اعتقلت السلطات السويسرية في?27 ماي عددا من مسؤولي ?الاتحاد الدولي لكرة القدم، بينهم اثنان من نواب الرئيس، بطلب من القضاء الأمريكي بعد توجيه اتهامات بالفساد لهم. وأوضح بيان وزارة العدل الأمريكية أن الاتهامات شملت التآمر للتربح والتزوير وغسل الأموال، ضمن مخطط استمر أكثر من عشرين عاما.. وجاء الإيقاف بناء على الحقائق التي قدمها مكتب المدعي الأمريكي، وتحقيقات منفصلة تجريها الهيئة التابعة للجنة القيم في الفيفا. فما الذي جعل السلطات القضائية تنتظر كل هذا الوقت لفتح ملف شائك يتعلق بامبراطورية الكرة العالمية؟ فهل يتعلق الأمر فقط بمحاربة الفساد الكروي فقط؟ ولماذا لم يتم إدراج الولاياتالمتحدة في الاتهامات التي تم إلصاقها بالعديد من الدول التي حظيت بشرف تنظيم المونديال والتي لم تحظ به بعد ترشحها لذلك، علما أنها نظمت المنافسة على أرضها بعد فوزها على المغرب؟ وهل يتعلق الأمر فقط بتصفية حسابات مع بلاتر الذي منح التنظيم لقطر، أم أن فوز روسيا بالنسخة القادمة له علاقة بالموضوع، بعد أن أشارت وسائل إعلام روسية إلى «مؤامرة أمريكية « لمنع تنظيم كاس العام 2018 في روسيا؟ كما أصدرت الخارجية الروسية بيانا هاجم اللجوء « غير المشروع « للقانون الأمريكي في هذه القضية، وطلبت من واشنطن وقف « المحاولات لتطبيق قوانينها خارج حدودها». حيث قال الرئيس الروسي بوتين، إن جوهر فضيحة الفساد ليس إلا « منع إعادة انتخاب « جوزيف بلاتر رئيسا للفيفا، وذلك لأنه قاوم « ضغوط» الساعين لإقناعه بالعودة عن اختيار روسيا لاستضافة كاس العالم 2018. إن خيوط القضية متشابكة، ويتداخل فيها الرياضي والسياسي والاقتصادي، حيث أكد الدكتور سعيد اللاوندي، الخبير بالعلاقات الدولية بمركز الأهرام الإستراتيجي في تصريحات صحفية، أن تصارع القوى العظمى لتنظيم كأس العالم يؤكد أن الرياضة ليست بمعزل عن السياسة، حيث أن الدولة المستضيفة لكأس العالم تستفيد من منافع مادية واقتصادية، وأن تنظيم كأس العالم يرتبط بالسياسة، حيث اعتبره بابا لإنهاء الأزمات السياسية. وبالرجوع إلى ما نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، يتضح أن البعد الرياضي هو آخر ما يحرك هذه القضية. فقد قالت الصحيفة، إن فوز قطر بحق تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2022، أثار الشكوك بين المسؤولين الأمريكيين، لافتة إلى أنه فى نوفمبر 2010، سافر الرئيس الأمريكى السابق بيل كلينتون والمدعى العام فى هذا الوقت إريك هولدر إلى زيوريخ من أجل الحشد لصالح منح الولاياتالمتحدة حق استضافة البطولة.. لكن الأمريكيين لم ينجحوا، وبدلا من ذلك أصبحت قطر الإمارة الخليجية الصغيرة والثرية أول دولة عربية تحصل على حق تنظيم البطولة، وأدى هذا القرار إلى انتقادات عنيفة. وتضيف الصحيفة قائلة: إنه حتى قبل أن يغادر كلينتون وهولدر سويسرا، كان هناك كثير من الحديث عن عملية « شراء القرار» حسبما قال شخص مطلع على محادثات سرية بين مسؤولين أمريكيين في سويسرا، وساعد القلق من حدوث فساد عميق فى الفيفا على إجراء تحقيق في الاتحاد والطريقة التى تم بها منح حق تنظيم كأس العالم، وبدء التحقيق في مكتب المدعى العام الأمريكي في بروكلين. وقالت لوريتا في مقابلة مع الصحيفة، إن هناك الكثير من الأشياء التي أدت إلى بدء التحقيق، فكانت هناك مزاعم بالفساد داخل الفيفا لبعض الوقت. وأشرفت لينش على التحقيق في الفيفا لحوالى خمس سنوات، وأنهى المحققون خططهم بإجراء عملية اعتقال المسؤولين المشتبه بهم في سويسرا مع بدء لينش منصبها الجديد كمدعية عامة. وأعلنت لينش لائحة الاتهام ضد مسؤولى الفيفا المتورطين في تلقى الرشاوى والعمولات عاما بعد عام، وبطولة بعد أخرى، وبينما ركزت قضية وزارة العدل الأمريكية على قرار منح حق تنظيم كأس العالم 2010 لجنوب أفريقيا، استمر التحقيق ليشمل منح بطولة 2018 لروسيا، و2022 لقطر، وأضافت لينش أن السلطات السويسرية تواصل التحقيق في منح حق تنظيم بطولات أخرى. ما نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، يبين أن القضية لا تتعلق بتخليق اللعبة والقضاء على المفسدين بالفيفا، وإنما تشتم منها رائحة تصفية الحسابات، خاصة وأن بعض المراقبين يغمزون نحو روسيا، وما قد يحققه كأس العالم 2018 من إشعاع وعائدات مالية قد تفك بعض العزلة التي تسببت فيها لغة شد الحبل بين الدب الروسي والغرب بعد أزمة أوكرانيا وغيرها، إضافة إلى أن الاتحاد الدولي لكرة القدم يبقى لحد اليوم مستعصيا على الأمريكيين، نظرا للثقل الذي يتمتع به في عالم اليوم اقتصاديا وسياسيا ورياضيا، أما اقتصاديا فآخر رقم لمداخيل هذه المؤسسة الكروية العملاقة للسنة الماضية تجاوز حاجز المليار دولار، منه نحو 200 مليون دولار صافي أرباح.