المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مكناس : الوقائع الكاملة لفاجعة مسجد خناتة بنت بكار التي أودت ب41 مصليا

واحد وأربعون شهيدا وخمس وسبعون جريحا، تلك هي الحصيلة النهائية لحادث انهيار صومعة مسجد «باب البرادعيين» بالمدينة العتيقة بمكناس. فمباشرة بعد انتشال آخر جثة من تحت الأنقاض حوالي الساعة الثانية والنصف من صبيحة اليوم الموالي ، السبت، بدأت مراسيم الدفن ، حيث بدا المنظر الجنائزي مؤلما خاصة بحي تزيمي الذي مات من أبنائه أزيد من 20 مصليا من مختلف الأعمار.
من يعزي من ، فبيوت التعازي متجاورة الواحدة بجوار الأخرى ، وذوي الضحاييا لم يستطعوا بعد استيعاب هول الصدمة، شهادات جد مؤثرة استقيناها من عين المكان، شهود عيان يروون لنا تفاصيل ماحدث والجميع يتساءل عمن يتحمل مسؤولية الاهمال والاستخفاف بأرواح المصلين، فوضعية صومعة المسجد كانت محط شكايات للمصلين والقيمين على المسجد حيث لم يتم أخد الأمر بالجدية اللازمة.
الأمر يستدعي فتح تحقيق لتحديد المسؤوليات عوض الارتكان إلى الظل واعتبار أن الأمر قضاء وقدر وأن الأمطار والرياح هي المسؤولة عن الفاجعة.
الفاجعة
كانت الحياة تسير بشكل طبيعي صبيحة الجمعة 19 فبراير بحي تزيمي بالمدينة العتيقة بمكناس، المصلون يتوافدون على مسجد «باب البرادعيين»لأداء صلاة الجمعة هناك، منهم من تعود على ذلك ، ومنهم من ولج المسجد لأول مرة. جيء بجنازة رجل للصلاة عليها بعد فريضة الجمعة ومواراتها التراب في المقبرة المجاورة للحي.
تكدس العشرات متزاحمين ومتراحمين داخل المسجد ، هربا من التساقطات المطرية التي عرفتها المدينة صبيحة دلك اليوم . البعض احتمى بجنبات المسجد، تلي ماتيسر من القرآن وصعد الامام المنبر، تليت لازمة آذان الجمعة وختمت بمن لغا لاجمعة له ، وطلب الانصات، ساد السكون والطمأنينة المكان قبيل الآذان ، لكنه السكون الدي سبق الفاجعة . صوت كبير يدوي فجأة وغبار كثيف ينبعث من جهة صومعة المسجد في الجهة الشمالية منه ليفاجأ المصلون بالصومعة وهي تهوي فوق رؤوسهم حيث سقطت على المصلين في الجناح الشمالي منه على ما يقارب تلث مساحة المسجد والجزء الكبير منها سقط على سقف المسجد الذي سقط بدوره على المصلين و سقط جزء منها على الصحن، في حين نجا القسم الجنوبي من المسجد حيث تصلي النساء وجزء من جناح الرجال.
زلزال مدو على حين غرة يحجب الرؤية في وقت كان فيه الجميع ينشد السلامة ولا مخرج، تدافع بالمناكب.. حالة من الهلع عمت المكان، أغلق الردم الباب الرئيسي للمسجد، مما دفع بالمصلين في اتجاه باب مسجد النساء والباب الغربي للمسجد رغم صغرهما ، الأمر الدي نجم عنه تزاحم وتدافع للهرب من سحابة الغبار الكثيف التي عمت المكان ، دون أن يدركوا حقيقة ماحدث فبعض المصلين هلك اختناقا لكبر السن وللغبار المتطاير.
هرع السكان إلى عين المكان للإطمئنان على ذويهم ، باشر شباب الحي عمليات الانقاذ، تعالت الأصوات بالتكبير والبكاء والجميع يبحث عمن نجا من المصلين . الناجون بدورهم انخرطوا في عمليات الإنقاذ وإخراج من يطلب المساعدة من تحت الأنقاض بما توفر لهم من امكانيات بسيطة: حفر بالأيدي وبعض الأدوات البسيطة، نقل للأتربة بواسطة السطل والقفة، وبالرغم من بساطة الامكانيات والوسائل فقد كتب على أيدي هؤلاء الفتية حياة جديدة لمجموعة من المصلين المطمورين تحت التراب والدين تم إخراجهم قبل أن تصل فرق الانقاذ .
