أغلب المشاريع تظل حبرا على ورق، وفي أحسن الأحوال، تجهض، نظير الميناء النهري والمركب الثقافي والمحطة الطرقية والأحياء الصناعية، وغيرها من المشاريع التي كانت تعلق عليها ساكنة القنيطرة آمالا كبيرة لتحريك عجلة التنمية بالمدينة بلعيد كروم: أكد العديد من المهتمين بالشأن العام المحلي بالقنيطرة، أن الوضع الحالي الذي أصبحت تعيشه المدينة، بات ينذر بعواقب وخيمة، وبانعكاسات سلبية، أضحى المواطنون يعانون جزءا منها، ولم يعد بالإمكان تحمل المزيد من المشاكل، التي أريد للقنيطرة أن تتخبط فيها، مشددين على أن العديد من الملفات المهمة، تهم قطاعات حيوية، تظل عالقة، دون أن تجد طريقها إلى الحل، إما بفعل الخروقات المرتكبة بها أو لغياب مخطط وتصور قبلي لها. وهذا المعطى، تضيف المصادر نفسها، هو الذي جعل أغلب المشاريع. تظل حبرا على ورق، وفي أحسن الأحوال، تجهض، نظير الميناء النهري والمركب الثقافي والمحطة الطرقية والأحياء الصناعية، وغيرها من المشاريع التي كانت تعلق عليها ساكنة القنيطرة آمالا كبيرة لتحريك عجلة التنمية بالمدينة. سلطة الوصاية وكشفت ذات المصادر أن سلطة الوصاية، بالرغم من علمها بما يقع، فهي تغض الطرف عن كل الخروقات ولا تقوم بواجبها إزاءها، بل الأكثر من ذلك، تقول نفس المصادر، أن هذه السلطة تحجم، بشكل غريب، عن متابعة الملفات المعروضة عليها، وزادت قائلة إن هناك جوا من اللانظام يخيم على المدينة، خاصة في مجال العمران، الذي بالرغم من حجم الكوارث التي يعج بها، فإن المسؤولين عن ارتكابها لم يخضعوا للمحاسبة من طرف الولاية أو من طرف الوزارة المشرفة، والنتيجة، تضيف المصادر نفسها، تحول مدينة القنيطرة، في مجال السكن، إلى مجرد أحياء إسمنتية متراكمة، لا تجانس بينها، وتفتقر إلى أبسط المرافق الضرورية التي يمكن أن تلعب دورها في التأطير الثقافي والاجتماعي وحتى الاقتصادي. في ظل هذه الفوضى العارمة، كان من الطبيعي، تضيف المصادر ذاتها، أن يسود التذمر والاستياء بين أوساط ساكنة عاصمة الغرب، وأن تتعالى أصوات تصب جام غضبها على المؤسسات المنتخبة وسلطة الولاية وباقي الجهات المسؤولة التي لم تبذل أي مجهود يذكر من أجل استثمار المعطيات المتوفرة، بل على العكس من ذلك، تقول نفس المصادر، أن العديد ممن اعتادوا الاصطياد في الماء العكر، استغلوا هذا الوضع المتردي لتضخيم أرصدتهم البنكية ومضاعفة ما يملكونه من عقارات، وزادت قائلة إن كثيرين ممن تعاقبوا على كراسي التدبير المحلي، لو تمت مجابهتهم بسؤال: من أين لكم هذا؟ لما وجدوا للإجابة سبيلا، بل هناك من ذهب إلى أبعد الحدود حين أكد أن مصير القنيطرة رهينة بيد لوبيات تتموقع بالجارة الرباط، مستدلين على ذلك ببقاء العديد من المسؤولين المحليين في مناصبهم، دون أن تطالهم رياح التغيير. ويطرح سكان عاصمة الغرب أكثر من علامة استفهام حول سر بقاء مؤشرات التنمية الحقيقية في مستوياتها الدنيا، والتفاقم المخيف لنسب البطالة والفقر، وانتشار مظاهر سلبية أخرى، اعتبروها دليلا على أن قطار التنمية بالمدينة لازال معطلا، هذا على الرغم من أن المنطقة لها من الإمكانيات ما يجعلها نقطة جذب لأهم الاستثمارات وأضخم المشاريع، يضيف بعضهم. واعتبر محمد ابويريكة، فاعل جمعوي، أن القنيطرة تحولت إلى سجن كبير، بعدما حكم على ساكنتها بالإقصاء والتهميش وأقبرت بها مشاريع النماء والتقدم، مشيرا إلى أن العديد من لوبيات المصالح الاقتصادية استفادت من هذا الوضع، بعدما بسطت يدها على خيرات المنطقة وثرواتها الفلاحية والبحرية والصناعية والعقارية... الأمر الذي أدى، حسب