عمر بوسنة الرجل المراكشي الذي جعله التجنيد الاجباري في بداية السبعينات يعشق الجندية، فانخرط في القوات المساعدة ليجد نفسه أسيرا لدى جبهة الانفصاليين.. عمر بوسنة، واحد من 56 أسيرا من ابناء مراكش مازالوا يلتقون كل أسبوع بباب الجديد, يستحضرون تلك السنوات الطوال التي كانت بالنسبة إليهم جحيما وسعيرا.. عمر بوسنة، حكاية لمأساة إنسانية، يحكيها عمر للاتحاد الاشتراكي من خلال هذه الحلقات، حيث يكشف عن جرائم البوليساريو ضد الانسانية.. عن وحشيتهم في مخيمات ومعتقلاتهم, حيث القتل، والتعذيب والاغتصابات الجماعية للمحتجزات، ورمي جثث ضحاياهم للكلاب والذئاب والوحوش الضارية.. أثناء تربية الأطفال المهجرين الى الدول السالفة الذكر يرسخون في أذهانهم على أن آباءهم و أمهاتهم قد قام المغرب بقتلهم قصد زرع الكراهية في قلوبهم لبلادهم المغرب ، وعندما أصبحوا شبابا يافعين وعادوا إلى مخيمات لحمادة ، اكتشفوا حقيقة الأمر بحيث أن منهم من توصل إلى التعرف على أمه وبأن أباه مازال حيا يرزق ، وأدرك على أن كل ما سبق له أن سمعه ممن كان عنده و أشرف على تربيته وتعليمه ما هو إلا عبارة عن أكاذيب وأساطير الغرض منها النيل من المغرب ضد وحدته الترابية ، وهذا بدأ ينتج عنه داخل المخيمات رد فعل هؤلاء الشباب الصحراويين المغاربة ، حيث نظموا عدة عمليات انتقامية داخل المخيمات في مواجهة مع عناصر البوليساريو ، مما جعل رئيس عصابة البوليساريو عبد العزيز المدعو المراكشي لا اليستقر له ساكنا داخل كل مخيم حل به من مخيمات لحمادة ، حيث أصبح لا يعرف أي أحد مكان تواجده سواء من المحتجزين و الأسرى أو حتى من أغلب عناصر البوليساريو ، وذلك من باب الاحتياط خوفا منه عن روحه من القتل بعدما اكتشفت نواياه الحقيقية من خلال كل هذه الأشياء المفتعلة بالصحراء المغربية بتنسيق مع بعض الدول الموالية للجزائر والبوليساريو . ذات صباح قامت مجموعة من عناصر البوليساريو بحمل عدد من الأسرى المغاربة إلى مزرعة تسمى « النخيلة « ، هذه المزرعة التي تبلغ مساحتها هكتارا على وجه التقريب وتعتبر المزود الرئيسي للانفصاليين بالخضر والدجاج بمنطقة لحمادة بتندوف ، وقد كنت من ضمن هؤلاء الأسرى ، حيث عملوا على تقسيمنا وتكليفنا بعدة مهام ، منها الفلاحة و العناية بالدجاج والنجارة و الميكانيك ، أما أنا فقد كلفوني بأن أكون مساعدا لرصاص مغربي اسمه غربال من مدينة أزرو المغربية يقوم بإصلاح الأنابيب وقنوات الماء ، وبعد مضي سنتين وأنا برفقة هذا الرجل حيث تعلمت هذه الحرفة وتربت بيني وبينه ألفة كبيرة أقلقت راحة حراس البوليساريو ، فعملوا على ابعاد أحدنا عن الآخر ، وأخذوا يكلفوني بالقيام بعدة إصلاحات فيما يتعلق بتوزيع الماء في مختلف الأماكن بمنطقة لحمادة ، وكانت أول خرجة لي في هذا الإطار إلى ما يسمونه المدرسة العسكرية الوالي مصطفى السيد ، وهي عبارة عن مكان بنيت فيه سبع غرف بالطوب الأسود صغيرة الحجم جد ضيقة ، خمسة منها خصت للمتدربين العسكريين الشباب على حمل واستعمال السلاح الناري والأبيض وطريقة المواجهة بين الجنود ، هذا التدريب الذي يجرون حصصه الرسمية لسنوات طويلة بدولة كوبا ذكورا وإناثا ،حيث تتعرض الفيات الصحراويات هناك إلى الاغتصاب من طرف الكوبيين ، ولا من يحرك ساكنا من قياديي البوليساريو احتجاجا أو استنكارا لما يحدث لهؤلاء الفتيات ، كما أن بهذه المدرسة العسكرية التي صرت أعمل فيها تحت الحراسة المشددة لعناصر البوليساريو بالصحراء المغربية غرفة كنت في البداية أنام فيها لوحدي ، وغرفة خاصة لحراس البوليساريو ، وبعد أن قضيت مدة شهرين بهذا المكان أتوا بأحدى عشر أسيرا مغربيا ، حيث صار عددنا اثنى عشر أسيرا ننام كلنا في غرفة واحدة ، وأثناء عملنا نهارا هناك منا البنائين والميكانيكيين والحدادين ، وبعد مرور شهرين من الزمن أضافوا إلينا عددا من الأسرى المغاربة كانت مهمتهم إزالة الأحجار يوميا من أرض هذه المنطقة من بزوغ الشمس إلى غروبها ، وفي يوم من الأيام حاول أخونا طلحة من قلعة السراغنة أن يقوم بعملية فرار بعدما أحس بالذل والمهانة ولم يعد يحتمل ، لكن للأسف باءت محاولته بالفشل ، فكنا جميعا ضحايا محاولة عملية الفرار هذه الفاشلة ، حيث تعرضنا مدة اثنى عشر يوما لمختلف أنواع التعذيب لدرجة امساك العضو التناسلي للأسير بكلاب المسامير أو ( لبّانس ) والضرب المبرح نهارا بقضبان حديدية غليضة السمك من أجزاء الشاحنات وأثناء الليل لا يتركوننا نخلد إلى النوم بغية حرماننا من الراحة ، نفس ما تلقاه من تعذيب بأشد قسوة أخونا طلحة السرغيني دون شفقة ولا رحمة إلى أن فارق الحياة رحمه الله سنة 1990 ، ومنا من فقعت إحدى عينيه أو تكسرت أسنانه أو فك فمه أو تكسر أحد أعضائه في هذه الواقعة ، وعندما تمت عملية تنقية هذه الأرض من الأحجار أرجعونا جميعا إلى مركز الرابوني.