ما أن بلغت الساعة الثانية بعد الزوال حتى عم خبر الفاجعة المدينة بأسرها ، فهب السكان من كل المناطق والأحياء إلى الموقع ، منهم من هرع للاستفسار عن قريب دأب على الصلاة هناك، ومنهم من جاء بدافع الفضول.
تقاطرت على المكان كل أنواع التدخل والانقاد والتنظيم ، شرعت عناصر الوقاية المدنية وعناصر من الجيش في انتشال الجثث وإخراج الجرحى، بمساعد المتطوعين من المواطنين، رجال أمن وقوات مساعدة ينظمون المرور ويبعدون الفضوليين الذين يعرقلون عمليات الإنقاذ، عشرات الأهالي يحاولون الاقتراب من مكان الحادث نتيجة حرقة السؤال، عناصر الجيش في حالة تأهب .
أول من وصل إلى عين المكان ، سعيد اشباعتو ، رئيس جهة مكناس تافيلالت ، والذي لم يتوقف عن الاتصال بالهاتف طلبا للدعم اللوجيستكي من عمالات الجهة القريبة، السلطة المحلية والمنتخبون توافدوا بعد ذلك يتقدمهم والي الجهة ورئيس البلدية.
الطريق إلى ساحة باب البرادعين ممنوعة، بهذه العبارة يخاطب عناصر شرطة المرور المواطني ،ن فيضطرون الى ركن سياراتهم بعيدا بمآت الأمتار، ومع طغيان الأسلوب اللبق في التعامل مع المواطنين والأسر المكلومة، فإن بعض رجال الأمن والقوات المساعدة كان تعاملهم استفزازيا لدرجة كاد أن يتسبب في مواجهات مع المواطنين.
بين الفينة والأخرى كنت تسمع التهليل والتكبير إعلانا لخبر انتشال جثة شهيد جديدة فتنطلق بها سيارة الاسعاف إلى مستودع الأموات بالمدينة، حصيلة الضحايا في ارتفاع مع توالي الساعات،الجميع يتساءل عن العدد،17 قتيل، 20، 31 ولا أحد كان بمقدوره التكهن وقتها بالعدد الحقيقي.
بساحة باب البرادعين، حي جناح الأمان، تيزيمي مناحة بلا ضفاف وحرقة على فراق حبيب من دون استئذان «مشى ليا خويا...ضعنا في بانا.. ادعيو معايا الله ينجي ليا وليدي كانت هي الجمل المسكوكة التي يلهج بها لسان كل من تصادفه في ساحة باب البرادعين ، فالفاجعة كبيرة والمصاب جلل.
تم نقل الشهداء والمصابين بجروح خفيفة إلى مستشفيات مكناس، فيما نقلت حالة خطيرة واحدة إلى المركز الاستشفائي الجامعي بفاس .
بعيد صلاة العصر بقليل، سادت حالة من الاستنفار في عين المكان، شاع الخبر، وزير الداخلية ووزير الأوقاف والمفتش العام للوقاية المدنية حلوا بعين المكان بتعليمات ملكية للوقوف على حجم المأساة وتقديم تعازي جلالة الملك الى أسر الضحايا.
راعنا منظر أب لم تجف الدموع من جفنيه وهو يتضرع إلى الله عز وجل طالبا عونه في إنقاذ ابنه محمد ذي الثلاثة عشر ربيعا، فإلى حدود الساعة السابعة مساءا كان الطفل حيا وتسمع أناته من تحت الأنقاض ، وكان الأب يسأل ان كانت هناك إمكانية لإخراجه حيا ، لكن كثرة الردم والغبار وتعقد عملية الانتشال وكذا تواضع آليات الإنقاذ أطفأ بصيص أمل هذا الأب المكلوم ليسجل في لاحة الشهداء ، كأصغر ضحايا الفاجعة.
وقد ينسى المرء ماينسى، ولكن لن ينسى للمرحوم اسماعيل باقاسم شهامته وشجاعته، ففي الوقت الدي نجا من الحادثة وتمكن من مغادرة المسجد سالما لم تسعفه مروؤته أن يسمع أنات المصلين تحت الأنقاض وينجو هو بنفسه، فما كان منه إلا أن عاد إلى المسجدلإنقاذهم ، فهوت عليه صخرة وضعت حدا لحياته ليلتحق بقافلة شهداء باب البرادعيين .
من يتحمل مسؤولية الفاجعة؟
المصيبة فوق مايطاق، ضحايا أشقاء ضحايا من الخؤولة والعمومة، جيران وأصدقاء، فمن يعزي من؟ الجميع يعزي والجميع يتقبل العزاء.
