حقائق وشهادات حول قضية توفيق بوعشرين مع البيجيدي: بين تصريحات الصحافي وتوضيحات المحامي عبد المولى المروري    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    التجمع الوطني للأحرار يثمن المقاربة الملكية المعتمدة بخصوص إصلاح مدونة الأسرة    حصيلة سنة 2024.. تفكيك 123 شبكة لتنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار في البشر    الدكتور هشام البوديحي .. من أحياء مدينة العروي إلى دكتوراه بالعاصمة الرباط في التخصص البيئي الدولي    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة .. السيد الراشيدي يبرز الخطوط العريضة لورش الدولة الاجتماعية التي يقودها جلالة الملك    قيوح يشرف على تدشين المركز اللوجيستيكي "BLS Casa Hub" بتيط مليل    فرض غرامات تصل إلى 20 ألف درهم للمتورطين في صيد طائر الحسون بالمغرب    38 قتيلا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان (حصيلة جديدة)    الدفاع الحسني يهزم الرجاء ويعمق جراحه في البطولة الاحترافية    رحيل الشاعر محمد عنيبة أحد رواد القصيدة المغربية وصاحب ديوان "الحب مهزلة القرون" (فيديو)    المهرجان الجهوي للحلاقة والتجميل في دورته الثامنة بمدينة الحسيمة    انقلاب سيارة على الطريق الوطنية رقم 2 بين الحسيمة وشفشاون    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    أخبار الساحة    الخيانة الزوجية تسفر عن اعتقال زوج و خليلته    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    جهة مراكش – آسفي .. على إيقاع دينامية اقتصادية قوية و ثابتة    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فنانون، حقوقيون، مثقفون ورجال دين مع الداودية ضد الحسبة
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 12 - 02 - 2015

أثارت أغنية «اعطيني صاكي» للفنانة زينة الداودية حفيظة «المتأسلمين»، إذ لم يتوان «الشيخ» الفيزازي بنعت هذه الفنانة بكونها تدعو إلى الفجور في المجتمع. وذهب على نفس المنحى حزب العدالة والتنمية من خلال أذرعه الدعوية وكذلك الجمعيات المحسوبة على المجتمع المدني، بل وصل الأمر إلى محاولة فرض وصاية على المجتمع من خلال الدعوى القضائية التي سيرفعها الحزب وذراعه الدعوي «التوحيد والإصلاح» في شخص أحد برلمانيي حزب العدالة والتنمية والمحامي بهيئة مراكش.
هذه الهجمة التحريضية و«التكفيرية», جعلت العديد من الفاعلين يكسرون جدار الصمت، إذ اعتبر الأستاذ الباحث والمندوب السابق لوزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية محمد لمرابط، أن مثل كلمات هذه الأغنية موجودة أكثر من ذلك في تراثنا المغربي بكل تلويناته وأشكاله، بل هناك أغاني في الملحون تدعو إلى تقبيل المرأة في رمضان وتذاع يوم الجمعة وتعتبر هذه الأغنية القبلة في رمضان غير حرام.
وإذا تبعنا هذا المنطق، فيمكن الإفطار في رمضان، على اعتبار أن هذه الأغنية تجيز ذلك ودون أن تثير حفيظة أحد, وأكد الأستاذ لمرابط أن الهجمة التي يشنها الأصوليون على أغنية «اعطيني صاكي» المقصود منها هو المجتمع ككل، بل إن حزب العدالة والتنمية خاض حربا ضروسا على ما يذاع بالقناة الثانية واعتبر أن هذه الهجمة من طرف الأصوليين فيها منزلقات خطيرة على المجتمع, والدعوى التي يعتزم رفعها حزب العدالة والتنمية تأتي على خلفية الحسبة العامة، معتبرا أن الدولة ذاهبة إلى المحافظة، وإذا سلمنا بهذا المنطق يضيف الأستاذ لمرابط, يمكن أيضا محاكمة رئيس الحكومة عبد الاله بنكيران حينما قال كلمته الشهيرة وهو يخاطب إحدى البرلمانيات «ديالي كبير عليك» هذه الجملة فيه إيحاء جنسي، بالاضافة إلى قذف المحصنات وهي منافية للمرجعية الدينية القائمة في المغرب، وهو ما يشكل فتنة باسم الدين، وأوضح لمرابط أن رئيس الحكومة نفسه كانت له جاهليته ولولا أن المجتمع لم يفتح له باب التوبة ما كان أن يندمج في المجتمع ويستفيد من ذلك ويصبح رئيس حكومة.
