«المشاريع العالقة».. إنه أحد العناوين البارزة في سماء «المشهد العام» للعاصمة الاقتصادية، ذلك أن الجماعات السابقة التي كانت تسير مناطقها قبل وحدة المدينة، أي قبل 2003 ، برمجت مجموعة من المشاريع وخصصت لها ميزانيات وقروضا بعشرات ملايين الدراهم من صندوق التجهيز الجماعي، وعند انطلاق وحدة المدينة، تمركزت كل الأمور المالية والمشاريعية في يد الجماعة الحضرية للدار البيضاء التي جمعت ميزانيات الجماعات السابقة، لكن بدل أن تواكب المشاريع وتنجزها ، برمجت الميزانيات التي ورثتها من الجماعات بما فيها القروض المحصل عليها، في مشاريع جديدة، لتكون بذلك قد راكمت قروضا إضافية على المدينة ولم تنجز المشاريع العالقة. أكثر من هذا، لجأت هي بدورها إلى الاقتراض من هذا الصندوق لتمويل بعض المشاريع الكبرى التي سطرتها! والغريب أن معظم هذه الميزانيات ذهبت إلى مكاتب الدراسات، حتى أصبح مشروع مكتب الدراسات في هذه الفترة هو أنجح المشاريع مع وحدة المدينة. (اللي بغى يغنيه الله يدير مكتب الدراسات)، عبارة أضحت تتردد على لسان جل المنتخبين نظراً للأموال التي ذهبت في هذا الباب كلما تم الحديث عن مشروع مستقبلي، في الوقت الذي تعيش فيه الأطر الجماعية حالة عطالة اضطرارية بفعل الانتقائية في مراكز القرار على مستوى رئاسة المصالح والكتابة العامة وغيرها من المناصب التي تتطلب الكفاءة وحسن التدبير. وعلى ذكر الموظفين والأطر، يعد مجلس مدينة الدارالبيضاء ثالث مؤسسة من حيث عدد الموظفين بعد قطاعي التربية والتعليم والعدل. إذ يتوفر على أزيد من 17 ألف موظف لا يشتغل منهم إلا الربع بفعل سوء التدبير ، و التعامل مع تكوين هؤلاء، إذ غالباً في دورات التكوين ما يتم تأطيرهم على طريقة تدبير الشركات الحرة إذا ما كان هناك فعلا تكوين! في الوقت الذي نجد أن حال مقاطعاتنا تدمى له العين، إذ تجد موظفين يجلسون على كراس مكسرة ومكاتب «مسوسة» ومفروض عليهم استقبال مئات المواطنين يومياً والخروج لمراقبة المشاريع والمحلات التجارية ومختلف المرافق بصفر ريال وبوسائل ذاتية ترتكز أساساً على الجهد البدني. عمالة آنفا بمعية مقاطعة سيدي بليوط وجمعية الدارالبيضاء كاريان سنطرال، تمكنت من إثبات أن أطرنا الجماعية في جعبتها الكثير، إذ تمكن متطوعون من الأطر من إخراج برنامج تأهيل المدينة القديمة بدون صرف درهم واحد، برنامج دقيق ومحدد، سواء من حيث الزمان أو الميزانية التي ستخصص له. لكن ، بما أن مسؤولين في التدبير يعتمدون العلاقات الخاصة في التوزيع على المناصب، تظل هذه الأطر معطلة وتقبع تحت رحمة من ساعد هذا الرئيس أو ذاك في الانتخابات أو «بركك ليه مزيان»! عدم التناغم هذا من حيث اختيار الأطر الكفأة وتدبير العنصر البشري وسوء التعامل مع الميزانيات، لم «يعلّق» مشاريع المدينة فقط ، ولكنه أغرقها في ديون لا قبل لها بها، خصوصاً وأنها لا تحصّل المداخيل بالشكل المطلوب، لأن المسؤولين لا يعلمون حتى ما تملكه المدينة ولم يسبق لأحد أن قدم جرداً لهذه الممتلكات!