ستة عشرة طالبا تم تكوينهم وصقل موهبتهم في أداء وعزف فن العيطة، وخاصة العيطة الحصباوية، التي كانت مساء يوم الخميس الماضي، 23 من شهر دجنبر الجاري، فرصة لعرض تجربتهم التكوينية التي تمت تحت إشراف «جمعية بوشعيب زليگة الثقافية لأصالة فن العيطة» في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بعمالة أنفا - الدارالبيضاء، وذلك من خلال حفل اختتامي فني وثقافي احتضنه المركب الثقافي سيدي بليوط، تتبعه العديد من عشاق الطرب الشعبي المغربي، ومن مختلف الشرائح العمرية، التي اهتبلت المناسبة الفنية - الموسيقية للاستمتاع بأداء وعزف شباب يمتلكون مواهب طربية أصيلة، ارتأوا صقلها عبر قواعد موسيقية متينة على يد مجموعة من رواد هذا النوع الغنائي العريق بالمنطقة، من قبيل مصطفى البيضاوي، مبارك العوني وغيرهما، طيلة سبعة شهور متواصلة، بكل من المركب الثقافي محمد الزفزاف بالمعاريف ثم دار الشباب درب غلف. حفل الخميس الاختتامي لم يكن موسيقىا فقط، أو غناء أو تتويجا .. بل كان ثقافة وفكرا وتأملا في الموضوع ذي الصلة، العيطة الحصباوية، إذ كانت السهرة الاختتامية للسنة الثانية لمشروع تلقين فن العيطة من قبل جمعية بوشعيب زليگة لأصالة فن العيطة» المذكورة، مسبوقة بتنظيم ندوة ثقافية تتثقيفية - موسيقية تحت عنوان «اللغة الموسيقية لفن العيطة بين الأصالة والمعاصرة (مقدمة لدراسة عليمة)» من تأطير الأستاذ جلال عبد الكريم بمشاركة بعض الفعاليات المهتمة بفن العيطة، مصحوبة بعزف نماذج موسيقية طرحت خلالها العديد من القضايا، تعريفية وتاريخية وتدوينية لهذا الفن المغربي العتيق، الذي تأسس على مر التاريخ، شفويا وسماعا، عبر قواعد فنية مضبوطة ومقننة، نابعة من تربة موسيقية صلبة ومتينة .. تستوجب اللحظة الآنية، في ظل متغيرات موسيقية وتكنولوجية متسارعة، تدريسها عمليا وعلميا من أجل استمراريتها وحمايتها من الأفول و الزوال، وذلك من خلال طرح سؤال مركزي تمحورت حوله الندوة، وهو متى سيتم العمل على تدوين «نوتة» العيطة المغربية بكل الأشكال والألوان الأدائية المختلفة المعروفة عن الرواد، باعتبار أن العيوط، وخاصة العيطة الحصباوية والمرساوية .. لها مفاصلها ومرتكزاتها الموزونة وطبيعتها الادائية الخاصة بها ، حيث أن أي خلل يصيب عنصرا من عناصرها هو إخلال بأصولها وأصالتها .. كما تم الحديث، بالمناسبة، عن تجربة موسيقية ناجحة بالمجال، وتتعلق ب « سَمْفَوَنَة» العيطة ( من السمفونية)، حيث تمكنت مجموعة من الفرق وبواسطة آلات موسيقية تقليدية معروفة ( الكمان، العود الدربوكة و الطعريجة) من تحقيق توليفة موسيقية جميلة كشفت عن جمالية هذا الطرب الشعبي الأصيل، مثلما كشف عنه في أمسية الاختتام أداء الطلبة الستة عشر، خصوصا ممن يمتلكون قدرات صوتية مميزة من قبيل الطلاب سيمو، رفيق، وليد والعزوزي هشام، الذين برعوا في عزف وغناء «خربوشة» الحصباوية و«سيدي أحمد» أو «عزيبو في المويلحة« و«العَمَّالة» و«حاجتي بكريني» التي تفاعل معها الجمهور بشكل مثير، مثلما تفاعل وتجاوب، أيضا، مع «نجوم» السهرة الفنية التي تلت مباشرة عرض خريجي المشروع التكويني، حيث برع الفنان الشعبي مصطفى البيضاوي والفنانة الشعبية خديجة مرگوم صحبة عازف الكمان مبارك العوني والإيقاعي لهتيوي محمد (أيوب)، في رسم لوحات جميلة ونموذجية في فن العيطة الحصباوية التي، لا شك، ضمنوا لها بعضا من الاستمرارية، أداء وجمهورا..