وبخصوص تصريحات »الشيخ« الفيزاري,« أكد لمرابط أن الفيزازي خطيب، متسائلا لماذا يتدخل في الشأن العام. ويحضر أنشطة حزبية، وأكد أن تراثنا المغربي غني بجميع أنماط التعبير من ملحون وفن أمازيغي والفن الجبلي وبمختلف اللهجات، ويتم التغني بذلك من طرف فنانين محترمين كعبد الصادق شقارة والتمسماني على اعتبار أن الفن فيه بلاغة، وإذا ما سايرنا الأصوليين، فعلينا أن نمحي كل هذا التراث. واعتبر أن هذه الهجمة هي اختبار من طرف الأصوليين للمجتمع، والرسالة من وراء ذلك. هو أن يتقدم حزب العدالة والتنمية كأنه مؤتمن على المغرب. ورأى أن هذه الضجة والهجمة هي انقلاب من طرف حزب سياسي يريد الانقلاب على قواعد اللعب، مشددا على أن المحاسبة العامة في المغرب غير موجودة والقانون المغربي لا يسمح هو الآخر بمتابعة الفنان, ولم يستبعد الأستاذ محمد لمرابط أن يكون وراء ذلك أيضا الهاجس الانتخابي لحزب رئيس الحكومة، حيث يسوقون أنفسهم على أنهم حراس الأخلاق، في الوقت الذي يناقضون عمليا هذا التوجه، حينما يصف رئيس الحكومة خصومه بالتماسيح و»السلاكط« وغيرها من النعوث القدحية التي تدخل في التنابز بالألقاب، فكبيرهم عوض أن يخلق الحياة العامة بصفته الدستورية، اتجه إلى هذا المنحى، ووصف هذه الهجمة الشرسة على الفن بالعبث، كاشفا أنهم لا علاقة لهم بالأخلاق،بل أوصلوا البلاد إلى السكتة القلبية، والدليل على ذلك تصريحاتهم التي هي بعيدة عن الأخلاق الدينية، إنه حزب انتهازي ويريدون أن يحولوا المغرب إلى »طالبان«,و إذا سمحنا لهم بذلك بدعوى الأخلاق، فستكون العواقب وخيمة ,فهناك متربصون ببلدنا.
وكشف لمرابط أن جلالة الملك شخصيا قبل قبر والده في ذكرى وفاة الحسن الثاني وبمنطقهم, أي منطق الأخلاق والدين وفروع الشريعة، فإنهم يمكن أن يدعوا أن جلالة الملك يقبل الحجر.
واعتبر أن أول من دشن التنابر بالالقاب هو رئيس الحكومة, وعلى الدولة أن تحتاط من هذا المنزلق، اذ يقدمون أنفسهم على أنهم أوصياء على ضمير الأمة, وهم في ذلك يناقضون مرجعية إمارة المؤمنين ووظائفها.
ورأى أن حزب العدالة والتنمية حزب يحكم البلاد اليوم، ومفروض فيه ان يكون مؤتمنا، و اذا سمحنا لهم بذلك فسيكفرون العروي و الجابري، ويكفرون كل عمل شعري وروائي وغيره. مشيرا الى أن المخطط الأصولي له مشروع بنيوي. ولم يفت الاستاذ محمد لمرابط ان يذكر بأحدهم في حفل رسمي,حيث اعتبر في درسه ان الديمقراطية والوطنية صنما,مشددا على أن مثل هذا الخطاب هو من يصنع داعش ,في حين أن جلالة الملك اعتبرالديمقراطية رابع الثوابت في البلاد.
وعلى الخطباء مثل الفيزازي وغيره-يضيف لمرابط- ألا يتجاوزوا حدودهم وأن يتقيدوا بواجب التحفظ. وهنا مسؤولية وزارة الاوقاف. و بخصوص حزب العدالة والتنمية يرى الاستاذ لمرابط انه كان عليه ان يحل ذراعه الدعوي بمجرد أن أصبح حزبا معترفا به.
