عمر بوسنة الرجل المراكشي الذي جعله التجنيد الاجباري في بداية السبعينات يعشق الجندية، فانخرط في القوات المساعدة ليجد نفسه أسيرا لدى جبهة الانفصاليين.. عمر بوسنة، واحد من 56 أسيرا من ابناء مراكش مازالوا يلتقون كل أسبوع بباب الجديد, يستحضرون تلك السنوات الطوال التي كانت بالنسبة إليهم جحيما وسعيرا.. عمر بوسنة، حكاية لمأساة إنسانية، يحكيها عمر للاتحاد الاشتراكي من خلال هذه الحلقات، حيث يكشف عن جرائم البوليساريو ضد الانسانية.. عن وحشيتهم في مخيمات ومعتقلاتهم, حيث القتل، والتعذيب والاغتصابات الجماعية للمحتجزات، ورمي جثث ضحاياهم للكلاب والذئاب والوحوش الضارية.. في احد الأيام قام الأسير الطيار المغربي لجودان المعطاوي بعملية فرار من سجن 09 يونيو ، بعدما تلقى رسالة من ابن له بالمغرب يحظى بمعزة أكثر في قلبه ، أخبره فيها بدخوله إلى المستشفى قصد إجراء عملية جراحية نتيجة مرض شديد ألم به ، خبر جعل هذا الرجل الطاعن في السن الوقور المحترم من طرف الجميع نظرا للأخلاق العالية التي كان يتسم بها بين الأسرى ، يقوم قبل بزوغ فجر ذلك اليوم دون أن يشعر به حراس البوليساريو بالفرار من هذا السجن ، وذلك اعتمادا على خطة محكمة سطر خطواتها من ذي قبل استعدادا للهروب من الأسر ، حيث تمكن بعد قطع مسافة لا يستهان بها في فيافي الصحراء من الاختباء وراء أكياس مملوءة بالعدس بمستودع تابع للبوليساريو خاص بمواد المؤونة بمنطقة تسمى الهلال بالصحراء المغربية ، لكن قدر له أن تسقط عليه هذه الأكياس لتضع نهاية لحياته ويلقى حتفه في غياب من ينقذه في هذا المستودع من الهلاك ، وفي الصباح عند مناداة الأسرى المغاربة بأسمائهم من طرف حراس البوليساريو قصد التأكد من حضورهم ، اكتشفوا غياب لجودان المعطاوي ، فقرروا البحث عنه بتتبع آثار قدميه بعدما تيقنوا من فراره ، لكنهم مسعاهم قد خاب لأن الرمال غطت هذه الاثارعن آخرها وجعلت من الصعب عليهم الاهتداء إلى مكان وجهته ، ففضلوا اللجوء إلى كاهن (شوّاف ) مشهور داعت شهرته فيما بينهم بالصحراء يلجأون إليه كلما اختلطت أوراقهم في قضية من قضاياهم ، حيث أنبأهم بعدما أجرى الخط في الرمل حسب عاداته معهم على أن لجودان المعطاوي لم يتجاوز الحزام الأمني المغربي ، وأنه يوجد الآن في بئر ( حاسّي ) كما يسمونه باللهجة الصحراوية ، وبعدما بحثوا منطقة لحمادة وجميع آبارها ولم يعثروا على المعطاوي كذبوا كل ما جاء في كلام هذا الكاهن الذي كانوا يؤمنون بصدق أقواله وأفعاله ، وهكذا رجع عناصر البوليساريو إلى الأسرى المغاربة وأخذوا يستنطقوننا مستعملين كل أساليب التعذيب التي لم يأت بها زمن من سلطان ، حيث ذهب ضحيتها الطيار المغربي الضابط موزون الذي فقد الحياة أثناء تعذيبه رفقة الأسير الناصري حين جردوهما من الملابس التي كانت على جسديهما ، كما جرت العادة أثناء قيامهم بعمليات استنطاقنا ، بعدما تم تعليق رجليهما في عمود من حديد في أعلى غرفة مبنية من الطوب الأسود مغطاة بصفائح من حديد ( الزن? ) ورأسيهما يتدليان إلى الأسفل داخل هذا المكان الذي يسمونه ( السّيلول) ، والحراس بالتتابع يتناوبون على إمطارهما بوابل من الضرب بواسطة قضبان حديدية والتعنيف اللفظي الماس بكرامتهما إلى أن جاءت ضربة قوية من عنصر من البوليساريو في رأس الطيار موزون التي على إثرها مات في الحين ، الشيء الذي جعلهم يتوقفون على الاستمرار في تعذيب الناصري وكذا العمل على إعادة عمليات الاستنطاق مع ما يفوق 400 أسير مغربي بسجن 09 يونيو و من ضمنهم أسير فقئت عينه خلالها وهو أسير مغربي يوجد اليوم بنواحي ورزازات حي يرزق ، ورغم ذلك لم يتوصلوا إلى أية نتيجة يمكنها أن تدلهم على مكان لجودان المعطاوي..