عاشت مراكش حالة استنفار أمني بعدد من شوارع المدينة صباح يوم الاثنين 06 أبريل 2015 ، حيث نزلت فرق من القوات العمومية المشكلة من رجال التدخل السريع لرجال الأمن والقوات المساعدة ورجال الشرطة بالزي الرسمي والمدني بثقل كبير قصد منع مئات المحتجين ،من ضحايا تعاونية سكنية وهمية، من تنظيم مسيرة احتجاجية قرر لها منظموها أن تنطلق من أمام المحكمة الابتدائية من باب دكالة في اتجاه محكمة الاستئناف بالحي الشتوي ، الشيء الذي جعل القوات العمومية تضرب طوقا كبيرا على المحتجين لساعات طوال عند نقطة انطلاق هذه المسيرة محاصرين أمام المحكمة الابتدائية ، رافعين الأعلام الوطنية وصور جلالة الملك ولا فتات كتب على إحداها : « متشبثون بحقوقنا إلى آخر رمق « ، وقد تعالت أصوات حناجرهم بشعارات رددوا خلالها على سبيل المثال لا الحصر : « واك ، واك على فضيحة ، والفساد أعطى الريحة » و« هي كلمة واحدة ، وهاد لمدينة فاسدة » و « الشعب يريد اسقاط الفساد » ، وعلى غفلة من رجال القوات العمومية أخذوا ينسلون جماعات ، جماعات من هذا الحصار عبر شوارع المدينة ، حيث تجمعوا ثانية أمام محكمة الاستئناف بمراكش في وقفة احتجاجية بنفس طقوس ما بدأوا به هذه المسيرة ، وعلى إثر هذا الحدث كان لنا لقاء مع عدد من المحتجين حيث صرحوا لجريدة الاتحاد الاشتراكي بأن المئات منهم تعرضوا لعمليات النصب والاحتيال من طرف سبعة اشخاص يدعون بأنهم يشكلون المكتب الإداري لتعاونية سكنية ، وقد أثبتت تحريات بعض الضحايا اعتمادا على عدد من السماسرة على أن هذه التعاونية قد تأسست سنة 2008 ، حيث حصل الاتفاق بين مدبري شأنها الإداري خلال نفس السنة على شراء بقعة أرضية توجد بدوار الكدية بمقاطعة جليز بمدخل مراكش تبلغ مساحتها 04 هكتارات بما قدره 70 مليون درهم ، وسيكون تسديد هذا المبلغ إلى صاحب الأرض بواسطة دفعات ، باعتبار أن المنخرطين سيتوافدون على إدارة التعاونية يوما بعد يوم ، وهكذا بدأت الأموال تتقاطر عليها إلى أن وصلت إلى أزيد من 64 مليون درهم سنة 2013 ، حيث وصل عدد المنخرطين إلى ما يزيد عن 500 منخرط دون أن يعترف لهم بهذه الصفة من الناحية القانونية بواسطة عقد جمع عام من طرف إدارة التعاونية يضمن لهم جميع حقوقهم في هذه التعاونية السكنية ، والغريب في الأمر أنه يوجد من ضمن الضحايا قضاة ومحامون زيادة على حاملي سلاح وعمال ومتقاعدين ، ولا أحد منهم فطن إلى ما يحاك إليهم رغم دراية أغلبهم بالقوانين المنظمة للتعاونيات السكنية ، وعندما افتضح أمر هذه «العصابة» على حد قول ضحاياها ، اضطروا إلى اللجوء إلى القضاء حيث ظهرت أشياء أخرى لم تكن في الحسبان من جملتها بأن تركيبة المكتب الإداري للتعاونية تتشكل من زوجة مدير التعاونية وأخته وابنه وصهره وزوجته وابنهما ، هذا المدير الذي له سوابق في النصب والاحتيال والتصرف في مال الغير بسوء النية و محرارات قانونية وعرقلتها في قضية أخرى مماثلة ، حيث قام بأعمالها الإجرامية مابين سنة 1996 و 2006 في دوار عبو خرباش بجماعة سعادة بإقليم مراكش ، مما تسبب في أن تصدر في حقه أحكام قضائية تتراوح بين 03 و 06 أشهر سجنا نافذا ، الشيء الذي جعله لا يظهر في الواجهة أول مرة يوم عقد الجمع العام التأسيسي لهذه التعاونية السكنية ، بينما يضيف هؤلاء الضحايا أن هذا الشخص في الأصل هو الرأس المدبر لعمليات النصب والاحتيال فيما يخص هذه التعاونية السكنية ، إذ عندما لاحظ بأن السيل قد بلغ الزبى عند المنخرطين حين لم تف التعاونية السكنية بالتزاماتها من حيث انجاز مشروع عمارات تتراوح مساحة شققها بين 60 و 70 مترا مربعا وتسليمها إلى أصحابها ، قام باتفاق مع مالك الأرض بإلغاء عقدة التعاقد مع منخرطي التعاونية وتغيير هذه العقدة في اسم شركة تدعى ( بيطون زيرو آن ) وهي شركة في ملك مدير التعاونية السكنية المذكورة ، بعدما سلم هذا الأخير إلى صاحب الأرض ما قدره 64 مليون درهم مجموع ما أخذ من أموال هؤلاء الضحايا ، مما جعلهم يعتبرون هذا الاتفاق بينهما يدخل في إطار عملية التواطؤ بين هذين الشخصين قصد الاستحواذ على أموالهم بطرق غير مشروعة ، فكان القضاء هو ملاذهم الوحيد عسى أن يمكنهم من جميع حقوقهم ، لكن لم تكن الأحكام القضائية الصادرة في هذه القضية على حد تعبير الضحايا ،منصفة في مجملها ، حيث أصدرت المحكمة الابتدائية بمراكش أحكاما تقضي بمعاقبة رئيس ومدير التعاونية السكنية بخمس سنوات حبسا نافذا، أما زوجة هذا الأخير وابنه فقد حوكما بثلاث سنوات حبسا نافذا ، كما أن أمين المال صدر في حقه الحكم بأربع سنوات حبسا نافذا ، هذا مع إرجاع المبالغ المحددة في 64 مليون درهم و 10 في المائة كتعويضات إلى ما يزيد عن 500 منخرط ، هؤلاء الذين طال انتظارهم لاسترجاع ما ضاع منهم على الأقل من أموال ، حيث حصل لهم كما قال أحدهم : « لا ديالنا بقى ولا وجهنا تنقى » .