*الاستاذة أمينة بوعياش, رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الانسان سابقا ونائبة الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان, اعتبرت هذه الهجمة ورفع دعوى قضائية على الفنانة زينة الداوية فيه تضييق على الحريات،و اوضحت في تصريح لجريدة الاتحاد الاشتراكي ان هذا الحدث يذكرنا بالهجمات على مهرجانات دولية وغيرها في العديد من المناطق المغربية، مشددة على أن الفاعل السياسي عليه ان يفهم الدينامية التي يعرفها المجتمع وليس ضربها، ويجب ألا يتم فرض إيديولوجيته على المجتمع, معتبرة ان الاذواق تختلف، ولا يجب التضييق على المجتمع بل على الفاعل السياسي ان يلتقط هذه الدينامية .
*مسعود بوحسين رئيس نقابة محترفي المسرح, اوضح للجريدة ان حرية التعبير مكفولة دستوريا, وبالتالي لا يمكن التضييق عليها. كما ان القانون يضمن مناقشة اي عمل فني دون تحريمه, لكن ان يصل الامر الى المنع فهذا لا نقبله وغير معقول, وصرح باسم نقابة محترفي المسرح ان القضاء المغربي يعرف آش كيدير ورفض الدعوى القضائية التي رفعت ضدالفنانة زينة الداودية.
وعن الدعوى الاخرى التي يعتزم برلماني عن العدالة والتنمية رفعها وكذلك تصريحات الفيزازي ,اكد الاستاذ مسعود بوحسين انه ضد ذلك، خاصة وأن المجال الفني مرتبط بالرمزيات.
*الفنان المغربي محمد الشوبي اكد ان هذه الهجمة يراد منها انتاج النموذج المصري, حيث يتولى الدعاة المحامون الاصوليون رفع دعاوى ضد الفنانين والمثقفين, ولم يستبعد ان تكون هذه الحملة من طرف العدالة والتنمية ذات طابع انتخابوي، وبالتالي وجدوا في هذه القضية مدعاة لخوض حملة انتخابية سابقة لأوانها باسم الأخلاق والدين.
وكشف الفنان الشوبي أن الدعوى ضد هذه الأغنية هي مقدمة للحجر على المجتمع ومحاربة المسرح والسينما والإبداع بشكل عام مستقبلا، إذا ما ناصرهم القضاء، ليصبحوا مستأسدين على المجتمع، ويدخل هذا، يضيف محمد الشوبي في باب »الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر«، وإن جاز لهم ذلك، فإنهم سيشجعون »العصابات« التي تحارب من يرونه ضد الدين، كما حدث في طنجة وغيرها، حيث يهجمون على المواطنين. واعتبر أن عقلية الأصوليين تريد الحجر على المجتمع بحكم العقلية المتخلفة والخائفة، كما كشف أن حزب العدالة والتنمية يكذب باسم الاستقرار كأنه صانعه، ويسوقون أنفسهم كحمامة، وكل من هو ضدهم يعتبرونه مفسداً وفاسداً. وتصريحات رئيس الحكومة واضحة، حيث يدعي أن حزبه »خير حزب أخرج للناس«، وحذر من مثل هذا الخطاب الذي لا يختلف على خطاب داعش الذي يحاول استهداف الفقراء والأميين من أجل تجنيدهم. فهو نفس المنطق الذي كان لدى الكهنة في جميع الديانات، والهدف من ذلك، هو أن يكون لديهم قطيع تابع لضرب مخالفيهم، وضرب كل من يدافع عن الحرية الفردية وغيرها. فعندما يموت مؤسسو الديانات، يصبح الكهنة لهم اليد الطولى ويستغلون هذه الديانات لمصالحهم الشخصية ويتعاملون بمنطق الفرقة الناجية، أي بمعنى من معهم فهم من الناجين، وبالتالي يريدون معاقبة زينة الداودية في الدنيا قبل الآخرة، وهذا منطق فيه خطورة على المجتمع ككل. ويضيف الشوبي أن الأصوليين هم من يمولون أصحاب »الكاسيط«، إذ كنا نسمع في