احتفاء بجزء من ذاكرتنا الثقافية المشتركة ، واستحضارا لعطاءات مبدعينا وإسهامهم في إثراء رصيدنا الابداعي الوطني والعربي ، نستعيد ، في هذه الزاوية ، أسماء مغربية رحلت عنا ماديا وجسديا ، لكنها لاتزال تترسخ بيننا كعنوان للإبداعية المغربية ، وللكتابة والفن المفتوحين على الحياة والمستقبل. هادىء كعادته، يمشي بثبات ورصانة، ويرفق الناس بحب ووثوق من حبهم له، بل تسبق نظراتهم نظراته، وتجده في غالب الأحيان حالم في يقظته. قد يكون حالما بإبداع ما أو دور ما، أو عالم ما، أو وطن غيور على أبنائه في منطقة ما، لا حدود لأوطانه، ولمعتقداته ولانتماءاته، هو متعدد، ومختلف كأدواره، متجدد ومنبعث كحالات شخصياته، متفرد بالإلهام كعادته. اشتغلت معه دون أن أنسى أنني كنت أناديه »بَّا عمر« وأنا طفل صغير عندما كان يجول ويصول مع فرقة عبد الرؤوف. وعندما كنت أ.... مع القاعة ضحكاً وتصفيقاً، من موقف ساخر بينه وبين الفنان عبد الرحيم التونسي، واشتغلت معه في أفلام أجنبية بورزازات وأنا واثق من عطاءاته ومساعدته للشباب، كنت أقدره كما أقدر جميع زملائي الفنانين الرواد منهم والشباب. بَّا عمر أحد عمالقة التشخيص في العالم لولا أنه أغبن في حقه داخل هذا الوطن، الذي ..... أبنائه حقهم في التألق. ولما أقول ذلك؟ لأت بّا عمر عندما تراه في ثوب شخصية في أحد الأفلام الأجنبية لا تفرق بينه وبين الممثلين العالميين الكبار، كأن المخرجين الأجانب يدركون حق الإدراك والتعامل مع ملامحه ووحشيته وحضوره وانسيابيته، كم مرة شاهدته في فيلم أجنبي ولم أتعرف عليه إلا بعد فترة من المشاهدة. لقد كان رحمه الله محباً للشباب، وشاباً بروحه المرحة، والطموحة والتواقة إلى التجدد والجديد وكان من أوراق الشجرة الفنية التي تضلل الأوراق الصاعدة. إن با عمر شنبوط ترك فراغاً بيننا وسقط من خارطة التشخيص دون أن نجد من يعوضه في طبيعة الأدوار التي كان يقوم بها. لعلنا يوماً نعوضه عندما نرتقي سلم الشموخ والرصانة مثله، لعلنا... غادرنا بَّا عمر، وغادرتنا ابتسامته، وبقيت صورته في مخيلتنا، وبقيت طريقة مشيته البطيئة عبر الأزقة والشوارع البيضاوية تجيب على تحية وألف تحية..