نعم إنه قضاء وقدر يقول السيد الزروالي ابن القيم على مسجد «اخناتة بنت بكار»، لكن بالله عليكم لماذا تقاعس ناظر الأحباس عن إصلاح المسجد بعدما تكلف بذلك بتعليمات ملكية بمناسبة صلاة جلالته ذات يوم جمعة من شهر أبريل 2008، ولماذا لم تؤخد كل مناشدات السكان مرتادي هذا المسجد وهم يطالبون بترميمه ،الجميع يؤكد أنه كان يتداعى يوما بعد يوم؟
ويضيف الزروالي قائلا : إنني أتحمل كامل المسؤولية فيما أقوله، فأبي رحمة الله عليه ، وهو أول ضحايا هذه الكارثة ، أبلغ المسؤولين بنضارة الأوقاف والأحباس بمكناس هاتفيا ، منبها إياهم بخطورة الوضع وبشكل خاص الصومعة وذلك ساعتين قبل وقوع الفاجعة مستشهدا على ذلك بما حدث لمؤدن الفجر يوم الأربعاء 17فبراير 2010 حيث سقطت عليه أحجار من الصومعةمما تسبب له في إصابة بليغة في رجليه، هذه المكالمة الهاتفية حضرتها شخصيا ، وعبر لي والدي عن حزنه عندما لم يحفل أحد بملاحظاته».
ب. م ،شاب من الحي صرح لنا قائلا: لقد سبق للمسؤولين أن زاروا الحي وعاينوا وضع الصومعة التي تتداعى ، كما لاحظوا ميلانها وعدم استقامتها ووقفوا على انتفاخ جزئها الأعلى ثم ذهبوا ، واليوم الجميع يريد التنصل من المسؤولية بدعوى أنه راسل الجهات المسؤولة؟
السيدة لغريسي وجهت استنكارها الشديد لمن أبقى على المسجد مفتوحا خاصة بعد الحريق المهول الدي أتى على منشارية للخشب محادية مباشرة للمسجد قبل أكثر من نصف سنة، وتضيف قائلة : كان حريا بمصالح الأوقاف ونضارة مكناس أن تهتم بإصلاح المسجد لا بالتفويتات واقتصاد الريع.
مدينة مكاس منكوبة، ذلك ماصرح به السيد مصطفى م ، مسؤول بجمعية تيزيمي م مشددا على أنه لابد من فتح تحقيق في الوضع الذي آلت إليه الصومعة في السنوات الأخيرة وتحديد المسؤولية في تعطيل إصلاحها وترميمها الى أن حلت الفاجعة.
المواطنون يتحدثون عن عدد من المؤشرات والإجراءات اتخذها القيمون عن المسجد وسكان حي الآمان عامة من أجل تجنب الكارثة. ويقولون إن حريقا مهولا قد شب بورش للنجارة مجاور للمسجد في شهر غشت الماضي، وأدت النيران وخراطيم رجال الوقاية المدنية المائية إلى إلحاق أضرار جسيمة بالمسجد وبصومعته بوجه خاص. ومنذ ذلك التاريخ والسكان يكتبون إلى الجهات المعنية عن الخطر الذي بات يتهدد المصلين دون أن تجد كتاباتهم أي صدى يذكر من طرف المعنيين بالأمر. وروى أحد السكان الذي نجا من الحاث بأعجوبة لأنه كان مساعدا للقيم على المسجد أن آخر مرة أبلغت فيها السلطات المحلية بالخطر كان يوم الحادث بالذات حيث اشتكى قيم المسجد أحد ممثلي السلطات المحلية الحالة التي أصبح عليها المسجد جراء الأمطار فسخر منه ذلك المسؤول ونهره قائلا «دعوا عنكم الأمطار...».
ولقد تبين من خلال التحري الأولي الذي أنجزته الجريدة بمكناس من خلال مقابلاتها لمستشارين جماعيين قريبين من الحي أن محضرا أنجزته مصالح الجماعة في وقت سابق أثبت أن الصومعة آيلة للسقوط وأن المسجد كله مهدد بالانهيار في أي وقت. ولكن هذا المحضر ظل في رفوف تلك المصالح ولم يتخذ من أجل تفعيل التوصيات التي تضمنها أي إجراء. ومن هذا الجانب فإن مسؤولية الجماعة الحضرية لا غبار عليها كما صرح بذلك أحد أعضاء المجلس لجريدة «الاتحاد الاشتراكي»
على أبواب المستشفى
استعانت فرق الانقاذ بسيارات الإسعاف من المدن المجاورة ، كالحاجب فاس ، سيدي قاسم.. لنقل الضحايا إلى مستشفيات المدينة حيث هرع أهالي الضحايا إليها بحثا عن آخر الأخبار .
