حمو الفاضلي، واحد من أولئك اللاعبين الذين تنفست فرقهم برئتهم، تألقت نجومهم بجهدهم، توازنت خطوطهم بحسن مراقبتهم وبجودة تمركزاتهم. قال عنه الأسطورة المدرب الراحل المهدي فاريا: " الفاضلي.. اللاعب الوحيد الذي يمكن أن يلعب لمبارتين متتاليتين دون توقف " لعب الفاضلي لثلاثة عشرة سنة في صفوف فريق الجيش الملكي، فاز معه بكل الألقاب والبطولات، ودافع عن قميص المنتخب الوطني لسنوات عديدة بل وكان أحد أهم صانعي التأهل لمونديال مكسيكو 1986. الفاضلي يروي هنا مذكرات وأسرار مشتركة بينه وبين فريق الجيش الملكي.. من خلف أسوار القلعة العسكرية المحصنة: n كما ذكرت من قبل، كان الحسن الثاني رحمه لله يتابع كل مبارياتنا الإفريقية، وكان دائم الاتصال بنا يشجعنا ويحفزنا. في الزايير، عندما انتهت مباراة النهاية بإحرازنا للكأس، كان الراحل الحسن الثاني أول المتصلين المهنئين. وأذكر أنه مباشرة بعد مغادرتنا للملعب، ونحن نستعد للرجوع إلى بلدنا المغرب، أخبرنا أن طائرة خاصة ستحل بتعليمات ملكية لنقلنا صوب باريس بفرنسا. في تلك الفترة، كان جلالة الملك في زيارة لفرنسا، وأبى إلا أن يخصص لنا استقبالا رسميا في مقر إقامته بباريس. عمت الفرحة صفوف اللاعبين، والطاقم التقني والطبي وكل مكونات الفريق العسكري، إنها أجمل هدية وأغلى مكافأة سنتلقاها نظير ما بذلناه من جهد في سبيل الظفر بالكأس الإفريقية هي أن نتشرف باستقبال ملكي. o كيف كانت أجواء الاستقبال الملكي؟ وماذا قال لكم الحسن الثاني؟ n من الزايير إلى باريس.. رحلة طالت وكأنها لم تكن لتنته.. كنا متشوقين للوقوف في حضرة جلالة الملك.. لقد كان حلم أي لاعب أن يقف في حضرة جلالته، فكيف وأن تقف فائزا منتصرا تتلقة التهنئة من ملك البلاد. من الطائرة في المطار، مباشرة إلى الفندق، حيث وجدنا البذلة العسكرية في غرفنا، وبسرعة، أمرنا بارتدائها، لنستقل حافلة كانت تنظرنا أمام بوابة الفندق وتتجه بنا صوب مقر إقامة جلالة الملك. في مدخل الإقامة الملكية، وجدنا جلالته يقف شخصيا يستقبلنا بابتسامة لن تنمح أبدا من ذاكرتي، كان واضحا من ملامحه أن إحرازنا اللقب الإفريقي أدخل على قلبه سعادة كبيرة. اصطففنا نتناوب على مصافحة جلالته، طبعا عبر التحية العسكرية، التي ما أن ننتهي منها حتى كان رحمه الله يمد يده لمصافحتنا. o عندما حان دورك لتحية الحسن الثاني، ماذا قال لك؟ n بصدق، كنا نحس بشعور غريب ونحن نقف أمام جلالته، شعور يمتزج فيه الحب والاحترام والتقدير والآمان والدفء الأبوي والخوف كذلك.. ملامح جلالته وإن كان مبتسما فالهيبة التي تنبعث منه كانت تجعل فرائصنا ترتعش.. وقفت أمام جلالته أديت التحية العسكرية، ثم مددت يدي، صافحني جلالته، نظر في عيني وقال لي: أنت الفاضلي؟ أجبت بنعم، ليضيف: آه أنت أخ جيلالي الفاضلي اللي لعب في مونديال السبعين في مكسيكو؟ قلت نعم سيدي.. ابتسم، ربت على كتفي وختم حديثه بالقول: تفضل ولدي دعانا جلالته لحفل شاي فاخر، حلويات ومشروبات من كل الأنواع، وفي لحظة خاطبنا جميعا: بارك الله فيكم.. كنتم رجال وشرفتم بلدكم.. أحيي فيكم كل الجهد الذي بذلتموه من أجل إحراز الكأس الإفريقية.. وكما وعدتكم، وأكيد مسؤولوكم أبلغوكم منذ فترة أنني سأكافئكم بمنحة مالية في حال تحقيق اللقب، واليوم وأنتم تتوجون بهذا اللقب، أقدم لكم المنحة التي وعدتكم بها لتوزعونها بينكم... تقدم الجنرال حسني بنسليمان، وتسلم من يد الراحل الملك شيكا بقيمة ثمانين مليون سنتيما. في نفس الحفل، أتذكر أن جلال الملك نادى على المدرب المهدي فاريا وسلمه ظرف يحمل مبلغا ماليا بدا من حجم الظرف أنه كان مبلغا كبيرا.. جلالة الملك كان وعد فاريا بمنحة مالية في حال تحقيق اللقب الافريقي، وبالفعل سلمها له نقدا أمامنا جميعا.