اعتبرت المندوبية السامية للتخطيط أنه من الراجح أن يكون الاقتصاد الوطني قد واصل تحسنه خلال الفصل الأول من السنة الجارية، بارتفاع للناتج الداخلي الخام بنسبة 6ر4 في المائة على أساس التغير السنوي. وسجلت المندوبية، في مذكرتها الأخيرة حول الظرفية الاقتصادية، ظهور علامات تؤكد خروج الأنشطة غير الفلاحية من دورة الركود الاقتصادي التي دخلتها بدءا من منتصف 2008، مستفيدة من التطور الايجابي الذي تشهده القطاعات الثانوية، بعد انخفاض حاد مس بعض أنشطتها خلال الفصول الخمسة الماضية. وأكدت المندوبية، في هذه المذكرة التي تقدم تحليلا للوضعية الاقتصادية من خلال تتبع أهم المؤشرات الخاصة بالفصل الرابع من سنة 2009 وتعرض لتقديرات النمو الاقتصادي الخاصة بالفصلين الأول و الثاني من 2010، أنه "عند متم سنة 2009، ظهرت إشارات مشجعة لخروج الاقتصاد المغربي من مرحلة التباطؤ الظرفي الذي بدأ منتصف سنة 2008." + ارتفاع القيمة المضافة غير الفلاحية بنسبة 1ر5 في المائة+ ومن الواضح أن نمو القيمة المضافة للنشاط الاقتصادي، دون احتساب الفلاحة، ارتفع بنسبة 1ر5 في المائة على أساس التغير السنوي، مقابل 2ر1 في المائة خلال نفس الفترة من سنة 2008، وب 9ر1 في المائة خلال الفصل الثالث من السنة المنصرمة. وأكدت المندوبية السامية للتخطيط أن هذا التحسن يأتي مدفوعا بالارتداد الإيجابي لبعض القطاعات التي تأثرت بالأزمة الاقتصادية العالمية، مضيفة أن النشاط المعدني واصل توجهه نحو الارتفاع خلال الفصل الرابع من 2009، حيث ارتفعت قيمته المضافة بنحو 4ر24 في المائة، كما ارتفع نشاط البناء والأشغال العمومية بنسبة (زائد 5ر1 في المائة) وكذا الخدمات. وفي المقابل، أوضحت المندوبية أن التعافي يسير "بوتيرة بطيئة" على مستوى القطاع الصناعي، إذ لا تزال أنشطته دون المستويات المسجلة ما قبل 2008. وبخصوص القطاع الفلاحي، لاحظت المندوبية السامية للتخطيط أن القيمة المضافة الفلاحية أظهرت انخفاضا محسوسا خلال الفصل الأول من السنة الجارية، مرجحة أن تكون المحاصيل الزراعية قد انخفضت نتيجة تغير التوزيع الزمني للأمطار، بالرغم من أن الكميات المسجلة حتى متم مارس من السنة الجارية، تجاوزت نظيرتها المحققة خلال موسم فلاحي عادي بنسبة 88 في المائة. كما يأتي تراجع إنتاج بعض الزراعات، خاصة منها البواكر، من بداية الفصل الأول من السنة الجارية، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها في الأسواق المحلية. وفي المقابل، ارتفع الإنتاج الحيواني مقارنة مع السنة الماضية، مستفيدا من انخفاض أسعار علف الماشية وغطاء نباتي جيد. وأشارت المندوبية، في هذا الإطار، إلى ارتفاع إنتاج اللحوم الحمراء بنسبة 2ر4 في المائة والبيضاء بنسبة 4ر8 في المائة متم شهر مارس الماضي، مقارنة له مع نفس الفترة من سنة 2009. وعموما، فإن القيمة المضافة للفلاحة قد تشهد انخفاضا بحوالي 6ر9 في المائة خلال الفصل الأول من السنة الجارية، على أساس التغير السنوي. كما يتضح من المذكرة، التي أعدتها المندوبية السامية للتخطيط، أن الاستهلاك الخاص، الذي ارتفع بنسبة 6ر7 في المائة خلال 2009، سيعاني خلال هذه السنة من تباطؤ الأنشطة الفلاحية وتأثير ذلك على دخل الأسر وأسعار المواد الغذائية. وهكذا، شهد استهلاك المواد الغذائية، خلال الفصل الأول من السنة الجارية، ارتفاعا لأسعار بعض المواد الطازجة. وفي السياق ذاته، فإن وتيرة نمو الطلب على المنتجات المصنعة عرفت تراجعا بالمقارنة مع السنة الماضية، مما أدى إلى انخفاض المبيعات المحلية من السيارات الجديدة بنسبة 8ر7 في المائة متم مارس الماضي، وتراجعا بنسبة 9ر7 في المائة لواردات مواد الاستهلاك متم فبراير الماضي، على أساس التغير السنوي. وتوقعت المندوبية أن يشهد تكوين الرأسمال الثابت تسارعا في وتيرة نموه خلال 2010، بعد النتائج المتواضعة التي حققها خلال سنة 2009، مستفيدا من التحسن المتواصل للأنشطة الاقتصادية. وأضافت أن وتيرة انتعاشه ستظل بطيئة بداية السنة الجارية، بالنظر إلى ضعف دينامية الاستثمار الخاص بالبناء، بفعل الفيضانات التي عرفتها المملكة بداية هذه السنة، مما أدى إلى تراجع مبيعات الإسمنت بنسبة 1ر2 في المائة متم مارس الماضي، في الوقت الذي عرف فيه نمو القروض العقارية انكماشا إلى حوالي 9ر12 في المائة خلال الشهرين الأولين من سنة 2009، مقابل 9ر24 في المائة في النصف الأول من سنة 2009. + استقرار الطلب الخارجي + ومن جهته، لا يزال الاستثمار الصناعي، على الرغم من ارتفاعه مقارنة بالسنة الماضية، أقل من معدله على مدى الخمس سنوات الماضية، بالنظر إلى توقعات نمو أنشطة القطاع التي ما تزال متواضعة. ووفقا للمندوبية السامية للتخطيط، فإن تحسن النشاط الاقتصادي الوطني أتى في سياق عالمي يتميز بتحسن النمو الاقتصادي وارتفاع قطاع التجارة بنسبة 2ر5 في المائة خلال الفصل الرابع من سنة 2009. وتوقعت المندوبية، التي أكدت أن هذه الوضعية كان لها تأثير إيجابي على الطلب الخارجي باتجاه المغرب بوتيرة تحسن بلغت نسبتها 2ر4 في المائة خلال الفصل الرابع، استمرار الطلب خلال الفصلين الأول والثاني من السنة الجارية. وتشير مذكرة المندوبية أيضا إلى حصول انتعاش خلال الثلاثة أشهر الأولى من السنة الجارية، وإلى مستوى تضخم بنسبة (زائد 2ر0 في المائة)، وتوجه نحو الارتفاع للكتلة النقدية (بزائد 5ر1 في المائة).