الطاكسيات والحافلات دروساً عن عذاب القبر. ورأى أن هذا ممنهج ومخطط له، ومازالوا يمولون هؤلاء، في الوقت الذي هو ممنوع قانونياً. فحينما نريد أن نقوم بدعاية لمسرحية، لابد لنا من رخصة لذلك. كما أن أصحاب «الأواني» الذين يبرحون لبيع سلعهم، يأخذون الرخصة من البلدية، في حين الذين جندهم الأصوليون يقومون بذلك خارج القانون من جانبه أكد أستاذ علم الجمال موليم العروسي,في سؤال هل هذه السابقة ستشكل تضييقا على حرية التعبير والحريات بشكل عام بالمغرب وفرض وصاية على المجتمع؟
فأوضح أنه من الممكن أن تصبح كذلك إذا ما سكت الجميع. ولن تقف آنذاك عند الفن, بل سوف تتعداه إلى حرية التعبير بجميع أصنافها بما فيها حرية الصحافة والكتابة وربما التجوال مع أهلك وعشيرتك. الخطير في هذه المسألة وخصوصا عندما يتعلق الأمر بتقديم دعوى قضائية لدى المحاكم هو الوصاية على ذوق الشعب. لقد استمعت إلى ما قاله الشخص الذي قدم الدعوى ,يضيف الأستاذ الباحث,ومن خلال كلامه كان يدعي أن هناك فئات عريضة من المجتمع ترفض ذلك. أولا كيف استطاع أن يستقصي آراء الفئات العريضة؟ ثانيا إذا كان ينتمي للحزب الأغلبي الذي يسير الحكومة والذي لا يتوقف عن القول بأننا نعيش أزهى أيام الديمقراطية,فعليه أن يعرف أن الديمقراطية تكفل للأفراد حتى ولو كانوا بعدد أصابع اليد الواحدة, الحق في أن يتمتعوا بأغنية أحبوها وأن من لن تعجبه الأغنية فما عليه إلا عدم الاستماع إليها. أما التذرع بكلام من نوع الكلمات الساقطة...إلى غير ذلك من الهذيان, فهذا أمر يريد به أصحابه العودة د بنا إلى عهد محاكم التفتيش.
وعن المطلوب من المجتمع الحقوقي والسياسي الحداثي في هذا الباب وكذا المثقف المغربي,أوضح قائلا: أظن أنه بغض النظر عن الموقف من الأغنية سواء من الجانب الفني أو الجانب الفكري, فإنه على مجتمع الحداثيين التحرك من أجل سلامة التطور الطبيعي ووفق منطق التاريخ للمجتمع المغربي. إننا اليوم أمام هجمة نكوصية حقيقية. فبعد الهجوم على هذه المغنية والتي بالمناسبة ليست حالة شاذة في هذا النوع من الغناء, فلقد سبقتها الفنانة الحاجة الحمداوية إلى القول بأكثر من هذا, واستمعنا إليها في التلفزيون الرسمي وفي حفلات الأعراس ولم يكن الفقهاء وقتها يتدخلون, بل كان منهم من يستمع ويستمتع ومنهم من كان يستغفر لله ويتنحى جانبا، فبعد الهجوم المنظم على هذه المغنية طلع علينا أحد أقطاب نفس الحزب, بل وأحد منظريه بتكفير الجنود المغاربة الذين يحاربون داعش. هذا الأمر لم يعهده المغرب إلا تحت حكم المولى سليمان في القرن التاسع عشر عندما دخلت أرض المغرب بعض أفكار الوهابية الآتية آنذاك من نجد بالجزيرة العربية.
ويِِؤكد موليم العروسي أنه يجب على مجتمع الحداثيين دخول معركة فصل الدين عن الدولة والتصدي للأفكار البالية التي لم تعد تصلح إلا للدعاية الانتخابية. صحيح أن الفنانة الداودية أظهرت أن لها جمهور أكثر عدديا من ذلك الذي أوصل الحزب إلى رئاسة الحكومة, وصحيح أيضا أن التعرض لها يتوخى منه حشد عدد من الناس وراء هذه الأفكار الرجعيةلا ستعمالهم في الانتخابات المقبلة لكننا لو أننا اعتبرناه هكذا وتركناه يتطور فإننا سوف نصل إلى ما لا تحمد عقباه. علينا التصدي له بكل قوة.
