عاد حزب العدالة والتنمية، ليهاجم مهرجان "موازين"، لكن هذه المرة بمبررات أخرى، من قبيل الحكامة أو تزامن تنظيمه مع فترة الامتحانات... وغيرها من المبررات التي تحاول التستر على الموقف الحقيقي لهذا الحزب من الفن والغناء والرقص. وهو يحاول، حاليا، بسبب مشاركته في الحكومة، البحث عن صيغ أخرى، أقل "إيديولوجية" من الصيغ السابقة، التي كانت استعملتها بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والأسرة، بصفتها نائبة برلمانية، سنة 2011، والتي ادعت فيها أنها تتحدث باسم كل الشعب المغربي، ووصفت المهرجان بأنه ينشر "البورنوغرافيا"، ويحرض على الإباحية والخلاعة، وغيرها من الأوصاف والنعوت... خففت الوزيرة، موقفها، في استجواب مع قناة العربية سنة 2014، و وصفتما يحصل ب"تجاوزات"... لكن مع ذلك، يظل العداء للمهرجانات الفنية، لدى هذا الحزب، موقفا ثابتا، رغم المساحيق التي يحاول بها تزيينه لإخفاء حقيقته الظلامية. وقبل توضيح كل هذا، لابد من التعليق على نظرية الحديث ب"اسم الشعب"، حيث لا يمكن تقبلها، في كل مناحي الحياة، وخاصة في ميدان الثقافة والفنون وحرية الإبداع... حيث يختلف الناس داخل المجتمع في أذواقهم وقناعاتهم ومشاربهم الفكرية، ولا يمكن، في النموذج الديمقراطي، لأي حزب أو تنظيم دعوي، ولو كان إخوانيا، أن يقولب ذوق المجتمع واختيارات الناس الفنية والثقافية، أو أن يلجم حرية الإبداع. أما في ما يتعلق بالموقف من "موازين"، فهو يدخل في سياق التوجه الرجعي للعدالة والتنمية، وتنظيمه الدعوي الأم، ليس فقط تجاه هذا المهرجان، بل ضد كل برامج الغناء والرقص في القنوات العمومية، وضد الأفلام، ومنها المكسيكية، التي وصفت ب "الماخور"، وضد أغنية "اعطيني صاكي"، للداودية، وغيرها من تجليات الفكر الظلامي، الذي لا يختلف في شيء عن العقيدة الإخوانية، التي تناهض حرية الفن والثقافة والإبداع، بتهمة نشر الإباحية والخلاعة... نتمنى أن يتحلى وزراء هذا الحزب وقياديوه ومنظروه، بالشجاعة، ويتمسكوا بموقفهم الأصلي من الغناء والرقص وأشكال التعبير، التي ينظرون إليها بأعين الفقهاء المتشددين، حتى تتم المناقشة والجدل على أسس واضحة من الاختلاف في الرؤية الثقافية والفكرية، أما أن يختلقوا الآن، تبريرات جديدة للتستر على قناعتهم الرجعية، فإن المسألة أخطر، لأنها تؤكد أننا أمام جماعة لا تختلف في منهج "التقية"، عن كل الجماعات الدعوية.