يبقى الوضع بفاس في حالة ترقب و أيادي الناس على أفئدتهم ، خاصة سكان فاس الجديد وظهر الخميس والبورنيات وكريان الحجوي ، هذا الأخير عرف مؤخرا فاجعة زعزعت كل الدوائر الأمنية والإدارية والصحية، مخلفة قتلى وجرحى وأسر مشردة ، وسكان المدينة العتيقة، الذين يقطنون في مدينة يرجع تاريخ بنائها إلى العصور الوسطى، حيث النسيج المعماري لهذه الدور تتشكل من عناصر الجير و الطين القابل الانهيار في أية لحظة ، خصوصا وأن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن هناك أكثر من 10000 دار مهددة بالانهيار و سبق للسلطات المحلية أن دعمتها بأخشاب تآكلت ، هي التي أدت دورها في وقت معين ، ولكنها لن تستطيع الصمود أمام مثل هذه الأحوال الجوية الإستثنائية، التي تعيشها المملكة. شعور غريب يسود المدينة والمناطق المجاورة، خاصة سكان المنازل المهددة بالانهيار والدور الآيلة للسقوط و المنازل الطينية المتواجدة قرب الأودية و الأنهار، حيث يعيشون لحظات عسيرة وهم يترقبون المجهول. لحظات الخوف والرعب مازالت تستوطن ذاكرة الساكنة، وهي تستحضر الساعات القليلة، التي كانت كافية لإغراق المدينة السنة الماضية و ألحقت بها أضرارا، وحجم التهاطلات المطرية و ضعف البنية التحتية، مما جعل فاس تعيش حالة عزلة مؤقتة، حيث غمرت المياه بشكل غير اعتيادي عددا من الأحياء، عجزت قنوات الصرف الصحي عن احتواء الوضع و التخفيف من حدة تلك السيول الجارفة التي اجتاحت عشرات المنازل والفيضانات التي تسببت في انهيار بنايات بأكملها وبعض أسوار الدور المتضررة، كما غمرت المياه عددا كبيرا من المحلات التجارية و خلفت بها خسائر مادية قدرت بالملايين، وأسفرت عن شل حركة المرور ببعض المداخل والمنافذ المؤدية إلى المدينة في مختلف الاتجاهات. إقليم مولاي يعقوب، لم ينج وقتها رغم الاستعدادات المسبقة ، فأدى ارتفاع منسوب المياه إلى إتلاف الهكتارات من الحقول و المزارع المجاورة لضفتي وادي سبو، و إلحاق خسائر مادية تقدر هي الأخرى بالملايين، وتعطيل عدد من المرافق الحيوية ،بحيث سجلت هذه الحمولة الاستثنائية وقت الذروة، وخلفت وراءها نقوق الأغنام و الأبقار، و انهيار عدد كبير من المنازل الطينية، إلى جانب التصدعات التي ظهرت على عشرات المنازل، مما دفع لإخلاء ساكنتها تخوفا لوقوع انهيارات قد تكون مميتة. سيناريو قد يعاود الكرة مرتين ليرعب من جديد النساء والأطفال، ويلقي بظلاله على ما تبقى من الدور الآيلة للسقوط. التساقطات الأخيرة لم تمر مرور الكرام، حيث لم تسلم من سيولها مجموعة من الشوارع والأزقة، فلا يعلم المارة وسائقو السيارات والشاحنات والدراجات أين تقع عرباتهم فريسة لأي حفرة خلفتها الأمطار؟.