بالمركب الثقافي لاكورنيش بالناظور نظمت جمعية جسور للبحث في الثقافة والفنون بشراكة مع المندوبية الإقليمية لوزارة الثقافة يوم الجمعة:16/04/2010 أول نشاط ثقافي لها بعد تأسيسها خلال شهر مارس الفارط والمتمثل أساسا في ندوة بعنوان:”الدكتور جميل حمداوي: باحث مفرد بصيغة الجمع”مرفوقة بمعرض للكتب التي أنتجها الباحث. استهلت الندوة بورقة تعريفية بالجمعية انصبت على تاريخ تأسيسها وقانونها الأساسي وأهدافها والمكتب المسير لها والتي ألقاها الأستاذ عبد الله صلو. ثم أخذ الكلمة الأستاذ جمال أزراغيد مسير الندوة الذي رحب بالجمهور وأصدقاء وقراء ومعارف وتلاميذ المحتفى به متوقفا عند مفهوم ثقافة الاعتراف والتقدير لعطاءات مبدعينا ومثقفينا وباحثينا التي ينبغي أن تسود حياتنا الثقافية قبل فقدانهم، مهما اختلفت مشاربهم الفكرية وحساسياتهم ولغاتهم وأجيالهم، وذلك تشجيعا لهم على متابعة مشوارهم الثقافي مسجلا أننا مازلنا موزعين بين الخجل والتشكيك والعدوانية المجانية والمجاملات الصغيرة التي آن الأوان أن نتخطاها للاحتفاء بمثقفينا وإبراز مكانتهم نظرا لما أصبحت تكتسيه الثقافة من دور في التنمية المستدامة. كما عرَّف بالباحث الذي يعد أحد أبناء ومثقفي المدينة مبينا مسيرته التعليمية وتشعب اهتماماته حيث أصدر ما يربو على 40 كتابا في مختلف التخصصات الأدبية والإبداعية والتربوية. وتوقف عند مجموعة من ميزاته حسب نهج سيرته أهمها : تعدد انتماءاته الثقافية والجمعوية،الغزارة والوفرة في الإنتاج، ريادته في تأريخ المسرح الأمازيغي، ووضعه لمنهج نقدي خاص بالقصة القصيرة جدا في الوطن العربي سماه” المقاربة الميكروسردية”، وجرأته في طرح نظرية جديدة في مجال المسرح سماها” النظرية المسرحية الإسلامية الجديدة”، وطرح منهجية جديدة في مجال التربية سماها” البيداغوجية الإبداعية” وغيرها من الميزات التي تسجل لصلح الباحث والتي تتطلب تقويما ودراسة. وقد نال الباحث على طول مشوار حياته مجموعة من التنويهات والشواهد التقديرية من جمعيات ومؤسسات تربوية وأكاديمية على الصعيد الوطني تقديرا لمجهوداته ومشاركاته المشرفة. كل هذا يؤهل أعماله أن تكون موضوع بحث وتقص ونقد وتقويم من طرف أساتذة باحثين ومهتمين لإبراز مكان الجودة والجدة والنقص فيها. وبعدئذ قدَّم الدكتور عيسى الدودي مداخلة بعنوان:” جهود الدكتور جميل حمداوي في مجال القصة القصيرة جدا” تناول فيها صداقة الباحث بالمبدعين، ومدى تشجيعه لهم ،وغنى مكتبته بالكتب المباحة للجميع، وعلاقاته الإنسانية الممتدة على الصعيد الوطني والعربي. ثم توقف عند القصة القصيرة جدا التي ازدهرت أواخر القرن 20 وبداية القرن 21 راصدا مراحل تطورها في المغرب والمهرجانات التي تحتضنها رغم الانتقادات الموجهة إليها من طرف البعض. ودفاعا عن هذا الجنس الأدبي أصدر الباحث كتبا منها: ” القصة القصيرة جدا بالمغرب، المسار والتطور”، ” القصة القصيرة جدا بالغرب قراءة في المتون”،” خصائص القصة القصيرة عند الكاتب السعودي حسن علي بطران( دراسات نقدية)” بغية استجلاء خصائصها الفنية والجمالية وإبراز قيمتها في المشهد السردي. أعقبه الأستاذ الباحث جمال الدين الخضيري بمداخلة موسومة ب:” جهود الدكتور جميل حمداوي في توثيق المسرح الأمازيغي بالريف”. ركز فيها على قدرة الباحث على الاشتغال في جغرافية متباعدة أجناسيا في وقت واحد ووجيز إذ راكم خلال ثلاثة عقود عدة أعمال أدبية . مؤكدا أن الباحث متمرس ومتمكن من أدوات المسرح حيث أصدر عدة كتب في هذا المجال،منها:” مهرجانات مسرح الشباب بالمغرب”، مدخل إلى السينوغرافيا”، ” المسرح الأمازيغي” إلى جانب إبداعه لمسرحية ” نصوص مسرحية: مسرحيات للصغار والكبار”. خلص الأستاذ في دراسته لجهود الباحث في توثيق ودراسة المسرح إلى عنصرين هامين: 1 الجانب البيبلوغرافي: تمثل في ركوبه مغامرة تجميع تجارب و عروض مهرجانات مسرح الشباب ، وتوثيقه لمهرجانات المسرح الأمازيغي بالمنطقة وعلى الصعيد الوطني. ثم توثيقه للعروض المسرحية والأعلام المسرحية التي صنعت المسرح بالريف ( فاروق أزنابط فخر الدين العمراني سعيد المرسي وفاء مراس... وغيرهم).