يعرض هذا الموجز تحليلا للوضعية الاقتصادية من خلال تتبع أهم المؤشرات الخاصة بالفصل الأول من سنة 2010، وكذا تقديرات النمو الاقتصادي الخاصة بالفصلين الثاني والثالث من نفس السنة، وذلك في إطار الدراسات الفصلية التي تقوم بها المندوبية السامية للتخطيط. وقد تم إنجاز هذا التحليل باعتماد المعلومات المستقاة من البحوث الدورية التي تنجزها المندوبية السامية للتخطيط حول الإنتاج الصناعي و الظرفية الاقتصادية و الأسعار و التشغيل، وكذا المؤشرات الإحصائية الفصلية الخاصة بالأنشطة الإدارية الأخرى. واصل القطاع غير الفلاحي تقدمه للفصل الثاني على التوالي، محققا زيادة ب %5,6، خلال الفصل الأول من سنة 2010، بالمقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية. ومن المنتظر أن يظل نموه قويا نسبيا خلال الفصل الثاني، حيث سيرتفع بنحو 5 %، على أساس التغير السنوي. بناءا على ذلك، يرجح أن يحقق الناتج الداخلي الخام زيادة تقدر ب% 3,4 خلال الفصل الثاني من السنة الجارية. نمو اقتصادي عالمي بوثيرة متفاوتة ومن المرتقب أن يعرف الناتج الداخلي الإجمالي للاقتصاديات المتقدمة ارتفاعا بنسبة 0,6 %، خلال الفصل الثاني من 2010، بالمقارنة مع الفصل الذي يسبقه، وذلك في أعقاب الانتعاش المتواصل الذي ستشهده المبادلات التجارية العالمية. بينما تشير التوقعات الخاصة بالفصلين الثالث والرابع إلى احتمال حدوث تباطؤ في وثيرة النمو الاقتصادي للبلدان المتقدمة ، نتيجة الخفض التدريجي لإجراءات التحفيز وانتهاج خطط جديدة من اجل تقليص النفقات العمومية. بالموازاة مع ذلك ، يرتقب أن تشهد الضغوط التضخمية شيئا من الارتفاع، الناجم أساسا عن تزايد أسعار بعض المواد الغذائية. بينما يرجح أن يظل تطور أسعار المواد الطاقية محدودا، باعتبار فرضية استقرار أثمان النفط الخام في حدود 75 دولارا للبرميل. استمرار توسع الطلب الخارجي الموجه نحو المغرب حقق الطلب الخارجي الموجه نحو المغرب زيادة مهمة، خلال الفصل الأول من 2010، قدرت ب 4,3%، على أساس التغير الفصلي، مقابل 3,8% خلال الفصل الذي يسبقه. ومن المنتظر أن يستمر التحسن خلال الفصل الثاني مع احتمال نموه بوثيرة أبطأ قليلا عن الثلاثة فصول الماضية، وذلك على خلفية الانكماش الذي قد تشهده المبادلات التجارية العالمية خلال النصف الثاني من هذه السنة. وعموما، فان تحسن فرص التصدير المتاحة للاقتصاد الوطني من شانه أن يدعم نمو الصادرات. وتفيد البيانات أن الصادرات الوطنية حققت توسعا ب4,5 %، خلال الفصل الأول من 2010، على أساس التغير الفصلي المصحح من تأثيرات التغيرات الموسمية. غير أن هذا التطور يعكس أساسا الارتفاع المهم الذي شهدته أسعار التصدير، في الوقت الذي لم يتعد فيه النمو الفعلي لحجم الصادرات 0,6%. وفيما يتعلق بأهم المواد المصدرة خلال نفس الفترة، لا تزال المبيعات من الفوسفاط ومشتقاته تشكل القوة الدافعة للصادرات الوطنية. بالمقابل، سجلت صادرات المواد الأخرى تراجعا ب 2,8% خلال الفترة ذاتها، متأثرة بانخفاض مبيعات مواد الاستهلاك، و خاصة منها تلك المتعلقة بالملابس الجاهزة وكذا منتجات الصيد البحري. وارتفعت الواردات بنحو 5,4%، خلال نفس الفترة، مدفوعة بزيادة مهمة في أسعار الاستيراد. وتجدر الإشارة أن المواد الطاقية قد شكلت، خلال الفصل الأول من 2010، أهم المواد المستوردة، حيث بلغت مساهمتها 2,5 نقطة في النمو الإجمالي للواردات. كما ارتفعت المقتنيات من