سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في اليوم الدراسي للفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين مواجهة الإرهاب: مسؤولية الدولة والمجتمع ، الانفتاح على الخبراء ، استيعاب القضايا المعقدة..وحسن معالجة القضايا الخلافية الكبرى
من منطلق محاور ورقة الارضية ««الإرهاب، التحديات وسبل المواجهة»» التي أعدها الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، بتنسيق مع المكتب السياسي للحزب، التي ناقشها مجموعة من الباحثين والمفكرين والسياسيين، بحضور أعضاء من المكتب السياسي للقوات الشعبية وفعاليات حقوقية وجمعوية وسياسية وإعلامية، إضافة الى أعضاء من الفريق الاتحادي بكل من مجلس النواب والمستشارين ، حيث اعتبر ادريس لشكر ، الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، في افتتاحه لأشغال اليوم الدراسي ،أنّ التعاطي مع موضوع الإرهاب يستدعي استحضار ما يجري في ليبيا والساحل، وآثار ذلك على المغرب، مضيفا أننا «بلد مَعنيٌّ حتى النخاع بقضية الإرهاب»، مشددا على أ«ننا بلد معني حتى النخاع بالإرهاب الذي لم يبدأ في تدميرنا في 16 ماي من سنة 2003 كما يدعون، بل إن تاريخ حزب الاتحاد الاشتراكي يشهد على وجود الإرهاب منذ سنة 1975، تاريخ اغتيال الشهيد عمر بنجلون»، لذلك، يضيف الكاتب الأول، «فالاتحاد الاشتراكي لا ينخدع بالمظاهر ولا يرى بأن معاقبة الإرهابيين كافية لاقتلاع الظاهرة من جذورها»، مضيفا أن الإرهاب ثابت اليوم وموجود في كل مكان، ويكفي استعراض تاريخ الشبيبة الإسلامية، والنظر إلى المسؤولين الحقيقيين في اغتيال الشهيد بنجلون، الذين يتجولون بكل حرية في بلدان أوربا، بل فيهم من قيل في حقهم «إن الوطن غفور رحيم». كما أشاد الكاتب الأول في كلمته باليوم الدراسي وبالقضايا التي ستناقش في الموضوع، إما من زاوية مقاربة الظاهرة في عمقها الجيوسياسي والمجتمعي، أو في عمقها الثقافي والفكري والإيديولوجي، إضافة إلى أن هذا اليوم الدراسي، بنوعية القضايا التي تقدمها أرضيته، ستعمل على تقوية الاتحاديات والاتحاديين. كما أنها جواب واقعي على التكفيريين بكون الاتحاديين والحداثيين والديموقراطيين يقفون في صف واحد قصد التصدي لكل الإرهابيين، خصوصا المختبئين تحت يافطة الإسلام، الذين يعطون لأنفسهم حق الإفتاء في المجتمع. ومن جانبه تحدث محمد العلمي، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، عن أن اليوم الدراسي ينعقد في مرحلة حاسمة من تاريخ المغرب من أجل تفعيل ديموقراطي للدستور، ومن أجل السمو بالعمل السياسي وتخليقه، وأن الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين اختار ليومه الدراسي موضوعا راهنا يلقي بظلاله على هذه المرحلة الدقيقة التي يجتازها المغرب، فالإرهاب يهدد مكتسبات البلاد الديموقراطية والمؤسساتية، ويطوق حزب الاتحاد الاشتراكي باعتباره حزبا وطنيا ديموقراطيا وعريقا بمسؤولية المواجهة ورفع التحدي. وعن دواعي اختيار موضوع «مواجهة الإرهاب: مسؤولية الدولة والمجتمع»»، أشار رئيس الفريق الى أن مواجهة الإرهاب مسؤولية مشتركة وتحدي جماعي ينبغي أن تتضافر حوله الجهود، وأن تلتقي في سبيله الإرادات سواء من طرف الدولة وأجهزتها الأمنية والاستخباراتية والتربوية والقضائية، أو من طرف المجتمع بأحزابه وجمعياته ونقاباته ومؤسساته الإعلامية، مضيفا أن الإرهاب اليوم أصبح حقيقة عالمية يعيشها الإنسان اليوم، من خلال ما يحصده الإرهاب يوميا