فصل الصيف هو فصل الراحة والاستجمام، وهذه السنة أتى بنكهة خاصة وهي تزامنه مع شهر رمضان الفضيل. والصيف في مدينة الدارالبيضاء يعرف تنوعا نظرا لتنوع الوجهات التي يقصدها المواطن لأخذ قسط من الراحة والاسترخاء، كل على حسب قدرته الاقتصادية. ومع هذا فإنها تعرف ضيقا في المساحات الخضراء. ورغم ذلك فإن السكان وخاصة الساكنة الشعبية منها تتوافد وبكثرة على الحدائق والنموذج هو حديقة الخيرية التابعة لمقاطعة مولاي رشيد. تمتلئ الحديقة الخيرية عن آخرها خلال الفترة المسائية إلى حدود منتصف الليل، فسكان المنطقة يتوافدون عليها، ولكل منهم أسبابه الخاصة. فالسيد أحمد عامل بسيط بإحدى شركات النسيج يعيد السبب في لجوئه هو وعائلته لقضاء بعض الوقت في الحديقة العمومية، إلى الفقر والحاجة « ليس بإمكاني السفر بهم إلى مكان آخر سوى أن آتي بهم إلى هذه الحديقة فهي قريبة من مكان سكناي ولا تتطلب أي مصاريف». أما السيدة لكبيرة وهي امرأة متقدمة في السن فتقول «بما أنني امرأة طاعنة في السن، فإنني أحتاج إلى الهدوء والسكينة، والحديقة تساعدني على استنشاق هواء نقي». فيما ترى السيدة رقية أن أحد أسرار لجوئها اليومي إلى الحديقة العمومية، هو وفاة زوجها «توفي زوجي وترك بذمتي طفلين صغيرين، ولم يترك لنا المال الكافي للسفر، أو للذهاب إلى مكان آخر. فمعاشه بالكاد يسد رمق الجوع والحاجيات الضرورية، لهذا آتي بطفلي إلى هنا ليلعبا ويقضيا وقتا ممتعا». إلى جانب هذا، فإن فاطمة تعتبر ضيق الوقت وتزامن شهر رمضان والعطلة الصيفية، يتطلب الكثير من المصاريف «أنا لا أستطيع أن أبذر مالا كثيرا، لذلك أقصد الحديقة للترويح عن النفس، ونسيان المشاكل لبعض الوقت.» إن الراحة هي المطلب الكبير لكل من يقصد الحديقة، ومع ذلك فإن النساء لا يضيعن الوقت، فهن يتركن أطفالهن يلعبون ويمرحون، بينما يقمن بأعمال حرفية كالطرز وغيره، ومنهن من تقرأ كتابا، وكذلك هناك من يستغلن الوقت ويقمن بأعباء منزلية كتنقية التوابل الخاصة بشهر رمضان كالجنجلان وغيره. إذن فالحديقة مازالت تحتفظ بمكانتها داخل الوسط الشعبي البيضاوي لكنها تحتاج الى عدة تجهيزات كمرافق للعب الأطفال وغيرها.