كان وقع الصدمة كبيرا على الطاقم الطبي بمستشفى محمد الخامس وهو يستقبل تباعا الجثث والضحايا، استنفرت كل أقسامه، لم يكن وقع الصدمة أقل حدة من مكان الحادثة، فالصراخ والنحيب في كل مكان هنا، والمواساة بين المواطنين الدين حجوا بكثافة .
حالة من الازدحام والفوضى تعم المكان ، لم تنفع معه تدخلات رجال الأمن وتوسلاتهم أحيانا للمتزاحمين للابتعاد عن المدخل.
عائلات تنتظر تسلم جثمان فقيد ، وأخرى ترغب في الاطمئنان على أحد أفرادها إن كان مايزال حيا لكونه نقل في حالة صحية جد حرجة. وبالرغم من تجند الطواقم الطبية ، إلا أنه أحيانا كنا نعاين ارتباكا ملحوظا ، في عمليات التدخل لربما في انعدام الخبرة في مجال طب الكوارث ، علما أن مصلحة المساعدة الطبية المستعجلة لم يفرج عنها بالرغم من كون كلفة إحداثها فاقت 860 مليون سنتيم.
توسل إلينا المواطنون لرفع تظلماتهم ومعاناتهم في سبيل معرفة مصير ذويهم، زرنا المصابين في غرفهم بالمستشفى، من يستطيع الحديث منهم لايتوقف عن سرد أدق التفاصيل ويختموا حديثهم بالقول بأنه أمر الله وأنه قضاء وقدر.
أحد الضحايا ، يوسف العلوي ، كان يرافق جثمان والده للصلاة عليه جماعة رفقة الأهل والأصدقاء والمعارف إلا أنه قضى تحت الأنقاض. رضوان، تم اخراجه بمساعدة المواطنين قبل وصول الإسعاف ، وكان يحس بآلام في ظهره ورجليه، وكان تعتريه رعشة في كامل جسده.
بنعيسى الزهراوي ، البالغ من العمر 74 سنة ، كان يتواجد أمام الباب ويحس بآلام في الفخد والصدر أسرد في الحديث لنا كيف أن أبناء الحي أنقدوه من موت محقق.
تابعنا زيارة المصابين ، نستمع إلى حكايات تجربتهم مابعد الفاجعة، مع كل مصاب قصة جديدة تختلف في تفاصيلها ، فكل واحد عاش وضعا مغايرا.
عبد اللطيف الحنفي، ذو الخمسون سنة، موظف بالجماعة الحضرية لمكناس صرح لنا قائلا: بعد الانهيار هرعت خطوات إلى الأمام، إلا أن ركاما من الأتربة والحجر سقط علي بدأت في تلاوة الشهادتين ، إلى أن أحسست بيد تمسك بذراعي فتمسكت بها وقد كانت لأحد المصلين الناجين فقام برفقة آخرين بإخراجي من بين الأنقاض ، ولم أفق إلا وأنا بالمستشفى وحسب الأطباء ، لدي كسر في الكتف وآخر في الورك كما أفقد الوعي بشكل متقطع.
حكايات عديدة لمصلين نجوا بقدرة الله من موت محقق، فمن لم تفتك بجسده الأنقاض ، قضى اختناقا نتيجة الغبار الدي كان يشل التنفس والناتج عن مخلفات سقوط الصومعة.
الدكتور خالد أمال ، مدير مستشفى محمد الخامس صرح لنا قائلا : استقبلنا 72 مصابا، منهم 41 قتيل والباقي منهم 27 مصاب تم استشفاؤه هنا ،و غادر منهم 21 شخص بعد أن استقرت حالتهم الصحية في حين تم توجيه أربعة منهم إلى مستشفى مولاي اسماعيل العسكري. وآخر جثة وصلت إلينا كانت حوالي الساعة الثالثة والنصف من صباح يوم السبت.
وأضاف قائلا: بخصوص مثل هده الكوارث ، فإن هناك مخطط استعجالي يشمل جميع المتدخلين ، وبالأخص الأطقم الطبية ، وفي حالة هده الفاجعة كانت هناك مساندة من قبل الأطر الطبية حتى تلك غير العاملة بالمستشفى ، وكان هناك دعم ومساندة من قبل الطلبة الممرضين بمعهد تكوين الممرضين.
