سوف تعرف دورة 2010 من مهرجان موازين والتي تنطلق يوم 21 من الشهر الجاري وتستمر إلى غاية 29 منه حضور مجموعة من أكبر نجوم الموسيقى العالميين مثل كارلوس سانتانا ، إلتون جون ، ستينغ ، خوليو إيغليسياس . بيبي كينغ... حضور نوعي يترجم مدى النضج الفني والتنظيمي الذي وصله المهرجان عبر الدورات ، ومدى المصداقية التي أصبح يتمتع بها في الوسط الفني العالمي ، لكنه لم يسلم من إثارة جدل غير فني حين دعا حزب سياسي مغربي إلى منع حضور الفنان البريطاني إلتون جون بالاستناد إلى قاعدة حياته الشخصية وليس قيمته الفنية.. فيما يلي حوار مع المدير الفني للمهرجان عزيز داكي يستعرض فيه جديد الدورة الحالية ويجيب عن هذا البوليميك الذي لا يمت لعالم الفن بصلة. هل يمكن القول إن برمجة دورة 2010 يستحق عليها «موازين» صفة مهرجان إيقاعات العالم ...؟ نعم يمكننا قول ذلك، واعتبار برمجة دورة 2010 برمجة يستحق عليها «موازين» صفة ولقب مهرجان إيقاعات العالم، وهذا ليس كلاما عاما يطلق على عواهنه، وإنما يترجم ويتجسد على أرض الواقع من خلال العديد من الأرقام والمعطيات، منها عدد الدول المشاركة في «موازين» هذه السنة والتي تصل إلى خمسين دولة من خمس قارات، وهذا يفسر بحرصنا على مشاركة أكبر عدد من الدول وإتاحة الفرصة لمختلف الأشكال والأنواع الموسيقية والإيقاعات وكذا الثقافات للحضور بمدينة الرباط، وألا يقتصرهذا الحضور على نوع موسيقي أو ثقافة معينة دون غيرها، وبكل صدق فإننا نحاول أن نجعل من الرباط أرضية عالمية للموسيقى والثقافة، وهكذا فإن مهرجان «موازين» يشكل ملتقى للعديد من الثقافات من مختلف الدول والقارات، حيث نجد حضور ثقافة أمريكا اللاتينية والهند والصين وأذربيجان وإفريقيا، وهذه الثقافات كلها لها جمهورها والمتعطشون لها وللاستمتاع بها. مهرجان «موازين» لا يتميز فقط بحضور الإيقاعات والأشكال الموسيقية المتنوعة من مختلف البلدان والقارات ولكن أيضا بحضور نجوم هذه الألوان الموسيقية ...؟ يمكن أن أقول لك إن مهرجان «موازين» ومع توالي السنوات والدورات أصبحت له مصداقية عالمية سواء من ناحية الوسائل التقنية أو اللوجيستية المستعملة في تنظيمه أو جودة استقبال الفنانين والضيوف، ولكن العنصر المهم هو جمهور المهرجان الذي يحضر بكثرة ويتابع العروض بشغف كبير ويتجاوب مع الفنانين بحماس منقطع النظير، وهذا ما يجعل الفنان يستغرق في الحفل الذي يحييه أكثر من الوقت والحيز الزمني المتعاقد عليه والكل يعرف ماتساويه دقيقة من حفلات النجوم الكبار، وفي كثير من الأحياء نتلقى شهادات ورسائل من هؤلاء النجوم ووكلاء أعمالهم بعد حضورهم لإحدى دورات مهرجان «موازين» تشيد بحسن الاستقبال وتعبر عن انبهارها بحضور الجمهور وتجاوبه الكبير معهم ومع عروضهم الفنية . بالنظر إلى مستوى التنظيم والاستقبال وتجاوب الجهمور هل يمكن القول إن مهرجان «موازين» اكتسب علامة جودة مقارنة مع باقي المهرجانات العربية أو العالمية ...؟ أؤكد وأعيد التأكيد على أن مهرجان «موازين» أصبحت له مصداقية وسمعة عالمية ونحن عندما نتكلم عن نجوم كبار من حجم الفنانين الذين سيقدمون عروضم في حلبة السويسي من أمثال ستينغ، سنتانا وإلتون جون وميكا وبيبي كينغ، فهولاء النجوم لا يقبلون الدعوة والحضور بسهولة، فبالإضافة إلى مصداقية المهرجان وسمعته هناك رغبة هؤلاء الفنانين في الحضور، والحمد لله يمكنني أن أقول لك إنه ليس فقط «موازين» ولكن المغرب ككل هو وجهة تجذب هؤلاء الفنانين النجوم والكثير منهم