اختتمت مؤخرا فعاليات المؤتمر الدولي الأول للتراث العمراني في الدول الإسلامية، الذي عقد بقصر المؤتمرات بمدينة الرياض والذي عرف مشاركة عدد كبير من العلماء والخبراء والوزراء والمختصين في هذا المجال حوالي 160 باحثا من مختلف دول العالم، حضره وفد مغربي من بين أعضائه مسوولين وباحثين جامعيين ، وتوجت اعمال المؤتمر بعدد من التوصيات التي ركزت على أهمية الحفاظ على التراث العمراني بالدول الإسلامية وتنميته اقتصاديا وثقافيا، وارتكزت الخلاصات التي توصل اليها المشاركون على المحاور الرئيسية التالية: المحور الأول والذي اهتم ب « المنطلقات الثقافية للتراث العمراني في الدول الإسلامية، الواقع والتحديات»: ضرورة جعل التراث العمراني جزء لا يتجزأ من الهيكل الثقافي والاقتصادي والعمراني للدول الإسلامية ، مع الأخذ بعين الاعتبار العناصر البيئية الثقافية المحلية للطابع العمراني، والمحافظة عليه، وتشجيع تبادل الخبرات بين الدول في هذا المجال. المحور الثاني والذي ركز على الأبعاد الإقتصادية والإجتماعية للمحافظة على التراث العمراني، فقد خلص إلى ضرورة: توظيف التراث في مجالات طبيعية ثقافية وعمرانية، كمورد اقتصادي ضمن خطة للتنمية المستدامة. أهمية التراث العمراني، ودوره الفعال في التنمية الإقتصادية الشاملة، والتنمية السياحية بشكل خاص. إشراك المجتمعات المحلية في برامج المحافظة على التراث، وإعادة تأهيل المباني التراثية العمرانية وتوظيفها في المجال السياحي والثقافي. دور الحكومات والمؤسسات والمجتمع المدني المحلي، في تنمية التراث العمراني، وأهميته الثقافية والإقتصادية. وفي هذا الإطار كانت مساهمة الدكتورة جميلة السعيدي الاستاذة الجامعية بكلية الاداب بالمحمدية بمداخلة تحت عنوان « التراث العمراني، ودوره في تنمية القطاع السياحي. نموذج مدينتي » طنجة تطوان ، ابرز ما جاء فيها ان المدن المغربية تزخر بتراث عمراني يلعب دورا هاما في تطوير الحياة الثقافية الاجتماعية والاقتصادية. ولضمان حماية هذا الرصيد التاريخي الهام ، لا بد من دمجه في النسيج العام لتطور المدينة، ووضعه في إطار التخطيط الحضري الشامل، الذي سيوفر الأساليب والإرشادات اللازمة لإعادة الإحياء والحفاظ على التراث المعماري، كما يجب تقديم حوافز للوصول إلى تطوير ملائم للمدن التاريخية، وهذه الخطة ستؤدي لإيجاد قواعد اقتصادية ناجعة، لإحياء المدن التاريخية وجعلها مراكز مهمة وأقطاب تراثية عمرانية لتطوير القطاع السياحي خاصة والاقتصاد عموما. وأوضحت الاستاذة السعيدي الى ان دراستها تهدف إلى التعرف على جوانب القوة والضعف في الإمكانيات الثقافية والتاريخية للتراث العمراني لمدينتي طنجة تطوان، ومدى علاقتهما بالقطاع السياحي، ودورهما في تطوير المنتوج السياحي . كما تطرح إشكالية تحليل وتوضيح قدرات التراث العمراني في البلدان الإسلامية كعامل مهم لتنمية القطاع السياحي ، الذي يعتبر صناعة هامة على الصعيد العالمي. وابرزت الاستاذة مكانة الحضارة الثقافية للمنطقة، والتي تشكل في معظمها شخصية مجتمع تعبر عن هويته وارتباطه بحضارات معينة شهدتها المنطقة عبر الفترات التاريخية. وفي خلاصاتها قدمت الاستاذة السعيدي استنتاجات وتوصيات بهدف تحقيق تنمية مستدامة للتراث المعماري، في إطار بيئة سليمة إجتماعية ، حضرية وبالتالي اقتصادية وسياحية بالخصوص، وهذه المقترحات يمكن تطبيقها والاستفادة منها، لتحقيق تنمية شاملة لجميع المدن الإسلامية. المحور الثالث والذي كان تحت عنوان «التصميم والتخطيط العمراني والإدارة الحضرية»، فقد تم التركيز على دور الهيئات الدولية والمحلية من أجل المحافظة على هذا الموروث الحضاري، عبر تقنين توسع المدن وسن قوانين تنظم هذه العملية، مع محاولة إشراك الساكنة المحلية في إدارة هذه المنشآت. وفي محور « إعادة تأهيل المباني التراثية»، و «تقنيات البناء والترميم والحرف المرتبطة بالتراث العمراني»، فقد ركز على محاولة دعم الأبحاث والدراسات المحلية في إطار استخدام المواد التقليدية في ترميم المباني التراثية باعتماد التقنيات الحديثة، مع تقنين هذه التدخلات. أما في المحور الأخير «البحث والتعليم والتدريب والتوعية بمجال التراث العمراني»، فقد أوصى المؤتمر بإدراج التراث العمراني، داخل المقررات الدراسية حتى يتسنى للناشئة معرفة أهمية هذا الموروث الثقافي، مع التوعية بإيجابيات العمارة التراثية، وأهميتها في التنمية الإقتصادية.