السلع الأخرى، كأنصاف المواد و مواد التجهيز وكذا المواد الغذائية، ليصل معدل نموها إلى 2,6%. ومن الراجح أن يشهد تطور هذه الأخيرة بعض التسارع، خلال الفصل الثاني 2010، ليدعم بقوة اكبر النمو الإجمالي للواردات، بينما ستشهد المقتنيات من المواد الطاقية المصنعة تراجعا، على خلفية تحسن مرتقب في إنتاج وحدات التكرير الوطنية. و عموما، فان الانتعاش التدريجي للصادرات من السلع والارتفاع المحدود نسبيا للواردات، سيساهم لا محالة في التخفيف من تفاقم العجز التجاري، خلال الفصل الثاني من 2010، كما سيؤدي إلى الرفع من معدل تغطية الواردات بالصادرات، بعد الاستقرار النسبي الذي عرفه هذا الأخير خلال الفصلين السابقين. الأنشطة غير الفلاحية تواصل تحسنها حقق الناتج الداخلي الخام، دون احتساب الفلاحة، زيادة مهمة، خلال الفصل الأول من 2010، ومن المنتظر أن يستمر تحسن الأنشطة غير الفلاحية بوثيرة اقل نسبيا، خلال الفصلين الثاني والثالث من هذه السنة، وذلك باعتبار التقلبات التي تميز نمو بعض القطاعات الموجهة نحو التصدير، لاسيما وان تغيراتها الأخيرة لا تزال دون مستوى الاتجاه العام المسجل خلال الخمس سنوات الماضية. وبشكل أعم، ينتظر أن يستند نمو القطاع غير الفلاحي خلال الفصلين الثاني والثالث من هذه السنة إلى استمرار تحسن القطاعات الثانوية، ولاسيما المعادن، بالإضافة إلى تحسن أنشطة الخدمات. المعادن تدفع قاطرة النمو... يستمر خلال بداية هذه السنة توسع أنشطة المعادن دون أن تلوح في الأفق غيوم تنبيء باحتمال تراجعه على المدى القصير. هكذا وبعد ارتفاع ناهز 22,3 % خلال الفصل الرابع من 2009، على أساس التغير الفصلي، تزايدت القيمة المضافة للقطاع بنحو 22,8 %، خلال الفصل الأول من 2010، مستفيدة من تحسن الطلب الخارجي الموجه نحو المواد المعدنية الخامة. وفي هذا الصدد تزايدت الكميات المصدرة من الفوسفاط الخام ب 12% خلال نفس الفترة. ولا تزال آفاق نمو القطاع إيجابية، بالنظر إلى تحسن توقعات مقاولات القطاع، المتعلقة بتطور الإنتاج، بحوالي 17 نقطة عن المستوى المتوسط المحقق خلال الخمس سنوات الماضية. كما يدعم ذلك أيضا، آفاق ارتفاع مهم في الاستعمال العالمي للأسمدة، بعد التقلص الملحوظ الذي عرفه خلال السنة الماضية. ومن جهته، واصل القطاع السياحي تعافيه حيث ارتفع عدد الوافدين ب 8 % و المبيتات السياحية ب3.3% مقارنة مع الفصل الذي يسبقه، كما تحسن معدل امتلاء غرف الفنادق المصنفة بنحو 3,2 نقطة. وقد شمل هذا الأداء جل المناطق السياحية بالمملكة، باستثناء مدن أكادير وفاس و ورزازات. وبالنسبة لتوقعات نمو القطاع خلال الفصول الموالية، يرجح أن يستمر تقدم النشاط السياحي بوثيرة أكثر أهمية ، بالنظر إلى الارتفاع المتوقع لعدد الوافدين من السياح، على المستوى الدولي، على خلفية التحسن الذي تشهده الظرفية الاقتصادية العالمية. أما بالنسبة للقطاع الطاقي، فقد تسارعت وثيرة نموه ايضا، لتصل إلى حوالي% 4,2 خلال الفصل الأول من السنة الجارية، على أساس التغير الفصلي، عوض 2,9 % خلال الفصل الذي يسبقه. ويعزى هذا التسارع إلى تنامي الإنتاج الكهربائي، الناجم أساسا عن توسع أنشطة المحطات الكهروحرارية العاملة بالوقود بما يناهز %8,9، خلال نفس الفترة، في الوقت الذي شهدت فيه أنشطة الوحدات الحرارية العاملة بالفحم الحجري شيئا من الانكماش، في أعقاب ارتفاع السعر الدولي للفحم. ومن الراجح أن يستمر انتعاش أنشطة القطاع الطاقي