الصرخة التي أطلقها سكان مدينة الدريوش بالجهة الشرقية والمتضررون من فياضانات السنة الماضية هي صرخة تذكير قبل أن تكون صرخة إنذار، فقد مرت قرابة السنة دون أن يتم الوفاء بالوعود التي قطعتها الحكومة آنذاك من خلال وزارة الداخلية والتي تعهدت بإنجاز مساكن اقتصادية للمتضررين من الفياضات. وقتها زار وزير الداخلية السابق رفقة وفد حكومي الإقليم، وتجولوا بين ركام ماخلفته فياضانات وادي كرت والتي ذهب ضحيتها 11 مواطنا. شاهدوا المنازل المهدمة، وعاينوا تصدع المئات من المنازل الصور المبتوثة عبر وسائل الإعلام حينها أظهرت تأثر الوفد الوزاري بما حصل، وزعت الوعود، وضربت المواعيد لكنها أخلفت لم يتجاوز الدعم وقتها القليل من المواد الغذائية وترك الجميع لحاله في مواجهة الروتين الإداري والتعقيدات المسطرية المرتبطة بإنجاز المركبات السكنية لإيواء الضحايا من الأسر. قد يقول البعض إن الأمر يتعلق بتماطل شركة العمران أو قصر نظرالمجلس البلدي وقراراته غير المدروسة، لكن الأكيد أن المعاناة مستمرة وأن الوعود معلقة وأن وزارة الداخلية ووزارة التعمير أخلفت وعدها، والأكيد أن عشرات الأسر مازالت تنتظر بمدينة الدريوش، عشرات الأسر ومآت الأشخاص تركوا لحالهم. حالة انتظار ساكنة الدريوش تحيلني إلى حالة مماثلة أكثر عمقا ودلالة، يتعلق الأمر بمخلفات زلزال الحسيمة وبالضبط بمنطقة تماسنت النائية والتي زرناها سنة بعد الزلزال فوجدنا السكان وقد تركوا لحالهم يعيشون جحيم الانتظار، ومايزال البعض منهم في حالة انتظار إلى يومنا هذا، نفس الوضع بتالسينت في آخر زيارة لنا إليها وببوعرفة والتي فضل بعض الشباب بها ركوب المغامرة والنزوح نحو الوهم الجزائري كطريقة للإحتجاج على التهميش وحالة الانتظار التي يعيشونها. نفس الوضع يعيشه سكان هرمومو أو رباط الخير بإقليم صفرو والذين لم يسعفهم تغيير إسم مدينتهم لطرد سوء الطالع و رفع الغبن والتهميش عنها. هي حالات انتظار تتطلب تحركا رسميا ومركزيا بالأساس، تحركا يتجاوز مرحلة الخطابات الرسمية لينتقل إلى الفعل، تحركا يلبي انتظارات هؤلاء الذين وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها من دون مأوى، تحركا يرفع الحصار والغبن عمن شاءت الأقدار الإلهية أو المهنية لأسرته أن يجد نفسه في المغرب العميق حيث الأفق المحدود والحصار غير المعلن. وفي انتظار إنصاف سكان مدينة الدريوش والالتزام بماسبق أن تم التعهد به، وفي انتظار أن يغلق ملف مخلفات زلزال الحسيمة بتماسنت، وتفتح الآفاق أمام ساكنة بوعرفة ورباط الخير وكل المناطق التي تعيش أقصى درجات التهميش، فإن وضعية الانتظار هي الطاغية وهي المتحكم في مستقبل جيل بكامله..