أكد امحمد فاخر ، مدرب الرجاء البيضاوي، أنه الآن بصدد تشكيل فريق قادر على المنافسة على الألقاب كل سنة، مشيرا إلى أنه مجبر على تحديد اللائحة النهائية لفريقه في نهاية الشهر الجاري، رغم أن فترة الانتقالات الشتوية لا تنتهي إلا يوم 13 يناير المقبل. وأوضح في هذا الحوار أنه يرفض اللعب الاستعراضي الذي ينزع إليه لاعبوه في بعض الأحيان، لأنه غير فعال وعقيم، وخروج عن مبادئ الروح الرياضية، لأن فيه إهانة للفريق الخصم، مشددا على ضرورة تغيير الأندية الوطنية لطريقتها المتبعة في تكوين اللاعبين، لأنها تتم بشكل بدائي، بعيدا عن المنهاج العلمي. وشكل هذا الحوار مناسبة كذلك للوقوف على الأسلوب الذي يتبعه في التدريب، وكذا رده على بعض المشككين في أسلوبه التاكتيكي. هل وضعت تصورك بشأن الانتدابات التي ستقدم عليها خلال فترة الانتقالات الحالية؟ نحن الآن بصدد وضع لائحة نهائية للفريق، تشمل حتى المراكز الواجب تعزيزها خلال فترة الانتقالات الشتوية، التي افتتحت يوم الجمعة وتستمر إلى غاية 13 يناير المقبل. ورغم أن هذه المدة قد تبدو طويلة لانتداب عناصر جديدة، إلا أننا ملزمون بعدم تجاوز 31 دجنبر، موعد بعث لائحة الفريق إلى الكونفدرالية الإفريقية للمشاركة في دوري عصبة الأبطال، وأي تأخير قد يعرض الفريق لغرامة من طرف الكاف. الحاجة إلى اللاعبين تفرضها أحيانا كفاءة اللاعب الذي أنت بصدد اختباره، فقد تكون أحمق إن فرطت في لاعب بمهارات عالية، فأنا كمدرب أحتاج للاعب القادر على تقديم الإضافة للمجموعة الحالية. يلاحظ أن مشكل حراسة المرمى أصبح حساسا داخل فريق الرجاء، بالنظر إلى حجم الأخطاء المرتكبة في الآونة الأخيرة؟ لدي الآن ثلاثة حراس بكفاءات عالية (الجرموني، الحظ وعتبة)، وكل واحد منهم يمكنه أن يلعب أساسيا في أي فريق انتقل إليه، غير أن الأخطاء قد تكون لها انعكاسات سلبية على مردود أي حارس مرمى، خاصة في ظل الضغط الجماهيري. إن حارس المرمى حينما يرتكب خطأ ما، فإنه يبقى لصيقا به طيلة مشواره الرياضي، بخلاف المهاجم الذي لا أحد يلومه على ضياع الفرص، وأحيانا ببشاعة. لقد شاهدنا كيف أن الحارس فوهامي مازال الكل يذكره بالخطأ الذي ارتكبه في نهائي كأس إفريقيا 2004، ونسي الجميع أنه اختير أحسن حارس مرمى في دورة نيجيريا وغانا، كما أن أفضل حارس مرمى بالبطولة الوطنية حاليا، نادر المياغري، هو الآخر ارتكب خطأ. يلاحظ الجميع أن الفريق يجد صعوبة في الحفاظ على تفوقه في المباريات، ويستقبل أهدافا في الدقائق الأخيرة، ماسبب ذلك بنظرك؟ عندما لاتحسم النتيجة من خلال الكم الهائل من الفرص التي تتاح لك، فبكل تأكيد ستستقبل الأهداف، لأن الفريق الخصم قد تتأتى له هو الآخر فرص للتهديف. إن التقدم بهدف واحد لا يعني أنك انتصرت وحسمت الأمر، ومن حقك أن تنزع نحو اللعب الاستعراضي. هذا التفكير ينبغي تجاوزه، وأن نكون أكثر احترافية، لأن الفريق الخصم، ورغم تأخره بهدف واحد، لايزال حيا، ويمكنه في أي لحظة العودة في اللقاء، لأن مباراة كرة القدم مثل الملاكمة، فعند توجيه ضربة قوية للملاكم، وعدم إتباعها بضربة قاضية تسقطه أرضا، قد يكون رد فعله قويا تحت تأثير الضربة التي تلقاها، وقد يفوز بالنزال. إذن أنت كمدرب، ورغم مرورك بمدرسة الرجاء، لا تفضل اللعب الاستعراضي؟ أنا أرفض هذه الطريقة في اللعب، لأنها غير فعالة، فالاستعراض هو ما يقوم به فريق برشلونة. إنه الاستعراض نحو الأمام وليس إلى الوراء. فالفريق الكتالوني يستعرض طريقة لعبه ويسجل الأهداف، عكسنا نحن، حيث يكون استعراضنا إلى الخلف، وهذا اعتبره قلة فعالية وعدم احترام للخصم كما أنه ابتعاد عن الروح الرياضية. فخلال اشتغالي بالفئات الصغرى لفريق الرجاء كنت أحث اللاعبين على احترام الخصم وترجيح كفة الأداء الهجومي، بدل استصغار الخصم واحتكار الكرة بطريقة سلبية، لأنك قد تتعرض لنفس الموقف من طرف فريق أقوى، مادامت كرة القدم لا تستقر على حال. إن المطلوب من لاعب كرة القدم هو أن يظل رياضيا ومحترفا حتى في طريقة تفكيره. أما أن يتراجع إلى الوراء، وهو متقدم بحصة صغيرة ويحتكر الكرة، فهذا يعني أنه غير متخلق، ولا يحترم الفريق الخصم. هذه ثقافة قبل كل شيء، فقلة التكوين تدفع أحيانا إلى اللعب الاستعراضي، علما بأننا لسنا في مباراة تكريمية. إن الاحتراف يعني الفوز وبإقناع، لأن النتيجة هي التي تفتح لك آفاقا جديدة داخل الفريق، فأنت تبيع منتوجا كرويا وأحسن طريقة لهذا البيع هي النتيجة. كيف تتعامل داخل الرجاء البيضاوي مع ضغط الجماهير؟ فريق الرجاء يملك قاعدة جماهيرية كبيرة، كما أنه فريق ألقاب، ومحكوم عليك أن تعيش تحت الضغط مادمت مدربا له. كما أن اللاعب الذي يحمل قميصه ينبغي أن يعي هذه المسألة جيدا، فقد يأتي أحيانا لاعب كبير من الناحية التقنية والبدنية، لكنه قد لا يحتمل كل هذا الضغط، فيقل عطاؤه داخل رقعة الملعب، وقد يغادر إلى فريق أقل جمهورا، ويقدم عطاء أحسن. وهنا أود أن أقول إن أهم المعايير التي ينبغى أن تؤخذ بعين الاعتبار في الانتدابات هي التوازن النفسي للاعب، ومدى قدرته على تحمل الضغط، لأن الفنيات والمهارات التقنية قد تكون سلبية إذا كان اللاعب شارد الذهن. استحسن المتتبعون الكيفية التي تخلص بها اللاعبون من أثر الهزيمة في لقاء الديربي أمام الوداد، كيف هيأت مجموعتك لتجاوز هذه العثرة؟ مباراة الديربي انتهت بالنسبة لنا في الملعب، وكان اشتغالنا خلال الفترة التي تلتها، سواء في التداريب أو الاجتماعات التقنية مع اللاعبين، على تحليل المباراة، والوقوف على النقط التي ضاعت فيها. وفعلا كانت وقفة مع الذات، وسجل اللاعبون الخلاصات الإيجابية، والتي كانت كبيرة، وكذا الأخطاء التي تم ارتكابها، وعلى رأسها اللعب الاستعراضي، والذي دفعهم إليه الجمهور، وبعد ذلك حاسبهم على الهزيمة. يعيب البعض على أسلوبك التاكتيكي اعتماده على الدفاع بالدرجة الأولى، كيف ترد على هذا الطرح؟ بالرجوع إلى أرشيف الفرق التي دربتها، وفزت معها بالألقاب، نجد أن بطولة المغرب التي أحرزتها رفقة الحسنية في موسم 2001 - 2002، أنهينا خلالها الموسم كأحسن خط دفاع، حيث لم تستقبل شباكنا سوى تسعة أهداف، أما على مستوى خط الهجوم فكنا ثاني أقوى هجوم برصيد 41 هدفا، وراء الرجاء بفارق هدف واحد. وفي الموسم الموالي الذي حققنا فيه اللقب أيضا، جئنا في الرتبة الأولى على مستوى خط الهجوم برصيد 38 هدفا، وكذا الرتبة الأولى دفاعيا باستقبالنا 12 هدفا فقط. وحتى مع الجيش الملكي كان نفس الشيء، حيث أنهينا موسم 2005 - الذي فزنا فيه بالبطولة - في الرتبة الأولى على مستوى خط الدفاع (تسعة فقط)، والثانية على مستوى خط الهجوم (35 هدفا)، وهذا يرجع بالأساس إلى كوني أدبر أمور الفريق الذي أشرف على تدريبه من خلال الإمكانيات التي يتوفر عليها، «لأنه حينما تكون لديك سيارة متهالكة، لا ينبغي لك أن تضغط على دواس السرعة بقوة». لقد لعبت ضد فرق تفوق الفرق التي كنت أدربها من حيث الإمكانيات، وحينما يعجزون عن التسجيل أمامنا، يدعون أنني أركن إلى الدفاع، ولا أغامر بفتح اللعب، حتى يتفادوا رد فعل الجماهير. إن الفوز بالبطولات لا يتحقق باعتماد الخطط الدفاعية، لأن النقط لا تأتي من السماء. شخصيا أرى أن كرة القدم تقوم على معيارين، الدفاع والهجوم، وبالتالي أحث على أن يشارك جميع اللاعبين في الدفاع كما الهجوم، ولا أؤمن بفكرة اللاعب النجم الذي لا يساند زملاءه في أداء الواجب الدفاعي. تشهد بطولتنا في الآونة الأخيرة عودة مجموعة من اللاعبين المحترفين، ومنهم من سبق أن حمل القميص الوطني، كيف تنظر لهذا الأمر؟ الحكم على كل لاعب يتحدد تبعا لما يقدمه من مهارات داخل رقعة الميدان، فليس بالضرورة أن اللاعب الذي يعود من الاحتراف يكون في أدنى مستوياته. فهناك لاعبون يعودون إلى الملاعب الوطنية وبمبالغ قليلة، ويكونون في متناول الأندية المغربية، ويقدمون الإضافة المرجوة، خاصة في ما يتعلق بنقل الخبرة إلى اللاعبين الشبان. إن الأهم بالنسبة للاعب كرة القدم هو ما يقدمه داخل رقعة الميدان، أما فكرة التقدم في السن فهي معطى خاطئ، فأنا حينما كنت مدربا للحسنية فزت بالبطولة بخط هجوم يبلغ من العمر 71 سنة، لأنني حينما استقدمت كورنيا كان يبلغ من العمر آنذاك 35 سنة، ورأى فيه البعض اختيارا غير مبرر، لأنه فوت على لاعبين شبان فرصة حمل قميص الفريق الأول، كما أنه كان يتواجد إلى جانبه عبد اللطيف أكجا، وكان سنه آنذاك 36 سنة. وفي الجيش الملكي فزت بلقب البطولة وكأس العرش وكذا كأس الاتحاد الإفريقي، وكان الفريق يضم أوشلا (34 سنة) وفضلي (34 سنة). إن التقدم في السن لايشكل عائقا بالنسبة لبعض اللاعبين، لأنهم يكونون قد راكموا تجربة كبيرة، وبالتالي يسهل استيعابهم لخطط المدرب. لوحظ في الأونة الأخيرة إقبال عدد كبير من الفرق الوطنية على الانتدابات وبأعداد كبيرة، بنظرك ألا يشكل هذا الأمر ضربا للعمل القاعدي؟ مقاطعا (إن وجد العمل القاعدي أصلا). إذا بنظرك ليس هناك عمل قاعدي داخل الأندية الوطنية؟ هناك استثناءات قليلة جدا، فإذا عدنا إلى الفرق التي حصلت على الألقاب في السنوات الأخيرة نجد أن أغلبية لاعبيها «مستوردين»، ولا أحد منهم جاء إلى الفريق الأول من الفئات الصغرى، وهنا يظهر فعلا العمل الذي يتم القيام به داخل مراكز التكوين!! فقد تجد في مدارس بعض الفرق أزيد من 2000 ممارس، لكن السؤال العريض هو من يدربهم؟ وكيف؟ وبأي منهاج؟ وهل فعلا يتم توفير الإمكانيات اللازمة لتدريبيهم؟.... إن ما يتم القيام به حاليا هو أشبه بعملية تربية (Elvage) ليس إلا، الغرض منها البحث عن مقابل الانخراطات، وعندما تبرز إلى الوجود بضربة حظ موهبة ما، فإن التهليل والتطبيل لمركز التكوين يكون كبيرا. وبكل صراحة، فلا وجود للعمل القاعدي داخل البطولة الوطنية، لأن المؤطرين الذين تتوفر فيهم شروط التأطير الأكاديمي معدودون على رؤوس الأصابع. وبحكم أن فاقد الشيء لا يعطيه، لا ينبغي أن نكذب على أنفسنا. فنحن مازلنا هواة ، ومازلنا بعيدين عن الإحتراف الحقيقي. ثم أين هم المدراء التقنيون الذين يسهرون على الفئات الصغرى؟ وماهي البرامج المتبعة في عملية التكوين؟.... إن ما يسمى الآن بمراكز التكوين هي مجرد بنايات تصلح لأي شيء عدا تكوين لاعبي كرة القدم. بنايات فقط من أجل الحصول على دعم الجامعة، وهو الدعم الذي لا يأخذ مساره المرصود له، لأن أغلبية الأندية تدمجه في ميزانية تسيير الفريق الأول في غياب محاسبة ومساءلة الجامعة، مما يعني أن ملايير السنتيمات أهدرت من أجل لاشيء. ثم أين هم اللاعبون الذين تخرجوا من هذه المراكز؟.. وهنا أطالب بالوقوف احترما لهؤلاء اللاعبين الموهوبين الذين برزوا في الساحة عبر إمكانياتهم الذاتية المحضة، واجتهدوا بشكل عصامي، حتى حصلوا على فرصة اللعب بالقسم الأول. إن الوقت قد حان، ونحن على أبواب الاحتراف، كي تبادر فرقنا إلى رصد ميزانيات خاصة بالفئات الصغرى، وتوفير مدراء تقنيين أكفاء، وتشكيل خلية تقنية تحت إشراف المدير التقني، حتى يتأسس التكوين على الأساس العلمي، وندخل الاحتراف من الباب الواسع. كلمة أخيرة أنا الآن بصدد تشكيل فريق قوي وجاهز للمنافسة على الألقاب كل سنة، وليس فريقا يظهر ويختفي. «بغيت فريق يتنافس على الألقاب كل عام». فالرجاء مؤسسة قائمة الذات، وينبغي أن تدخل إلى عهد الاحتراف على أسس صلبة. كما أن القاعدة الجماهيرية التي يتوفر عليها الفريق تستحق نتائج أحسن من النتائج الحالية. وبكل صراحة فلدينا، كتقنيين ولاعبين ومسيرين، مسؤولية كبيرة تجاه هذا «الشعب العريض»، وأن نهدي له 90 دقيقة من المستوي الرفيع.