خلال الفصل الثاني من هذه السنة، لاسيما وأن وثيرة إنتاج وقود الديزل 50 ppm قد بدأت تشهد بعض التسارع، من اجل تكوين المخزون وكذا بفضل استمرار تحسن الأنشطة الكهربائية. النمو الصناعي لا يزال معتدلا عقب زيادة ب %3,6 خلال الفصل الرابع من 2009، تراجع معدل النمو السنوي للقيمة المضافة للقطاع الصناعي، دون احتساب أنشطة التكرير، ليستقر في حدود 2,2 %، خلال الفصل الأول من السنة الجارية. وقد استفاد القطاع من التطور الملموس الذي عرفه إنتاج الصناعات الكيمائية والشبه كيميائية، الذي أدى إلى رفع مساهمتها إلى ما يناهز نصف تطور القيمة المضافة للقطاع. بالمقابل، ظل أداء فروع الإنتاج الأخرى دون الاتجاه العام للسنوات الأخيرة. وهو ما تؤكده، بشكل اعم، بحوث الظرفية، التي توضح استقرار مؤشر مناخ الأعمال الصناعية ، للفصل الثاني على التوالي، في مستوى يقل من متوسط الخمس سنوات الأخيرة. غير أن تحسن توقعات مهنيي القطاع، حول تطور المبيعات الخارجية خلال الفصل الثاني، ينبيء بارتفاع مرتقب في الإنتاج الصناعي، لاسيما وان جزءا مهما من صادراته قد شهد تراجعا ملحوظا في أعقاب تداعيات الأزمة الاقتصادية. من جانبها، وبعد حدوث انتعاش مهم في أنشطتها خلال الفصل الرابع من 2009، شهدت أنشطة البناء تباطؤا ملحوظا خلال بداية السنة الجارية. وتشير البيانات، في هذا الصدد، إلى انخفاض مبيعات الاسمنت بحوالي 2% خلال الفصل الأول من 2010، على أساس التغيير الفصلي. كما تراجع عدد السكان النشيطين العاملين بالقطاع ب 1,7 % خلال نفس الفترة. ومن الراجح أن تتسارع وثيرة نمو أنشطة البناء خلال الفصل الثاني من 2010، لتصل إلى حوالي 5,1 % مقارنة مع الفصل السابق. ويدعم هذه التقديرات التفاؤل الكبير الذي تعكسه توقعات المهنيين، المستقاة من بحوث الظرفية الأخيرة، حول تطور ايجابي لمؤشرات الطلب والتشغيل على مستوى كل من البناء والأشغال العمومية. تراجع الإنتاج الفلاحي من المنتظر أن يعرف الإنتاج الفلاحي تراجعا خلال السنة الجارية، بالمقارنة مع النتائج المتميزة التي حققها خلال السنة المنصرمة، حيث سيؤدي انخفاض إنتاج كل من الحبوب والقطاني وضعف أداء المحاصيل الزراعات الموجهة نحو التصدير إلى تقلص الإنتاج الزراعي لهذه السنة، رغم الدعم المستمد من تحسن بعض المحاصيل الربيعية كالذرة وعباد الشمس. كما يرجح أن تظل وتيرة تطور الإنتاج الحيواني معتدلة خلال هذه السنة، في ظل تقلص محتمل لذبائح الماشية ، الذي يميز عادة السنوات الممطرة. وجدير بالذكر أن معظم الفلاحين يفضلون الاحتفاظ بالماشية خلال السنوات الممطرة، نتيجة توفرالأعلاف الناجم عن تحسن المراعي والتطور المحدود الذي تشهده أسعار مواد العلف بالتزامن مع ذلك. وعموما، فان انخفاض القيمة المضافة للقطاع الفلاحي قد لا يتجاوز7,1%، خلال الفصل الثاني من 2010، على أساس التغير السنوي، عوض انكماش ب 8,6% خلال الفصل الذي يسبقه. على مستوى الصيد البحري، شهدت جل مؤشرات القطاع تحسنا ملحوظا خلال بداية هذه السنة. حيث ارتفع حجم الإنتاج الساحلي ب5,1% خلال الفصل الأول 2010، على أساس التغير الفصلي، مستفيدا من توسع شبه عام للكميات المصطادة من جميع الأسماك. وارتفعت في نفس الوقت، الكميات الموجهة نحو الاستهلاك والتجميد والصناعة التحويلية بحوالي 8,1% و 37 و 32,0% على التوالي. بالمقابل، عرفت المبيعات نحو الخارج تراجعا بحوالي 13%، بالمقارنة مع نفس الفترة من 2009. زيادة متباينة