أقدمت العديد من البلدان العربية من بينها تونس، مصر،...على تعليق أو إلغاء العديد من التظاهرات الفنية استجابة لأجواء التغيير الديمقراطي، لماذا في نظرك يظل المغرب استثناءا في هذا الأمر؟ بداية وباعتباري فنانا مغربيا لا يمكن أن أكون ضد المهرجانات بشكل عام، ولكن بعضها وبشكل خاص مهرجان موازين فإنه ينبغي أن يتوقف كما يطالب بذلك اليوم كل المغاربة الأحرار بالنظر إلى اعتبارات عديدة ومختلفة، وبالتالي فلا يمكنني أن أخرج عن إرادة المغاربة وتطلعاتهم المشروعة. فأن تقدم القاهرة على إلغاء مهرجان دولي فهذا تفسيره بأن السيادة عادت للشعب المصري وأن شباب ميدان التحرير وعموم المصريين أثبتوا أنهم في حجم هذه اللحظة التاريخية التي هرم الكثير منهم لأجلها. وهو الأمر ذاته الذي ينسحب على الشباب التونسي فبعد عقود من القمع والتسلط والتحكم في الحياة العامة عبر سياسة الحزب الواحد ها هم اليوم سيتعدون المبادرة والفعل، وطبيعي أيضا أن يلغوا كل مهرجانات سنة 2011 ما دام الشعب أراد وكان له ما أراد. وبالنسبة للمغرب فعلى الأقل كان يفترض أن تراعى الجوانب الإنسانية فلا يعقل أن يقام مهرجان بعد أسابيع من وفاة 16 شخص من مغاربة وغيرهم في مراكش، كما أن هناك الجانب الاقتصادي بالنظر إلى الأموال الباهظة والضخمة التي تصرف على هذا المهرجان فالشعب المغربي يعاني من أمور عدة، منها لفقر والبطالة وغياب السكن والعديد من مقومات العيش الكريم. والمغاربة يقولون «إيلا شبعت لكرش كتقول لراس غني» فكيف تنفق الملايير اليوم على الغناء وعلى غرباء عن الثقافة المغربية وهناك مغاربة جائعون. إذن فهذا الإصرار وراء الإثارة الرخيصة يشكل استفزازا مباشرا للشعب المغربي وهذه أمور قد تتطور إلى ما لا تحمد عقباه. وفي تقديري أن هذا الأمر هو ما نادى به الشارع المغربي خلال كل خرجاته وهو ما عبر عنه في البرلمان وأيضا من قبل العديد من الفنانين والمثقفين إلا هذه الأقلية المنظمة، فلا ندري لماذا تصر على معاكسة الإرادة الشعبية. المنظمون يقولون أنكم ضد الفن وتروجون للفكر الظلامي ، وترفعون هذا الخطاب لتتستروا وراءه، ما تعليقك؟ هذا كلام مردود عليهم لأن الشرائح المغربية التي عبرت عن موقفها من مهرجان اختلال الموازين هي فئات عريضة ومختلفة حد التناقض وهذا ما عبر عنه في خرجات 20 فبراير وأيضا في مسيرات فاتح ماي وفي المنسقية الوطنية المناهضة لمهرجان موازين، وبالتالي فكلامهم ذلك لا يمكن تصنيفه إلا في إطار الإرهاب الفكري والتوجه الإقصائي الاستئصالي الذي يريد تغييب آراء ملايين المغاربة باستخدام فزاعة التفكير الظلامي، وهذه أمور لم تعد تنطلي على أحد. وبالتالي إذا كان أولئك ينظرون ويقرؤن ويسمعون فصوت ملايين المغاربة واضح في الموضوع أما إن لم يكونوا كذلك فتلك مصيبة أخرى. ثم لماذا لا يكون ثمانين بالمائة من المشاركين مغاربة ولما الفنان المغربي مهمل ولا يتذكر إلا عند مماته. وبالتالي فاعتبارات إلغاء هذا المهرجان هي جد متعددة ومختلفة وليحذر كل مصر على معاكسة إرادة الشعب المغربي في التغيير وفي التطلع إلى نيل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. أنت فنان ساخر من مدينة مراكش الحمراء كيف تنظر إلى الأمسية التي يعتزم منظمو موازين إقامتها في نهاية الشهر الجاري على مقربة من مكان سقوط الضحايا بساحة جامع الفنا؟ خطوتهم هذه هي بمثابة هروب إلى الأمام ، وإذا أرادوا التضامن مع ضحايا الإرهاب فعليم إلغاء المهرجان وأن يبقوا في أماكنهم فإنه غير مرحب بهم لأن خطوتهم هذه هي بمثابة الرقص على جراح الشعب المغربي. ونقول لهم إن مراكش ليست في حاجة لكم ويكفي مراكش فخرا آلاف الشباب والشيوخ ووفود الرياضيين والفنانين وكل العالم الذي تضامن مع مراكش بطرق حضارية لا بالرقص على الجراح وتبديد المال العام. وأقول إن التضامن يبتدئ أولا بإلغاء المهرجان.