ربط المندوب السامي للتخطيط أحمد الحليمي إمكانية التغلب على سلبيات الوضع الاقتصادي الحالي بضرورة التوفر على نوع من التفاهم الاجتماعي، تفاهم يبني كل الطموحات والمطالب على أساس ما هو ممكن وما هو منتظر بما في ذلك توفير شروط رفع فائض القيمة وحسن توزيع الثروات، وعلى ضوء ذلك اعتبر أنه من الضروري التوفر على منظور استراتيجي وعلى عقود اجتماعية تؤمن انسجام المجموعة الوطنية ما خلص إليه المندوب السامي، في الندوة الصحفية التي عقدها مساء أول أمس الأربعاء بالدار البيضاء، كان ثمرة الدراسات التي أنجزت حول مستجدات الوضع الاقتصادي العالمي وانعكاساته على الاقتصاد الوطني، فهو، وبعد أن سجل أن الحكامة الدولية لم تعط بعد إشارات عن منع وقوع اضطرابات مالية جديدة وعن تفاقم الأزمة الاقتصادية رغم الدينامية المنتظرة للاقتصاديات الناشئة كالصين والبرازيل، وبعد أن أوضح أن الفقاعات المالية لاتزال تهدد بالعودة، استند إلى دراسات أنجزتها المندوبية حول وقع إجراءات إنعاش الاستهلاك المتوقعة في قوانين المالية لسنوات 2009 و 2010 وخاصة ما يرتبط منها بتعديل الضريبة على الدخل وتنمية أجور شريحة من الموظفين وخلص إلى أن هذه الإجراءات مكنت من تحسين النمو الاقتصادي ومستوى معيشة السكان وخصوصاً منهم الأقل حظا، ًلكنه سجل بأن هذا التحسن كان مرفوقاً بتدهور في التوازنات الماكرو اقتصادية. وبلغة الأرقام خلص الحليمي إلى أن الربح في مجال النمو الاقتصادي بلغ 0.8 % سنة 2009 و 1.2 % سنة 2010 وقد مكنت الحركية الاقتصادية من خلق 26 ألف منصب شغل إضافي سنة 2009 و 50 ألف سنة 2010 ومقابل ذلك تفاقم العجز التجاري سنة 2009 بحوالي %0.8 من الناتج الداخلي الخام وسنة 2010 بنسبة %1.5 كما أن العجز الميزانياتي الإجمالي تفاقم بحوالي% 1 سنة 2009 و 1.5 % سنة 2010 . وبخصوص تقديرات النمو الاقتصادي خلال سنة 2010 توقع الحليمي ارتفاع الناتج الداخلي الإجمالي غير الفلاحي بنسبة 5.9 % عوض 1.3 % سنة 2009 بفعل انتعاش القطاع الثانوي، وخاصة منه المناجم والصناعات التحويلية والبناء، بنسبة 5.6 % عوض 4.7 % وبفعل انتعاش القطاع الثالثي الذي سيرتفع بوتيرة 6 % عوض 4 % سنة 2009 . نفس التقديرات توقعت تراجع القيمة المضافة للقطاع الولي بنسبة 7.5 % بعد ارتفاع بلغ 29 % سنة 2009 رغم أن أنشطة الرعي والصيد البحري خففت من وقع الفيضانات والظروف المناخية غير الملائمة. على ضوء هذه المعطيات القطاعية توقع المندوب السامي تحقيق معدل نمو اقتصادي في حدود 4 % عوض 4.9 % سنة 2009 و 5.6 % سنة 2008، كما اعتبر أن النمو سيستفيد من تعزيز الطلب الداخلي، وخاصة منه استهلاك الأسر الذي سيتحسن حجمه بنسبة 5.2 %، لكنه لاحظ في نفس الوقت أن هذا التحسن سيرفع قيمة الواردات بمعدل 8.6 % أي بوتيرة تفوق معدل ارتفاع الصادرات الذي سيكون في حدود 7 %، وبذلك سيرتفع العجز الجاري لميزان الأداءات من 5 % خلال الفترة 2008 - 2009 إلى 5.6 % سنة 2010 علماًً بأن فترة 2000 -2007 كانت تسجل فائضاً بمعدل 2.6 % وعند تعرضه إلى آفاق سنة 2011 استحضر الحليمي الصعوبات التي يطرحها الوضع الدولي الغامض والمشاكل التي تعاني منها دول الاتحاد الأوربي بما فيها مصير العملة الموحدة وتوقع تراجع سعر صرف الأورو مقابل الدولار من 1.37 سنة 2009 إلى 1.28 سنة 2010 وسنة 2011 كما توقع ارتفاع الطلب العالمي الموجه على المغرب ب 6.2 % سنة 2010 و 5.8 % سنة 2011 وخلال نفس الفترة سيرتفع معدل سعر برميل البترول من 80 إلى 83 دولار في حين ستعرف أسعار المواد غير الطاقية ارتفاعاً ب 13.9 % . على ضوء هذه التوقعات وبناء على فرضية استمرارية العمل بالمقتضيات الجبائية والنفقات الاستثمارية ونفقات التسيير الحالية مع جني محصول في حدود 70 مليون قنطار، توقع الحليمي ارتفاع النمو بمعدل 4.3 % بفعل ارتفاع الناتج الإجمالي الداخلي غير الفلاحي ب 5.4 % نتيجة نمو القطاع الثانوي ب 5.7 % ونمو القطاع الثالثي بمعدل 5.3 % . الدراسات التي أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط لاستشراف آفاق المدى المتوسط توقعت تحسن النمو الاقتصادي ومؤشرات الشغل بفعل الاستثمار والاستهلاك النهائي، غير أن التوازنات الماكرواقتصادية ستعرف تدهوراً يؤدي إلى ارتفاع حاجيات التمويل المندوب السامي خلص إلى ضرورة الحفاظ على المكتسبات المحققة مند بداية سنة 2000 في مجالات الاستثمار والبنيات التحتية الاقتصادية والسكن والقطاعات الاجتماعية، وإلى ضرورة الحفاظ على جاذبية المغرب عبر دعم ديناميكية التنمية الحالية والاستمرار في دعم النمو الاقتصادي عبر مجهود الاستثمار وعبر الاحتفاظ بالعجز الداخلي والخارجي في مستويات قابلة للاستمرار .