يعبرون بكل تلقائية عن رغبتهم في الحضورلإحياء حفلات في المغرب وفي مهرجان «موازين»، كما أن بعض الفنانين لهم علاقات خاصة مع المغرب كما حال الموسيقي والممثل الأمر يكي الشهير هاري كونيك جنيور الذي كان والده ووالدته يشتغلان في القاعدة الأمريكية في مدينة النواصر، والذي عبر عن رغبته في الغناء رفقة فرقته الموسيقية الكبيرة وبمشاركة موسيقيين مغاربة... هل يمكن القول بالنظر إلى المصداقية والسمعة اللتين أصبحتا ل«موازين» إن المهرجان أصبح يقوم بشكل من أشكال الديبلوماسية الفنية أو الثقافية الموازية؟ ما يمكن أن أقوله لك إن «موازين» صارت له مصداقية وسمعة عالميتان، وصار يحظى بتعاطف كبار الفنانين العالميين وذلك نابع من قوة الجذب التي يتمتع بها المغرب كوجهة، حيث يتم التعبير بتلقائية عن الرغبة في الحضور، وبالنسبة ل«موازين» فلا يجب أن ننسى ما يقوله وما يعبر عنه من ارتياح وإعجاب الفنانين الذين حضروا في الدورات السابقة، وهذه الشهادات الإيجابية تنتقل بسرعة وبسهولة في الساحة الفنية وتتداول بين الفنانين، وهذا ما يعزز من سمعة ومصداقية المهرجان حيث يتم التأكيد على أن «موازين» مثل باقي المهرجانات ذات الصيت العالمي تتوفر فيه جميع الشروط والمواصفات لتقديم العروض الموسيقية والغنائية كما في الدول المتقدمة...بطبيعة الحال مهرجان من هذا الحجم لا بد أن تأخد برمجته متسعا من الوقت، كيف تدبرون الزمن من دورة إلى أخرى ؟ نحن فريق كبير يشتغل في البرمجة بشكل متعاضد ومتضامن طول السنة وعلى علم وعلى وعي بما يمثله هذا المهرجان للمغرب والمغاربة وأنه مهرجان يحظى بالرعاية الملكية السامية، ونحن فريق مسؤول ونقدر حجم المسؤولية الملقاة علينا ونسعى لنكون في مستواها، وفي هذا السياق يمكنني أن أقول للك بأن برمجة الدورة العاشرة أو دورة 2011 قد شرعنا فيها الآن، ويمكنني أن أضيف أنه لكي تقوم ببرمجة لمهرجان من حجم «موازين» يلزم الاشتغال لأكثر من سنة (حوالي 14 إلى 16 شهرا) لكي يمكنك معرفة الفنانين الذين لهم جولات تهم المنطقة أو قريبة منها، لأن ذلك يمكننك من التعاقد مع هؤلاء الفنانين بسعر أقل من السعر الذي يمكن أن يتفقوا معك عليه إذا كانوا سيأتون من وجهة معينة ليقدموا عرضا في المهرجان ثم يعودوا من حيث أتوا فحينئذ سوف تكون التكاليف مرتفعة والسعر أكبر، عكس ما هو عليه الحال إذا كانوا في جولة . ماهي الجوانب الفنية أو غير الفنية التي تأخذونها بعين الاعتبار في برمجة «موازين»؟ التصور العام للبرنامج مبني على قيم وعلى نوع من الموسيقى ومن هذه القيم التي ينبني عليها هناك الانفتاح على الآخر، والتسامح واللقاء مع الآخر واحترام الاختلاف مع الآخر، وهذا مانحاول أن نوصله ونذيعه من خلال الموسيقى والغناء اللذين يعرضان في المهرجان، كما أننا نراعي اختلاف الثقافات والأشكال والألوان الموسيقية وحتى طريقة تقديم العروض والآلات المستعملة في هذه العروض .وبالنسبة للتصور الفني أو الموسيقي للمهرجان فهو ينبني منذ انطلاقه على قاعدة أساسية وهي أن يشكل ملتقى للموسيقى الإفريقية وموسيقى أمريكا اللاتينية ويمكن اعتبار أن هذه هي الجذور التي تتفرع عنها عدة أغضان منها الموسيقى والأغنية المغربية بمختلف أشكالها والتي نحاول أن يشكل المهرجان فرصة للدفع بها، وأن تكون استفادة الفنانين المغاربة من خلال ذلك كبيرة، ولهذا فإننا خصصنا نسبة كبيرة من البرمجة للأغنية المغربية حيث تبلغ ما يقارب 40 في المائة وهناك أكثر من 45 عرضا مغربيا، وهو غير المتوفر في مهرجان من غير «موازين» ، هناك غصن الأغنية العربية التي لها جمهورها وغصن الموسيقى العالمية، والسؤال المطروح هو كيف نجد الحل أو الطريقة المثلى لبرمجة كل هذه الأنواع والأشكال في مهرجان «موازين» الذي يضم ثمان منصات ويستمر 9 أيام؟ إننا نعتمد أسلوب يوفر لكل منصة برمجتها الخاصة بها، فمنصة بورقراق سوف نخصصها للموسيقى الإفريقية ولفنانين كبار مثل ألفا بلوندي، أونجليك كيدجو، وإسماعيل لو، وأظن أنها من أحسن المنصات التي تحتفي بالموسيقى الإفريقية في القارة السمراء وهناك منصة شالة التي تحتضن موسيقات العالم، مثل الموسيقى الصينية، الهندية، الإيرانية، الأذيرية... وهناك منصة السويسي المخصصة للموسيقى العالمية ونجومها الكبار مثل ستيغ وسانتانا وإلتون جون... وهناك منصة فضاء النهضة الخاصة بالموسيقى العربية ونجومها مثل ماجدة الرومي، تامر حسني. وهناك منصة سلا التي يلتقي فيها الفنانون المغاربة مع جمهورهم، وهناك منصة يعقوب المنصور الخاصة بالموسيقى الاحتفالية والتي سيكون فيها انفتاح كبير على الموجات الموسيقية الشبابية مثل الراب والهيب الهوب. والعحيب في الأمر أن كل منصة وفي كل ليلة تكون ملأى بالجمهور رغم أن حفلات المنصات الكبيرة على الخصوص تنطلق في وقت واحد، وهو الأمر الذي يبين لنا أنه ليس لدينا جمهور واحد وإنما جمهور متعدد الأذواق، وكل واحد أو كل عينة تجد ما تبحث عنه في المنصة التي ترتادها . السؤال الذي يطرحه الجمهور ويريد أن يجد جوابا عنه هو كيف استطاع مهرجان «موازين» أن يقنع نجوما من حجم إلتون جون ،سانتانا وستينغ بالحضور لدورة 2010 ؟ عالم الفن أو الفنانين الكبار هو عالم صغير، حيث التواصل فيه بينهم سهل والكل يعرف الكل ويتتبع جديده، فمثلا عندما تنظم دورتين ناجحتين تصير عندك سمعة ومصداقية وهذا يتأتى من الوفاء بجميع الالتزامات من أولها إلى آخرها، وعندما يحضر فنان ويجد كل شيء متوفرا، وكل المواصفات محترمة فيقول بأن هذا المهرجان يحترم التزاماته حرفيا وهذا الأمر يشيع بين الفنانين ووكلاء أعمالهم، فمثلا عندما أراد سانتانا الحضور سأل ستيفي وندر الذي حضر الدورة السابقة كما سأل أيضا أنسيا كينز ..نحن بنينا على مر السنوات مصداقية، وهذه المصداقية بدأت تعطي ثمارها . لما خرجت لائحة الفنانين العالميين إلى العلن وفيها اسم إلتون جون دعا حزب سياسي مغربي (العدالة والتنمية) إلى منع حضور هذا الفنان العالمي وإلغاء عرضه استنادا على ميولاته الجنسية ...؟ في البداية لا بد من التأكيد على أن اختيارنا لأي فنان للحضور للمهرجان يتم بناء على أسس وقاعدة جودة العرض الفني وليس بناء على قاعدة حياته الشخصية، وإلتون جون فنان كبير وله جمهور كبير وهو من أساطير الموسيقى العالمية ...و جمهوره الكبير وقيمته الفنية وتاريخه الفني الذي يمتد لأكثر من ربع قرن هو مادفعنا إلى استدعائه للحضور والغناء في مهرجان «موازين» فبناء على ذلك تم اختياره وتوجيه الدعوة له وليس بناء على حياته الشخصية، مهرجان «موازين» له قيمه التي يتأسس عليها مثل قيم الانفتاح والتسامح واحترام الحق في الاختلاف أو شرعية الاختلاف لدى الآخر، وإذا ماقمنا بإلغاء حفل إلتون جون فنكون قد خرجنا عن هذه القيم وماتدعو إليه، وعليه فإنني أؤكد أن إلتون جون سوف يكون حاضرا في دورة 2010 ونحن متشبثون بحضوره، ولا نريد أن نسقط في مطب أن يتحول المهرجان إلى منبر للبوليميك أو الجدل، فهو مهرجان للموسيقى وللاحتفالية ولا يجب أن نخرج عن هذا الخط أو نحيد عن هذا الطريق