احتفاء بجزء من ذاكرتنا الثقافية المشتركة ، واستحضارا لعطاءات مبدعينا وإسهامهم في إثراء رصيدنا الابداعي الوطني والعربي ، نستعيد ، في هذه الزاوية ، أسماء مغربية رحلت عنا ماديا وجسديا ، لكنها لاتزال تترسخ بيننا كعنوان للإبداعية المغربية ، وللكتابة والفن المفتوحين على الحياة والمستقبل. لم يكن العربي باطما، المشرع على الأبدية كالبحر والصحراء، مغنياً فحسب، بل فنانا مركباً وفق المعنى الشمولي، مذموغاً ومنذوراً للاختلاف، ولغير الجاهز والعادي، كما لو الأمر مدونا في لوحه المحفوظ، مقدراً، قبل بزوغ نجم ولادته وحلوله ضيفاً استثنائياً على الدنيا الفانية. ف «هو» الذي مهر «مجالات السمعي» بجاذبية لثغته اللاتضاهى نطق، الراء غاء وحول مجراها من عيب في النطق اللسان، الى امتياز، نحتله تقليداً بشكل مثير للاستغراب. العربي المشغول صوته بتقليب مواجع حنين امتدادات براري الشاوية، في علاقة هذه الأخيرة بتقلبات غمة المدارات الحضرية المدينية، الموصولة بالاستلاب والتشيء ، هو الذي قال الشيء ونقيضه، وفق بنية نظام تفكير جدلي يستعصي عن الدحض. قال دون قول: براري ممالك: الحي المحمدي: المطمورة في تجويفات مهندسي سياسة الإقصاء وهو يُعلي شأن معنى الغنى والثراء الدفين، قال دون قول مبتدى ومنتهى هدي أرواح الفقراء، وهم يطهرون الوجدان ويرتقون بأذواق مختلف الأرواح التي تلم وتشد أزر هاته الجغرافيا، الذاهبة لحال سبيلها، والموسومة ب «المغرب » الذي في البال أغنية أو مرثية ما هم. العربي، هو الذي أزجل نظم الزجل، وعاش حيوات عديدة عن طريق تشخيصه، داخل «فن التمثيل» لأدوار متنوعة، والتقط حد الإدهاش، كتابة، ووفق ذكاء فني ممهور بالسخرية عوالم شخصيات نجوم كونيين، وهو يحيِّنهم من التحيين في الوقت المناسب، ويستدرجهم من نجوميتهم لخشبة المسرح الواقع المغربي، من باب المفارقة الصاعقة. مسرحية «ترافولتا» ومسرحية «لهبال فالكشينة» التي قالت المحظور المسكوت عنه بخصوص نزعات عينة من المهاجرين، النفسية، والمرَضية لما هو جنس مُثلى، وخلاصة، على خلفية جرأة تخترق «العاطفي» و «الأخلاقي». العربي/ ابا عروب، هو الذي قبل هذا وذاك، أذغم موته بحياته المديدة، وهو يسقط شهيداً فداء، على جبهة وباء طابو مسكوت عنه، في حينه، ويلفت الانتباه إليه بشكل لا يصدق. موته/ حياته، وهو يوارى الثرى نوارى معه لنرتقي مجدداً، وصوته يصدح فينا: من الميت، حتى لا تأخذني يدي للنسيان، «نحن» الفرادى أم «هو» بصيغة الجمع وحجم البلاد. عجبي. العربي، المدموغ، الآن بعميق بياض إسرائه/ موت الجسد لا الروح، من الذي يبعث خفايا يبعث خفايا عجبه العُجاب، غير نحن «قبيلة الكتبة» هو الذي كانت له حياة مُضمرة من الثراء اللايوصف. خصوصية حضوره، داخل مجال شبكة العين، وسط مجموعة الغيوان، وهو يقرع أو يطرق أسماع الغافلين، عن طريق «الطبيلة» التي تنتظم خارج أدوات العزف وآلاته الكلاسيكية التقليدية، بقدر ما ترتبط بما هو شعبي، يصله آلياً بتمرد «حركة البتنيك» التي تزعمها الشاعر والكاتب: آلان غينسبرج في أمريكا، أوائل الخمسينات من القرن الماضي، بقدر ما يصله على مستوى الشكل بظاهرة المجموعة الغنائية، التي انطلقت من لفربول وأحدثت ثورة على مستوى الأغنية الشعبية « البيتلز» شكله جوهر مسار الانقلاب الجذري الذي أحدثته مجموعة الغيوان، وهي تتمرد على ما يسمى بالأغنية العصرية التي أتخنتنا بأغاني « مرض الحب المزمن» . ملاحظة: هذه الورقة انكتبت على خلفيات استحضار الرائع بوجميع، وتمثله كمقوم لمبتدى إشعال مسار فتنة «ناس الغيوان». هذه الزاوية يعدها الزميل حسن نرايس