إلا أن ما يسجل للباحث هو جرأته في تصحيح الخطأ المتداول بأن المسرح حديث النشأة ليبين بأن المسرح الأمازيغي قديم جدا لعدة أسباب : وجود مسارح وكتاب المسرح كأبوليوس... وغيرها من الأدلة التي دعم بها طرحه. 2 الخطاب المسرحي عند الباحث: يتميز بالتحليل الموضوعاتي للمسرح والكشف عن مضامينه وقضاياه وتبنيه أيضا للمنهج الفني الذي قسم من خلاله المسرح إلى مدارس واتجاهات فنية. وخلص الدارس إلى أن كتابة الباحث كتابة تأسيسية للنقد المسرحي الأمازيغي بالريف إذ حوَّل الفراغ إلى امتلاء. أما الأستاذ يوسف السعيدي فقد قدم مداخلة بعنوان:”قراءة في كتاب: الريف بين العدوان والتهميش والبحث عن الذات” الصادر عن سلسلة “الشروق ” التي يصدرها محمد أوجار. عرف الأستاذ بعتبات النص ثم انتقل إلى إبراز أهم القضايا والموضوعات التي تناولتها فصوله كالحرب الاسبانية والحكم الذاتي والجهوية الموسعة وغيرها من المواضيع معتبرا أن الكتاب تتوزعه رؤية سياسية وتاريخية وثقافية. أما القاص الأستاذ ميمون حرش فقد تحدث في مداخلته:”قراءة في كتاب خصائص الرواية المغربية في الجهة الشرقية” عن وشائج الصداقة المتينة التي تربطه بالباحث لينتقل بعده إلى دحض الاتهامات الموجهة للباحث بكونه غزير الإنتاج ومتشعب التخصص معتبرا ذلك ظاهرة مائزة مادامت تتسم بالدقة والشمولية والعمق..وفي الختام استجمع مجموعة من الخصائص التي يمتاز بها الكتاب موضوع مداخلته والمتمثلة في: اعتباره معجما لكل الروايات الصادرة بالمنطقة الشرقية. دراسة موضوعات الروائيين بالمنطقة. التعريف بروائي المنطقة. إصدار أحكام موضوعية رصينة. أماالأستاذ الباحث عبد الله زروال فقد قدم مداخلة موسومة بعنوان:”اهتمام الدكتور جميل حمداوي بثقافة الطفل: تاريخ مسرح الطفل بالمغرب نموذجا”. استهلها بالكشف عن الدوافع الذاتية والموضوعية المتحكمة في هذه المداخلة منها بالخصوص( اهتمامه الخاص بثقافة الطفل حيازة ثقافة الطفل جانبا مهما من اهتمامات الباحث ...) مؤكدا أن الباحث جميل حمداوي لم يستصغر ثقافة الطفل وإنما اعتبرها جزءا مهما من الثقافة العامة تتطلب الإحاطة بعوالم الطفل. ورأى أنه يمكن تصنيف اهتمام الباحث بهذه الثقافة إلى ثلاثة مستويات أغناها بإصدارات مهمة يعتمد عليها في البحث ، وهي: 1 المستوى التوثيقي البيبلوغرافي: “ببلوغرافيا أدب الأطفال في المغرب” . 2 المستوى التاريخي والدرس النظري:”أدب الأطفال في الوطن العربي” “مسرح الأطفال والإعلام المغربي: بين الحضور والغياب” “فرجات درامية وتصورات إخراجية في خدمة مسرح الطفل” “مسرح الأطفال في المغرب” “مسرح الأطفال بين التأليف والميزانسين” 3 المستوى الإبداعي: ديوان شعر بعنوان:” يحيا السلام” سنة 2005. وخلص الأستاذ إلى الخلاصات الآتية: تراجع مسرح الطفل في الألفية الثالثة بعد انتعاشه في السبعينات. ضرورة الاهتمام بمسرح الطفل وتشجيعه. تنظيم مهرجانات خاصة بهذا المسرح. صعوبة الإلمام بثقافة الطفل المتشعبة. ضرورة الانتقال من سؤال البدايات إلى سؤال الهنا والآن. وغيرها من الأسئلة التي ختم بها مداخلته منها: إلى أي حد يمكن اعتبار الأشكال اللعبية حاملة لعناصر التمسرح؟ وبعدئذ تناول الكلمة المحتفى به شاكرا الحضور وأصدقاءه ومعارفه وقراءه وتلامذته والمشاركين في الندوة على مدى اهتمامهم ودراستهم لإنتاجاته الأدبية والثقافية والإبداعية .ثم أعقبها الإدلاء بشهادات في حقه مشيدة بخصاله الإنسانية والثقافية من طرف تلاميذه وأصدقائه، وتوزيع الشواهد التقديرية على المشاركين في الندوة وزيارة معرض كتبه في بهو المركب.وبذلك تكون الجمعية قد دشنت عهدها بترسيخ ثقافة الاعتراف بالآخر وبعطاءاته الأدبية والثقافية .