عائلات الضحايا احتجوا أمام باب المستشفي لتأخر تسليمهم جثث موتاهم، اضطربت الأجواء خاصة عندما لاحظوا أنه حتى في مثل هده المواقف بدأت عملية المحابات في الإسراع بتسليم الجثث للبعض دون الآخر، لم يستسيغوا الأمر فقاموا بالاحتجاج ليتدخل وكيل الملك وينهي العملية ليمتص غضب الأسر.
مابعد الكارثة
يوم السبت كان بحق يوم حداد جماعي لساكنة أحياء تيزيمني وجناح لمان وساحة باب بردعاني
تحول المكان إلى موكب جنائزي مهيب، فمند صلاة الظهر كان الفضاء عبارة عن مهرجان جنائزي ضخم تجمعت فيه الحشود المكلومة في جو تضامني قل نظيره ، ارتفعت الأصوات بالتكبير ، الجميع يتبادل التعازي بعيون دامعة وتتتابع مواكب الجنائز القادمة من مختلف الأزقة لتعبر تحت أنظارهم ساحة البرادعيين في اتجاه مقبرة الشهداء المجاورة والتي تحولت الى مجموعة خلايا تتكاثف فيها الجهود وتتنوع المهام والأعمال، بين من يحفر القبور ، ومن يحمل اللحود ، ومن يواري الجثامين إلى مأواها الأخير ، ومن يحمل النعوش في اتجاه قبور أعدت مسبقا. إنه مشهد جد مؤثر هيمن عليه الحزن العميق وبدا ذلك جليا في نظرات ونبرات أصوات من تقابلهم، أصوات تنطق بالمرارة وتعبر عن اللوعة وتجهر بالإدانة، ادانة جماعية لمن يعتبرهم السكان مسؤولون فعليون عن الكارثة.


ثلاثة قرون على تأسيس مسجد خناثة بنت بكار
مسجد جامع البرادعيين أو مسجد خناثة بنت بكار، قد تم ترميمه من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وتم تدشينه من طرف الملك محمد السادس في زيارة رسمية له حيث أدى فيه صلاة الجمعة في أبريل 2008.
وينسب جامع البرادعيين لباب البرادعين الواقعة شمال المدينة العتيقة؛ أسس هذا المسجد عام 1121 ه/ 1709 م، تحت إشراف الوزير علي بن يشو، أحد وزراء مولاي إسماعيل؛ ولهذا التاريخ تشير الأحرف (شاقك = 1121ه/1709م) الواردة في الأبيات المرسومة على لوح الخشب بباب مقصورة المنبر.
وهذا يدل على أن مولاي إسماعيل هو مؤسس هذا المسجد الجامع، فإن ثبت أن صومعة المسجد تشبه صومعة مسجد جامع الزيتونة, وأن ذلك المسجد هو من تأسيس مولاي إسماعيل، فمن المحتمل أن تكون الصومعة وحدها من تأسيسه، وأن صومعة مسجد جامع الزيتونة بشكلها المربع قد نسجت على منوالها. كما أن سيدي محمد ابن عبد الله جدد مسجد باب البرادعيين.
صومعة هذا المسجد أعلى صومعة بمدينة مكناس. وهو من النمط المعماري المريني، الذي كان سائدا بمراكش؛ مساحته تبلغ 620م2، وهو يتكون من صفين وستة مباحات وصحن، وله منار يشبه منار جامع الزيتونة في علوه وضخامة شكله، الأمر الذي يدل على أن مشيدها واحد، وبه مستودع لآلات التوقيت وجلوس القيم في طريق الصاعد إلى المنار؛ وقد أضيف هذا البيت بعد إتمام بناء المسجد فأقيم فوق قوس من أقواس باب البرادعيين الداخلي، الذي نسب إليه المسجد، وبه مقصورة لجلوس الخطيب.
لائحة الضحايا الذين استشهدوا في الحادث
حسن ازهراني، الراجعي ادريس، اسماعيل باقاسم، محمد أسطه، أحمد بنعمر، عبد الله سلامي، الراعي عبد القادر، سعيد هاشمي، مصطفى بوجيدة، الحسين مكاوي، عبد الجليل دجالي، عبد العالي الصنهاجي، مصطفى حلبيلي، عبد الله حدوشي، عزيزي عبد الرحمان، ظريف محمد، مكزي محمد، لحسيني محمد، العمود كمال، الزاعي محمد، محمد تنولي، عبد اللطيف عشعاشي، بالعباس فريد، يوسف علوي بحيري، محمد الرشيدي، علي حماني، العيادي العياد، عبد الواحد الركيك، سالم بودير، الحسين الموحدي، حسن العلوي، العربي التوكل، محمد لوليدة، سحلي لحسن، المراعي خلافة، محمد العثماني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.