المتحدث نفسه، إلى توسيع الفوارق الإجتماعية والاقتصادية. وطالب ابويريكة القائمين على الشأن المحلي بوضع مخطط تنموي اقتصادي اجتماعي يروم تأهيل المنطقة وساكنتها، معتبرا أن بقاء الوضع على ما هو عليه، حاليا، سيكرس الأمية والفقر والجريمة التي أخذت تتفشى بشكل مخيف بين أوساط الغرباويين. مشاريع معطلة في حين أكد سعيد الكمراوي، شاب عاطل، أن القنيطرة، التي تصنف ضمن خارطة المغرب النافع، لا ترى طريقا إلى الانتفاع بأدنى قدر من الاهتمام، حيث تغيب، في نظره، المرافق الضرورية التي تتناسب مع حاضرة من حجمها، إضافة إلى تعطيل مشاريع كان قد وعد بإقامتها، نظير ميناء الشليحات الذي كان سيعطي دفعة قوية لاقتصاد المنطقة، وفضاءات ترفيهية للأطفال. وكشف سعيد أن حالة من الإحباط تسود بين أوساط الشباب القنيطري جراء القفز على محطة المدينة في مراحل التنمية التي تشهدها بعض المناطق المحظوظة، مضيفا على أن كل الآمال أصبحت معقودة على الزيارة الملكية التي كان من المنتظر أن تحظى بها القنيطرة منذ أشهر عديدة، لتصلح الكثير من الأعطاب التي تطال عجلة التنمية بالمنطقة. من جهته، قال عزيز رباح، نائب برلماني عن دائرة القنيطرة، في تصريح ل«المساء»، أن عاصمة الغرب تفتقر إلى مخطط تنموي شامل، بفعل غياب رؤية واضحة ومنسجمة لدى أعضاء المكاتب المتعاقبة على تسيير شؤون المجلس البلدي، سواء في نسخته السابقة أو الحالية، حيث أطرها سلوك طال كل شؤون المدينة، خاصة في ما يتعلق بتدبير ملفات الصفقات والتعمير وملفات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مضيفا أن مثل هذه الأمور فوتت على المدينة فرصا متعددة للاستثمار، بفعل غياب الأرضية الخصبة له. ولا غرابة، يقول رباح، أن جل المناطق الصناعية والتجارية، التي كان من المفروض أن يؤدي حسن تدبيرها إلى انتعاشة اجتماعية، هي الآن تعرف فوضى عارمة وعشوائية فتحت الباب على مصراعيه أمام كل التجاوزات والخروقات، نظير منح بقع بتلك المناطق لأشخاص لا علاقة لهم بالصناعة ولا بالتجارة، وهذا دليل على الفساد في التدبير، الشاهدة عليه، يضيف النائب البرلماني، اللجن المتعددة للتفتيش التي جاءت سواء من وزارة المالية أو من الداخلية أو من المجلس الأعلى للحسابات، والتي أصدرت تقارير كلها تشير إلى وجود اختلالات عميقة وخطيرة جدا، لكن للأسف الشديد، يقول رباح، لم تتم محاسبة ومتابعة المسؤولين عنها، مما شجع لوبيات الفساد على الاستمرار في نهب المال العام واغتصاب كل ما هو موجود بالمدينة بشكل فاحش، الشيء الذي ولد نوعا من الإحساس لدى الرأي العام المحلي بأن تيار الفساد بالقنيطرة له جهات تحميه، مستشهدا، في هذا الإطار، بالرئيس السابق للمجلس الجماعي الذي بالرغم من الحكم الصادر في حقه بالسجن النافذ، فإنه مازال حرا طليقا، وهذا عكس ما يحصل مع المواطنين الضعفاء الذين يعتقلون ويحاكمون في قضايا بسيطة في رمشة عين. وأوضح عزيز رباح، الذي يحمل أيضا صفة مستشار جماعي ببلدية القنيطرة، أن من بين الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تعطل حركة التنمية بالمدينة عدم تشكل مجتمع مدني قوي بجانب المجتمع السياسي الذي يمكن أن يكون قادرا على الرفع من مستوى النقاش حول موضوع التنمية، فكل هاته الأسباب، يضيف رباح، أدت إلى احتلال القنيطرة مراتب متقدمة على الصعيد الوطني في مجال البطالة والفقر وفي غياب التنمية الاقتصادية. وأكد عزيز رباح، أن السلطة المركزية تتحمل كذلك مسؤولية كبيرة جدا، لأنها تعرف بأن مدينة القنيطرة تتراجع وتتخلف عن ركب التنمية، بالرغم من المؤهلات الجمة التي تزخر بها، فمعظم التقارير الاستخباراتية المرفوعة إليها، تؤكد الوضعية المزرية التي أصبحت تعيشها ساكنة هذه المدينة، حسب تعبيره. فقدان الثقة
