للرفع من نسبة التمدرس ورفع الجودة في المدارس والثانويات، وحسب خلاصات البنك الافريقي للتنمية فإن المشكل يكمن أساسا في عدم تطابق المؤهلات المطلوبة مع ما ما يقدمه النظام التعليمي الجامعي في المغرب، حيث 75 في المائة من الطلبة يتوجهون نحو شعب العلوم الإنسانية في حين أن 18 في المائة فقط يتوجهون نحو شعب التكوين العلمي والتقني والهندسي، وهي المجالات التي تقدم فرصا أوسع للحصول على مناصب الشغل.