بدوره عبر الأستاذ أحمد العلوي رئيس نقابة الموسيقيين المغاربة عن ثقته في القضاء المغربي وفي القضاة المغاربة, الذين هم في مستوى عال من الفهم والوعي، بخصوص الدعوى القضائية التي يعتزم البعض رفعها ضد الفنانة زينة الداودية، وأسس الفنان الكبير أحمد العلوي موقف نقابته الرافضة للمتابعة القضائية على تحليل عميق، إذ أكد أن المجال الفني حينما نغوص فيه، فله ايجابياته وسلبياته، فهناك أنماط غنائية يمكن لها أن تلعب دورا في تهذيب المجتمع وتوعيته وتحفز على المواطنة وفي تربية الأجيال، وهناك أيضا أنماط غنائية لها شعبية تستهوي الجمهور، وترتبط بنوع من حرية الانسان، خاصة حينما يكون الفنان والمبدع له تواصل مع الجمهور، وكشف أن الأنماط الغنائية التي كانت في الأربيعنيات تتحدث عن الوصال وغيره, وحتى الشعر الأندلسي يتحدث عن العشق .ودافع الأستاذ العلوي على حرية اختيار الأنماط الغنائية سواء كانت من وحي الخيال أو مستوحاة من الواقع في إطار الحرية المنصوص عليها، وأوضح أن هناك بعض الجرائد والمواقع الالكترونية تتحدث عن مواضيع مرتبطة بالشذوذ الجنسي أو زنا المحارم وغيرها، فهل يمكن أن نطالب بمنعها.
طبعاً، لا يمكن ذلك فهي موجهة إلى القراء وإلى المجتمع، وهناك من يرى في ذلك نوعاً من التسلية أو يراها موضوعاً جدياً يستحق المتابعة. وهناك من يرى فيها توعية كموضوع مجتمعي. وبالتالي لا يمكن الدخول في جدال بخصوص هذا الموضوع. إذ أنه حينما نتحدث عن حرية التعبير، يبقى الأمر متعلقاً بالمبدع، وأين يضع نفسه وإلى من يوجه خطابه، سواء كان مقبولا من المجتمع أو من جزء منه. وتساءل رئيس نقابة الموسيقيين المغاربة، بخصوص ظاهرة الإقبال على بعض الأغاني في »اليوتوب«، هل هناك تحليل سيكولوجي وعلمي، يمكن له أن يجيب عن السبب الذي دعا إلى هذا الإقبال الكثيف، وهل الأمر خاص بفئة من الشباب أم يهم الشباب كله؟
وهل الإقبال جاء من باب الفضول أو إعجاباً بالأغنية بأكملها أو بالصوت أو باللحن أو الكلمات؟ وبالتالي يرى أن الموضوع متشعب في طرحه. ورفض تقييد الإبداع. إذ يتنافى ذلك مع حقوق الإنسان وحرية التعبير.
كما شدد في تصريحه لجريدة «»الاتحاد الاشتراكي»« على رفضه لمخالفة الدستور الذي صوت عليه المغاربة. ورأى أن هناك تنوعاً ثقافياً وهناك حرية للعبادات، كما نص على ذلك الدستور، ويجب على الجميع احترام هذه الثوابت، خاصة وأن بلادنا متعددة الثقافات والأنماط، متسائلا لو كانت أغنية »»عطيني صاكي«« باللغة الأمازيغية، سواء »تسوسيت« أو »تمازيغت« أو »تريفيت« أو بالحسانية، هل ستكون هذه الضجة. لا أعتقد يقول العلوي.
واستدل في ذلك بمجموعة من الأغاني التي تم غناؤها منذ 50 سنة, كأغنية »الكاس حلو« .أما أن يتم ربط هذا بالدين، فلا يجوز ذلك، على اعتبار أن كل واحد له ارتباط بخالقه وكيف قدر له ذلك، وحتى التوجه الديني محسوم دستوريا، وهناك أشياء لا تسمح بها أية ديانة سماوية، وهي المس بالمقدسات الروحية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.