من أرواح وما يخلفه من نتائج وخيمة على الأمن والاستقرار في العالم، وما يؤدي إليه من مآس اجتماعية وما يُحدثه من ترد اقتصادي واستفحال للبؤس والظواهر المشينة. وعرف اليوم الدراسي ««مواجهة الإرهاب: مسؤولية الدولة والمجتمع»»، الذي أدار أشغاله محمد العلمي، مشاركة كل من : عبد الكريم بنعتيق، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ومدير مجلة الدفاع الوطني (النسخة العربية) ، مصطفى بوهندي، استاذ جامعي ومدير مركز أديان للبحث والترجمة، خالد الشكراوي ، أستاذ وباحث بمعهد الدراسات الافريقية، جمال براوي ، صحفي وباحث في قضايا الارهاب ، منتصر حمادي ، استاذ باحث مؤسسة مؤمنون بلاحدود. وفي سياق إقرار الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، من خلال تجديد التزامه بمواجهة الإرهاب فكرا وممارسة ، والدفاع عن قيم الحداثة والديموقراطية في بعديها السياسي والثقافي ، كمناسبة للتأكيد على إرادة الاستمرار في جو التعبئة السياسية الذي نهجه الاتحاد الاشتراكي في ظل دستور 2011 ، وكمرجعية لتأطير الوعي السياسي، وحمل المواطنين ومجموع القوى الحية في البلاد ، على الانتظام كقوى مؤثرة وفاعلة في هذه المرحلة الدقيقة، منطلقين في ذلك من التساؤلات التالية : ما السبيل الى تعبئة وضمان انخراط كل مكونات المجتمع المدني في المواجهة المبدئية للإرهاب والتطرف الديني ؟ ، ماهي حدود المعالجات التي انخرطت فيها الدولة منذ 2001، على المستوى الأمني وعلى مستوى الحقل الديني ، لمواجهة الإرهاب ؟ ،ماهي مسؤوليات المثقفين والمفكرين في خلق الشروط المعرفية لهذه المواجهة ، وفي إشاعة ثقافة التنوير وقيم الحداثة والديموقراطية في شقيها السياسي والثقافي ؟ ، ماهو تقييمنا للسياسة التشريعية المعدة لمواجهة الإرهاب والتطرف ، وهل تتوفر على آليات قانونية كفيلة بالتصدي الحازم لهذه الظاهرة الخطيرة والمتشعبة ؟ ، ما هي المتغيرات الاستراتيجية التي مست محيطنا الإقليمي والتي تشكل حضنا جديدا للفكر الإرهابي المتطرف ؟ ، ما هي سبل المواجهة الإعلامية والثقافية والمدنية والسياسية الناجعة للخطر الإرهابي ؟ وماهي مسؤولية كل الأطراف في ذلك ؟ . هكذا طالب مصطفى بوهندي في مقدمة مداخلته حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، بضرورة التفكير «في هذه المرحلة المهمة التي نجتازها ، والملقاة على عاتقنا جميعا، وذلك بكونه حزبا حداثيا لا مشكلة له مع الدين»، مطالبا إياه بضرورة «العمل على جمع الشمل الوطني ومد اليد للذين يريدون المصلحة لهذا الوطن، بغض النظر عن الاشكالات التاريخية، لأن الوطن في حاجة لكل أبنائه وقواه الاجتماعية». ومن منطلق أن الإرهاب موضوع ثقافي وسياسي واجتماعي، اعتبر بوهندي أنه لايمكن معالجته بطريقة أحادية، وأن المعالجة الثقافية والمفاهيمية هي من أهم المعالجات، وأنه يجب إعادة قراءة الدين حتى يمكن استرجاع أبعاده الإنسانية التي حرم منها بسبب التاريخ، وأن دين التاريخ دين البشر فيه آخطاء كثيرة ومشاكل كبيرة لكن ليس دين الله، بل هو دين الناس، أما دين الله فهو القيم العليا، من قيم الكرامة والحرية والعدالة، ان الله يرمز بالعدل والاحسان..