وعن الآمال التي أصبح القنيطريون يعقدونها على الزيارة الملكية لمدينتهم، وكذا فقدانهم للثقة في منتخبيهم وممثليهم الذين ظلوا عاجزين، إلى حد الآن، عن إصلاح أوضاعها، قال عزيز رباح إن هذه الزيارة تأخرت عن موعدها، لأن الملك لا يزور من أجل الزيارة، وبالتالي فإن مبررات هذه الزيارة غير موجودة، مضيفا أن الملك يزور الجهات للاطلاع على ما بها من مشاريع وأوراش تنموية، وهذا المعطى مفتقد في هذه المدينة، والأكيد، يضيف رباح، أن ذلك خلف نوعا من الأسى والحسرة في نفوس المواطنين، الذين حرموا من الزيارة الملكية التي استفادت منها أغلب جهات المغرب لعد مرات. من جهته، لاحظ ذ.عبد الله صدقي بطبوطي، الباحث في التنمية المحلية، أن القنيطرة قد راكمت مجموعة من الإكراهات أدت إلى تراجع كبير في دورها الاقتصادي، كما تراجع دورها الإشعاعي سواء على المستوى الوطني أو الجهوي، وصارت المدينة في مفترق الطرق، معتبرا أن المدينة عجزت، إلى حد الآن، عن الاستفادة من موقعها المتميز، الذي يشكل أحد مؤهلاتها، مضيفا أنه بالرغم من قرب الاحتفال بالذكرى المائوية لهذه المدينة، فإن هذه الأخيرة ما زالت تفتقر إلى مشروع حضري بعيد المدى، بإمكانه أن يشكل المرجعيات التي ينتظم حولها مختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين. وأكد الباحث أن وضعية القنيطرة متأزمة الآن، لكونها غير قادرة على التخلص من العديد من الإكراهات... فعلى المستوى الديموغرافي أصبحت نصف مليونية، وتمثل أكثر من 50 في المائة من ساكنة جهة الغرب الشراردة بني أحسن، وخلال العشرين سنة المقبلة ستعرف ما بين 700 و900 ألف نسمة، وهذا ما سيجعل المدينة عاجزة عن توفير حاجياتها على أكثر من مستوى، فهذا التوسع العمراني للمدينة، يضيف بطبوطي، سيصطدم بعدة عراقيل، فهناك غابة المعمورة في جنوبالمدينة، ومرجة الفوارات في الشرق، ووادي سبو والقاعدة الجوية شمالا، بالإضافة إلى الحي العسكري الذي يقع وسط المدينة، وكذا خط السكك الحديدية الذي يمر بدوره من الموقع ذاته. كما تتوفر المدينة على مناطق صناعية، لكن مجالات الاستقبال لا تتوفر على أدنى تنافسية، فالمدينة التي كان لها تاريخ، خاصة في مجال الصناعة الفلاحية والخشب، حتى وصفت بالمدينة العمالية، عرفت تراجعا واضحا، على حد قول الباحث الذي عبر عن أسفه الشديد على كون القنيطرة لم تتمكن -بالرغم من توفرها على مؤهلات كبيرة ومتنوعة، كالشواطئ والغابات ووجود محميات وموقع نهري متميز، وقربها من عدد من المواقع الأثرية والتاريخية، مثل قصبة مهدية وموقع تاموسيدا- من استغلالها بالشكل المطلوب. وأشار بطبوطي إلى أن ساكنة القنيطرة أضحت تتطلع إلى زيارة ملكية قصد تغيير هذه الأوضاع السائدة، بعدما عجز المسؤولون المحليون عن تدبير شؤونها. من جانبه، طمأن حسن غفلون، نائب رئيس المجلس الجماعي بالقنيطرة، في تصريح ل«المساء»، ساكنة عاصمة الغرب، حين أكد أن المجلس الحالي وضع، ضمن أولويات أجندته، الإنعاش الاقتصادي للمدينة، مضيفا أن كل الجهود تبذل حاليا للتعجيل بالمشاريع التي يتضمنها المخطط الرباعي الذي سيمول من ميزانية الجماعة، وكذا مساعدات وزارة الداخلية وقروض صندوق التجهيز الجماعي، مشددا على أن المكتب المسير يعمل بشكل جماعي وبتنسيق مع السلطات المحلية لحل كافة المشاكل التي يعاني منها سكان القنيطرة، نافيا، في ذات الوقت، وجود أي تقصير أو إهمال في أداء المجلس لمهامه.