يعتبر مرض السكري أولوية صحية تتطلب مواجهة «عنيفة» من الناحية الوقائية والمراقباتية، ورغم التقدم القوي الذي حصل في مراقبة داء السكري والعلاجات الجديدة فإن النتائج بالنسبة لمرضانا تعتبر غير موازية لهذا التقدم العلاجي. ففي الولاياتالمتحدة يعتبر مرض السكري السبب السادس في الوفيات، والعامل الأساسي في الوفيات بأمراض القلب والشرايين، ويؤدي إلى تقليص أمد الحياة من 5 الى 10 سنوات، ويكفي أن نعلم أنه خلال السنة الجارية أنه ستترتب عن مضاعفات مرض السكري أربعة ملايين وفاة في العالم، إذ في كل 10ثواني يتوفى شخص بسبب مضاعفات المرض. وبحسب تقديرات المنظمة العالمية للصحة فإن نسبة المرض سترتفع ب 40 في المائة في الدول المتقدمة بين سنة 2000 و سنة 2025، و ب 170 في المائة بالنسبة للدول في طريق النمو لنفس الفترة الزمنية . تقدر نسبة مرض السكري في المغرب لدى الأشخاص الذين يفوق سنهم 20 سنة ب 6.8 في المائة، ويعد السبب الأول في الضعف الكلوي وفي البتر غير الرضحي للأطراف وفقدان البصر. وتصل كلفة المصاريف العلاجية لمرض السكري في الولاياتالمتحدةالامريكية الى 132 مليار دولار ويرتقب أن تصل الى160 مليار دولار عند اواخر2010، أما في فرنسا فإن فاتورة علاج مصاب بمرض السكري تقدر ب 5910 اورو لكل سنة، علما بأن أربعة في المائة من الفرنسيين يعانون من هذا الداء، بينما في الجزائر تصل نسبة مرض السكري من 7 الى9 في المائة، ومصاب على اثنين غير معروف. الأمر الذي يحتم سن سياسة طبية تعتمد على تسهيل ولوج المواطنين لمرافق القرب الصحية مع تخفيض الفوارق الجهوية، مع العلم أن 25 في المائة من المواطنين في البادية عليهم قطع 10 كلم للوصول الى أقرب مرفق صحي، إضافة إلى تنظيم الفحوصات الشاملة المبكرة وتحسيس الرأي العام بأهمية الفحص المبكر لتفادي عواقب هدا المرض المزمن . يعتمد العلاج من مرض السكري على نوعين الأول «غير دوائي»، ويتعلق الأمر ب «الرياضة المشي المطول كل يوم نقص في الوزن ومحاربة السمنة عن طريق تتبع الحمية مع التتبع الذاتي لنسبة السكر في الدم عدة مرات في اليوم قبل الأكل وبعده ..»، ثم العلاج الدوائي عن طريق الفم حيث يشرع الطبيب في العلاج ب «المتفورمين» حسب نسبة السكري في الدم، وبعد فشل العلاج غير الدوائي مع المراقبة المستمرة الذاتية والبيولوجية يحدد الطبيب المعالج الاهداف العلاجية كما يلي ( الهيموكلوبين كليكي أقل من سبعة السكري في الدم قبل الأكل 90 120-ملغ /دسلتر ، بعد الأكل أقل من 140-180 الضغط الدموي أقل من 130/80 ملم مركير الكلوسترول «ل د ل» أقل من 100ملغ/ ديسلتر التريكليسيريد لأقل من 150ملغ دسلتر الكولسترول ش د ل أكثر من 40 عند الرجل و 50 ملغ عند المرأة )، ويلجأ الطبيب في غالب الأحيان مع مرور الزمن الى اضافة دواء ثاني أو ثالث عن طريق الفم إذا لم يفلح في إحراز التوازن المنشود للسكري في الدم . من جانب آخر فإن المسار العادي لكل مصاب بالسكري من نوع 2 يتميز بفقدان تدريجي للخلايا «بتا» المفرزة للانسولين مع مرور السنين والذي يؤدي الى تقليص في القدرة الانتاجية للانسولين الداخلي، ولهذا يجب تدليل الصعاب النفسية بالنسبة لمرضانا بالتربية العلاجية المستمرة والتحسيس بأهمية العلاج بالانسولين عندما يكون المصاب في حاجة اليها. فالافتراض العلاجي بالأنسولين أمر وارد في مسار المصاب بالسكري من نوع2 . على أن التخوف من الزيادة في الوزن ومن نقص السكري في الدم وتخوفات أخرى، تعد غيرموضوعية وتتعلق ب «خرافات» وأفكار غير علمية يجب التغلب عليها بالتوعية والتربية العلاجية والتحسيس بأهمية تفادي المضاعفات الخطيرة لمرض السكري، أخذا بعين الاعتبار أن هناك حواجز اخرى للعلاج بالانسولين تتعلق بالمعالج والنظام الصحي، مع العلم أن تأخير استعمالها عندما تكون موصوفة يشكل عملا ضد العلاج الطبي المثالي لمرضانا. لذا يجب تكوين الأطباء العامين وجميع العاملين في القطاع الصحي، في مرض السكري والتربية العلاجية مع التحفيز على التكوين المستمر وإحداث مراكز القرب لعلاج المصابين بالسكري ومراكز الامتياز، وإحداث دفتر تسجيل لجميع المصابين بالسكري مع تسهيل الولوج و توفير الادوية العلاجية وجعلها في متناول المواطنين .