عمر بوسنة الرجل المراكشي الذي جعله التجنيد الاجباري في بداية السبعينات يعشق الجندية، فانخرط في القوات المساعدة ليجد نفسه اسيرا لدى جبهة الانفصاليين.. عمر بوسنة، واحد من 56 أسيرا من ابناء مراكش مازالوا يلتقون كل أسبوع بباب الجديد يستحضرون تلك السنوات الطوال التي كانت بالنسبة اليهم جحيما وسعيرا.. عمر بوسنة، حكاية لمأساة انسانية، يحكيها عمر للاتحاد الاشتراكي من خلال هذه الحلاقات، حيث يكشف عن جرائم البوليساريو ضد الانسانية.. عن وحشيتهم في مخيمات ومعتقلاتهم حيث القتل، والتعذيب والاغتصابات الجماعية للمحتجزات، ورمي جثث ضحاياهم للكلاب والذئاب والوحوش الضارية.. وقد أسفرت تحركاتنا إضافة إلى ما عاينه ممثلو هذه المنظمات الدولية على قطع العديد من الإعانات الخيرية التي كانت تبعث إلى محتجزي تندوف ، حيث كانت تفد على جبهة البوليساريو خلال كل سنة عدة قوافل من الشاحنات المحملة بمواد مختلفة من ألبسة و أدوية ومعلبات غذائية و قطع غيار خاص بالسيارات و الشاحنات وأجهزة ثلاجات و تلفزات ...، هذا بعدما تمر هذه القوافل عبر الجزائر ويقوم مسؤولوها بأخذ كل ما يستهويهم من هذه المواد ، وحين تصل عند قادات البوليساريو يدخلونها إلى أحد المخيمات حيث يعطون الأوامر إلى أتباعهم داخل المخيم الذين يقومون في بادئ الأمر بنفس ما قام به من سبقوهم في الجزائر إلى أن تبقى على شاحنات هذه القوافل سوى الأشياء غير المرغوب فيها ، أنذاك يعلنون عبر مكبرات الصوت على قدوم قافلة محملة بالمواد وأن الجميع داخل المخيم سيتوصل بنصيبه ، حيث يسلمون للمحتجزين مجموع التموين الشهري لكل فرد في الأسرة ، هذا التموين الذي يتكون من علبة سردين وكيلو من مسحوق الحليب المجفف وكأس صغير من الشاي وكيلو سكر ( سنيدة ) و كليو روز وعدس وفصوليا ودقيق ، هذا القدر من المواد يسلم كذلك كواجب شهري إلينا أيضا لكل واحد من الأسرى المغاربة بفضل عدة مبادرات غير مكشوفة قمنا بها عند اتصالنا المباشر بمسؤولي الصليب الأحمر الدولي قصد استفادتنا من هذا التموين الشهري الذي كنا لا نذوق له طعما رغم أننا كنا نساهم في توزيع مواده على المحتجزين ، الشيء الذي دفع بهؤلاء المسؤولين على أن يجبروا قياديي الانفصاليين بتندوف على استفادة الأسرى المغاربة هم أيضا من حقهم في هذا التموين الغذائي الشهري ، وبما أننا كنا نشارك في عمليات توزيع مواد هذا التموين اكتشفنا عدة أشياء تدعو إلى الغرابة ، حيث كان قياديو البوليساريو يقومون بالنسبة للتعامل مع هذه الإعانات اقتداء بما سبق أن قام به مسؤولو الجزائر ، هؤلاء الذين يعمدون إلى نزع اللفائف الورقية لهذه المواد الغذائية و بعد تغيرها بلفائف أخرى بغية عدم التعرف على مصدرها تباع لتجار في أسواق بموريتانيا ، ولما علمت إحدى هذه المنظمات بما يحصل بالنسبة للإعانات التي تبعث بها إلى محتجزي المخيمات والأسرى المغاربة فرضت على عناصر البوليساريو على أن يشرف مسؤولو هذه المنظمة بأنفسهم على عملية توزيع هذه الإعانات ، حيث قامت ذات يوم بتوزيع مادة الدقيق والبيض والزيت ثم رحلت عن مخيمات تندوف ، وما إن رحلت حتى تحركت عناصر البوليساريو طالبة من المحتجزين ومنا أيضا إرجاع ما توصلنا به من مواد تحت ذريعة حصول خطأ في التوزيع ، ولم يسجل قط أن أحدا تجرأ بأن يحتج أو يرفض إرجاع هذا التموين خاصة من المحتجزين بل أنهم جميعا كانوا يسارعون بتنفيذ أوامر قادة البوليساريو ، نتيجة أنهم مغلوبون على أمرهم خوفا من أن يخضع أحدهم للتعذيب ، كما يشعر بالأمل على أن هذه الاستجابة ستساعده في يوم من الأيام على أن يستفيد من امتيازات أخرى حسب اعتقاده من ضمنها حصوله على ما يسمونه « التسريح « لزيارة موريتانيا أو إسبانيا بعد أن يترك وراءه كضمانة لدى البوليساريو أفراد عائلته أو أسرته بالمخيمات بعدما يدفع آلاف الدينارات بالعملة الجزائرية لشراء هذه الرخصة لمغادرة تندوف بآلاف الدنانير من العملة الجزائرية وفق سعر محدد من طرف قياديي البوليساريو .