في الطلب الداخلي من المرتقب أن يشهد تكوين رأسمال الثابت تسارعا في وثيرة نموه خلال 2010، بعد النتائج المتواضعة التي حققها خلال السنة الماضية، ليصل نموه إلى حوالي %6,8 خلال الفصل الأول من السنة الجارية، عوض %2,1 خلال نفس الفترة من 2009. و يعزى هذا التطور، في جانب منه، إلى تحسن استثمارات المقاولات الصناعية، التي استفادت، بدورها، من ارتفاع القروض الموجهة نحو التجهيز ب 21,2%. كما يرجع ذلك أيضا إلى تحسن مرتقب للاستثمارات الموجهة نحو قطاع البناء، على خلفية الإجراءات التحفيزية التي تضمنها مقتضيات البرنامج الجديد للسكن الاجتماعي وكذا التحسن التدريجي للظرفية الاقتصادية العالمية. من جانبه، لا يزال الاستهلاك العام المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي الوطني، رغم ظهور مؤشرات توحي بحدوث انكماش طفيف في وثيرة نموه خلال الفصل الأول من 2010، إذ تشير التقديرات إلى معدل نمو قد لا يتجاوز 4,7 %، على أساس التغير السنوي، مقابل 5,6% خلال الفترة ذاتها من 2009. فعقب الخسائر التي نجمت عن الفيضانات وكذا الانخفاض المسجل في المبيعات الخارجية من المحاصيل، يرجح أن تكون المداخيل الفلاحية قد عرفت شيئا من التراجع، الذي من شانه أن يؤثر سلبا على نفقات الأسر. ومن المنتظر أن يبدأ نمو الاستهلاك تحركه نحو التصاعد بدءا من الفصل الثاني، مستفيدا من توسع المداخيل الخارجية، كما يدل على ذلك ارتفاع تحويلات المغاربة القاطنين بالخارج بنحو %11 في متم شهر ماي الماضي. كما أن بحوث الظرفية الأخيرة قد أبانت أن حاصل آراء الأسر حول تحسن وضعيتهم المالية المستقبلية قد شهد ارتفاعا ب0,7 نقطة بالمقارنة مع نهاية 2009. ارتفاع طفيف في معدلات التضخم ارتفع معدل التضخم بنحو 1,4 % خلال الفصل الثاني من 2010، على أساس التغير السنوي. وجدير بالذكر بأنه أسعار الاستهلاك قد شهدت شيئا من التراجع خلال الفصل الثاني من 2010، بالمقارنة مع الفصل الذي يسبقه، حيث لم يتجاوز معدل نموها 0,4 % مقابل 1% خلال الفصل الأول. ويعكس هذا التباطؤ انخفاض بعض أسعار المواد الغذائية، وخاصة منها تلك المتعلقة بالخضرالطازجة، بعد المستويات القياسية التي بلغتها أثمانها في بداية السنة. ومن جهته، حقق معدل التضخم الكامن زيادة طفيفة، قدرت ب % 0,2 خلال نفس الفترة، وذلك في أعقاب تزايد أسعار السلع الأساسية كمنتجات الحبوب وكذا أسعار بعض الخدمات استمرار تباطؤ الكتلة النقدية على صعيد تمويل الاقتصاد، تشير البيانات إلى ارتفاع سعرالفائدة بين البنوك إلى معدل يفوق السعر المحدد من طرف بنك المغرب، و ذلك بالرغم من التدخلات الفورية التي كان يقوم بها البنك من اجل تبديد التوترات على مستوى السوق المالي. وتجدر الإشارة إلى أن الأسواق البنكية تتعرض لتأثيرات مجموعة من العوامل التي تعمل على التقليص من السيولة، من أبرزها تفاقم العجز في الميزان التجاري و تقلص مداخيل الاستثمارات الخارجية. في ظل هذه الظروف، استمر تباطؤ الكتلة النقدية خلال الفصل الأول من السنة الجارية، ليستقر معدل نموها في %1، على أساس التغيرالفصلي، متأثرة بانخفاض كل من الموجودات من العملة الصعبة ب %1,4 وديون الدولة ب 6,7 % خلال نفس الفترة. بالمقابل، عرفت القروض الموجهة نحو الاقتصاد شيئا من التسارع، الناجم عن انتعاش القروض الموجهة نحو التجهيز، ليصل نموها الفصلي إلى حوالي %3,4 ، في متم الفصل الأول من 2010، عوض % 1,3 خلال الفصل الذي يسبقه.