هم المصلون لأداء صلاة الجمعة بمسجد باب برادعين، حيث امتلأ عن آخره، بحكم موقعه بالمدينة العتيقة،وعادة ما يؤمه المصلون الذين يقطنون بالأحياء المجاورة كباب تيزيمي وفران نوالة وجناح لمان، إضافة إلى المصلين الوافدين من مناطق أخرى والمواظبون على أداء الصلاة في اليوم نفسه، وهي مناسبة يستغلونها لزيارة الأهل والأحباب. وبعد انتهاء المؤذن من مناداة على الصلاة وتأهب خطيب الجمعة لبدء خطبته، حتى فوجئ المصلون بانهيار الصومعة على سقف المسجد، اعتقد البعض وكذا السكان المجاورون أنه زلزال حل بالمدينة، وقتها كان عشرات المصلين حوصروا تحت الركام، وفور ذلك هرع عدد من أبناء الحي للاطلاع على الوضع بسبب هول الكارثة، حيث شرعوا في عملية الإنقاذ بوسائل تقليدية، إلى أن حلت تعزيزات أمنية وكذا مئات من أفراد القوات المسلحة الملكية والوقاية المدنية الذين كانوا في حالة تأهب قصوى للتدخل من أجل إنقاذ المصابين أو انتشال الجثث التي كانت تحت الأنقاض، مما تطلب جهدا كبيرا، وإن كانت عملية الإنقاذ تزامنت مع نزول الأمطار. وموازاة مع هذه العملية تم استنفار أسطول من سيارات الإسعاف تجاوز عددها الثلاثين سيارة التي حلت بمسرح الكارثة، سواء التابعة لوزارة الصحة أو الوقاية المدنية والقوات المسلحة الملكية، وأخرى وفدت من المدن المجاورة كفاس والخميسات والجماعات التابعة لجهة مكناس، حيث حملت عشرات المصابين والجثث إلى قسم المستعجلات بمستشفى محمد الخامس. كما أن حالة من الرعب والأسى سادت موقع الحادث الذي يعد الأول من نوع يتم تسجيله على الصعيد الوطني داخل أحد بيوت الله، وفي يوم الجمعة لما له من قدسية لدى المسلمين، وهو ما استدعي استنفار كل عناصر الشرطة والتابعة لولاية أمن المدينة والقوات المساعدة والمدعمة بعناصر من القوات الدرك الملكي، حيث أخذت مواقعها على مستوى منافذ المدينة العتيقة، من خلال وضع حواجز حديدية، إضافة إلى وضع أخرى عند مدخل المدار الطرقي الشمالي باب تيزيمي وباب تلث الفحول، ومنعت حركة مرور الحافلات والسيارات والشاحنات في اتجاه الرباط أو فاس مع تغيير اتجاهها إلى وجهة أخرى. إلى ذلك عرفت المسافة الفاصلة بين موقع الكارثة بالمدينة القديمة ومستشفى محمد الخامس الواقع بضواحي المدينةالجديدة حالة استنفار بسبب حركة سيارات الإسعاف ذهابا وإيابا، وهي تقطع شوارع المدينة، كما عرف المستشفى ذاته تقاطر عدد كبير من أهالي وأقارب الضحايا، وفي الوقت ذاته عاش مستشفى محمد الخامس حالة طوارئ، حيث تم تجنيد جميع الأطقم الطبية وأقسام جراحة العظام والأعصاب والشرايين لاستقبال المصابين والجثث، كما تم توفير المستلزمات الطبية وغيرها، والاستعانة ب25 ممرض وممرضة من معهد تكوين للامريم بمكناس وطبيبين متخصصين في التخدير، وبلغت حصيلة الفاجعة 41 ضحية، و57 مصابا غادر منهم 40، فيما بقي 17 مصابا استدعت إبقاؤهم بالمستشفى. وجدير بالذكر أن كلا من وزير الداخلية ووزير الأوقاف و الشؤون الإسلامية و والي جهة مكناس تا فيلالت ووالي أمن مكناس وقائد الحامية العسكرية و قائد القيادة الجهوية للدرك الملكي بمكناس قاموا بزيارة تفقدية للجرحى بالمستشفى العسكري و مستشفى محمد الخامس كما زار الوفد قبل ذلك موقع الحادث المؤلم للوقوف على عملية انتشال الضحايا من تحت الأنقاض بينما تم تسجيل غياب وزيرة الصحة العمومية أو من ينوب عنها. سمي مسجد برادعين أحد أقدم مساجد بالعاصمة الإسماعيلية، نسبة إلى الباب الشمالي المطل على جبل زرهون، إذ يرجع تاريخ بنائه إلى السلطان المولى إسماعيل سنة 1709، لما أمر وزيره علي بن يشو القيام بذلك. ويمتد هذا المسجد على مساحة 620 متر مربعا، ويتكون من صفين وستة مباحات وصحن. كما يتصف بعلو صومعته الذي يصل إلى 50 مترا، ومن خصوصية هذا المسجد إلى اليوم، أنه مازال يتميز بالتأخر في إقامة صلاة الجمعة، شأنه شأن جامع الزيتونة، حتى لا تضيع الصلاة على من تأخر، وهي ظاهرة ترتبط بقرب المسجد وانفتاحه على منطقة فلاحية منها "تاورا" و"ورزيغة" و"الفخارين". وظل هذا المسجد صامدا يقاوم الزمن إلى أن طاله الإهمال والنسيان، بسبب تعرض صومعته للتصدع على مستوى الأسفل، ورغم الترميم الذي عرفها المسجد خلال التسعينات من القرن الماضي، فإنها لم تكن كافية لإنقاذه، مما جعل الملك محمد السادس خلال زيارته لمدينة مكناس في أبريل 2008 بمناسبة انعقاد المعرض الدولي الفلاحي يؤدي به صلاة الجمعة، ويطلق على هذا المسجد اسم خناتة بنت البكار زوجة المولى إسماعيل. كما أعطى تعليماته لترميم هذه المعلمة.