عمر بوسنة الرجل المراكشي الذي جعله التجنيد الاجباري في بداية السبعينات يعشق الجندية، فانخرط في القوات المساعدة ليجد نفسه أسيرا لدى جبهة الانفصاليين.. عمر بوسنة، واحد من 56 أسيرا من ابناء مراكش مازالوا يلتقون كل أسبوع بباب الجديد, يستحضرون تلك السنوات الطوال التي كانت بالنسبة إليهم جحيما وسعيرا.. عمر بوسنة، حكاية لمأساة إنسانية، يحكيها عمر للاتحاد الاشتراكي من خلال هذه الحلقات، حيث يكشف عن جرائم البوليساريو ضد الانسانية.. عن وحشيتهم في مخيمات ومعتقلاتهم, حيث القتل، والتعذيب والاغتصابات الجماعية للمحتجزات، ورمي جثث ضحاياهم للكلاب والذئاب والوحوش الضارية.. الأسرى الدين فشلوا في الفرارتم تعذيب ثلاثة منهم أشد العذاب أمام أعين باقي الأسرى ، في حين لاحظ الجميع غياب قابة الميكانيكي ، وما هي إلا أياما قليلة حتى وصلنا خبر وفاة هذا الرجل وقت تعذيبه ، وقد أخبرنا بذلك طبيب عسكري مغربي أسير مكلف بالتوقيع على رخص دفن موتانا تحت الضغط دون ذكر أسباب الموت وتسليمها إلى البوليساريو ، ومباشرة بعد علمنا بهذه الفاجعة ذات مساء ، سلمت لنا جثة المرحوم قابة في صباح اليوم الموالي وأمرنا الحراس بدفنه بالمقبرة الخاصة بموتى الأسرى المغاربة ، هؤلاء الموتى الذين ساهمت في دفن عدد منهم يزيد عن 48 أسيرا مغربيا ، حيث منعنا من غسلهم بل دفناهم بما على أجسادهم من ملابس بعدما أجبرنا تحت ضغط حراس البوليساريو على الاقتصار فقط على لفهم داخل كساء ، ومازلت أعلم إلى اليوم أماكن قبور هذا العدد من الموتى رحمهم الله ، و رغم هذا الحادث المؤلم لم تتوقف عمليات تعذيب الأسرى المغاربة الثلاثة الذين رافقوا المرحوم في محاولة الفرار ، حيث دامت مدة تزيد عن شهرين من الزمن ، لدرجة أن ملامح وجوهم لم تعد واضحة للعيان بفعل كثرة الجراح الناجمة عن شدة الضرب بقضبان من حديد ، كما علت أجسادهم وكست جميع أطرافها زرقة وانتفاخا ، مما دفع بنا أن نطلب من طبيبنا الأسير المغربي السهر على صحتهم إلى أن استرجعوا قليلا من عافيتهم بعدما دوامنا على مدهم بكميات من دمائنا كلما تطلب الأمر ذلك ، هذه الدماء التي كنا نجبر من طرف عناصر البوليساريو على تزويد مرضاهم ومعطوبي الحرب منهم بها أثناء إجراء عمليات جراحية ، إذ منا من تؤخذ منه دماؤه على الدوام بالقوة من ثمان إلى عشر مرات في الشهر ، وكان من ضحايا هذه العمليات أحد الأسرى المغاربة المسمى البوط من نواحي تازة ، حيث يجبر مباشرة بعد إزالة هذه الدماء على مزاولة عمله دون خلوده إلى الراحة أو مده بكأس حليب على الأقل حفاظا على صحته ، إذ لا يجد الأسير من عناصر البوليساريو إلا معاملات وحشية همجية ما يميز به الخالق سبحانه حيوان الغاب عن البشر ، ومن الطرائف التي حدثت بهذا السجن أنه في يوم من الأيام أخذ طبيب من البوليساريو كمية من الدم دون التعرف على الفصيلة من أسير مغربي اسمه الهاشمي هو أيضا من تازة وأعطوه لزوجة أحد مسؤولي البوليساريو التي أجرت عملية جراحية ، حيث أنه في الغد نتج عن تزويد هذه المريضة بدم الأسير المغربي حساسية حادة زادت من آلامها ، فوضع هذا الأسير تحت التعذيب وأثناء ضربه كانوا يقولون له : » علاش ما?ولتي لينا بأن دمك ما يصلحشي نعطوه لهاذ لمرا لمريضة ؟ « ، فأذاقوا هذا المسكين أشر عذاب بسبب جهلهم وعدم تمكن أطبائهم من الخبرة الكافية في الطب ، حيث أن الدماء كانت تؤخذ من الأسرى المغاربة وتعطى للمرضى دون القيام بتحاليل مختبرية لها قصد معرفة فصائلها ، مما يؤكد على أن الأطباء الكوبيين و الجزائريين و الصحراويين المتدربين المعتمد عليهم في رعاية صحة المحتجزين بسائر المخيمات الصحراوية بتندوف كانوا يخبطون خبط عشواء ، وليس بينهم وبين مهنة الطب إلا ما يفصل من مسافة بين الأرض و السماء .