تأثير الإعلام الوطني بتفريعاته وأجناسه وفي شقيه السمعي والبصري ونجاحه في التشويش أو بالأحرى في محو صورة قناة «الجزيرة» القطرية من ذاكرة المغاربة كفضاء إخباري يتصدر قائمة القنوات الإخبارية على الصعيد العربي والإسلامي، وتفوقه في هزمها كصرح إعلامي لا يضاهى ظل يوقظ العرب لفترة ليست بالقصيرة، بدا واضحا وجليا في معظم فضاءات العرض بالمدن المغربية على الأقل في الآونة الأخيرة، الخبر ليس إشاعة ولا نكاية وتشفيا في اإمبراطورية إعلامية لا تغيب عنها الشمس تدعى الجزيرة. لكنه الخبر اليقين وهذه أسباب النزول. لاينكرأحد أن قناة «الجزيرة» المملوكة لقطر كانت لفترة في مستوى انتظارات المشاهد العربي، وأننا كنا في المغرب، ومن خلال الملحق التلفزي لجريدة «الاتحاد الاشتراكي» سباقين إلى التعريف بها وإبرازها عربيا سواء من خلال عرضها المتنوع ، أو برامجها الحوارية التي كنا نقضي الليالي البيضاء من أجل إفراغها وتقديمها مادة حية للقراء المغاربة، لكن اتساع رقعة البث الفضائي وبروز انحيازات وتجاذبات سياسية طبعت الخط التحريري لهذه الأخيرة، عجلا انمحائها ولم يمهل القناة جني الثمار ناضجة، حيث فتح التدفق النفطي ثغرة هائلة في هذا البناء، وتدفق منها ماء أصفر، وهواء ملوث يتلبس مرة بالحياد إزاء انتظارات شعبية لا تقبل التأجيل، وأخرى بالبروز أمام تفاهات شعبية من ذات القبيل (...) لقد طبع الخط التحريري ل «للجزيرة» في بداية المسار ، التنوع والتميز بأرخبيل من المواد تنزع بين الإخبار والسجال والتداول في قضايا الساعة والاستطلاع والتوثيق والابتزاز والاستفزاز، ولقد شبه بعض من الظرفاء الظاهرة الإعلامية للجزيرة آنذاك ب «سي إن. ن » العرب. وشكلت القناة نبرة جديدة في التعاطي مع قضايا الإنسان العربي قضاياه حقوقه ومشاكله، لم تستسغ من طرف العديد من الأنظمة العربية التي قاطعت وأغلقت مكاتب وفتحت أخرى ، تسخن تارة وتهول كما تشاء ، تفتح جبهات قد تكون التباسات المشهد السياسي العربي في غنى عنها ، وتغلق أخرى أكثر حساسية بسبب التماهي مع طموحها أو نزعتها في الهيمنة وسحب البساط من تحت كبريات الفضائيات المعاصرة لها . إذ في وقت كانت الاستقلالية أفضل ضمان لبقاء «الجزيرة» رائدة ، انساقت وراء أجندة سياسية مارقة ، وتجاذبتها الأهواء والمصالح الضيقة ، جعلتها تجهز بيقظة على مسار ناجح بامتياز ، على أن لا نغفل ل«الجزيرة»تحقيقها لسبق صحفي يتعلق بمقابلتها لأسامة بن لادن ملقنة مواطنتيها «الام بي سي» السعودية درسا في المهنية. ومع كل ذلك ، كانت التجربة وماتزال وستظل في نظر المغاربة قناة منحازة وليست مستقلة ، قناة الرأي الواحد وليست قناة الرأي والرأي الأخر كما تزعم في وصلاتها الاشهارية . مدينة مراكشالقنيطرةمكناسفاس.. المغربية تشكل نموذجا يحتذى في هذا المضمار ، فقد كشف استطلاع ميداني أنجزه طاقم متخصص قام بمسح شمولي لأكثر من 800 مقهى عمومي بكل من المدن العتيقة ومناطق محسوبة على المجال الحضري العصري أن معظم المقاهي وفضاءات الاستجمام العامة والخاصة تخلت هكذا عن تقديم«قناة» الجزيرة كخدمة مجانية لزبنائها ، سواء داخل فضاءاتها المكيفة أو في الفضاءات العمومية المحتلة على رصيف الشارع العام .