، وأن كل التصورات العنيفة من حروب وقتل... التي عرفها المجتمع الاسلامي ، هي التي تنقل لنا اليوم ، الشيء الذي يضعنا أمام تصورات معينة للدين تحتاج إلى مراجعة من الداخل.. وشدد بوهندي على ضرورة تجديد الفكر الديني، وذلك بالانفتاح على الواقع التي أصبح كثير التعقيد، إذ لا يمكن الاجابة عنه بمنطق الحلال والحرام، وإنما يقتضي إعمال النظر والبحث في قضايا الزمن الراهن، بالاستناد الى التجارب الدينية ومكتسبات الحضارة البشرية.. وأكد أنه يمكن أن تلعب الاديان دورا في معالجة الظواهر المعاصرة ومنها ظاهرة الارهاب ، من خلال استلهام الاقتراحات من القرآن والكتب المقدسة..، وأننا نحتاج في هذا الوطن الى أقوام يتعرف بعضهم على بعض ، وتعمل على الحد من ثقافة التفريق ، مشددا على أننا نريد أعمال الناس لا انتساباتهم ، لأن الناس يعرفون بأعمالهم وإنجازاتهم وليس بانتماءاتهم، مشيرا في مداخلته الى أننا نريد دين القيم كالعدالة والكرامة الانسانية والاحسان لا دين التاريخ.. عبد الكريم بنعتيق ، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ومدير مجلة الدفاع الوطني (النسخة العربية) ، نبه الى وجود عدد كبير من المغاربة الذين يحتلون مواقع قيادية في التنظيمات الارهابية مما يشكل تهديدا حقيقيا للمغرب. وأن فرنسا أصبحت تحتل الصف الاول في الدول الغربية المهددة عوض أمريكا، فيما المغرب المستهدف الاول في العالم العربي، مؤكدا وجود 95 اسما مغربيا ضمن لائحة المستهدفين ، محذرا في نفس الوقت من وجود مجموعة من القياديين المغاربة في مراكز صناعة القرار في التنظيمات المتطرفة. وأوضح أن تهْديد الأمن والاستقرار في المغرب من طرف تنظيم «داعش» يُمكن أن يكون مبنيّا على نقطتين، ترتكزُ الأولى على القيام بعمليات لا تتطلبُ احترافيّة، ويمكن أن يقوم بها مجموعة أفراد من أجل خلق الرعب والخوف لدفع الدولة إلى الارتباك. أما النقطة الثانية ، فيُضيف بنعتيق، فيمكن القيام بعمليات مدروسة ودقيقة، مثل العملية التي كادت تستهدف وزير الداخلية البلجيكي، يُنفّذها أشخاص محترفون، داعيا إلى التعامل بكثير من الحيطة والحذر مع التهديدات الإرهابية، من طرف الدولة والمجتمع. وفي مقابل تنامي التهديدات الإرهابية، قال عبد الكريم بنعتيق إن منْ نُقط قوة المغرب في مواجهة التطرّف الديني والإرهاب، حُسن معالجته للقضايا الخلافيّة الكبيرة في أفُق الوصول إلى توافقات كبرى، مشيرا في هذا السياق إلى النقاش الدائر حول الإجهاض، غير أنّه أشار إلى أنّ بعض الفرقاء السياسيين «ليسوا ناضجين لمعالجة هذه المواضيع». في حين أشار الى أنّ المغرب يتعامل ببراغماتية مع التطوّرات الدولية، من خلال الحضور الانساني في عدد من بؤر التوتر، وهو ما يجعله في موقع متميز ومحاور أساسي، منتقدا عدمَ استعانة المغرب بالخبراء في معالجة موضوع الإرهاب، على غرار ما هو معمول به في دُول أخرى كفرنسا، مضيفا أنّه لا يمكن لصانعي القرار دون استشارة الخبراء ودون الانفتاح على الجامعات وعلى معاهد البحث أن يستوعبَ القضايا المعقّدة التي يشهدها العالم، «فقط بقرار تقني أو بآلية المتابعة اليومية»، مؤكدا أن «هذه القطيعة مع الخبراء غير مفيدة لمواجهة الإرهاب المُعَولم». وفي سياق تطرقه إلى الأوضاع الداخلية في بلدان المغرب الكبير، أكد عبد الكريم بنعتيق أن للمغرب «مجموعة سمات تميز تعامله مع الإرهاب»، منها «الصرامة على مستوى الثوابت الأساسية الدينية والروحية والمؤسساتية»، إلى جانب «حسن المعالجة في القضايا الخلافية الكبرى لإيجاد التوافقات الكبرى»، هذا إلى جانب «التفاعل البراغماتي للدولة مع المتغيرات الدولية، مثلا الحضور الإنساني في سوريا وإفريقيا»، الشيء الذي يضمن لها، «موقعا متميزا يحافظ على مصالحها». في حين تطرق خالد