شهدت رحاب المكتبة الوطنية بالرباط لقاء أدبيا ألّف بين الباحثة الأكاديمية حورية الخمليشي وبين ثلة من الأساتذة والطلبة المهتمين بالدراسات الأدبية،بغاية مناقشة مؤلَّفها حول «الشعر المنثور والتحديث الشعري». سلكت الباحثة في هذا المصنف طريقا علميا، فقد ناقشت وساجلت وانتقت ما يتلاءم والموضوع من مناهج وأدوات معرفية، جعلها تقتحم دراسة وتحليلا ونقدا مجال الأدب العربي، مثلما لم يُقتحَم من قبْل. استندت محاولة الأستاذة حورية إلى مفاهيم ومصطلحات، حرصت على إبراز خصوصيتها العلمية، كما أشار إلى هذا الأستاذ محمد أقوضاض في ورقته التي شملت -أيضا- مسار البحث الذي حققت فيه الباحثة جهدا في الحفر الاركيولوجي لمفهوم الشعر النثري مقاربة مع الشعر العمودي،في مقابل القصيدة النثرية، كما عرفتها الثقافة العربية، ابتداء من نجيب الريحاني في مطلع القرن الماضي، لتقدم لنا بذلك تصورا عاما حول الحداثة الشعرية. وفي مداخلته حول الغرض الذي سعت إليه الباحثة من خلال مغامرتها المسلّحة بأدوات معرفية ومنهجية، حاول الأستاذ عز الدين شنتوف،التمييز بين النثر والشعر،مشيرا إلى أن مثل هذا الأمر، طرح إشكالات، واختلفت حوله الآراء بشكل جعل من الصعب التمييز بين المنجز الشعري وغيره من الأجناس الأدبية المماثلة عبر توظيف اللغة كشكل يحتوي مجموعة من التصنيفات الإبداعية، وهو ما أكدته حورية الخمليشي في ختام اللقاء، مُعربة عن انشغالها المعرفي في مجال بات يستدعي المقاربة الأكاديمية المحصنة بمفاهيم علمية يتعين مراعاتها في نقد بنّاء قادر على التمييز بين القصيدة النثرية وبين الشعر المنثور،علما أن هذا الأخير كان له امتداد تاريخي في الأدبي العربي سابق على ظهور القصيدة النثرية. فالشعر المنثور- تقول الباحثة،يمكن تقفِّي أثره في العديد من النصوص العربية داخل أجناس من الكتابات المختلفة أ كانت أدبية أم فلسفية، أم صوفية،كما لايمكن بحال من الأحوال التغاضي فيها عن البعد الجمالي الذي تحضر فيه الأوزان الشعرية بصورة لا يتأتى معها نفي حضور الشعر المنثور في الثقافة العربية كتجربة سيشهدها الغرب لاحقا بعد تجربته الطويلة في نظم القصيدة النثرية، هاته الأخيرة التي سيعرفها الوطن العربي ابتداء من 1905 مع نجيب الريحاني على إثر تأثره بالتجربة الانجليزية. ويجب التنويه إلى أن الدكتورة حورية الخمليشي، قد صدر لها أيضا «لغة وتواصل في رحاب الجامعة» و «الخطاب الشعري العاشق والإبداع» فضلا عن دراسات شيقة أخرى بمنابر أدبية عربية متخصصة.