صفق جميع الفلاحين بحرارة لمقترح «رفع مشاكلهم» إلى السلطات العليا ، بعد انسداد الأبواب في وجوههم واستفحال معاناتهم التي تقض مضجعهم، كوضعية الديون المترتبة عليهم، وأزمة النقل في المناطق الصعبة، علاوة على إشكالية التأمين عن الجفاف والأضرار التي تكبدوها، إلى جانب تفعيل ما جاء في مخطط «المغرب الأخضر» الذي قالوا عنه بأنهم لا يعرفون أي شيء منه على خلفية حالة التهميش والإقصاء التي تحاصر غالبية مناطق الأطلس المتوسط. جاء ذلك خلال تجمع كبير دعت إليه «جمعية الأطلس المتوسط للفلاحة والبيئة»، بمناسبة انطلاق الموسم الفلاحي، واحتضنته غرفة التجارة والصناعة والخدمات بخنيفرة، حيث شدد الحاضرون على مطالبة مختلف الجهات المسؤولة باتخاذ إجراءات شاملة ونافعة لفائدتهم وفائدة الساكنة بالمناطق الجبلية، وقد حضر اللقاء ممثلون عن هذه المناطق، منها أساسا أقاليم خنيفرة، ميدلت، بولمان، إفران، الخميسات، صفرو، الحاجب، وإيموزار. وضمن لائحة مطلبية، حصلت جريدة الاتحاد الاشتراكي على نسخة منها، طالب المجتمعون بإنجاز سدود لأجل تشجيع الري المتوسط والصغير، والتدخل الفوري لإصلاح السواقي التي دمرتها الفيضانات والأمطار الطوفانية، إلى جانب إصلاح الطرق والمسالك بغاية فك العزلة عن قاطني البوادي والقرى، والترخيص للفلاحين والمزارعين بحفر الآبار وجلب المياه السطحية لتمكينهم من الاستفادة من إعانات الدولة، مع تخصيص حصة من المياه لكل منطقة، وتشجيع غرس الأشجار المثمرة قصد الحد من انجراف التربة والهجرة القروية، والرفع من معدل إنتاج الحبوب بالنسبة للتأمين عن الجفاف، وتعميم مساعدة الدولة عن مختلف المخاطر التي يتعرض لها المنتوج الفلاحي عند التأمين، مع ضرورة التزام الدولة بإجراءات هذا التأمين. المجتمعون لم تفتهم المطالبة بالعمل على إنجاز دراسة شاملة لإنجاح المشاريع الفلاحية، وبمد المناطق المعزولة والتجمعات السكنية بالماء الشروب والكهرباء، مع توفير الأعلاف المدعمة من طرف الدولة والخاصة بالمناطق الجبلية. كما طالبوا بتقوية خلق المشاريع المدرة للدخل، وإيجاد حلول فورية للمديونية بدعم الفلاحين المتضررين من السنوات العجاف والجفاف، إلى جانب بحث ما يمكن من المناهج الفاعلة لأجل احتواء معاناة وظروف السكان المجاورين والمحيطين بغابات الدولة حتى يتمكنوا من الاستقرار بأراضيهم وحماية كرامتهم، كما تطرق المجتمعون إلى مشكل النقل وطالبوا بتوفيره بين الأسواق الأسبوعية والقرى المجاورة لها. تجمع الفلاحين افتتحه رئيس «جمعية الأطلس المتوسط للفلاحة والبيئة» بكلمة انتقد فيها أزمة النقل التي حرمت العديد من المدعوين من الالتحاق باللقاء، قبل أن يتوقف عند مختلف المشاكل التي يتخبط فيها الفلاحون، إلى جانب ما خلفته سنوات الجفاف والكوارث الطبيعية والفيضانات والثلوج، والعواصف الرعدية المصحوبة بالبَرَد، على مستوى الأراضي المزروعة، تنضاف إليها أمراض النباتات والمواشي، مما أغرق المزارعين والفلاحين في يم عميق من الديون، رغم الاتفاقيات التي جرت مع مؤسسة القرض الفلاحي والأطراف المعنية، وحتى مجال التأمين، يضيف الرئيس، تنكر للفلاحين المنخرطين، دون أن يفته التساؤل كيف أن مناطق الأطلس المتوسط لا تزال محرومة من تطوير أساليب الإنتاج وعصرنة القطاع الفلاحي ، ومن تحقيق تطلعاتها، وهي على مشارف الإفلاس والضياع؟ قبل أن يشير إلى بعض الحقوق «المهضومة» مثل التغطية الصحية والأعلاف والطرق والكهرباء والماء الشروب. رئيس الجمعية توقف بالتالي عند مشكل الماء، بالقول :«إذا كان مخطط المغرب الأخضر مبنيا على الماء، فإن العديد من قرى الأطلس المتوسط، والمناطق الفلاحية، محرومة حتى من الآبار»، ليتساءل : «هل نموت نحن في الجبال لتنعم باقي المناطق بالسدود والمياه؟»، مشيرا إلى أن جمعيته طرقت مختلف الأبواب دونما جدوى، قبل دعوته لجميع الحاضرين إلى تكثيف نضالاتهم من أجل الدفاع عن كرامتهم بشتى السبل، بينما لم يفته التلويح بتنظيم ما تتطلبه الأوضاع من «معارك ومسيرات احتجاجية» التي سيتم الإعلان عنها قريبا ما لم يتم تحقيق المطالب العالقة، والتي تقرر عرضها، كخطوة أولى، أمام وزيرالفلاحة الذي يحتمل أن يزور الإقليم نهاية الشهر الجاري، وذلك في أفق الترتيب لانجاز تقرير مفصل حول وضعية الفلاحين بالأطلس المتوسط، أعرب الرئيس عن أمله في وضعه بين يدي جلالة الملك خلال زيارته المرتقبة لإقليم ميدلت. اللقاء تميز بتدخلات الفلاحين، خاصة الصغار منهم، حيث استعرضوا عددا من المشاكل المقلقة لهم، مثل مخلفات سنوات الجفاف، ومجال التأمين، وغلاء الأسمدة والمبيدات، والعواصف الرعدية التي ألحقت خسائر بليغة بمختلف الورديات والأشجار المثمرة والحبوب والخضروات، إضافة إلى «القرض الفلاحي الذي لم ينفذ وعوده»، حسب أحد المتدخلين الذي علق بمرارة قائلا:«جلالة الملك يدعو إلى حماية الفلاح ليبقى في أرضه، والمسؤولون يدفعون هذا الفلاح إلى الهجرة والنزوح»، بينما جاء على لسان آخر: «سنجد أنفسنا يوما مجبرين على الهجرة صوب أراضي الشمال أو الجنوب لرعي أغنام الفلاحين الكبار من أجل كسب عيشنا»، إلى جانب جملة من الاقتراحات المطلوب النظر فيها والبحث عن الحلول المناسبة لها، واتخاذ ما يلزم من الإجراءات لتشجيع ودعم الفلاح ومساعدته في مواجهة التحولات والتحديات العميقة التي يعرفها القطاع الفلاحي يهدف صون التوازنات على مستوى العالم القروي، وتكريس الاستقرار الاجتماعي لفئة الفلاحين، علما بأن القطاع الفلاحي يحتل المرتبة الأساسية في النسيج الاقتصادي والاجتماعي على صعيد مناطق الأطلس المتوسط.