في الصين وجدنا الماوية حية، ولم نجد ماو. ولم نجد إلا صورا ليلية له، وجسدا مسجى حيث لم نره. وجدنا البلد في القرن القادم، ووجدناها أيضا في الزمن الذي مضى. في الصين عدنا إلى مقاعد الدراسة كما يحلو للصينيين أن يفعلوا عندما يريدون أن يقتسموا معك رغيف تجاربهم. بنفس الابتسامة والصرامة أيضا، يستقبلونك لكي يعلموك ما لا يمكن أن تعلمه خارج بلادهم. الشينوا صغيرة كثيرا، تكاد تكون ضحلة وتافهة أمام تواضعهم الجم. من الصين تعود بالانبهار وبالكآبة أيضا: منبهرا بما تراه من تجربة بلد وشعب بملايير السكان، وكئيب لما تعرفه عن بلادك وعن الأشياء التي من أجلها يتصارع الناس. لم يكن منا أحد لم يتذكر ابن بطوطة، سرا أو علانية، ونحن نركب الطائرة الذاهبة باتجاه الصين. وكنا حفدته الذين لم يتصوروا أنهم سيحملون آلات تصوير وحواسيب، وهواتف نقالة وهم يذهبون إلى البلاد التي أذهلته. لم نكن قد أصبحنا في نفس درجة التبتل التي وصلها وهو يروي سيرته... كنا نتعرف على بعضنا البعض: الإخوان في الاتحاد الاشتراكي، الإخوان في حزب الاستقلال والرفاق في التقدم والاشتراكية. الكتلة تصل المطار من أجل أن تقتفي خطى ابن بطوطة، ولكن في السماء هذه المرة. الرحلة ستدوم 15 يوما. فقط ستدوم ولا شك عمرا بكامله بعد العودة، أو هكذا مااكتشفناه من بعد. قرب ماو على كرسي أحرس قارب ماو ، هنا حيث جلس ليطلق مهد الصين الجديدة. الذكريات أيضا ترحل كما يرحل الماء. فوق المكان في دوائر متسارعة وبطيئة ..تذوب في الماء. السيدة الرئيسة السيدة التي زارت المغرب صوتها كهوفي ورنان رنة عميقة جميلة للغاية، رفعت الكؤوس وتحدثت عن فاس والرباط وعن الأكل المغربي. بعدها زرنا الذوق الراقي والخفيف تقدم أبناء المناطق في غوانكسي وقدموا لنا شايا مهيئا بطريقة عجيبة. بعضه بطعم الكاوكاو، وبطعم الارز ويشرب حتى الثمالة ، فأل خير.. غنت الشابات الغونكسيات الرائعات أهازيج ونحن حول المائدة...بعضنا لبس الزي التقليدي ووضع القبعات على رأسه ، بألوانها الزاهية كان الجو مفعما بالقرابة الفرحة.. مطبخ وخبز عندما مرت سبعة أيام بدأنا نحنّ إلى الطعام المغربي، حنّينا جميعا، كنا أحيانا ، بغير قليل من السادية النهمة نمعن في تعذيب أنفسنا بتذكر الطواجين المغربية... وألححنا على الخبز والزبدة.... وجاؤونا بهما فعلا. وكان ذلك في آخر المأدبة واصبحوا يأتون بالخبز في آخر الأكل، لأنهم فيما يبدو اعتبروه ... الديسير المغربيََ!!!! إنه نمط الانتاج الاسيوي بعد الانفتاح.. العشاء الاخير كان في فندق المحطة الأخيرة. من هنا إلى مطار بودونغ بشانغاي الفاتنة ، المدينة التي أغرتني بالصين أول مرة ... في مطارها الصيني سيضيع الكثير من فرحنا ومن انسجامنا.. قلق وسلع وتوتر وتفتيش وكيلوات اضافية اضطر معها بعضنا الى فتح حقائبه ليتخلص من الزيادة حاول تشاو ويدونغ أن يتدخل ويشرح بلا جدوى مدينة الجلد في خاينين ، أو هانين ، مدينة الجلد والصناعة الجلدية، وجدنا تصاميم لا تخطر على بال أحد. وجاء أهل الصين المترفون ايضا وجاءت الصينيات الراقيات ايضا والسيارات الفارهة وكنا هناك متوزعين بين المحلات ، كما لو كنا هنا لألف عام أو لدقيقة. المحل ينهي اعماله في الرابعة والنصف زوالا. اغتنمنا الفرصة نحن الثلاثة، البوزيدي عبد الاله والبورقادي عبد الله والعبد الضعيف إلى رحمة ربه. وزرنا القرية - المدينة جياكسين. في الطريق إلى وسطها عبرنا اوراشا للبناء. ووقفنا عند محلات تقوم فيها الصينيات بقص شعر الصينيين . محلات بها من كل شيء طرف: لعب اطفال، مشويات، خضر. محلات أخرى فيها الخضر و،المواد الغذائىة و الادوات المنزلية واخرى فيها الخياطة والسندويتشات.. وهلم صينا في صين اخرج بطاقة المسؤولية، فهو برلماني ومدير العلاقات الخارجية في الحزب الحاكم لكن الجمركي الذي لم يكن يتساهل مع الكيلوغرامات الزائدة ، عظم اللام على طريقة الجند واعتذر له. القانون هو هو عمل جيد على كل حال لم يكن الكثيرون ليحبذوه. على كل ، أشياء كثيرة تعلمناها وظل ما نتعلم سيرافقنا إلى حيث نسير. قرية أخرى من الليل القديم.. قرية كسيطانغ القديمة عمرها 3 آلاف سنة.بيوتها الخشبية (انظر الصور) في الماء تماما. بالنسبة للخيال المتوسطي، وحدها مدينة البندقية يمكنها أن تضع جدرانها وتلالها وسقوفها ونوافذها في الماء، وتضع اناسها في المراكب. لكن القرية الصينية هنا. وهي قرية توجد في شمال المنطقة التي زرناها، منطقة زيجيانغ، مبنية حول قنوات الماء وفيها. قرية تخترقها 9 وديان وجداول ، ويربطها ازيد من 100 جسر ، تجدها في كل منعطف. وفي كل منعطف تاريخ وعائلة وفن وعطور قادمة من عناصر الماء والهواء والتربة و..الماء. في شوارعها الضيقة يمكن أن ينام التاريخ قرونا طويلة إلى أن توقظه طقطقة آلات تصوير يابانية. ويمكن أن توقظه زغرودة من امرأة مغربية فتنتها السعادة المبثوثة في كل مكان. هنا يكون الموقف الافضل أن تساير الزروق الذي يتهادى هنا. اذكر الصين ولو في .. الصين. الوداع يا أهل بيكين ويا أهل نانيغ ويا أهل يولين ويا أهل وانغزهو ويا أهل زيجيانغ ويا أهل كسيطانغ ويا أهل شانغاي ..الوداع وشكرا لكل من غطى رحيلنا بالثلة وبالأرز وبابتسامات الوداع وشكرا لكل تواضعكم ولكل ذكائكم ولكل صرامتكم وشكرا لليلكم ولنهاركم. وشكرا لكم على ماوكم وعلى من عارضوه ، وعلى من أخطأوا منكم ومن صححوا اخطاءهم.. شكرا لكم. انتهى