الشكراوي، الأستاذ بمعهد الدراسات الإفريقية بالرباط، إلى التطوّرات الإقليمية والدولية في علاقتها بالإرهاب والتطرّف الديني، والجهود التي يبْذلها المغرب على هذا الصعيد، من خلال تعاونه مع دُول الجوار وشُركائه، ونبّه الشكراوي إلى أنّ دُول القارّة الإفريقية التي تجمعها بالمغربِ علاقات وطيدة، صارتْ دُولٌ أخرى صاعدةٌ تنافسُ المغربَ في مُعتركها، وعلى رأسها إيران وتُركيا. كما نبه خالد الشكراوي الى أن المغرب يعد بالنسبة لمجموعة من دول الجوار موضوعا عموميا ، حيث يتم تتبع كل أخباره وأحواله وتطوراته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.. ، ومن ضمن الدول التي تتابع المغرب هناك : اسبانيا، الجزائر، موريتانيا .. وأن التطورات التي حدتث في شمال افريقيا تتطلب من المغرب أن يغير أساليب تعامله مع بلدانها .. وأشار المتحدّث إلى أنّ إيران حاضرة بقوة في القارة الإفريقية، وتتمتّع بحضور قويّ في عدد من بلدانها، ولديْها استراتيجية ترْمي إلى توسيع نفوذها، ففي السنيغال ،كنموذج، تحضر إيران بقوة من خلال الجالية اللبنانية الشيعية، وأيضا على المستوى الصناعي، وهو ما يُفسح أمامها المجال للتغلغل في النسيج الاقتصادي السنيغالي. ولا تقتصر المنافسة الإيرانية للمغرب على السنيغال لوحْدها، بلْ تشمل دولة النيجر أيضا، وقالَ الشكراوي إنّ السفير الإيراني في النيجر له اهتمام خاصّ بالورقة المغربيّة، ويُحاول الاتصال بالمغاربة من مختلف المستويات، المقيمين هناك، وأضاف «قدْ لا تكونُ هناك أيّة أهميّة لوجود السفارة الإيرانية في النيجر، إنْ على المستوى الاستراتيجي أو الاقتصادي، لكنْ هناك أهدافٌ خفيّة لوجودها». من جهته جمال براوي، تقاسم من خلال مداخلته مع الحضور مجموعة من القضايا والمعطيات التي انتهى إليها بحث قام به فريق من الباحثين اليابانيين الذي تعامل مع أرشيف خاص بالجماعات الارهابية مدته به المخابرات المغربية ، الذي أفضى إلى مجموعة من النتائج ،منها إشارة فريق الباحثين الى «ضرورة تفتيت» الجماعات الاسلامية ، التي أصبح عددها يقدر ب : 250 خلية ( منها : حركة مجاهدين المغرب، الجماعة الاسلامية المقاتلة بالمغرب، حركة عرب أفغان...) ، والتي لها توجه في الاهداف ولهم حلم ووهم العمل على شاكلة الجماعة الاسلامية المسلحة بالجزائر ، وأن مشروعهم النهائي هو فرض الخلافة الاسلامية والاطاحة بالدولة ، وأن ملامح بدايتهم الاولى كتنظيم جهادي أساسه الوازع الاخلاقي ، بالاضافة الى أن من بين هذه الجماعات من كانت لهم ارتباطات مع حركات من خارج المغرب أو جالسوا زعماءها .. ومن خلال كل هذه المعطيات حث جمال براوي الدولة على أن تكون حاسمة في مجموعة من القضايا الدينية والتكفيرية ، وبالتالي لابد لها من الحسم مع بعض الجوانب في الخطاب الديني، وأن هذه الأمور لايمكن الحسم معها قريبا، بل سنظل نواجهها على المدى الطويل.. في حين أكد منتصر حمادي أن الارهاب ظاهرة مركبة وطويلة الأمد وتتجاوز التحليل الاختزالي ، معتبرا أن المواجهة السياسية للإرهاب تتطلب تعبئة اجتماعية واسعة لمختلف مكونات المشهد السياسي والمدني المغربي، ولكل الفعاليات الاقتصادية والاجتماعية، التي تعتبر سلامة بلادنا خطا أحمر لا يجوز المساس به، يقودها في ذلك إجماع على المرجعية الديموقراطية والحقوقية كآليات لتدبير الاختلاف والتنافس السياسي، وتنطلق من روح المواطنة التي تقر بالمساواة وعدم التمييز على أسس اجتماعية أو دينية أو سياسية او جنسية .